تخيَّل محادثة مع شاول الطرسوسي في عام 34 م. اسأله: "هل أنت شخص مُقدَّس؟" كان شاول ليرد: "نعم، أنا مُقدَّس! لقد خُتِنت بحسب الناموس، أنا فريسي، أحفظ كل تفاصيل الناموس، أنا بار". اعتبر شاول نفسه مُقدَّسًا بسبب طاعته الحريصة للناموس؛ فقد حاول أن يكسب رضى الله من خلال الأعمال الصالحة.[1]
لكن في الطريق إلى دمشق، واجه شاول الرب القائم من بين الأموات وجهًا لوجه، فعلم أن بره كان مثل الخرق القذرة. لم يكن يقاوم مُعلِّمًا كاذبًا، بل كان يقاوم المسيَّا الحقيقي. لقد فشل في إطاعة ناموس محبة الله ومحبة القريب الكامل. في الطريق إلى دمشق، وجد شاول طريقًا جديدًا إلى القداسة: "... وَلَيْسَ لِي بِرِّي الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ."[2]
تخيَّل محادثة أُخرى مع بولس في عام 60 م. "بولس، أنت تعرف الآن أن الطريق الوحيد للبر الحقيقي هو بالإيمان بالمسيح. هل هذا يعني أنك لا تستطيع أن تكون مُقدَّسًا؟ هل هذا يعني أن المسيح سيحسبك قدِّيسًا حتى لو كنت مُمتلِئاً بالخطيَّة؟ "
كان بولس ليتفاعل بشيء من الصدمة: "هذا خطأ! لا يأتي البر إلا بالإيمان بالمسيح - لكن الله لا يتركنا في الحالة الخاطئة التي وجدنا فيها. اقرأ شهادتي، هدفي هو "لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ." هدفي هو أن أصبح مثل المسيح. لا يمنحنا الخلاص بالإيمان الإذن بأن نعيش حياة خاطئة، يمنحنا الخلاص بالإيمان القوة لنكون مثل المسيح. الإله المحب يقوِّي أولاده ليعيشوا حياة مُقدَّسة بالروح القدس الساكن فيهم!"[3]
◄ راجع ما تعلَّمته عن القداسة. هل لديك صورة عن جمال القداسة؟ هل تؤمن أن حياة القداسة هذه موعود بها لشعب الله؟
في هذه الدراسة، رأينا أن الله يأمر شعبه بأن يكونوا قدِّيسين. لكن الكثير من الناس يقرؤون وصيَّة الله ويجيبون: "هذا مستحيل. لا أستطيع أن أكون مُقدَّسًا." هل يجب على المسيحيين أن يكتفوا بحياة الهزيمة اليوميَّة والآمال المُحبَطة؟ هل يجب أن نفشل في التَمتُّع بتدبير الله لحياة مُقدَّسة؟ أم يمكننا أن نَتمتَّع بقصد الله العظيم لشعبه؟
تشهد كلمة الله أن حياة القداسة مُمكنة
من أخنوخ إلى المُهتدين الأُمم في تسالونيكي، يعلِّمنا الكتاب المُقدَّس أن حياة القداسة مُمكنة.
في سفر اللاويين ومرة أُخرى في رسالة بطرس الأولى، أوصى الله: "تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلهُكُمْ"[1]. لا يعطي الله وصيَّة في أي مكان دون اتِّخاذ تدابير للطاعة. الله أب مُحِب لا يُحبط أولاده بأوامر مستحيلة. فبينما لا يمكننا أن نطيع وصاياه بقوَّتنا، تمنحنا نعمة الله القوَّة لطاعة وصايا الله.
يقول البروفيسور بيل أوري (Bill Ury): "الوصيَّة هي صورة عمن هو الله ووعد بما يمكننا أن نصبح عليه"[2]. تُعلِن الوصيَّة: "تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلهُكُمْ" من هو الله؟ إنه إله قدُّوس، توَضِّح هذه الوصيَّة أيضًا ما يمكننا أن نصبح عليه؛ يمكننا أن نكون قدِّيسين.
لقد أثبت المسيحيون عبر التاريخ أن حياة القداسة مُمكنة
لقد وجد المسيحيون في كل جيل أن حياة القداسة هي امتياز لأبناء الله. لقد وجد الناس في كل مناحي الحياة فرح الراحة في قوَّة الروح القدس، لقد وجدوا السلام الذي يأتي من محبة الله بقلب غير مُنقسِم ومحبة القريب كنفسهم.
يشهد جوعنا الممنوح من الله إلى القداسة أن حياة القداسة مُمكنة
يتوق كل مؤمن إلى مسيرة أعمق مع الله. يريد المسيحيون الحقيقيون أن يسيروا بشكل حميم مع أبينا؛ يريد المسيحيون الحقيقيون أن يكونوا مثل المسيح. لقد زرع الله في قلب أولاده جوعًا لتعميق العلاقة معه. نستطيع أن نَتيقَّن من أن الأب السماوي المُحِب لن يمنح هذا الجوع دون توفير طريقة لإشباع جوعنا. القداسة هي امتياز مفرح لكل مؤمن.
منذ سنوات كثيرة، كان هناك رجل فقير يحلم بعبور المحيط بالسفن. فادَّخر ماله لسنوات حتى يتمكَّن من شراء تذكرة. وبعد دفع ثمن التذكرة، لم يتبقَ لديه سوى القليل من المال. كان قد سمع عن الوجبات اللذيذة التي يتم تقديمها على مُتُن سفن المحيط، لكنه كان يعلم أن هذه الوجبات ستكون باهظة الثمن. لتوفير المال، أحضر هذا الرجل الخبز والجبن في حقيبته.
كل يوم عندما كان الرُكَّاب يذهبون إلى غرفة الطعام، كان هذا الرجل يذهب إلى غرفته ويأكل الخبز والجبن. كان سعيدًا لوجوده على مُتُن السفينة، لكنه غالبًا ما كان يتمنَّى أن يستمتع بوجبات الطعام اللذيذة في غرفة الطعام. في اليوم الأخير من الرحلة، قرَّر الرجل تناول وجبة واحدة في غرفة الطعام. فأخذ كل قرش كان معه، على أمل أن يكون كافياً لشراء وجبة واحدة. ولدهشته سأله النادل: "أين كنت؟ لقد أعددنا طاولتك وجهزناها طوال الأسبوع! ثمن الوجبات مشمول في سعر التذكرة؛ الثمن مدفوع بالفعل"[1].
يُشبه كثير من المسيحيين هذا الرجل المسكين. فرح حياة القداسة، وسلام العيش في خضوع كامل لله، ونصرة العيش بقوَّة الروح القدس - كل ذلك تم توفيره بموت المسيح على الصليب. لقد دفع المسيح الثمن كاملاً، لكننا نعيش دون مستوى امتيازاتنا.
إذا كان القلب المُقدَّس متاحًا لكل مؤمن، فلماذا لا يتمتَّع أي مسيحي بهذا الامتياز؟ غالبًا ما نسمح للشيطان أن يخدعنا لنسيء فهم تعاليم الكتاب المُقدَّس. فتمنعنا أكاذيب الشيطان من التمتُّع بالامتياز الذي يقصده الله لأولاده.
"القلب المُقدَّس مستحيل"
يعتقد الكثير من المسيحيين أن القلب المُقدَّس أمر مستحيل. لقد قرأوا وصايا ووعود الكتاب المُقدَّس، لكنهم يفكِّرون في أنفسهم: "هذا مناسب لإبراهيم، لكني لا أستطيع أبدًا أن أكون "صديقًا لله"".
بعض الذين يقولون "القلب المُقدَّس مستحيل" يتحدَّثون بناء على تجربة مؤلمة. لقد حاولوا أن يعيشوا حياة مُقدَّسة - ولكنهم فشلوا. ربما اتَّبعوا قواعد خارجيَّة ربطوها بالقداسة؛ ربما حاولوا السيطرة على المواقف والأفعال الخاطئة من خلال الانضباط الذاتي الصارم؛ ربما حتى شهدوا للقلب النقي. واليوم قرروا أنه من المستحيل أن "تكونوا قدِّيسين لأن الرب إلهكم قدُّوس".
تخيَّل رجلاً يتعلَّم إجراء التخاطب مع الطيور. فتدرَّب حتى تمكَّن من أن يصفِّر بنفس نغمات طائر الروبن. إنه جيد لدرجة أن جاره سيعتقد أن هناك طائر روبن يصدح. لكن هذا الرجل ليس طائرًا! هو يستطيع تقليد الأصوات، لكنه لا يعرف معنى الأصوات. يمكنه تقليد الطائر، لكنه لا يعرف ما يشعر به الطائر عندما يغنِّي. لديه الأعمال الخارجيَّة، لكن ليست لديه الحقيقة الداخليَّة.
لقد تعلَّم الكثير من المسيحيين لغة الشخص المُقدَّس وحتى أفعاله. فيقولون الكلمات، لكنهم لا يمتلكون الخبرة في قلوبهم. لقد استبدلوا الأفعال الخارجيَّة بالواقع الداخلي. سرعان ما يؤدي هذا إلى خيبة الأمل والإحباط.
ما هو الرد على كذبة الشيطان "القلب المُقدَّس مستحيل"؟ يجب أن نؤمن بوعود الله. يجب أن نؤمن أن أبانا المُحِب سيمكِّننا من إطاعة وصيَّته.
نعم، أنت وأنا مخلوقات غير معصومة ولن نصل أبدًا إلى كمال الله الإلهي. لكن الله يوصينا، "كونوا قدِّيسين". فعلى الرغم من طبيعتنا الساقطة، يمكننا أن نثق في أن الله الصالح سيوفِّر النعمة والقوَّة التي تمكِّننا من طاعة وصيَّته.
"لست جائعًا لقلب مُقدَّس"
يا للأسف، بعض المسيحيين المعترفين ليسوا جائعين إلى القداسة. يزعمون أنهم مسيحيون، لكن لديهم رغبة قليلة أو معدومة في النمو على صورة المسيح.
يصرِّح جيمي بأنه مسيحي، لكنه يظهِر القليل من الاهتمام بحياة القداسة. بل ويستمر في ممارسة الخطايا العمد. إنه يعيش كما عاش قبل أن يعترف بالمسيح. أثناء زيارتنا، ذكر جيمي بعض الأشخاص الذين كانوا أكثر حرصًا بشأن طريقة معيشتهم؛ كانت توجُّهاتهم تتَّسم بالمحبة؛ أظهرت أفعالهم رغبتهم في إرضاء الله؛ كان لديهم قلوب مُقدَّسة وأياد مُقدَّسة.
علَّق جيمي على جوعهم إلى القداسة فقال: "لا يهمني أن أكون قدِّيسًا. أخبرني راعي أنه إذا تبت عن خطاياي وآمنت بيسوع مخلِّصًا لي، فسوف أذهب إلى السماء. كل ما يهمني هو الذهاب إلى السماء. لست بحاجة إلى أكثر من ذلك! "
ما هي مشكلة جيمي؟ أنه ليس لديه جوع إلى القداسة. أخشى أن جيمي لديه القليل من الفهم لما يعنيه أن تكون مسيحيًّا؛ يجب على الشخص المولود من جديد أن يكون مثل المسيح؛ يجب أن يجوع المسيحي الحقيقي إلى القلب المُقدَّس.
ما هو الجواب إذا لم تكن جائعا لقلب مُقدَّس؟ ربما تكون قد ولِدت حقًا من جديد، لكنك أصِبت بخيبة أمل من تجارب الماضي، وخيبة أمل من المنافقين الذين ادَّعوا أنهم مُقدَّسون، أو لم يروا أبدًا رسالة القلب المُقدَّس في الكتاب المُقدَّس. إذا كان الأمر كذلك، فاطلب من الله أن يمنحك الجوع للقلب المقدس.
"أنا مُقدَّس بما فيه الكفاية"
ربما تكون أخطر كذبة يمكن أن نقولها لأنفسنا هي: "أنا مُقدَّس بما فيه الكفاية". يعتقد بعض الناس أنهم مُقدَّسون بسبب طريقة لبسهم، أو عضويَّتهم في الكنيسة، أو "الموهبة الروحيَّة". بمجرد أن أقنع نفسي بأنني "مُقدَّس بما فيه الكفاية"، لن يكون هناك مزيد من النمو في القداسة.
علامة لا لبس فيها على الشخص المُقدَّس هي الرغبة في النمو في القداسة. لا أجد أمثلة في الكتاب المُقدَّس أو تاريخ الكنيسة عن شخص مُقدَّس قال: "أنا مقدس بما فيه الكفاية". كلَّما تعمَّق الإنسان في التشبُّه بالمسيح، زاد جوعه لمزيد من النمو.
يقول الرجل أو المرأة الذي يسير في علاقة وثيقة مع الله: "أنا سعيد في مسيرتي مع الله، لكني أريد أن أسير معه في علاقة أوثق!" يفرح الشخص المُقدَّس بشركته مع الله، لكنه يسعى إلى علاقة أكثر حميميَّة مع الله؛ إنه يفرح لأنه يزداد في التشبُّه بالمسيح، لكنه يصلِّي أيضًا لكي يجعله الله أكثر شبهاً بالمسيح.
ما هو الرد على الاعتراف الفارغ بالقداسة؟ إذا كنت قد خدعت نفسك بالشعور الزائف بالرضا، فالجواب هو التواضع في وجه قداسة الله الكاملة. إذا رأيت قداسته الكاملة، فلن تكتفي أبدًا بالاعتراف الفارغ بالقداسة. عندما رأى إشعياء "السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ"، أدرك حاجته إلى القداسة:
عندما رأى إشعياء قداسة الله الكاملة، أدرك حاجته إلى النقاوة. إن علاج الاعتراف السطحي بالقداسة هو الفهم الأكثر عمقًا لله. عندما نرى الله، نكتسِب جوعًا أكبر للقلب المُقدَّس. كلَّما رأينا الله، زادت رغبتنا في أن نكون مثله.
[1]This story is adapted from John N. Oswalt, Called to be Holy (Nappanee: Evangel Publishing, 1999), 149-150
كيف نصير مثل المسيح؟ كيف يمكنك- كمؤمن يرغب في أن يمتلئ بكل ملء الله- أن تنال هذه الهبة الرائعة؟ ما هو الطريق الى القلب المُقدَّس؟
لسنا بحاجة إلى الصراع لنجد الطريق إلى القداسة، ترينا كلمة الله الطريق إلى حياة القداسة.
التقديس المبدئي
منذ لحظة ولادتك الجديدة، والروح القدس يسكن فيك،[1]لقد انتقلت في لحظة من الظلمة إلى النور. من تلك النقطة فصاعدًا، يصِفك العهد الجديد بأنك "قدِّيس".
على الرغم من أنك قد لا تزال تعاني من التجارب، إلا أن الروح القدس يمنحك انتصارًا يوميًّا على الخطيَّة المُتعمَّدة. لقد رأى الناس من حولك التحوُّل بينما تعيش حياتك الجديدة في المسيح. فافرح بما فعله الله!
النمو في التقديس
بينما تتبع المسيح، فإن الروح القدس يغيِّر روحك الداخليَّة. وإذ "تسلك بالروح"، لم تعد "تُكمِّل شهوة الجسد"[2]. لم تعد التجارب القديمة تحكُم قبضتها عليك؛ وطاعة الله تجلب لك فرحًا دائمًا.
ولكنَّك ترى دوائر الصراع. أنت تطيع الله، ولكن يوجد أحيانًا صراع بين وصايا الله ورغباتك الداخليَّة؛ هناك صراع بين ما يوصي به الله وإرادتك الأنانيَّة؛ كما تجد صعوبة في أن تحب الله تمامًا وأن تحب قريبك. فتبدأ في إدراك أن لديك "قلبًا مُنقسِمًا".
نقاوة القلب
عندما يكشف الله عن المجالات التي تحتاج فيها إلى تطهير أعمق، ستبدأ في الاشتياق للوعد الوارد في 1 تسالونيكي 5: 23، سوف تسعى لمعرفة حقيقة صلاة بولس: "وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ". ستبدأ تسأل الله: "هل تريد القيام بالمزيد في حياتي؟ هل يمكن أن أكون طاهرًا؟ هل يمكن أن تتحوَّل رغباتي الداخليَّة إلى حيث لا أعود أصارع لطاعتك تمامًا؟"
صلَّى المسيحيون عبر التاريخ أن يمنحهم الله قلبًا نقيًا. بناءً على 1 تسالونيكي 5: 23، استخدم البعض تعبير "التقديس الكامل" وأطلقوه على هذا الاختبار.[3]وصفه آخرون بأنه "حياة أعمق". استخدم جون ويسلي مُصطلح "المحبة الكاملة". بغض النظر عن المُصطلحات، هذا هو الجوع الطبيعي الذي يختبره ابن الله الذي يريد أن ينمو على شبه المسيح.
بينما تصلِّي من أجل هذا التطهير الأعمق، قد تجد ثلاث مجالات يقودك الله فيها. ليست هذه هي الإدانة التي شعرت بها كشخص غير مؤمن؛ أنت الآن ابن لله! ولكن، هذه هي المجالات التي يدعوك الله ليكون لديك قلب مُقدَّس فيها.
سوف يدعوك الله إلى الطاعة الكاملة
يصارع بعض المؤمنين ليجدوا قلبًا مُقدَّسًا لأنهم ما زالوا يصارعون مع بعض نواحي العصيان. لا يمكننا أن نسير في علاقة وثيقة مع الله ما لم نسلك بالطاعة.
لا يوجد مسيحي حقيقي يعيش في تمرُّد مُتعمَّد على وصايا الله. ولكن، وجد الكثير من المسيحيين طريقة لالتماس العذر أو إنكار (حتى بالنسبة لأنفسهم) بعض جوانب الإهمال. لن يقولوا أبدًا: "يا الله، لن أطيعك"، لكنهم يقولون: "يا الله، لا أعتقد أن هذا أمر مهم بما يكفي لتنظُر فيه". إنهم ببساطة يتجاهلون بعض مجالات العصيان. إذا أردنا أن نكون الشعب المُقدَّس الذي يدعو الله شعبه ليكونوا عليه، فعلينا أن نطيع الله في كل مجال.
كأشخاص ساقطين، نخدع حتى أنفسنا بشأن عُمق خطايانا. لهذا صلَّى المُرنِّم:
صلَّى المُرنِّم أن يفحص الله قلبه ويكشفه؛ كان يعلم أننا غير قادرين على معرفة قلوبنا بالكامل، ولكن بينما نسعى إلى "الامتلاء بكل ملء الله"؛ فإننا نصلِّي أن يكشف الله كل جانب من جوانب طبيعتنا الخاطئة.
صلى داود: "مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي"[5]. لقد علم أننا قد نخفي حقيقة خطايانا حتى عن أنفسنا، وحده الله هو الذي يستطيع أن يضيء أركان قلبنا السريَّة.
بينما تسعى لأن يكون لديك قلبًا نقيًّا، ستجد أن الله سيكشف عن مناطق لا تعكس فيها تصرفاتك وأفعالك صورته. فلأنَّك تريد أن تكون مشابهًا للمسيح، سوف تعترف طوعًا بهذه النواحي وتطيع دعوة الله للطاعة الكاملة.
سوف يدعوك الله إلى قلب مستسلم
بينما تسعى لأن يكون لديك قلبًا نقيًّا، سيدعوك الله لتسليم كل جانب من جوانب حياتك. هذا أكثر من مجرد أن تقول "لا" للتجربة الخارجيَّة؛ إنه تكريس نفسك بالكامل لله، إنه استسلام إرادتك بالكامل لمشيئة الله.
دعا بولس المسيحيين في روما أن يسلِّموا أنفسهم "ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ"[6]. كان هؤلاء مسيحيون يعيشون في طاعة الله، لكن بولس دعاهم إلى استسلام أعمق لله، دعاهم بولس ليقولوا "نعم أبديَّة" لله، دعاهم لحياة التسليم الكامل.
بيَّن أوزوالد تشامبرز أهميَّة الاستسلام الكامل لقصد الله.
لكي يصبح المرء واحدًا مع يسوع المسيح، يجب أن يكون على استعداد ليس فقط للتخلِّي عن الخطيَّة، بل وأن يتنازل أيضًا عن أسلوبه في النظر إلى الأشياء بالكامل. إن كوننا مولودين ثانية بروح الله يعني أننا يجب أن نكون مستعدِّين أولًا للتخلِّي قبل أن نتمكَّن من استيعاب شيء آخر….
[7]في كل خطوة من هذه العمليَّة، سيتعيَّن علينا التخلِّي عن مُطالبتنا بحقوقنا لأنفسنا. هل نحن على استعداد لإرخاء قبضتنا عن كل ما نملكه ورغباتنا وكل شيء آخر في حياتنا؟ هل نحن مستعدُّون لأن نتَّحد بموت يسوع المسيح؟
... صمِّم على المضي قدمًا في الأزمة، وسلِّم كل ما لديك وكل ماهيَّتك له. وسيجهِّزك الله بعد ذلك للقيام بكل ما يطلبه منك.[8]
كان جورج ماثيسون (George Matheson) قسًّا اسكتلنديًّا مشيخيًّا وجد في قلبه مقاومة لإرادة الله. كان يشتاق لقلب غير مُنقسِم يخضع طوعًا لله، فصلَّى صلاة التسليم تلك:
اجعلني أسيرًا يا رب وبعد ذلك سأكون حرًّا. أجبرني على التنازل عن سيفي، وسأكون أنا المُنتصِر. أنا أغرق في ذعر الحياة عندما أقف وحدي؛ احبسني بين ذراعيك وستكون يدي قويَّة.[9]
أدرك ماثيسون أنه في التسليم الكامل، سنجد نصرًا حقيقيًّا. عندما نُسلِّم أنفسنا أسرى لله، فإنه يحررنا من عبوديَّة الخطيَّة. عندما نكون ضعفاء، سيجعلنا هو أقوياء. سنجد أعظم انتصار لنا عندما نصل إلى نقطة التسليم الكامل لله.
سوف يدعوك الله لتثق به بالإيمان
إذا كنت قد استسلمت بالكامل لله، فيمكنك أن تثق به "ليطِّهر قلبك بالإيمان"[10]. نحن مُقدَّسون بالنعمة بالإيمان.
كخاطئ، لقد أتيت إلى المسيح ولا شيء معك، لقد ألقيت بنفسك على رحمته. وبالإيمان، قبلت عرضه المجَّاني بالخلاص، وقد خلقك خليقة جديدة.
وبنفس الطريقة، إذ أنت تتوق إلى أن يكون لديك قلب مُقدَّس، يجب أن تأتي إلى المسيح بالإيمان. الله الذي دعاك إلى القداسة هو الذي سيجعلك مُقدَّسًا. يمكنك أن تؤمن أن وعده لك. يمكن أن تكون صلاة بولس: "وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ" حقيقة في حياتك. يمكنك أن تصدِّق وعود الله. "أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضًا"[11].
إشعياء ٦ - قصة تطهير
صرخت الملائكة "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قدُّوسٌ،" بينما ارتعد إشعياء! احتاج إشعياء أن يرى نفسه "نجسًا" قبل أن يأتمنه الله القدوس على روح الأمة.
فلما رأى إشعياء قلبه صرخ: "وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ." لقد رأى عُمق طبيعته الخاطئة. لكن الله لم يتركه في هذا الوضع المرعب.
غالبًا ما يكون التطهير مؤلمًا. هل تسمع صوت اللحم وهو يحترق بينما يلمس الملاك شفتي إشعياء بالفحم المشتعل؟ لم تكن هذه نعمة رخيصة؛ لا يخلو التطهير من الألم.
ولكن، تعلِّمنا هذه القصة حقيقة رائعة ومُشجِّعة. إذا أعطينا له الفرصة، سيجعلنا الله قدِّيسين. لم يكن قصد الله تعذيب إشعياء، بل كان قصد الله تطهيره. يمكن تحقيق قصد الله لشعبه، يستطيع الله أن يجعلنا طاهرين.
استمرار النمو في القداسة
صلَّى بولس: " وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ". وتابع: "وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ"[12]. سيستمر نموك في التشبُّه بالمسيح حتى "مجيء ربنا يسوع المسيح". وإذ تسير مع الله، ستستمر في التغيُّر إلى صورة الله[13]، سوف تنضج في القداسة، ستستمر في التسليم بفرح لمشيئة الله، سوف تسلك في خضوع مستمر ومُتعمَد لله.
فكِّر في يوم زفافك. عند زواجك، قطعت على نفسك التزامًا مدى الحياة. أنت لا تسأل كل صباح "هل أنا متزوِّج اليوم؟ هل ما زال عهد الزواج ساري المفعول؟" لقد قطعت التزامًا نهائيًّا. الطريقة الوحيدة لكسر العهد هي إدارة ظهرك للتعهُّدات التي قطعتها في حفل زفافك.
في كل يوم من أيام زواجك، تعيش وِفقًا للالتزام الذي قطعته على نفسك في حفل زفافك. عندما تواجه قرارًا، تختار أن تتصرَّف بحب تجاه زوجتك، هكذا تعيش التزامك النهائي في الحياة اليوميَّة.
وبنفس الطريقة، تسليمك لله هو التزام نهائي. لست بحاجة لأن تسأل كل يوم: "هل ما زلت مُستسلِمًا لله؟" وإنما أنت تعيش كل يوم وفقًا لما تعهَّدت به عندما استسلمت بالكامل لله.
كتب الواعظ الاسكتلندي العظيم هوراشيوس بونار (Horatius Bonar)، عن النمو المُستمِر في حياة الشخص المُقدَّس.
تتكوَّن حياة القداسة من الكثير من الأشياء الصغيرة. كلمات قليلة وليس خُطبًا أو عظات بليغة؛ أفعال صغيرة، وليس معجزات، ولا معارك، ولا عمل بطولي عظيم أو استشهاد درامي، هي التي تُشكِّل الحياة المسيحيَّة الحقيقيَّة؛ الحياة الرائعة تتكوَّن من أشياء صغيرة.[14]
هذه هي حياة القداسة اليوميَّة. أنت تعيش حياة مُقدَّسة ليس بقوَّتك الخاصة، بل بملء الروح القدس. تدور حياة القداسة حول علاقة حب كامل مع الله، يتعلَّق الأمر بالشغف به، اشتهاؤه فوق كل شيء آخر. سيقودك هذا الشغف إلى علاقة دائمة التعمُّق مع الله.
حاول الإنسان- عبر تاريخ البشريَّة- أن يعيش باستقلاليَّة عن الله. جرَّب الشيطان حواء بالوعد: "تكونان مثل الله"[15]. في بابل، قرَّر الناس قرارًا وهو: "هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا"[16]. يريد الإنسان في أنانيَّته أن يعيش باستقلاليَّة عن الله. على النقيض من ذلك، تعاش حياة القداسة في اعتماد كامل على الله.
القداسة يعني أن تنتمي لله. أنا وأنت مُقدَّسون فقط لأننا نعيش في علاقة مُستمرَّة معه. لن تصل أبدًا إلى النقطة التي تقول فيها: "أنا مُقدَّس بقوتي"، بل، يجب أن تقول: "اليوم، الروح القدس يقوِّيني لأعيش حياة مُقدَّسة، أنا اليوم أتغيَّر إلى صورته، اليوم أطيع الله بقلب يحبَّه تمامًا. اليوم، أحب قريبي بنعمة الله. اليوم، يجعلني الروح القدس ما دعاني الله لأكونه". هذه هي حياة القداسة.
تتطلَّب حياة القداسة المُتَّسِقة والمُثمِرة حياة من الصقل والرعاية.[1]ليس تطهير القلب نهاية سعينا وراء القداسة. نحن مثل الطيَّارين الذين قاموا بجعل طائرتهم بمحاذاة المُدرَّج، لكنهم يحتاجون إلى إجراء الكثير من التصحيحات قبل هبوط الطائرة.
إن موت المسيحي الروحي عن ذاته هو موت حي - موت دائم. ذبيحتنا هي ذبيحة حيَّة - ذبيحة مُستمرَّة. تهدِف الصور الجماليَّة الكلاميَّة مثل "الموت عن الذات" فقط إلى تعليمنا حقائق روحيَّة، ولكن يجب أن نكون حريصين على عدم الابتعاد عن كلمة الله. ليس القلب النقي نهاية سعينا وراء القداسة. سوف يُجهِّزنا القلب النقي والمُستسلِم بشكل أفضل للرحلة، لكن لدينا رحلة تسلُّق تستغرِق الحياة بأكملها لنقوم بها!
الحياة المليئة بالروح هي حياة نمو وتقديس تدريجي. بروح الله نتغيَّر من "مجد إلى مجد"[2]. هنا أقدِّم نصيحة عمليَّة لمن يرغب في التعمُّق في حياة القداسة.[3]
(1) ابقَ مُنكسِرًا روحيًّا
حياة القداسة هي حقًا حياة توبة مُستمرَّة[4]حيث يستمر الله في شفاء تشوُّهاتنا وجعلنا نُشبه صورة المسيح الكاملة. الطريق للحفاظ على ابتسامة الله على حياتنا هي الاعتراف بسرعة بأخطائنا والسير في النور الذي يضيئه الله في طريقنا.[5]
(2) اقبل تأديب الله.
يوضِّح كاتب العبرانيين أن قبول تأديب أبينا السماوي- بدلًا من ازدرائه- سيسمح لنا بـ "الاشتراك في قداسته"[6]. لا أحد يستمتِع بالتوبيخ الإلهي، خاصة لأنه غالبًا ما يأتي من أشخاص عاديين لديهم أخطاء ليتعاملوا معها. يميل كل واحد منَّا إلى رفض التصحيح المؤلم، خاصةً عندما يأتي من شريك حياة فيه عيوب أو قادة روحيين بهم عيوب والذين يضعهم الله فوقنا في السُلطة. لكن التأديب هو أحد أقوى أدوات الله للتخلُّص من الخشونة الموجودة في حياتنا وتشكيلنا على صورة المسيح.
إذا وصلنا يومًا إلى حيث لا يمكننا قبول التصحيح، حتَّى من الأشخاص الأقل نضجًا روحيًّا، فقد تركنا طريق القداسة الصاعد.
(3) قدِّم نفسك كذبيحة يوميَّة لله.
يذكِّرنا بولس أنه يجب علينا أن نقدِّم أجسادنا- بما فيها من كل شهواتها ورغباتها- إلى الله كـ "ذبيحة حيَّة"[7]. حيث تتحوَّل أجسادنا التي كانت يومًا "آلاَتِ إِثْمٍ"[8]بنعمة الله إلى "آلاَتِ بر".
رسم بولس هذه العمليَّة المُتواصِلة من الخضوع المُستمر لله في صورة بيانيَّة عن الحياة المسيحيَّة، فقال: "لأَنَّكُم قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ". وتابع موصيًّا: "فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى لأَرْضِ"[9]. افعل هذا وستختبر مقاييس نعمة أعظم وأعظم.
(4) تأمَّل في الكتاب المُقدَّس يوميًّا.
لا تأتي الشخصيَّة المُقدَّسة الشبيهة بالمسيح نتيجة لحظة من العمل، بل هي نتيجة عمر كامل من التأمُّل والطاعة لكلمة الله. قال يسوع لتلاميذه أنهم قد صاروا طاهرين من خلال الكلمة. "أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ"[10]. ثم صلَّى يسوع لكي يستمرُّوا في التقديس من خلال الكلمة. "قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَق"[11]. فالله يُنجز عمله المُطهِّر والمُنقِّي من خلال كلمته التي تُطاع باستمرار.
(5) ارتَدِ يسوع كل يوم.
لن ننال حياة القداسة إلا من خلال كِساء أنفسنا بوعي بتوجُّهات وفضائل المسيح. "بل الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ...."[12]تعني عبارة "البس" أن تفكِّر مثل يسوع، وأن تُقلِّد روحه، وأن تتصرَّف مثله. يجب على المؤمنين أن يختاروا يوميًّا أن يصبحوا مثل يسوع في محبَّته المُقدَّسة، وفرحه، وسلامه، وغفرانه، ووداعته، وصبره، ولطفه، وصلاحه، وانضباطه.
(6) لا تصنعوا تدبيرًا للجسد.
بعد أن نلبس يسوع يجب أن نكون حريصين على ألا "تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ"[13]. هل من الممكن أن يعود الاهتمام بالمصلحة الذاتيَّة إلى الظهور في قلب ممتلئ بالروح القدس؟ لو لم يكن ذلك مُمكنًا، لما كان بولس قد ذكر هذا التحذير. طالما أننا أحياء يجب أن نختار التواضع. لقد تعلَّم كل رجل وامرأة يتحكَّم فيهما الروح القدس أن التقوى لا يتم الحفاظ عليها إلا من خلال التدريب الدقيق والانتباه المُستمِر والصلاة اليقِظة. إذا لم يبقى الجسد مصلوبًا، فسوف يقوم ويسبب هزيمة روحيَّة، مثل الرجل الأفريقي الذي لم يستطع منع الكلاب من عض ساقيه لأنه كان يتجوَّل ومعه اللحم في جيبه!
(7) جدِّد ذهنك يوميًّا.
ذهنك هو مركز القيادة في حياتك وسر تغييرها. "لأَنَّهُ كَمَا شَعَرَ فِي نَفْسِهِ هكَذَا هُوَ"[14]. يمتلك عقلك هذه السُلطة على حياتك بحيث تتشكَّل وِفقًا لما تختار أن توَجِّه عقلك إليه. علَّم بولس قائلاً: "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ"[15].
(8) اِلبسوا سلاح الله الكامل.
خطَّة الله الكاملة لكل مؤمن هي أن نَثبَت "ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ"[16]. نقوم بذلك من خلال لبس سلاح الله يوميًّا - الحق، والبر، والاستعداد، والإيمان، وتأكيد الخلاص، وكلمة الله. حافظ على سِلاحك لأننا لسنا نِدًّا للعدو وحدنا!
(9) تنمية الوعي المُستمِر بالروح القدس.
إذا كنت تريد أن تكون مُقدَّسًا، فيجب عليك دعوة الروح القدس لملء وتنظيف كل غرفة في حياتك: غرفة المعيشة الخاصة بك (غرفة حياتك الاجتماعيَّة والترفيهيَّة)، غرفة نومك (غرفة حياتك الأخلاقيَّة والجنسيَّة)، مطبخك (غرفة شهواتك ورغباتك)، ومكتبك (غرفة قراراتك الماليَّة والتجاريَّة). في كثير جدًا من الأحيان، نكافح لنصبح قدِّيسين لأننا نفشل في تنمية الوعي لحظة بلحظة بالروح القدس ونطلب بصدق "وعد الآب" الذي يسعد يسوع بأن يقدمه. ربما يكون الخوف جزءًا من إحجامنا عن الطلب. يجب ألا نخاف؛ فقد أعطانا يسوع هذا الوعد الرائع: "فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ، يُعْطِي الرُّوحَ الْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ؟"[17]
(10) عِش في النعمة.
قال يسوع: "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا"[18]. نحن نتقدَّس لأننا ننتمي إلى الكرمة؛ الكرمة هي التي تُنتِج الثِّمار. لن نصبح أكثر إثمارًا بمحاولة أن نكون صالحين، ولكن بالتشبُّث بيسوع.
يعاني الكثير من المسيحيين من قلق شديد بشأن مسيرتهم مع الله. أصبح بعض الذين تعلَّموا القيام بفحص النفس بعُمق، شديدي التأمُّل في عالم الشعور. بغض النظر عن مستوى نموَّهم الروحي، فإنهم يخشون أنهم ما زالوا يفشلون في "الارتقاء" إلى مستوى مطالب الله.
تعلَّم مسيحيون آخرون أن يتوقَّعوا تجربة عاطفيَّة خاصة بعد أن طهَّر الله قلوبهم وجعلهم مُقدَّسين. إنهم يُركِّزون على أنفسهم وعواطفهم أكثر من التركيز على الله. ولكن، يُعلِّمنا الكتاب المُقدَّس أن القداسة هي ثمرة الثبات في المسيح.
بينما نسلك بالروح، ونحافظ على حياة الصلاة، ونتغذَّى على الكلمة، ونشترك في العبادة والمُجتمَع المسيحيين، ونعترف بأخطائنا، ونسلك في النور، يجعلنا الله على صورة المسيح. قد لا نشهد تقدُّمًا كبيرًا كما كنَّا نوَد أن نرى في غضون أسبوع أو شهر، ولكن إذا نظرنا إلى الوراء إلى ما كنَّا عليه قبل عام أو قبل خمس سنوات، فسنرى تقدُّمًا بالتأكيد!
شجَّع بولس كل مؤمن على معرفة أن نفس الإله الذي بدأ العمل في جعلنا مُقدَّسين سيُكمِل العمل: "وَاثِقًا بِهذَا عَيْنِهِ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحًا يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ"[19].
قداسة القلب والحياة عبارة عن رحلة. ستحافظ هذه المبادئ الكتابيَّة العشرة على أرواحنا ونحن نمُر برياح الشدائد والتجارب المُضطرِبة وتُبقينا في صف موطننا السماوي.
[1]This section is adapted from a lesson by Rev. Timothy Keep.
في كل درس، قرأنا عن شخص يُمثِّل القلب المُقدَّس من تاريخ الكنيسة. كان بعضهم مسيحيين مشهورين، وكان بعضهم من الأشخاص غير المعروفين الذين عاشوا حياة مُقدَّسة بهدوء.
والآن حان دورك. هل أنت جائع ليكون لديك قلب مُقدَّس؟ هل ترغب في علاقة حميمة مع الله؟ هل تريد أن تبدو مثل أبيك السماوي؟ يمكنك أن تكون مُقدَّسًا.
هل أنت جائع لملء الروح؟ هل تريد أن تخدم الله بقلب غير مُنقسِم؟ يمكنك أن تكون "كاملًا كما أن أبوك الذي في السماء كامل". يمكنك أن تحب الله وقريبك من خلال قوَّة الروح القدس في حياتك.
الخيار لك. هل ستسلِّم نفسك بالكامل لله؟ إذا كان الأمر كذلك، فستجد شبعًا غنيًّا بينما تقترب منه، ستجد الفرح بينما يشكِّلك الله على صورته، ستجد سلام القلب الذي يملكه الله بالكامل، سوف تسير في نُصرة يوميَّة بملء الروح القدس. بنعمة الله، يمكنك أن تعيش حياة مُقدَّسة.
مراجعة الدرس 12
(1) حياة القداسة مُمكنة لكل أبناء الله الحقيقيين.
تعلِّم كلمة الله أن حياة القداسة مُمكنة.
أثبت المسيحيون عبر التاريخ أن حياة القداسة مُمكنة.
يشهد جوعنا-الذي وهبنا الله إياه-للقداسة أن حياة القداسة مُمكنة.
(2) تُبيِّن كلمة الله الطريق إلى حياة مُقدَّسة.
في لحظة ولادتنا الجديدة، يبدأ الله في جعلنا قدِّيسين، هذا هو التقديس الأوَّلي.
بينما نتبع المسيح ننمو في التقديس.
يريد الله أن يعطينا قلبًا نقيًّا. تشمل الدعوة إلى نقاء القلب:
دعوة إلى الطاعة التامة
دعوة لقلب مستسلم
دعوة للثقة الكاملة
بعد أن يتطهَّر قلبنا، نستمر في النمو في التشبُّه بالمسيح.
(3) بعض الطرق التي يمكننا من خلالها الاستمرار في تنمية حياة القداسة اليوميَّة:
ابق روحيًّا مُنكسِر.
اقبل تأديب الله.
قدِّم نفسك ذبيحة يوميَّة لله.
تأمل في الكتاب المُقدَّس يوميًّا.
البِس نفسك يسوع كل يوم.
لا تصنع تدبيرًا للجسد.
جدِّد ذهنك يوميًّا.
اِلبس سلاح الله الكامل.
نَم الوعي المُستمِر بالروح القدس.
عِش في نعمة.
تكليفات خاصة بالدرس
(1) اِقرأ 1 تسالونيكي 5: 23-24.
(2) في كل درس، صلينا صلاة من أجل القداسة. في نهاية هذا الدرس، اكتب صلاتك الخاصة من أجل القداسة. اكتب صلاتك واطلب من الله أن يرشدك إلى النمو المُستمِر على صورته. سلِّم نفسك بالكامل لسيطَرته وإرادته في حياتك، صلِّ بإيمان أن يُكمِّل الله الذي خلَّصَك قصده ليغيِّرك إلى صورته.
Print Course
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.