أهداف الدرس
بنهاية هذا الدرس يجب على الطالب:
(1) إدراك أهميَّة الانفصال عن الخطيَّة بالنسبة لكل مسيحي.
(2) تقدير امتياز كونه منفصلًا لله.
(3) تطوير مبادئ عمليَّة ليكون لديه فهم كتابي عن مفهوم الانفصال.
(4) حفظ 2 كورنثوس 6: 16-18.
Search through all lessons and sections in this course
Searching...
No results found
No matches for ""
Try different keywords or check your spelling
2 min read
by Randall McElwain
بنهاية هذا الدرس يجب على الطالب:
(1) إدراك أهميَّة الانفصال عن الخطيَّة بالنسبة لكل مسيحي.
(2) تقدير امتياز كونه منفصلًا لله.
(3) تطوير مبادئ عمليَّة ليكون لديه فهم كتابي عن مفهوم الانفصال.
(4) حفظ 2 كورنثوس 6: 16-18.
[1]بينما كان يرعى الغنم في الصحراء، رأى موسى شجيرة مشتعلة لكن النار لم تلتهِمها. وبينما كان موسى يقترب من هذا المنظر الغريب، سمع الله ينادي: "موسى، موسى!" أجاب موسى: "هأَنَذَا"، حذره الله، "لا تَقْتَرِبْ إِلَى ههُنَا. اخْلَعْ حِذَاءَكَ مِنْ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ."[2]
في العالم القديم، كان المشي حافي القدمين يمثِّل التواضع والخشوع. لا أحد يستطيع أن يلبس النعال في حضرة الفرعون. كان موسى في حضرة من هو أعظم من فرعون، كان في حضرة الله القدير؛ كان موسى على أرض مُقدَّسة.
ما الذي كان يُميِّز المكان الذي كان موسى يقف فيه؟ ما الذي جعله مُقدَّسًا؟ هل كان هناك سياج عليه لافتة تقول "أرض مُقدَّسة"؟ لا. هل أقام شخص ما احتفالًا دينيًّا ليكون علامة على أن هذه الأرض مُقدَّسة؟ كلا.
كانت هذه الأرض مُقدَّسة فقط لأنها تَخُص الله. فصل الله هذه الأرض عن باقي الصحراء وأعلن أنها مُقدَّسة. "قَدَّس"الله الأرض. يوضِّح هذا درسًا مهمًا عن القداسة. كانت هذه الأرض مُقدَّسة لأن الله ميَّزها وفصلها. الشيء المُقدَّس شيء قد ميَّزه الله وفصله.
وبعد سنوات، التقى الله بموسى على جبل سيناء. ومرة أخرى، جعل الله قطعة أرض مُقدَّسة، قال موسى للشعب أن يبتعدوا عن الجبل. لم يكن بإمكانهم الصعود إلى الجبل أو لمس أي مكان حوله لأنه مُقدَّس. كان حضور الله على الجبل قويًّا لدرجة أن موسى حذَّر الناس من أن أي شخص يلمس الجبل "يُقْتَلُ قَتْلاً".[3] كان هذا الجبل يَخُص الله. لقد وقف موسى على أرض مُقدَّسة.
القداسة صفة من صفات الله. تشير كلمة "قدُّوس أو مُقدَّس" في الكتاب المُقدَّس إلى الله أو إلى شيء يخُصَّه. في قصة موسى والعليقة المشتعلة، كانت الأرض مُقدَّسة فقط لأنها تَخُص لله. أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تنفصل لله. تُظهِر العديد من الأمثلة من أسفار موسى الخمسة أن الأشياء "المُقدَّسة" قد تم إفرازها عن الأشياء العادية أو الشائِعة.
يوم مُقدَّس
تشير كلمة "مُقدَّس" في أول مرة تظهر فيها في الكتاب المُقدَّس، لا إلى شخص، بل إلى يوم. في نهاية ستَّة أيام الخليقة، أفرز الله اليوم السابع وفصله عن الأيام الستة الأخرى.
وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا.[1]
كان اليوم السابع مُقدَّسًا لأنه تم تخصيصه لله، لم يعد عاديًا. قال إشعياء إن السبت كان مميزًا عن كل الأيام الأُخرى. لم يكن هذا اليوم لـ "عَمَلِ طُرُقِكَ" أوَ لـ "إِيجَادِ مَسَرَّتِكَ"؛ انه يوم يَخُص الله.[2] خصَّص الله السبت للعبادة.
أظهرت أمانة إسرائيل ليوم السبت أمانتها لله. فالله الذي ميَّز السبت هو الذي ميَّز إسرائيل.
وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلاً: وَأَنْتَ تُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: سُبُوتِي تَحْفَظُونَهَا، لأَنَّهُ عَلاَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يُقَدِّسُكُمْ.[3]
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون منفصلًا لله وبالله. قدَّس الله السبت. والله هو الذي يقدِّس شعبه.
الأشياء المُقدَّسة
كانت قطعة الأرض المنفصلة عن أي قطعة أرض أُخرى مُقدَّسة؛ لقد كانت ملكًا لله. واليوم الذي انفصل عن الأيام الأخرى كان يومًا مُقدَّسًا، لقد أصبح ملكًا لله. أي شيء يتم تخصيصه وفرزه لله يصبح مُقدَّسًا.
كانت الثياب التي يرتديها الكهنة ثيابًا مُقدَّسة.[4] فقد صُنعَت بحسب تعليمات خاصة من الله وكانت تخُصه. كما كانت التقدمات التي يقدمها الشعب الى الخيمة مُقدَّسة، فقد كانت مخصَّصة لله.[5] استخدم الكهنة زيتًا خاصًا في العبادة. فقد أمر الله، "يَكُونُ هذَا لِي دُهْنًا مُقَدَّسًا لِلْمَسْحَةِ فِي أَجْيَالِكُمْ."[6] لا أحد يستطيع استخدام هذا الزيت؛ لقد تم تخصيصه لاستخدام الله.
لتدبير شئون الخيمة، طلب الله من كل شخص في إسرائيل أن يدفع ضريبة تُسمَّى "شاقل القدس."[7] لم يكن هذا المال يُستخدَم استخدامًا عاديًا. يعتقد الكثير من العلماء أن هذه عملة مختلفة تمامًا عن الشاقل العادي. لقد كانت عُملة مُقدَّسة. إنها مِلك لله.
كان الأثاث في الخيمة مُقدَّسًا، أمر الله موسى بأن يفصل هذا الأثاث عن جميع الخامات الُأخرى. "وَتُقَدِّسُهَا فَتَكُونُ قُدْسَ أَقْدَاسٍ. كُلُّ مَا مَسَّهَا يَكُونُ مُقَدَّسًا."[8]
كان كل شيء إما مُقدَّسًا أو عاديًّا.[9] أن يكون الشيء عاديًّا لا يعني أنه خطأ؛ هذا يعني أن الشيء لم يتم تخصيصه لاستخدام الله. فهمت إسرائيل أن هناك ثلاثة احتمالات لأي شيء:
قبل دخول إسرائيل أرض كنعان، أعطى الله تعليمات خاصة بغرس الأشجار.
أماكن مُقدَّسة
كانت الخيمة مُقدَّسة لأنها كانت مُخصَّصة لله. كل شيء في الخيمة كان مُنفصِلًا مخصَّصًا لاستخدام الله. فكان المكان الذي يلتقي فيه الله برئيس الكهنة يسمى قدس الأقداس.
لاحقًا، أصبح الهيكل في أورشليم مُقدَّسًا لأنه تم فصله وتخصيصه لخدمة الله. كان الهيكل مُقدَّسًا فقط لأنه ملك لله. بسبب خطيَّة إسرائيل، رأى حزقيال رؤيا لمجد الله وهو يغادر الهيكل.[11]
بعد أن غادر مجد الله، لم يكن الهيكل مُقدَّسًا. في عام 63 قبل الميلاد، دخل الجنرال الروماني بومبي قدس الأقداس ورأى أنه فارغ؛ لأن الله لم يعد يعيش هناك، لم يعد الهيكل مُقدَّسًا.
سبط مُقدَّس
تم فرز وتخصيص سبط لاوي لله. في الليلة التي سبقت مغادرة إسرائيل لمصر، قُتل الابن البكر لكل أسرة مصريَّة. نجا أبناء إسرائيل البكر لأنهم أطاعوا أمر الله برش دم الحمل فوق باب كل بيت.
تذكَّرت إسرائيل الخلاص من مصر بطريقتين. أولًا، كانت كل عائلة يهوديَّة تأكل "عشاء الفصح" كل عام، لقد احتفلت هذه الوجبة بخلاص إسرائيل من مصر.
والطريقة الثانية التي تذكَّرت بها إسرائيل الخلاص من مصر كانت أكثر دراماتيكيَّة. لتذكير إسرائيل بأنه قد خلص أبكارهم، أمر الله:
قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ، كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي.[12]
تأتي كلمة "قدس" من الكلمة العبرية المترجمة "يقدِّس" أو "يميِّز". كان الابن البكر لكل عائلة ملك لله. فاختار الله سبط لاوي لتمثيل أبكار كل إسرائيل. لقد خدم هذا السبط مكان الأمة بأكملها.
وَهَا إِنِّي قَدْ أَخَذْتُ اللاَّوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، بَدَلَ كُلِّ بِكْرٍ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَيَكُونُ اللاَّوِيُّونَ لِي. لأَنَّ لِي كُلَّ بِكْرٍ. يَوْمَ ضَرَبْتُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ قَدَّسْتُ لِي كُلَّ بِكْرٍ فِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. لِي يَكُونُونَ. أَنَا الرَّبُّ.[13]
في خروج 29، وصف الله طقوس تكريس الكهنة. تم استخدام كلمة "مُقدَّس" تسع مرات في هذا الأصحاح. تم تقديس اللاويون مكان الأبكار؛ كان السبط بالكامل ملك لله.
◄ لماذا كان من المهم بالنسبة لله أن يؤكِّد على رسالة الانفصال بالنسبة لإسرائيل؟ لماذا أكَّد بولس على هذه الرسالة بالنسبة لكنائس كورنثوس (2 كورنثوس 6: 14-7: 1) وتسالونيكي (1 تسالونيكي 4-5)؟ لماذا تُعَد هذه الرسالة مهمة اليوم؟
تُظهر هذه الأمثلة (يوم مُقدَّس، أماكن مُقدَّسة، إلخ) أنه لكي تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون مُخصَّصًا مفرزًا لله. يساعدنا هذا على فهم معنى حياة القداسة اليوم. الإنسان المُقدَّس هو ملك لله بالكامل. إنه مُخصَّص لمقاصد الله. أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تنفصل عن الخطيَّة وأن تنفصل لله.
لأن الله قدُّوس، يجب أن يكون شعبه مُقدَّسًا. لا يمكن أن تكون لإنسان خاطئ علاقة بإله قدُّوس، يفصل القدِّيسون أنفسهم عن أي شيء لا يرضي الله.
الله القدُّوس يكره الخطيَّة
(1) أظهر الله قداسته في الطوفان.
كان العالم الذي خلقه الله "حسنًا جدًا" لكن الخطيَّة أفسدت هذه الخليقة. عندما نظر الله إلى الإنسان، رأى الشر في قلبه.
وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ.[1]
نجا نوح وعائلته لأن نوح عاش حياة مُقدَّسة. "كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارًّا كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ."[2] لقد ظل منفصلاً عن الخطيَّة.
(2) أظهر الله قداسته في دينونته على ناداب وأبيهو.
تم فرز أكبر أبناء هارون لخدمة الله. ولمَّا انتهكا قداسة الخيمة "خَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ."[3] لم يسجِّل سفر اللاويين تفاصيل خطيَّة ناداب وأبيهو، لكن الله قال: "فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ."[4] يجب على كهنة الله أن يتعاملوا مع مسكنه بصفته مسكن مُقدَّس. ظن ناداب وأبيهو أنه يمكن أن يعاملا الشيء المُقدَّس بنفس الطريقة التي يعاملان بها الشيء العادي.
(3) أظهر الله قداسته في دينونته على موسى وهارون.
تم منع موسى وهارون من دخول أرض الموعد لأنهما "لَمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ."[5] بعد أن أمر الله موسى بالتحدُّث إلى الصخرة لتُخرِج الماء، ضرب موسى الصخرة. لقد حكم الله على موسى لأنه لم يكرم الله أمام الشعب.
لأن الله قدُّوس، لا يستطيع أن يتجاهل الخطيَّة. عشر مرات في أسفار موسى الخمسة، سُمِّيت الخطيَّة "رجس لدى الرب" أي شيء يكرهه الله، الله القدُّوس يكره الخطيَّة.
الشعب المُقدَّس يكره الخطيَّة
الله إله القداسة وإله المحبة. خلقت خطيَّة الإنسان مشكلة. كيف يمكن لله القدُّوس أن يستمر في بناء علاقة مع الإنسان الخاطئ؟ كيف يمكن لله أن يُظهِر محبَّته للإنسان ويكون مُنسجمًا مع قداسته في نفس الوقت؟
[6]أعطى الله شريعته لمساعدة شعبه على العيش كشعب مُقدَّس. لم يُعط الناموس لجعل الحياة صعبة علينا؛ لقد أُعطي لمساعدتنا على العيش في علاقة صحيحة مع الله. أعطى الناموس شعب الله نموذجًا للانفصال عن الخطيَّة. يكره المُقدَّسون الخطيَّة تمامًا كما يكرهها الله القدُّوس.
علَّم كتبة العهد الجديد أن الانفصال إلى الله يتطلَّب الانفصال عن الخطيَّة. سأل يعقوب: "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ".[7] لا يمكنك أن تكون صديقًا لكل من الله والخطيَّة، لا يمكنك أن تسير مع الله ومع الخطيَّة في نفس الوقت. تتطلَّب حياة القداسة الانفصال عن الخطيَّة.
كتب بولس إلى أشخاص كانوا يعتقدون أن نعمة الله سمحت لهم بالاستمرار في الخطيَّة المتعمَّدة. حيث سألوا: "فَمَاذَا إِذًا؟ أَنُخْطِئُ لأَنَّنَا لَسْنَا تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ؟"[8] وكان جواب بولس قاطعًا: "حَاشَا! أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ؟" هناك خياران فقط:
لا يمكنك أن تعطي نفسك لكل من الخطيَّة والله. يقول بولس للمسيحيين "وَإذْ أُعْتِقْتُمْ مِنَ الْخَطِيَّةِ صِرْتُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ."[10] كأولاد الله، يجب أن نكون منفصلين عن الخطيَّة.
عبَّر بولس عن هذا بعبارات عمليَّة تُظهِر مسؤوليتنا في تجنُّب الخطيَّة العمد. "لأَنَّهُ كَمَا قَدَّمْتُمْ أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ لِلإِثْمِ، هكَذَا الآنَ قَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ عَبِيدًا لِلْبِرِّ لِلْقَدَاسَةِ."[11]
من المستحيل الحفاظ على صداقة مع الخطيَّة أثناء العيش مع الله. يتطلَّب الانفصال إلى الله الانفصال عن الخطيَّة. لا يمكننا الحفاظ على العلاقة مع كل من الله والخطيَّة. بعد أن أخطأ آدم وحواء: "اخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ."[12] تسبَّب الاتحاد مع الخطيَّة في الانفصال عن الله.
لا يحررنا الخلاص لنعيش في الخطيَّة. يحررنا الخلاص من الخطيَّة لكي ما يمكن أن نتقدَّس. هدف الخلاص هو الإتيان بشعب الله إلى القداسة، هدف الله هو أن يخلِّصنا من الخطيَّة وأن يخصِّصنا للعلاقة معه.[13]
كنت أسافر على جبل في تايوان. وبجانب الطريق، كان هناك مُنحَدَر صخري ينحدِر إلى نهر بعيدًا في الأسفل. هل تعتقد أنني طلبت من سائق الحافلة أن يوضِّح لي إلى أي مدى يمكن أن يقترب من الجرف أثناء القيادة؟ كلا! بل كنت أرغب في البقاء بعيدًا عن الحافة قدر الإمكان. وبنفس الطريقة، يبتعد الشخص المُقدَّس عن الخطيَّة. في كل مجال من مجالات الحياة، يتجنَّب الشخص المُقدَّس أسلوب الحياة الخاطئ. يبقى الإنسان المُقدَّس بعيدًا قدر الإمكان عن الخطيَّة وأقرب ما يمكن إلى الله.
عبَّر الرسول بطرس عن هذا على النحو التالي: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ." كيف سنفعل ذلك؟ بأن نعيش حياة مُقدَّسة. "أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً."[14] حياة شعب الله المُقدَّسة هي علامة ملكيَّته لهم. الشعب المُقدَّس يبقى بعيدًا عن الخطيَّة لأنه "شَعْبُ اقْتِنَاءٍ"، شعب ينتمي إلى الله، فالشخص المُقدَّس يريد أن يكون ملكًا لله بالكامل.
ذكَّر بولس أهل كورنثوس أن "الأشرار لن يرثوا ملكوت الله". ثم يسرد بعض أولئك الذين سيتم إقصاؤهم: "لاَ زُنَاةٌ وَلاَ عَبَدَةُ أَوْثَانٍ وَلاَ فَاسِقُونَ وَلاَ مَأْبُونُونَ وَلاَ مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ." ثم يُذَكِّرهم: "وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ". لقد نشأ مؤمنو كورنثوس في بيئة شريرة ومارسوا هذه الآثام.
لكن بولس يرفض ترك المسيحيين في تلك الحالة. حيث لم يقل: "الآن أنتم مسيحيُّون - تمارسون الفجور، وعبادة الأصنام، والزنا، والمثليَّة الجنسيَّة، والسرقة، والجشع، والسكر، وما إلى ذلك". عوضًا عن ذلك، يقول بولس: "لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا."[15]
يقول بولس فرِحًا: "لم تعودوا كما كنتم! لم تعودوا مُلزَمين بهذه الخطايا، لقد انفصلتم عن الخطيَّة وأنتم الآن ملك لله". أن نكون قدِّيسين يعني أن ننفصل عن الخطيَّة حتى نتمكَّن من الانفصال إلى الله.
كان عُزيا ملكًا صالحًا "وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ... وَكَانَ يَطْلُبُ اللهَ ... وَسَاعَدَهُ اللهُ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ."[1] ازدهر عزُيا سياسيًّا. فوسَّع أرض يهوذا واستعاد الأرض التي فُقدت في عهد الملوك الضعفاء. "وَامْتَدَّ اسْمُهُ إِلَى مَدْخَلِ مِصْرَ لأَنَّهُ تَشَدَّدَ جِدًّا."[2]
كان عُزيا ملكًا قويًّا، لكن كانت نهاية قصته نهاية حزينة. "وَلَمَّا تَشَدَّدَ ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ وَخَانَ الرَّبَّ إِلهَهُ."[3]
ما الذي جلب دينونة الله على عُزيا؟ دخل الملك الهيكل ليقدِّم البخور على المذبح. لقد انتهك الفصل بين العادي والمُقدَّس. ونتيجة لذلك، أصبح عُزيا "أَبْرَصَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ، ... لأَنَّهُ قُطِعَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ."[4]
لم يقتل الملك عزيا أو يسرق أو يزن. كما لم يعبُد الأصنام ولم يستشِر السحرة. لكن عُزيا أخطأ بانتهاك قوانين الله الخاصة بالانفصال. في كبريائه، لمس عُزيا المذبح المُقدَّس "ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ وَخَانَ الرَّبَّ إِلهَهُ."
في كبريائه، انتهك الملك عُزيا قداسة الهيكل. علَّمت الشريعة شعب الله أنه يجب أن ينفصل عن الخطيَّة، حتى يتمكَّنوا من العيش في علاقة كاملة مع الله، حياة القداسة حياة منفصلة لله.
تُقدِّم الأسفار التاريخيَّة أمثلة كثيرة لأشخاص وأشياء تم فصلها لله. تمامًا كما فعل في العليقة المشتعِلة، خصَّص الله قطعة أرض لتكون مُقدَّسة. "فَقَالَ رَئِيسُ جُنْدِ الرَّبِّ لِيَشُوعَ: «اخْلَعْ نَعْلَكَ مِنْ رِجْلِكَ، لأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ هُوَ مُقَدَّسٌ»".[5]
عندما هاجمت إسرائيل أريحا، أمرهم الله بأن يُهلكوا كل "مُحَرَّمًا لِلرَّبِّ. وَكُلُّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَآنِيَةِ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ تَكُونُ قُدْسًا لِلرَّبِّ وَتَدْخُلُ فِي خِزَانَةِ الرَّبِّ."[6] لم تكن هذه الآنية مُقدَّسة في أريحا، لقد أصبحت مُقدَّسة فقط عندما طالب بها الله لنفسه.
وأمَر داود اللاويين: "تَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ."[7] قبل إعادة التابوت إلى أورشليم، أفرز اللاويون أنفسهم لأجل أغراض الله.
ليس الانفصال عن الخطيَّة هو الهدف النهائي بالنسبة للشعب المُقدَّس. لقد تم فصل إسرائيل عن الأمم الخاطئة من حولها حتى يمكن فصلها إلى الله بصفتهم ممتلكاته الثمينة.[8] عند تدشين الهيكل، صلَّى سليمان: "لأَنَّكَ أَنْتَ أَفْرَزْتَهُمْ لَكَ مِيرَاثًا مِنْ جَمِيعِ شُعُوبِ الأَرْضِ، كَمَا تَكَلَّمْتَ عَنْ يَدِ مُوسَى عَبْدِكَ عِنْدَ إِخْرَاجِكَ آبَاءَنَا مِنْ مِصْرَ يَا سَيِّدِي الرَّبَّ".[9] فصل الله إسرائيل عن كل الأمم الأخرى بحيث يمكن أن تكون مِلكه. تمتَّعت إسرائيل بامتياز أن تكون "ميراث" الله.
حذَّر بولس أهل كورنثوس من أن تكون لهم شركة مع غير المؤمنين، واقتبس من إشعياء: "لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ".[10] عندما كنت شابًا، أتذكَّر سماع عِظات عن القداسة والانفصال والتي كانت تنتهي بهذه الآية، حثَّ الوعَّاظ شعب الله على البقاء "منفصلين عن النجس".
غالبًا ما كانت رسالة الانفصال سلبيَّة، ولكن، يتابع بولس مستشهدًا بوعد جميل! لقد انفصلنا عن الخطيَّة لكي ننفصل لله. يتابع بولس ذاكرًا الوعد: "وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ."
لا يحرمنا الانفصال عن كل ما هو نجس من الفرح، وإنما نحن منفصلون عن الخطيَّة حتى يُمكننا أن نتمتَّع بفرح السير مع الله. يجب أن ينفصل المسيحيون عن الخطيَّة حتى نتمكَّن من الانتماء بالكامل لله. يبتعد القدِّيسون بفرح عن الخطيَّة لأنهم يعلمون أن الانفصال عن الخطيَّة يسمح لهم بالسير في علاقة حميمة مع أبيهم السماوي.
يمكننا رؤية هذا المبدأ في شرائع الطعام والملابس. لماذا قال الله: "لا تأكلوا أطعمة معيَّنة" أو "لا تلبسوا أنواعًا معيَّنة من الخامات"؟ كانت هذه القوانين دروسًا موضوعيَّة لتعليم إسرائيل أنها يجب أن تنفصل إلى الله. ميَّزت هذه القوانين إسرائيل كأُمَّة تنتمي إلى الله. قال الله لإسرائيل: "إِذْ صِرْتَ عَزِيزًا فِي عَيْنَيَّ مُكَرَّمًا، وَأَنَا قَدْ أَحْبَبْتُكَ."[11] يا له من تصوير جميل! لم تُخصَّص إسرائيل لله كعقاب. لقد تم تخصيصها للكرامة والمحبة. لقد كانت "خَاصَّة [للرب] مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ."[12]
تتَّضح هذه الفكرة في الخيمة؛ فكان على من كانوا نجسين من الناحية الطقسيَّة أن يبقوا "خارج المُخيَّم". أولئك الطاهرين طقسيًّا كانوا "داخل المُخيَّم". في وسط المحلَّة، قدَّم الكهنة الذبائح "في الخيمة". فقط رئيس الكهنة هو الذي يدخل قدس الأقداس. أعطى هذا الترتيب للناس مشهدًا مرئيًّا يذكِّرهم بأن الانفصال عن الخطيَّة يسمح لنا بالانفصال لله. أظهر هذا للناس ما يعنيه أن يكونوا قريبين من محضر الله المُقدَّس.
.jpg)
1 = خارج المعسكر (نجس)
2 = داخل المُخيَّم (طاهر)
3 = خيمة الاجتماع (الكهنة)
4 = قدس الأقداس (رئيس الكهنة)
بينما اتَّبع الناس شرائع الفصل، تعلَّموا أنه يجب أن نكون قدِّيسين في كل مجال من مجالات الحياة، فالله له سلطان على كل الحياة.
[13]يُطلَق على لاويين 17-26 اسم "قانون القداسة". علَّم قانون القداسة إسرائيل كيف تعيش كأُمَّة مُقدَّسة. من أصغر التفاصيل إلى أكبر مبدأ، كانت قداسة الله هي المصدر الذي يوحي بهذه القوانين، لقد أظهرت لإسرائيل كيف تكون مُقدَّسة في عالم خاطئ، لقد علَّمت إسرائيل كيف ينفصلون عن الخطيَّة. والأهم من ذلك، أنها علَّمتهم أنه يجب أن تنفصل إسرائيل إلى "الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ".[14]
قال الله في لاويين 20: "وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا الرَّبُّ، وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي."[15] "وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ." لماذا؟ "لِتَكُونُوا لِي." كان هذا انفصالاً إلى الله.
تُستخدَم الكلمة العبريَّة المُترجَمة "ميَّزتكم" في لاويين 20: 26 في تكوين 1: 4 عندما "فصل" الله أو "أبعد" النور عن الظلمة. لا يمكنك المزج بين النور والظلمة، فهم متضادون. طلب الله الانفصال التام والكامل عن الأمم الخاطئة حول إسرائيل.
دعا الله شعبه للانفصال التام عن الخطيَّة. لماذا؟ حتى ينتموا إليه بالكامل. تُظهِر هذه القوانين أن الحياة كلها مِلك لله. فبالنسبة لشعب مُقدَّس، تخضع الحياة كلها لسلطان الله. أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون منفصلًا لله في جميع النواحي. لقد انفصلنا عن الخطيَّة حتى ننتمي لله.
◄ أيُّهما يبدو أكثر صعوبة - الانفصال عن الخطية أم الانفصال إلى الله؟ لماذا؟
يقَدِّم الانفصال بحسب المفهوم الكتابي شهادة للعالم
صلَّى يسوع أن يكون تلاميذه في العالم، لكن ليسوا منه. رفض دانيال أن "يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ."[1] على مر التاريخ، أبقى شعب الله أنفسهم منفصلين عن خطايا مجتمعهم. لقد سمح هذا لشعب الله أن يكونوا شاهدين لعالمهم.
دُعيَت إسرائيل لتكون "أُمَّة من الكهنة"، أُمَّة مُقدَّسة تقود الأُمم الأخرى إلى الله.[2] عندما كانت إسرائيل مخلِصة لله، كانت تنجز هذه المهمة. قالت راحاب: "أَنَّ رُعْبَكُمْ قَدْ وَقَعَ عَلَيْنَا، ... سَمِعْنَا فَذَابَتْ قُلُوبُنَا وَلَمْ تَبْقَ بَعْدُ رُوحٌ فِي إِنْسَانٍ بِسَبَبِكُمْ." لماذا؟ لأن إسرائيل كانت أُمَّة قويَّة بجيش عظيم؟ كلا! "لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ اللهُ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَعَلَى الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ."[3] عندما انفصلت إسرائيل إلى الله، كانت شهادة لجميع الأُمم.
نرى هذا المبدأ في حياة يوسف. لأن يوسف أبقى نفسه منفصلاً عن خطايا مصر، أصبح شاهداً لفرعون. "هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ؟"[4] لو كان يوسف قد عاش مثل المصريين، لما أتيحت له الفرصة ليكون شاهدًا أمام فرعون.
صلَّى يسوع أن يكون أتباعه في هذا العالم، لكن ليس منه. أحيانًا أساء المسيحيون الذين يريدون أن يعيشوا حياة تقيَّة واعية فهم هذه العبارة؛ إنهم يعتقدون خطأً أن الوجود "في هذا العالم" هو شر لابد منه وأنه يجب أن يتحمله شعب الله في طريقهم إلى السماء.
ومع ذلك، بعد أن فرِح يسوع بأن أتباعه "لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ،" صلَّى يسوع، "كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ."[5] صلى يسوع أن يخدم أتباعه بفعاليَّة في العالم. صلَّى يسوع لكي لا نكون "من العالم" أثناء إرسالنا "إلى العالم"، فبالبقاء منفصلين عن الخطيَّة، يمكننا تلبية دعوتنا لتغيير العالم. كأبناء الله، يمكننا أن نكون ملحًا ونورًا لعالم خاطئ.
عرف الرسل أن حياة القداسة هي شهادة للعالم، دعا بطرس المؤمنين ليعيشوا حياة التقوى شهادةً لغير المؤمنين:
وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا، فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا.[6]
كتب بولس إلى تيطس، قائد الكنيسة في جزيرة كريت. كان هؤلاء المؤمنون محاطين بالوثنيين. أخبر بولس تيطس أنه يجب على المسيحيين أن يعيشوا "لِكَي يُزَيِّنُوا تَعْلِيمَ مُخَلِّصِنَا اللهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ."[7] عندما يعيش المسيحيون حياة مُقدَّسة، "يزيِّن" سلوكهم الإنجيل. يجعل سلوك القديسين الإنجيل جذَّابًا في عالمنا.
دعا بولس المسيحيين في فيلبي إلى حياة تقيَّة. كان عليهم أن يظلُّوا منفصلين عن الخطيَّة، كان عليهم أن يكونوا "بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ".[8]
عندما يعيش شعب الله حياة مُقدَّسة "نضيء كأنوار في العالم". يجب أن تُقدِّم حياة أولاد الله شهادة ساطعة في عالم مظلم. الانفصال عن الخطيَّة ليس محاولة ناموسيَّة "لكسب الخلاص"، الانفصال عن الخطيَّة يُمكِّننا من تحقيق دعوة يسوع لنكون "نور العالم" و "ملح الأرض".[9] الأيدي المُقدَّسة هي شاهد قوي لعالمنا.
مبادئ الانفصال الكتابي
بالنسبة للكثير من الأشخاص، فإن "الانفصال عن العالم" هو قائمة بما يجب فعله وما لا يجب فعله. غالبًا ما يتحدَّد الانفصال من خلال قائمة من القواعد. يُعرِّف الكثير من الأشخاص الانفصال بقائمة من الملابس التي لا يرتدونها، والأماكن التي لا يذهبون إليها، ووسائل الترفيه التي لا يشاركون فيها.
من المؤكَّد أن القدِّيسين لن يرتدوا أشياء معيَّنة ولن يذهبوا إلى أماكن معيَّنة. يريد الشخص المُقدَّس أن يُسِر الله في كل مجال من مجالات الحياة. ولكن، الانفصال عن الخطية والانفصال إلى الله هو أكثر من مجرد قائمة من القواعد.
تتمثَّل إحدى مشكلات تعريف الانفصال فقط بصفته قائمة من القواعد في أن القواعد تتغيَّر بمرور الوقت، غالبًا مع القليل من التفسير. فتُحدِّد إحدى الكنائس انفصالها بمجموعة معيَّنة من القواعد؛ بينما تُحدِّد كنيسة أُخرى انفصالها بمجموعة أُخرى من القواعد. النهج الأفضل هو تحديد المبادئ الكتابيَّة الصحيحة التي تَصلُح لجميع الأوقات وفي جميع الثقافات.
كمسيحيين، يجب أن يعكس أسلوب حياتنا خضوعنا لكلمة الله وإرشاد الروح القدس. إذا أردنا أن نكون أناسًا منفصلين لله "كشعب اقتناء له"[10] فسنطيع عن طيب خاطر تعليم كلمته.
في حين أن الكتاب المُقدَّس لا يتناول بشكل مباشر العديد من جوانب الحياة الحديثة، إلا أنه يضع المبادئ التي سترشدنا. ما هي المبادئ التي يجب أن يسترشِد بها الشخص المُقدَّس في حياته؟
(1) مبدأ الحياء
يؤكِّد مبدأ الحياء أن لُباسنا وسلوكنا يجب أن يكرما الله، ويجب أن تجنِّبا كل ما هو مُخز في عينيه. تسترشد ملابسنا وسلوكنا برغبتنا في تمجيد الله.
في جميع أجزاء الكتاب المُقدَّس، كان العري أمرًا مُخزيًا. بعد أن أخطآ، شعر آدم وحواء بالخجل لأنهما "عَلِما أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ."[11] لذلك "صَنَع لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ". عندما التقى بهما الله في الجنَّة، صنع لهما "أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا"[12] بالكامل
في بقيَّة الكتاب المُقدَّس، يعد العري علامة على الخزي.[13] استخدم الأنبياء العري كرمز لدينونة الله.[14] بصفتنا شعب الله، يجب أن يُظهِر لبُاسنا أننا نحترم معيار الله للحشمة. يجب أن نخجل من العري الذي كان رمزًا للعار بالنسبة لأنبياء الله. يجب أن يكون لُباسنا لُباس يُمثِّل شعب الله المُقدَّس والطاهر.
تتضمَّن الحشمة في الكتاب المُقدَّس التمييز بين الجنسين. في حين أن الكتاب المُقدَّس لا يحدد عناصر معيَّنة من الملابس التي يرتديها الإسرائيليون، إلا أن الله أمر شعبه بالحفاظ على التمييز بين الجنسين في ملابسهم.[15]
يُعلِّم العهد الجديد أن زينتنا يجب أن تُطهِر أننا شعب الله. قارن بولس بين نوعين من الزينة:
وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ[16] أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ.[17]
يحظر بولس الزينة الباهظة في تصفيف الشعر والمجوهرات والملابس. في الوقت نفسه، يُثني بولس على زينة "الملابس المُحتَرمة" التي تليق "بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ." هذه هي زينة "الأعمال الصالحة" التي يجب على المسيحيين أن يبحثوا عنها.
تُظهِر تعاليم بولس العلاقة بين الزينة الخارجيَّة والروح الداخليَّة. في هذا الجزء من رسالة بولس إلى تيموثاوس، يتناول موضوع الصلاة في الكنيسة. فيُخبر تيموثاوس كيف يجب على المسيحيين أن يصلُّوا. إنه يعالج اهتمامات كل جنس.
يكتب بولس أنه ينبغي على الرجال الصلاة "بدون غضب أو مشاجرة". يجب ألا ندخل إلى محضر الله بروح الغضب. يكتب بولس أن النساء يجب أن يصلين بروح الحشمة والخضوع؛ وهذا ينعكس حتى على الملابس والزينة. يجب ألا ندخل إلى محضر الله بفخر ومجد ذاتي. يتمتَّع القديسون بحياء ينعكس في جميع مجالات الحياة.
ذكر بطرس نفس العلاقة بين المظهر الخارجي والروح الداخليَّة.
وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ، بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ. فَإِنَّهُ هكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ.[18]
مثل بولس، حدَّد بطرس نوعين من الزينة. إنه يُحَرِّم الزينة الخارجيَّة المتمثِّلة في أساليب تصفيف الشعر المُعقَّدة، والمجوهرات، والملابس، ثم يأمر بالزينة الداخليَّة المُتمثِّلة في "الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ." يهتم الناس المُقَّدسون بكونهم "غاليين في نظر الله" أكثر من اهتمامهم بالحصول على القبول من هذا العالم. هكذا كانت "قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ."
كمسيحيين، يجب أن تُظهِر تسليتنا أننا منفصلون إلى الله. يخبرنا بولس أنه على المسيحيين أن يملأوا ذهنهم بأشياء تجعلهم أكثر شبهاً بالمسيح.
أَخِيرًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هذِهِ افْتَكِرُوا.[19]
كشعب مُقدَّس، يتحكَّم الله في كل مجال من مجالات الحياة. عندما تقرأ سفر اللاويين، ترى أنه لا يوجد شيء أصغر من أن يستحق اهتمام الله. كل شيء يهمه! هذا ليس لأن الله طاغية يريد السيطرة على كل مجالات الحياة. بل ذلك لأن الله أب محب يهتم بكل جوانب حياة أبنائه. لا يريد أبونا السماوي لأبنائه أن يرتدوا ملابس تهين الجسد الذي خلقه بمحبة. لا يريد أبونا السماوي لأبنائه أن يملأوا أذهانهم بالترفيه الذي يوحي بأفكار خاطئة ومخزية. فنحن "شعب اقتناء" له، وهو يهتم بكل جانب من جوانب حياتنا.
◄ طبِّق مبدأ الحياء في ثقافتك. ما هي مجالات (كل من اللُباس وأسلوب الحياة) التي تُمثِّل تحديًا للحفاظ على الاحتشام في عالمك؟
(2) مبدأ الوكالة
يؤكِّد مبدأ الوكالة أن كل ما لدينا هو ملك لله. كأبناء الله، علينا أن نستخدم أموالنا ومواردنا بطريقة تكرمه.
في القرن الثامن عشر، اتَّبع بعض المسيحيين قواعد لُباس صارمة، فرفضوا أي زينة على الملابس، لم يرتدوا أزرارًا لامعة في الملابس، لم يرتد الرجال أربطة العنق. كانوا يرتدون ملابس مصنوعة من قماش رمادي فقط. بدا وكأنهم كانوا متواضعين للغاية.
ومع ذلك، ألقى جون ويسلي عظة عن اللُباس اشتكى فيها من أن مظهر الحياء هذا كان خارجيًّا فقط. بينما بدت الملابس بسيطة، تجاهل بعض المسيحيين مبدأ الوكالة. كانوا يسافرون من لندن إلى باريس لشراء أغلى المواد لملابسهم. نعم، لقد اشتروا قماشًا رماديًّا فقط - لكنهم اشتروا قماشًا باهظًا للتباهي بثروتهم. كانوا بسطاء، لكنهم لم يكونوا وكلاء جيِّدين على أموال الله.[20]
أصرَّ ويسلي على أن الانفصال عن العالم يعني أن تكون وكيلًا جيدًا على الأموال التي يمنحك إياها الله. فوعظ بأن لا يهدر الشخص المُقدَّس ماله على الملابس الباهظة. من الممكن أن نلبس ملابس محتشمة ولكن أن نكون مسرفين فهذا اختيارنا. قال بولس أن زينتنا يجب ألا تكون "ملابس باهظة الثمن".[21]
لا يعني مبدأ الوكالة شراء السلعة الأرخص دائمًا. في بعض الأحيان، تدوم الملابس عالية الجودة التي تكلِّف أكثر لفترة أطول. توفِّر بعض الكنائس 100 دولار بتركيب معدات سباكة رخيصة – ثم تنفق مئات الدولارات الكثيرة لإصلاح التسريبات! هذا أسلوب رديء في الوكالة.
يقول مبدأ الوكالة: "نحن وكلاء على المال الذي ائتمننا الله عليه. يجب أن نستخدمه بحكمة. نحن وكلاء على الموهبة التي أعطانا الله إياها. يجب أن نستخدمها لمجده. كل ما نفعله يجب أن يكرمه".
◄ طبِّق مبدأ الوكالة في ثقافتك. كيف يمكن أن تكون كنائسكم وكلاء صالحين على موارد الله؟
(3) مبدأ الاعتدال
يؤكِّد مبدأ الاعتدال على أننا لن نسمح "للأشياء" (حتى الأشياء الجيِّدة) بالتحكُّم في حياتنا. أحد تحديات العيش "في" العالم وليس "منه" هو أننا في العالم! هناك أشياء كثيرة في عالمنا يمكننا ويجب علينا أن نستمتع بها. تتطلَّب حياة القداسة الاعتدال والبساطة حتى في الأشياء الصالحة.
الطعام مثال على هذا. فالجوع شهوة طبيعيَّة؛ ليس خطيَّة. كتب بولس أننا يجب أن نأكل "لمجد الله."[22] الأكل ليس خطيَّة. ومع ذلك، إذا كنت شَرِهًا وليس لديّ ضبط نفس، فأنا لا آكل لمجد الله. العالم يأكل من أجل إرضاء الذات؛ فإذا كنت متهوِّرًا في عاداتي في الأكل، فأنا "من العالم". ولكن، أنا آكل "لمجد الله". هذا يعني أنني سوف أمارس ضبط النفس بينما أستمتع بالطعام الجيِّد الذي يوفره لي الله.
أصرَّ أهل كورنثوس على أنه يمكن أن يرتكبوا الفجور الجنسي لأنهم كانوا أبناء الله الروحيين ولم يعد الجسد مهمًا، فقالوا: "الأَطْعِمَةُ لِلْجَوْفِ وَالْجَوْفُ لِلأَطْعِمَةِ." كانت لديهم فكرة من ثقافتهم أن الجسم مسموح له أن يكون لديه أي شيء يريده.
رد بولس باقتباس من تعاليم أهل كورنثوس ثم رفض الأفكار الخاطئة الكامنة وراء تعاليمهم: "كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ." "الأَطْعِمَةُ لِلْجَوْفِ وَالْجَوْفُ لِلأَطْعِمَةِ، وَاللهُ سَيُبِيدُ هذَا وَتِلْكَ."[23] وتابع: "أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟" واختتم بقوله: "وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ للهِ."
مبدأ بولس هو هذا - حتى الأشياء المشروعة يجب ألا تسيطر علينا. لله سلطان على جميع جوانب حياة المسيحيين، بما في ذلك أجسادنا، كل ما نقوم به يجب أن يجلب الإكرام لله. وهذا يتطلَّب أن نعيش بالاعتدال وضبط النفس.
كيف سيبدو هذا في الحياة اليوميَّة؟ إنه يعني ضبط النفس فيما نأكله ونشربه، إنه يعني ضبط النفس في وسائل الترفيه. كشخص مُقدَّس، "لن يسيطر عليَّ أي شيء". حتى الترفيه البريء تمامًا هو أمر خاطئ (بالنسبة لي) إذا سيطر عليَّ. يُعلِّم مبدأ الاعتدال ضبط النفس في جميع المجالات.
اسمحوا لي أن أذكر مثالًا شخصيًّا. انتبه، هذه ليست قاعدة بالنسبة لك! أنا أستخدم هذا المثال لإظهار كيف يمكن أن ترتبط هذه المبادئ بنقاط الضعف الشخصيَّة وشخصيَّة المرء.
اشتريت جهاز كمبيوتر جديدًا به لعبة تسمى "Tetris". لا يوجد أي خطأ في اللعبة، فهي ليست لعبة عنيفة أو شهوانيَّة، إنها لغز بسيط. ومع ذلك، سرعان ما علِمت أن هذه اللعبة "تُهيمِن" علي! كنت أجلس للعمل - وسرعان ما أبدأ بلعب اللعبة. كنت أقول: "سوف آخذ استراحة من العمل وألعب لعبة Tetris". ثم بعد ثلاثين دقيقة، كنت أقول: "أريد أن أنهي مباراة أخرى". ثم بعد ساعة، كنت لا أزال ألعب. أخيرًا، ذكَّرني الله بمبدأ الاعتدال. "كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ."
لهذا السبب، علِمت أنه يجب علي حذف Tetris من جهاز الكمبيوتر الخاص بي. هل هذه "قاعدة كتابية"؟ كلا! لا يذكُر الكتاب المُقدَّس كلمة تتريس في أي مكان! لكن بالنسبة لي، فإن مبدأ الاعتدال يعني تجنُّب لعبة يمكن أن تتحكَّم بي.
المبادئ أوسع من القواعد، فلا يوجد تعليم في الكتاب المُقدَّس ضد تتريس. إذا كانت Tetris هي لعبتك المُفضَّلة، فلست بحاجة إلى الإقلاع عنها بسببي. لكن بالنسبة لي، بسبب ضعفي، تُعتَبَر تتريس شِرك. إذا أردنا أن نحيا حياة مُقدَّسة، فسنسأل الله: "كيف أعيش بطريقة ترضيك؟"
◄ طبِّق مبدأ الاعتدال في ثقافتك. ما هي المجالات التي تُمثِّل تحدِّيًا للحفاظ على التوازن الكتابي في حياتك؟
(4) مبدأ اللياقة
عندما انضم تيموثاوس- وهو ابن لأب يوناني وأم يهوديَّة- إلى بولس وسيلا في رحلتهم التبشيريَّة، طلب بولس أن يَختتِن تيموثاوس من أجل فعاليَّة الخدمة.[24] في وقت سابق، رفض بولس أن يُختَن تيطس، الذي كان مُهتديًا يونانيًا.[25] تُعلِّمنا ردود أفعال بولس المختلفة في هذه المواقف مبدأً هامًا للخدمة.
في حالة تيطس، دافع بولس عن حقيقة أننا نخلُص بالنعمة بالإيمان. أن يطالَب مُهتَد أممي باتباع الشريعة اليهوديَّة فهذا من شأنه أن يقوض رسالة الحريَّة المسيحيَّة. فوقف بولس بحزم ضد أولئك الذين أرادوا أن يُختتَن تيطس.[26] في أعمال الرسل 15، أدركت كنيسة أورشليم أن الختان ليس مطلوبًا للمُهتدين من الأمم.
في أعمال الرسل 16، طلب بولس من تيموثاوس أن يخضع للختان، لماذا؟ ليس من أجل الخلاص، ولكن من أجل خدمة فعَّالة في المجامع.
◄ اِقرأ ١ كورنثوس ٩: ١٩- ٢٣.
أوضح بولس هذا المبدأ نفسه في الرسالة إلى أهل كورنثوس. من أجل الإنجيل، كان بولس على استعداد لتقديم تضحيات في مجالات لا تتضمَّن مبادئ كتابيَّة، لم يتنازل عن القناعات الكتابيَّة، لكنه ضحَّى بحرياته من أجل الخدمة.
يشير هذا إلى مبدأ مهم بالنسبة للمسيحيين. قد تكون بعض الأشياء مناسبة في موقف ما وليس في موقف آخر. من أجل خدمة فعَّالة، قد يتنازل القائد عن بعض "الحريات" في نواح لا تسيء إلى قناعاته. ليست هذه مجالات تعليم الكتاب المُقدَّس، ولكنها مجالات القناعات الشخصيَّة والممارسة الثقافيَّة.
جاري مُبشِّر في إفريقيا. أطلق جاري لحيَته بالكامل، واللحية في بلده ترمز للعمر والسلطة، فدائمًا ما تكون لحية زعيم القبيلة طويلة. تحظى لحية جاري بالاحترام بين أولئك الذين يحاول الوصول إليهم بالإنجيل، إنه يُرَبِّي لحيته من مبدأ اللياقة.
ريك مُبشِّر في آسيا. في بلد ريك، ترتبط اللحية بالوهن والمظهر الشخصي الذي ينُم عن اللامبالاة. بعد فترة وجيزة من انتقاله إلى هذا البلد، رأى ريك أن لحيته ستحِد من فعاليَّته، لذا حلق لحيته من مبدأ اللياقة.
هل اللحية صحيحة أم خاطئة؟ لا هذا ولا ذاك! تعلَّم كلا الرجلين اتباع مبدأ اللياقة - ما هو الأفضل بالنسبة للوضع الذي وضعني فيه الله؟
◄ هل وجدت مجالات يتطلَّب فيها مبدأ اللياقة أن تضحِّي بحريَّاتك الشخصيَّة للوصول إلى الناس من حولك من أجل المسيح؟
(5) مبدأ المسؤوليَّة: أمام من أنا مسؤول؟
غالبًا ما أسأل طلَّابي في الكليَّة، "هل تفضِّلون القواعد أم المبادئ بالنسبة لكتيِّب السكن الجامعي؟" عادة ما يقولون، "نحن نُفضِّل المبادئ!"
ثم أسألهم: "أيُهما أسهل أن يُطاع: قاعدة تقول: "يجب أن تُطفأ الأنوار في منتصف الليل" أم مبدأ يقول: "أنت تستعد للخدمة، اذهب إلى الفراش مبكِّرًا بما يكفي للحصول على قسط جيِّد من الراحة والاستعداد للتركيز على الواجبات الدراسيَّة لصفك الأول كل صباح "؟ سرعان ما يدرك الطلاب أن المبدأ يتطلَّب منا التفكير أكثر من مجرد القاعدة البسيطة!
يمكن أن تكون المبادئ صعبة. أحد المفاتيح هو إدراك أننا مسئولين أمام الله في مسألة الانفصال. لا يمكنك الحصول على قاعدة تقول، "_____ جرامًا من الطعام يوميًا يعتَبَر طعامًا معتدلًا. وما يزيد على ذلك هو الشراهة". هذا مستحيل! وإنما، يجب أن أتذكَّر أنني مسؤول أمام الله عن ضبط النفس.
يمكن أن يحتل شخص ما وظيفة مكتبيَّة تتطلَّب حللًا لطيفة؛ شخص آخر سيكون وكيلًا رديئًا إذا اشترى بدلة جميلة ليرتديها في المزرعة!
قد يعطي الله قناعات مختلفة لأناس مختلفين بناءً على وضع خدمتهم وخلفيَّتهم وحتى الخطايا التي يميلون إليها. لسنا جميعًا متماثلين، لن نتشابه جميعًا، قد يكون لإخواننا وأخواتنا قناعات مختلفة فيما يخُص نمط الحياة. طالما أن الاختلافات لا تتعارض مع تعاليم الكتاب المُقدَّس، فقد تكون هذه الاختلافات علامة على الحريَّة الكتابيَّة.
لهذا السبب يجب أن أتذكَّر شيئين:
.jpg)
في القرن الثامن عشر، هربت مجموعة من المسيحيين إلى ألمانيا هربًا من الاضطهاد في مورافيا. واستقروا في أرض الكونت نيكولاوس فون زينزندورف، الذي أصبح زعيمهم. في غضون بِضع سنوات، عاش أكثر من 300 مورافي في هذه الأرض في هيرنهوت (Herrnhut).[1]
التزم المورافيُّون بالقداسة الحقيقيَّة. فعاشوا حياة بسيطة مُسترشِدة بمبادئ الكتاب المُقدَّس. عُرفوا بدراستهم الدقيقة للكتاب المُقدَّس والتزامهم بالصلاة. في عام 1727، بدأ المورافيُّون اجتماع صلاة استمرَّ 24 ساعة في اليوم لأكثر من مئة عام.
سعى المورافيُّون أن يكونوا مِلك لله بالكامل. ماذا كانت نتيجة هذا الالتزام بحياة منفصلة؟ لقد استخدمهم الله بطريقة قويَّة.
كان للمورافيُّون تأثير كبير على المسيحيين الآخرين. كان للمُبشِّر المورافي، بيتر بوهلر (Peter Boehler)، دور هام في اهتداء جون وتشارلز ويسلي. بعد أسابيع قليلة من حصول جون ويسلي على ضمان الخلاص في كنيسة مورافيَّة في شارع ألدرسجيت، سافر إلى هيرنهوت لمعرفة المزيد عن خبرة هؤلاء المؤمنين المخلِصين الروحيَّة. من الويسليُّون إلى وليام كاري (William Carey)، تأثَّر المسيحيون الملتزمين بسعي المورافيُّون إلى القداسة.
شهد المورافيُّون شهادة إنجيليَّة قويَّة حول العالم. في غضون ستَّة أشهر من بداية اجتماع الصلاة عام 1727، تطوَّع ستَّة وعشرون شابًّا مورافيًّا للخدمة التبشيريَّة - في وقت كانت فيه الإرساليَّات الخارجيَّة غير معروفة تقريبًا بين الكنائس البروتستانتيَّة. خلال القرن الثامن عشر، تم إرسال أكثر من 300 مُبشِّر من هذه المجموعة الصغيرة من المسيحيين المنفصلين. أرسل المورافيُّون بعضًا من أوائل المُبشِّرين البروتستانت. حيث يستطيع الله أن يستخدم المسيحيين الذين انفصلوا إلى الله لتغيير عالمهم.
تُلخِّص ترنيمة "أريد مبدأ في داخلي" مبادئ الانفصال التي يعلِّمها المورافيُّون. يحافظ الشخص المُقدَّس على حساسيَّة ضميره من جهة تحذيرات الله.
أريد مبدأ اليقظة، التقوى الإلهيَّة في داخلي،
حساسيَّة ضد الخطيَّة، وجعًا لأشعر بقربها.
أريد أول بادئة للشعور بالكبرياء أو الشهوة الخاطئة،
لأقبض على تيَهان إرادتي وأخمد النار المُشتعِلة.
منك حتى لا أضل فيما بعد ولا يحزن صلاحك بعد،
أصلِّي أن تعطني الرهبة الأبويَّة، والضمير الرقيق.
يا الله، اجعل ضميري سريعًا مثل قُرَّة عين.
أيقظ روحي عندما تقترب الخطيَّة، واجعلها تظل مُستيقِظة.
(1) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تنفصل أو تنتمي إلى الله. تشمل الأمثلة على هذا:
يومًا ًمُقدَّسا
أشياء مُقدَّسة
أماكن مُقدَّسة
سبطًا ًمُقدَّسا
(2) أن تكون مُقدَّسا يعني أن تنفصل عن الخطيَّة. لأن الله يكره الخطيَّة، فإن شعب الله يكرهون الخطيَّة.
(3) أن تكون مُقدَّسا يعني أن تنفصل إلى الله. الهدف من الانفصال عن الخطيَّة هو الانفصال إلى الله.
(4) الناس المُقدَّسون يبقون بعيدين عن الخطيَّة. إن نعيش بالقرب من الله يعني أن نعيش بعيدًا عن الخطيَّة.
(5) لقد جهَّزت حياة القداسة إسرائيل كشاهد للعالم. تؤهِّل حياة القداسة المسيحيين ليشهدوا للعالم.
(6) يبدأ الانفصال الكتابي في القلب.
(7) من مبادئ الانفصال عن العالم ما يلي:
مبدأ الحياء
مبدأ الوكالة
مبدأ الاعتدال
مبدأ اللياقة
مبدأ المسؤوليَّة
(1) اختر قضيَّة يصعُب فيها الانفصال على المسيحيين في مجتمعك. باستخدام المبادئ الواردة في هذا الفصل، اكتب مقالاً من صفحة إلى صفحتين يقترح كيف يمكن للمسيحيين أن ينفصلوا عن الخطيَّة وأن ينفصلوا إلى الله في القضية التي اخترتها.
(2) ابدأ الفصل الدراسي التالي باقتباس 2 كورنثوس 6: 16-18.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.
Questions? Reach out to us anytime at info@shepherdsglobal.org
By submitting your contact info, you agree to receive occasional email updates about this ministry.