بنهاية هذا الدرس، ينبغي أن يكون الطالب قادرًا على:
(1) تقدير جمال قداسة الله وخطَّته لجعلنا مُقدَّسين.
(2) رفض المفاهيم الكاذبة عن القداسة وإدراك المفاهيم الكتابيَّة.
(3) شرح معنى أن يكون المرء مُقَدَّسًا لمؤمن جديد.
(4) حفظ 1 بطرس 1: 14-16.
مُقدِّمة للمنهج
القداسة هي إحدى الموضوعات الرئيسيَّة في الكتاب المُقدَّس. ففيه، أَظهَر لنا الله مَن يكون: إنه إله قدُّوس، ثُم أظهر لنا الله مَن يمكن أن نكون عليه بنعمته: يمكننا أن نصبح شعبًا مُقدَّسًا.
بداخل كل مؤمن حقيقي، هناك جوع للقداسة. بصفتنا أولاد الله، نتعلَّم أن نكون مثله. للأسف، قَبِل جزء كبير من كنيسة اليوم الفكرة الكاذبة التي تقول إن القداسة مستحيلة. فبدلًا من السعي لنكون مشابهين للمسيح، يكتفي كثير من المُعتَرِفين بالمسيحيَّة بحياة خاطئة مهزومة. وبدلًا من الحياة المسيحيَّة المُنتصِرة، يكتفي مسيحيُّون كثيرون "بإدارة الخطيَّة".
منذ أكثر من مئة عام، قال جون هايد (John Hyde)، المُرسَل العظيم الذي عمل في الهند: "ما نحتاجه اليوم هو نهضة في القداسة". وإن صَحَّ هذا حينها، فهو بلا شك صحيح في عالم القرن الحادي والعشرين الخاطئ.
إذا كانت القداسة بهذه الأهميَّة الكبيرة لدى الله، ينبغي أن نسأل: "ما معنى أن يكون المرء مُقدَّسًا؟" وإذا كان الكتاب المُقدَّس يوصي بالقداسة، فينبغي أن نسأل: "هل من المُمكن أن نحيا حياة القداسة؟"
في هذا المنهج، سوف نتعلَّم ما يقصده الله عندما يقول: "كُونُوا قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ". وإذ نفهم رسالة القداسة في الكتاب المُقدَّس، سنرى أن حياة القداسة أمر ممكن بالنسبة لكل مسيحي. يشمل كل درس ثلاثة عناصر:
(1) سوف ندرس معنى الكلمات الكتابيَّة مثل "مُقدَّس"، "تقديس"، و"كامل". وهذا القسم عبارة عن لاهوت كتابي عن القداسة.
(2) سوف ندرس جوانب عمليَّة في حياة القداسة. سوف نتعلَّم ما يُعلِّم به الكتاب المُقدَّس عن حياة القداسة، والقلب النقي، وروح التشبُّه بالمسيح.
(3) سوف نلقي نظرة على حياة شخص مسيحي يُظهر معنى أن يكون المرء مُقدَّسًا. سوف نرى كيف يتصرَّف الشخص المُقدَّس في الحياة اليوميَّة.
شواهد كتابيَّة للقراءة والمناقشة:
قبل أن نستَكمِل هذا الدرس، اِقرأ كلًّا من الشواهد الكتابيَّة التالية بعناية وناقِش الأسئلة. سوف يُقدِّم هذا بعض المواضيع التي سوف نَدرِسها في هذه الدروس.[1]
◄ اِقرأ لاويين 19: 2. بحسب هذه الفقرة، لماذا تَوَجَّب على إسرائيل أن تكون أُمَّة مُقدَّسة؟
◄ اِقرأ 1 بطرس 1: 15-16. ما نوع السلوك الذي ينبغي أن يَسلُك به المؤمنون؟
◄ اِقرأ عبرانيين 12: 14. بحسب هذه الفقرة، ما هما السِمَتان اللتان ينبغي على المسيحيِّين السعي إليهما إن أرادوا أن يروا الرب؟
◄ اِقرأ 1 تسالونيكي 4: 3-8. ما هي الخطايا التي يدعو الله كل مؤمن للامتناع عنها؟ إلام دعا الله شعبه؟
◄ اِقرأ رؤيا 20: 6. ما هي السمة الروحيَّة المُشتَركة لدى من سيشتركون في القيامة الأولى؟
[1]قام بجمع هذه الأسئلة القس تيموثي كيب (Timothy Keep).
جمال القداسة
◄ عندما تسمع أن شخصًا ما يوصَف بـ "القداسة"، ما هي الصورة التي تَرِد إلى ذهنك؟ هل هي إيجابيَّة أم سلبيَّة؟ ولماذا؟
زار أحد المُبشِّرين ذات مرَّة زعيمًا إفريقيًّا عجوزًا. سأل الزعيم: "ما هو الشخص المسيحي؟" أجاب المُبَشِّر: "المسيحي لا يسرق ماشية عدوه، المسيحي لا يهرب مع زوجة عدوه، المسيحي لا يقتل عدوه".
قال الزعيم: "أنا أفهم هذا. أن تكون مسيحيًّا يعني أن تكون كبير السن! عندما كنت صغيرًا، هاجمت عدوِّي وسَرَقت زوجته وماشيته، الآن أنا أكبر من أن أُهاجِم عدوِّي، أنا مسيحي!"
للأسف، هذا ما يفكِّر فيه كثيرون من جهة رسالة حياة القداسة، إذ يعتقدون أن القداسة ليست أكثر من مجرَّد قائمة من الخطايا التي يجب تَجنُّبها، وهكذا يفوتهم جمال القداسة كما تُعَلِّمنا إيَّاها كلمة الله.
أفكار كاذبة عن القداسة
الله إله قدُّوس، وشعب الله ينبغي أن يكونوا مُقدَّسين. هذه رسالة مركزيَّة في الكتاب المُقدَّس، ولكن هناك الكثير من المعتقدات الزائفة بخصوص القداسة.
(1) يعتقد بعض الناس أن قِلَّة من الناس فقط يمكنهم أن يكونوا مُقدَّسين.إذ يقسِّمون المسيحيِّين إلى مجموعتين، المجموعة الأولى مسيحيَّة في معتقداتها، وقد قبلوا المسيح مخلِّصًا لهم، لكنهم لا يطيعون الله بأمانة في أفعالهم ومواقفهم. أمَّا المجموعة الثانية فتتكوَّن من المسيحيِّين الذين وصلوا إلى مستوى أعلى-كهنة أو قساوسة أو قدِّيسين. وفقًا لهذه الفكرة، هناك عدد قليل فقط من المسيحيِّين المُقدَّسين.
(2) يعتقد بعض الناس أننا نُصبِح قدِّيسين من خلال العيش بعيدًا عن الآخرين.قبل سنوات كثيرة، ذهب بعض "القدِّيسين" إلى الصحراء ليعيشوا هناك. قضى رجل واحد سبعة وثلاثين عامًّا على منصَّة عالية فوق الأرض. كان يعتقد أننا نصبح قدِّيسين بتجنُّب الآخرين.
(3) يعتقد بعض الناس أننا نُصبِح مُقدَّسين فقط عندما نموت.إنهم يعتقدون أننا لن نحقِّق هدف الله في هذه الحياة، لكننا سنصبح قدِّيسين عندما نموت. بهذا الاعتقاد، الموت ليس عدونا بل صديقنا؛ ففي الموت، نحقِّق أخيرًا قصد الله لشعبه.
(4) يعتقد بعض الناس أننا نصبح قدِّيسين باتِّباع القواعد.إنهم يؤمنون بأننا نصبح قدِّيسين من خلال ارتداء ملابس ذات نَمَط معيَّن أو باتِّباع قائمة "افعل ولا تفعل". إنهم يعتقدون أن القداسة تَتعلَّق بالمظهر الخارجي وليس بالقلب الذي تغَيَّر.
(5) يعتقد بعض الناس أن الدليل على أن الإنسان مُقدَّس هو موهبة الألسنة أو معجزات خاصة.إنهم يقيسون القداسة ليس بالحياة المُقدَّسة، بل بالآيات والعجائب.
(6) أخيرًا، يعتقد كثيرون أن القداسة مستحيلة!إنهم يؤمنون بأن القداسة هي شيء مثالي أعطاه لهم الله لتحدِّينا لنبذل قصارى جهدنا، لكنه ليس شيئًا واقعيًّا في هذا العالم. وفقًا لهذا المعتقد، لا يمكن لأحد أن يحقِّق وصيَّة الله بأن "يكون مُقدَّسًا".
ولكن وصيَّة الله بأن "نكون قدِّيسين" هي وصيَّة يريدنا أن نطيعها. الله أب صالح، وهو لا يأمرنا أبدًا بعمل شيء مستحيل بنعمته. أن نكون قدِّيسين يعني أن نكون ما خلقنا الله لنكونه. بقوَّتنا، القلب المُقدَّس شيء مستحيل، لكن بقوَّة الله، القلب المُقدَّس أمر ممكن لكل مؤمن؛ تأتي القداسة من نعمة الله، وليس من جهودنا.
◄ أي من هذه الأفكار الخاطئة عن القداسة هي الأكثر شيوعًا في المنطقة التي تخدم فيها؟ هل يُنظَر إلى القداسة على أنها شيء جميل بين المسيحيِّين في مجتمعك؟
صورة القداسة في الكتاب المُقدَّس
على عكس الأفكار السلبيَّة المذكورة أعلاه عن القداسة، يُظهِر الكتاب المُقدَّس القداسة كشيء ممكن وجميل بالنسبة لأبناء الله. فَكِّر في الأشياء التي وصفها الكتاب المُقدَّس بأنها مُقدَّسة، لا شيء منها قبيح أو مثير للاشمئزاز، إنها جميلة وجذَّابة.
طبيعة الله المُقدَّسة جميلة ورائعة.
الأشياء المُقدَّسة في الهيكل كانت أشياء جميلة.
دُعيَ شعب إسرائيل ليكون أُمَّة مُقدَّسة تَجتذِب شعوبًا أُخرى إلى الله. لقد جذبت قداسته الناس، ولم تُبعِدهم.[1]
الكنيسة مدعوَّة لتكون شعبًا مُقدَّسًا، وعليها أن تكون عروسًا جميلة مُعَدَّة لعريسها.
كل صورة من هذه الصور جذَّابة. يُظهِر الكتاب المُقدَّس أن القداسة الحقيقيَّة ليست مؤذية ومخيفة، وإنما هي عطيَّة محبَّة من أبينا السماوي. إذا رأينا القداسة على حقيقتها، سوف نشتاق إلى أن يكون لدينا قلب مُقدَّس وحياة مُقدَّسة. إذا كنَّا نعظ بالقداسة كما يُعلِّمها الكتاب المُقدَّس، سوف يشتاق شعبنا إلى أن يحصل على قلب مُقدَّس وحياة مُقدَّسة، فالقداسة عطيَّة جميلة من أبٍ مُحِب.
[1]قد تقول: ولكن ماذا عن الفريسيِّين؟ لقد كانوا يُعتَبَرون أشخاصًا "مُقدَّسين"، ولكنَّهم جعلوا الناس ينفرون منهم. سوف نرى في هذه الدروس أن "قداسة" الفريسيِّين لم تكن قداسة حقيقيَّة، كان برهم مظهرًا خارجيًّا، وليس قداسة حقيقيَّة.
يُرى جمال القداسة في خليقة الله الأصليَّة
لقد خلق الله عالمًا مثاليًّا
اِبدأ من عدن، الجنَّة الجميلة. فَكِّر في أشهى فاكهة تذوَّقتها على الإطلاق، ثمر عدن كان أشهى. فَكِّر في أجمل زهرة رأيتها على الإطلاق، الزهور في عدن كانت أجمل. لقد خلق الله عالمًا كاملًا، عالمًا خاليًا من آثار الخطيَّة، لقد خلق عالمًا بلا ألم أو دموع أو موت.
والأهم من ذلك، خلق الله عالمًا من الصداقة الحميمة بين الله والإنسان؛ لا شيء كان يفصل الإنسان عن خالقه، كان الله يزور آدم وحوَّاء كل يوم، لم يتمتَّع أي مخلوق آخر بهذا الامتياز، فقد خَلق الله الإنسان لعلاقة خاصة به. في جنَّة عدن، كان هناك سلام كامل بين الله والإنسان.
أفسد إبليس عالم الله الكامل
أراد إبليس تدمير هذا العالم الكامل، فقد كَرِه إبليس كل ما خلقه الله، وفوق كل شيء، كَرهِ إبليس الصداقة الوثيقة بين الله والإنسان، كان مُصمِّمًا على تدمير علاقة الحب والثقة هذه.
لم يكن بمقدور إبليس تدمير الإنسان بشكل مباشر، لذلك قرَّر تدمير العلاقة بين الله والإنسان. عرف إبليس أن الله قدُّوس وأن الله خلق الإنسان على صورته. أراد إبليس تدمير صورة الله المُقدَّسة في الإنسان. العلاقة بين الله القدُّوس والإنسان المُقدَّس كانت لتصبح غير مُنقَطِعة، لكن إبليس تمكَّن من تدمير هذه العلاقة من خلال إغراء الإنسان حتى يقع في الخطيَّة.
جاء إبليس إلى حوَّاء على شكل حيَّة. شكَّكَت الحيَّة في وصيَّة الله إذ سألت: "أحَقًّا قَالَ اللهُ لا تَأكُلا مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟" أراد إبليس أن يجعل حوَّاء تشُك في صلاح الله. أجابت حوَّاء: "مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأكُلُوَأمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لا تَأكُلا مِنْهُ وَلا تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا".[1]
اتَّهمت الحيَّة الله بأنه يبعد الخير عن آدم وحوَّاء، إذ قالت: "لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ انَّهُ يَوْمَ تَأكُلانِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ". لقد أغرت الحيَّة حوَّاء بالكبرياء: "وَتَكُونَانِ كَاللهِ".
أَكلت حوَّاء من الثمرة، وأعطت آدم فأكل، وعلم آدم وحوَّاء أنهما انتهكا شريعة الله. وعندما جاء الله إلى الجنَّة، خجلا واختبآ منه، إذ انكسرت الصداقة الوثيقة بين الله والإنسان.
لكن الله لم يتخلَّ عن خليقته
بسبب خطيتهما، طرد الله آدم وحواء من جنَّة عدن؛ كسرت الخطيَّة العلاقة بين الله والإنسان، كما أفسدت صورة الله في الإنسان. ولكن بسبب محبته، لم يترك الله الإنسان في هذه الحالة الرهيبة. كان بإمكان الله أن يقول: "آدم، أنت سبب هذه الفوضى، إنَّها مشكلتك! ليس لي دخل بهذا، أنا راحل". ولكن، بدلًا من ذلك، أصبح الإله المُحِب جزءًا من عالمنا وقدَّم علاجًا لخطايانا.
تَضمَّن هذا العلاج الطريق إلى الغفران. وَفَّر الله طريقة لاستعادة العلاقة بين الله القدُّوس والإنسان الساقط. لقد وعظت الكنيسة دائمًا: "يستطيع الخطاة أن يتصالحوا مع الله"، فمن خلال الصليب يمكن أن تُغفَر خطايانا.
هذه أخبار رائعة! لكن في بعض الأحيان تنسى الكنيسة الجزء الآخر من علاج الله. لم يشمل علاج الله للخطيَّة الطريق إلى الغفران فحسب، بل شمل أيضًا طريقًا إلى الإصلاح؛ لقد دَبَّر الله سبيلًا لاستعادة صورته في الإنسان.
لم يكتفِ الله بأن يقول: "يمكنك التحرُّر من عقوبة الخطيَّة، لكنَّك لن تتحرَّر من قوَّة الخطيَّة أبدًا"، كلَّا! لقد دَبَّر الله الطريق الذي يمكن من خلاله جعل الإنسان مُقدَّسًا، لقد سار الله في الجنَّة مع شعب مُقدَّس، فهو لا يقدر أن يسير مع شعب خاطئ. الله يريد إقامة علاقة مع شعبه، لذلك وَفَّر لنا طريقة تجعلنا قدِّيسين.
في جميع أجزاء الكتاب المُقدَّس، نرى الله يعمل على تكوين شعب مُقدَّس، يمكن أن تكون له علاقة معه. الله لا يقول: "أَعلَم أنَّك خاطئ، لكني سأُغمِض عيني عن خطيئتك وأتظاهر بأنك بار"، وإنما يَعِد الله بأن يجعل شعبه مُقدَّسًا.
بسبب السقوط، لم يَعُد الإنسان مُقدَّسًا، لقد نسينا سريعًا طبيعة الله القدُّوس، لقد خلقنا الله "على صورته"، لكننا خلقنا نحن آلهة على صورتنا –آلهة غيورة، تكره الآخرين، ومتكَبِّرة.
حكى البابليَّون قصَّة مردوخ الذي أصبح الإله الرئيسي بقتله أمه. كما حكى اليونانيُّون قصَّة زيوس الذي كانت له عشيقات كثيرات. وحكى الرومان قصَّة باخوس، إله السُكر والشهوانيَّة.
لم تكن هذه الآلهة مُقدَّسة، والناس الذين عبدوا هذه الآلهة كانوا مثل آلهته، فقد كان الناس يكذبون ويسرقون ويغشُّون، تمامًا كما كانت آلهتهم تكذب وتسرق وتغش. لقد خلق الإنسان الخاطئ آلهة خاطئة، وبدورها، سمحت الآلهة للإنسان أن يستمر في الخطيَّة؛ لقد أصبحنا مثل الآلهة التي نعبدها.
لكن يهوه ليس مثل هذه الآلهة المزيَّفة، الله قدُّوس. يشهد الكتاب المُقدَّس مرارًا وتكرارًا عن قداسة الله. بعد عبور البحر الأحمر، سبَّح شعب إسرائيل إلههم القدُّوس، فرنموا قائلين: "مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ مُعْتَزًّا فِي الْقَدَاسَةِ ..."[1]، كما رنَّم كاتب المزامير: "وَأَنْتَ الْقُدُّوسُ الْجَالِسُ بَيْنَ تَسْبِيحَاتِ إِسْرَائِيلَ".[2]لقد سبَّحَت إسرائيل الله على قداسته، كما دعا كاتب المزامير الله "قدُّوس إسرائيل".[3]
وشهد الأنبياء عن قداسة الله -مثل المُرَنِّم- وأطلقوا على الله اسم "قدُّوس إسرائيل".[4]دعا إشعياء الله "قدُّوس إسرائيل" ست وعشرين مرة. لقد أكرم إشعياء "الْعَلِيُّ الْمُرْتَفِعُ، ساكن الأَبد، الْقُدُّوسُ اسْمُهُ".[5]تُمثِّل القداسة جزءًا كبيرًا للغاية من شخصيَّة الله لدرجة أنه أن يقسم الله "بقداسته" كان يعني أنه يقسم "بذاته".[6]شَهد حبقوق قائلًا: "عَيْنَاكَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ".[7]لقد عرف الأنبياء أن الله قدُّوس.
في السماء، تحتفل عبادة الله بأنه قدُّوس، فقد تَرنَّم السيرافيم قائلين: "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ"،[8]كما رأى يوحنا الرائي أربعة مخلوقات تُسبِّح الله، وقد رنَّموا قائلين: "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي".[9]الله إله قدُّوس.
لقد خلق الله القدُّوس الجنس البشري ليكونوا في علاقة معه، ولكن خطيَّتنا فصلتنا عن الله. كان الله مصمِّمًا على استرداد العلاقة مع شعبه. وإذ إن الشعب المُقدَّس وحده هو الذي يقدر أن يحيا في محضر الإله القدُّوس، دبَّر الله طريقة ليجعلنا مُقدَّسين، لقد عَلَّم الله معنى القداسة لشعب لم يكن مُقدَّسًا. وهناك جزآن في هذه العمليَّة:
(1) علَّم الله الإنسان طبيعة الإله القدُّوس. كان مردوخ وزيوس وباخوس أقوياء ولكنهم كانوا فاسقين، أما الله فأعلن عن ذاته بصفته إلهًا قويًّا وقدُّوسًا.
(2) علَّم الله الإنسان طبيعة الشعب المُقدَّس، فقال: "تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلهُكُمْ".[1]بما أن الله قدُّوس، ينبغي أن يكون شعبه مُقدَّسًا.
بشَّر إشعياء لأُمَّة خاطئة، دمَّرت الخطيَّة جمال شعب الله، لقد سقطت إسرائيل من مستواها كشعب الله المختار إلى حالة مخزية، إذ أصبحوا شعبًا مهزومًا مسبيًّا، لم تعُد أُمَّة جميلة؛ لقد أصبحت أُمَّة تعيش في العار. ولكن سبق إشعياء فرأى اليوم الذي فيه إسرائيل "يَخْرُج بِرُّهَا كَضِيَاءٍ". في ذلك اليوم، تكون إسرائيل "إِكْلِيلَ جَمَال بِيَدِ الرَّبِّ".[2]
غالبًا ما يرسم من يسيئون فهم رسالة القداسة في الكتاب المُقدَّس صورتها بأوصاف تَتضمَّن التَزمُّت والقواعد المُتصلِّبة والوجوه العابسة. ليست هذه هي النظرة الكتابيَّة عن القداسة، وإنما أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تُظهر جمال قداسة الله. أن تكون مُقدَّسًا، فهذا يعطي حريَّة مُفرحة تقدر أن تعيش بها في علاقة حميمة مع إله قدُّوس. في الكتاب المُقدَّس، القداسة ليست تعبيرًا عن الكآبة مطلقًا؛ إنها تعبير عن الفرح والجمال!
في الكتاب المُقدَّس، يعلن الله عن طبيعته المُقدَّسة، ثم يعلِّم شعبه كيف يعيشون حياة مُقدَّسة، والأهم هو أن الله يعلن أنه سيعطي شعبه القوَّة ليكونوا ما دعاهم ليكونوه. بنعمته، يستطيع الله أن يصنع شعبًا مُقدَّسًا. الله لا يتجاهل الخطيَّة في أولاده، وإنما يجعلنا مُقدَّسين. الله القدُّوس يرغب في إقامة علاقة مع شعب مُقدَّس.
بواسطة كلمته، علَّم الله شعبه معنى أن يكونوا مُقدَّسين. عندما بدأ الله يعلِّم شعبه، لم يعرفوا شيئًا عن القداسة، لم يسبق أن رأوا إلهًا قدُّوسًا أو شعبًا مُقدَّسًا. فعلَّمهم الله معنى القداسة بصورة تُشبه إلى حدٍّ كبير الطريقة التي نعلِّم بها الطفل الصغير إحدى اللغات.
عندما نُعلِّم طفلًا صغيرًا، نشير إلى الكرسي ونقول: "كرسي"، ونشير إلى السيَّارة ونقول: "سيَّارة". خطوة بخطوة، يتعلَّم الطفل معنى الكلمات، يتعلَّم الطفل معنى كلمة "الحب" عندما يختبر محبَّة أمه ويتعلَّم الطفل معنى كلمة "العدل" عندما يعاقبه الأب عقابًا عادلًا لعدم طاعته.
علَّم الله معنى القداسة بنفس الطريقة. كشعب ساقط، لم نكن نعرف معنى أن يكون المرء مُقدَّسًا. بالتدريج أعلن الله معنى القداسة لشعبه من خلال صوَر كلاميَّة توضِّح معنى أن يكون المرء مقدَّسًا. وإذ نتتبَّع معنى كلمة القداسة عبر الكتاب المُقدَّس، نرى الآتي:
(1) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تحافظ على علاقة وثيقة مع الله.كان الرجال القدِّيسين في سفر التكوين (رجال مثل أخنوخ وإبراهيم) رجالًا تمتَّعوا بعلاقة وثيقة مع الله، فقد "ساروا مع الله" بإظهار حياة الرجال القدِّيسين. أعلن الله أن الشخص المُقدَّس هو شخص له علاقة وثيقة مع الله.
(2) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعكس صورة الله.القداسة ليست سِمة طبيعيَّة في الإنسان، القداسة هي سِمة لله وحده. لقد دعا الله إسرائيل قائلًا: "تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لِأَنِّي قُدُّوسٌ ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ".[1]أن نكون مُقدَّسين يعني أن نعكس صورة الله في حياتنا، أن نكون مُقدَّسين يعني أن نكون مثل الله.
(3) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون منفصلًا لله.أشارت أول مرَّة تُستخدم فيها كلمة "مُقدَّس" في الكتاب المُقدَّس إلى يوم تم تخصيصه لأغراض الله الخاصة. كان يوم السبت مُقدَّسًا، لقد كان منفصلًا، أو تم تجنيبه وتخصيصه عن باقي الأيام الستة الأخرى. مثل الطفل الذي يتعلَّم معنى كلمة "كرسي" أشار الله إلى اليوم السابع وقال: "إنه مُقدَّس".
(4) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن يكون لديك قلب غير مُنقسِم.في الأسفار التاريخيَّة، استخدم الله كلمة "كامل" لوصف الأشخاص الذين كان لديهم "قلب غير منقسِم". أن نكون قدِّيسين يعني أن يكون لنا فكر ثابت في التزامنا تجاه الله. القلب المُقدَّس يحب الله بلا انقسام.
(5) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعيش حياة بارة.لقد بشَّر الأنبياء أشخاصًا يفكِّرون في أنفسهم قائلين: "إننا نعبد في الهيكل ونقدِّم الذبائح؛ نحن مُقدَّسون". أعلن الأنبياء أنه لا يكفي اتِّباع الطقوس؛ أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعيش باستقامة من نحو الله والآخرين. بما أنك شعب مُقدَّس عليك أن "تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ".[2]
(6) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون لديك محبَّة كاملة لله وللقريب.تُعلن الأناجيل إعلان الله الكامل عن القداسة في حياة يسوع المسيح. كان ليسوع قلب مُقدَّس يخضع بالكامل لإرادة الآب، كان لدى يسوع يدين مُقدَّستين تصرَّفتا بمحبَّة كاملة تجاه الآخرين، أظهر يسوع أن كونك مُقدَّسًا يعني أن تحب الله وأن تحب القريب كنفسك.
(7) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعيش في ملء الروح القدس.نرى في سفر أعمال الرسل نموذجًا لحياة المسيحيِّين الذين امتلأوا بروح الله، وبقوَّة الروح القدس عاشوا حياة مُقدَّسة. نحن قدِّيسون فقط لأننا نعيش في ملء الروح القدس.
[3](8) أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون مشابهًا للمسيح.كان يسوع النموذج المثالي للقلب المُقدَّس واليدين المُقدَّستين. تُبيِّن الرسائل أنه من الممكن بالنسبة للمسيحيِّين العاديِّين أن يتبعوا مثال حياة يسوع المسيح. تُوفِّر الرسائل إرشادات عمليَّة لنعيش حياة مُقدَّسة بصفة يوميَّة. تعلِّمنا هذه الرسائل كيف نعيش كشعب يشبه المسيح.
(9) القداسة تُهيِّئنا لرؤية الله.في عدن، أعدَّ الله جنَّة يمكن أن نعيش فيها كشعب مُقدَّس في علاقة كاملة مع أبينا. بسبب الخطيِّة طُردنا من الجنَّة. لكن الله لم يتخلَّ عن خطَّته. فنرى في سفر الرؤيا أن شعب الله سيرى وجهه يومًا ما، لا يمكن لأي شخص خاطئ أن ينظر إليه، لكن الله يَعِدّ شعبًا مُقدَّسًا يقضي الأبديَّة في محضره، هذا هو قصد الله لشعبه.
[3]ينبغي أن نكون مُقدَّسين، لأن هذا الغرض يُعَد أحد الأغراض الضخمة التي جاء من أجلها المسيح إلى العالم.أن نتكلَّم عن أشخاص خلصوا من ذنب الخطيَّة دون أن يخلصوا من هيمنتها على قلوبهم، فهذه مناقَضة لشهادة كل الأسفار المُقدَّسة.يسوع المسيح هو المخلِّص الكامل، وهو لا يأخذ فقط ذنب الخطيَّة؛ إنه يحطِّم قوَّتها". -إعادة صياغة مقتبَسة من الأسقف جي. سي. رايل
الخلاصة: إن الله القدُّوس يدعو شعبه ليكونوا مُقدَّسين
كان الدكتور جون ستوت (John Stott) أحد أعظم الإنجيليِّين في القرن العشرين. في واحدة من عظاته الأخيرة، تحدَّث الدكتور ستوت عن قصد الله لشعبه.[1]لقد خلصنا بالنعمة بالإيمان، لقد أتى بنا من الموت إلى الحياة، لماذا؟ لقد كان قصد الله من خلاصنا هو أن يجعلنا نشبه المسيح. قال الدكتور ستوت: "التشبُّه بالمسيح هو إرادة الله لشعب الله".
تُظهِر ثلاثة نصوص من العهد الجديد كيف أن نموَّنا في التشبُّه بالمسيح على الأرض يهيِّئنا للعيش مع الله. تُظهِر هذه النصوص أهميَّة القداسة في حياة المؤمن.
تتطلَّع رومية 8: 29 إلى الماضي وتعلن قصد الله الأزلي لأولاده:
[2]إن قصد الله الأزلي هو أن "نتوافق مع صورة ابنه". فمنذ البداية، كان هدف الله أن يجعلنا مشابهين للمسيح. تَعِد رسالة رومية 8: 28 بأن "كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ"، وهذا الوعد هو خصِّيصًا للذين "هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ". ما هو قصده؟ إن قصد الله المحدَّد مُسبقًا هو أن يخلق أولاده على صورة ابنه، لقد خلَّصنا الله ليجعلنا قدِّيسين.
ذكَّر بولس مؤمني كولوسي بالتغيير الرائع الذي أحدثه الله في حياتهم: "وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ". بموت المسيح، "تصالح" الذين كانوا "أعداءً" لله معه الآن. ثم ذكَّر بولس هؤلاء المؤمنين بقصد الله في مصالحتهم لنفسه: "لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ".[3]
لا يقول بولس ببساطة "لقد صولحتم مع الله بحيث يمكنكم أن تقضوا الأبدية في السماء". هذه أخبار رائعة! لكنها ليست الأخبار السارَّة الكاملة. يقول بولس: "لقد صُولحتم مع الله لتكونوا قدِّيسين". إذًا، هدف الله هو أن يجعل أولاده قدِّيسين وبلا لوم.
[4]تتطلَّع 2 كورنثوس 3: 18 إلى الحاضر وتعلن كيف يتم إنجاز هذا القصد في حياة المؤمن اليوم:
بقوَّة الروح القدس، نتغيَّر "مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ"، يتحقَّق قصد الله في تغيير أولاده بقوَّة الروح القدس. يومًا تلو الآخر، يجعلنا الله نُشبه المسيح أكثر فأكثر.
تتطلَّع 1 يوحنا 3: 2 إلى المستقبل وتعلن التتميم النهائي لقصد الله:
ينظر سفر الرؤيا إلى يوم نرى فيه الله وجهًا لوجه، في ذلك اليوم سنكون مثله، سوف يتحقَّق قصد الله بالكامل وإلى الأبد. واختتم جون ستوت قائلاً: "سنكون مع المسيح، ومثل المسيح، إلى الأبد".
كمسيحيِّين، يعدّنا سعينا وراء حياة القداسة لليوم الذي نرى فيه الله ويتحقَّق هدفه في حياتنا. يجب أن يجعلنا هذا جادِّين في النمو في القداسة، كل يوم نتغيَّر أكثر فأكثر إلى صورته.
القداسة ليست فكرة بشريَّة، القداسة هي شخصيَّة الله. يعتمد فهمنا للقداسة على شخصيَّة الله المُعلنة في الكتاب المُقدَّس، وإذ نسعى لنكون مثله أكثر فأكثر، نتعاون مع قصد الله الأزلي. القداسة هي قصد الله الأزلي لكل مؤمن. وبصفتنا أبناء الله، يجب أن يكون لدينا شغف لرؤية هذا الهدف يتحقَّق في قلوبنا وحياتنا.
[1]John Stott Address at Keswick. (June 20, 2014). Retrieved from https://www.leightonfordministries. org/2014/06/20/john-stott-address-at-keswick/ December 20, 2019.
[2]"ليس لدى الله سوى غاية واحدة مقرَّرة للجنس البشري؛ القداسة. هدفه الواحد هو إنتاج القدِّيسين. لقد جاء ليخلِّص الناس لأنه خلقهم ليكونوا قدِّيسين". -أوزوالد تشامبرز
[4]صلاة لأجل القداسة "أكمِل إذًا خليقتك الجديدة، دعنا نكون أنقياء وبلا عيب، دعنا نرى خلاصك العظيمالذي استرددناه بالكامل فيك،فنتغيَّر من مجد إلى مجد،حتى نأخذ مكاننا في السماء،فنرنِّم ونطرح أكاليلنا أمامك،منذهلين من العجب والحب والتسبيح". -تشارلز ويسلي
لقد وجد السرَّ – صموئيل كابو موريس
في عام 1873، وُلد صموئيل موريس (Samuel Kaboo Morris)[1]في ليبيريا بغرب إفريقيا تحت اسم الأمير كابو، وهو ابن زعيم أحد القبائل. عندما هُزم والده في المعركة، احتُجز كابو للمطالبة بفدية. في أحد الأيام، رأى كابو ضوءًا ساطعًا وسمع صوتًا من السماء يأمره بالركض، سقطت الحبال التي كانت تقيِّده على الأرض، وركض كابو إلى قلب الغابة.
سار في الغابة لعدَّة أيام حتى وصل إلى مدينة مونروفيا. وفي المدينة، دعا صبي صغير كابو إلى الكنيسة. عندما زار كابو الكنيسة، كانت إحدى المرسلات تروي قصة اهتداء بولس، وعندما تحدَّثت عن الضوء الساطع والصوت الذي جاء من السماء، أدرك كابو أن هذا هو الصوت الذي سمعه في الغابة! وسرعان ما قَبِل المسيح مخلِّصًا له واعتمد.
خلال العامين التاليين، قام صموئيل موريس بأعمال النقاشة في المنازل لإعالة نفسه في أثناء دراسته للكتاب المُقدَّس. كان مهتمًّا بشكل خاص بمعرفة الروح القدس والحياة بقوَّة الروح. بعد أن أخبرته المرسلة بأنها علَّمته كل ما تعرفه، سألها موريس: "ومَن هو مُعلِّمك؟" أخبرته عن واعظ يعظ عن القداسة في أمريكا اسمه ستيفن ميريت (Stephen Merritt). ودون مال ولا وسيلة نقل، سار موريس إلى أقرب ميناء بحري ليجد سفينة مُتَّجهة إلى أمريكا. لقد كان مصمِّمًا على تعلُّم المزيد عن العيش بالروح.
نام على الشاطئ في انتظار أي سفينة تأتي. وعندما رَسَت واحدة، طلب موريس من القبطان أن يأخذه إلى أمريكا. رفض القبطان، ولكن بعد وقت قصير، هرب اثنان من أفراد طاقمه، فأخبر القبطان موريس أنه يمكنه العمل مقابل توصيله إلى نيويورك. خلال الرحلة، تعرَّض لسوء المعاملة من قِبَل الطاقم وتم تكليفه بأخطر المهام على متن السفينة. ومع ذلك، أظهر صموئيل محبَّة المسيح لرِفاقه في السفينة حتى اهتدى القبطان ومعظم أفراد الطاقم إلى المسيح مع وصول السفينة إلى نيويورك.
عندما وصل موريس إلى نيويورك، وجد إرساليَّة ستيفن ميريت وأخبره برغبته في تعلُّم المزيد عن الروح القدس. كان على السيِّد ميريت أن يذهب إلى اجتماع لكنه ترك موريس في مقر الإرساليَّة إلى المساء. عندما عاد، وجد صموئيل يقود اجتماعًا للصلاة. في أول ليلة له في أمريكا، قاد صموئيل موريس ما يقرُب من عشرين شخصًا إلى المسيح.
ساعد ستيفن ميريت صموئيل موريس على الالتحاق بجامعة تايلور حتى يتمكَّن من الاستعداد للتبشير في ليبيريا. وصل موريس إلى الحرم الجامعي في ولاية إنديانا دون نقود، ولكن بإيمان كامل بتدبير الله، قال للرئيس: "من فضلك أعطِني غرفة لا يريدها أحد". في وقت متأخِّر من الليل، كان زملاؤه يسمعونه "يتحدَّث الآب". أثَّرت ثقته المطلقة بالله على الحرم الجامعي وكذلك الكنائس المحيطة.
على الرغم من أن موريس خطَّط للعودة إلى ليبيريا، فكانت لدى الله خطَّة مختلفة. في غضون عامين من وصوله إلى جامعة تايلور، تُوفِّي صموئيل موريس بسبب الالتهاب الرئوي. كان يبلغ من العمر عشرين عامًا فقط، لكنه كان في سلام مع خطَّة الله. قال صموئيل لرئيس الجامعة: "هذا ليس عملي، هذا عمله هو، لقد أنهيت عملي. سيرسل آخرين أفضل منِّي للقيام بالعمل في إفريقيا".
أثَّرت حياة موريس على كثيرين لدرجة أن مئات الأشخاص اصطفُّوا في الشوارع لحضور موكب الجنازة. ذهب العديد من زملائه الطلَّاب إلى إفريقيا كمبشِّرين، وخدموا "تخليدًا لذكرى الأمير كابو". قال رئيس جامعة تايلور: "لقد كان صموئيل موريس مُرسَل من الله إلى جامعة تايلور. كان يظن أنه قادم إلى هنا ليَعد نفسه لإرساليته، ولكن بدلًا من ذلك، أرسله الله ليعد جامعة تايلور لإرساليَّتها إلى العالم أجمع. وكل الذين قابلوه تأثَّروا بإيمانه السامي والبسيط بالله".
اليوم، تقول لوحة تذكاريَّة عند قبر صموئيل موريس في فورت واين بولاية إنديانا:
صموئيل موريس 1873-1893؛ الأمير كابو؛ مواطن من غرب إفريقيا؛ المسيحي الصوفي الشهير؛ رسول الإيمان البسيط؛ نصير الحياة المليئة بالروح.
تُظهِر حياة صموئيل موريس القصيرة أن كل مؤمن يمكنه أن يعيش بقوَّة الروح القدس، إن القلب المُقدَّس وحياة القداسة هما قصد الله لكل مؤمن.
(1) يظهر جمال القداسة في خليقة الله الأصليَّة. خلق الله عالمًا كاملًا بلا خطيَّة.
(2) يظهر جمال القداسة في طبيعة الله. الله إله قدُّوس.
(3) يظهر جمال القداسة في خطَّة الله لشعبه. على الرغم من أن الخطيَّة قد أفسدت طبيعة الإنسان، فإن الله لم يتخل عن خطَّته في خلق شعب مُقدَّس. لاستعادة العلاقة بين الله القدُّوس والبشريَّة الساقطة، علَّم الله:
كيف يبدو الإله القدُّوس
كيف يبدو الشخص المُقدَّس
(4) هناك العديد من الأفكار الخاطئة عن القداسة، وتشمل:
قِلَّة قليلة من الناس يمكنهم أن يكونوا مُقدَّسين.
نصبح قدِّيسين بالعيش بمعزل عن الآخرين.
نصبح قدِّيسين فقط عندما نموت.
نصبح قدِّيسين باتِّباع قواعد معيَّنة.
يظهر الدليل على أن هذا الإنسان مُقدَّس في موهبة خاصة مثل الألسنة أو المعجزات.
القداسة مستحيلة.
(5) حقيقة القداسة بسيطة. هذا هو معنى أن تكون مُقدَّسًا:
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تحافظ على علاقة وثيقة مع الله.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعكس صورة الله.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون مخصَّصًا لله.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن يكون لديك قلب غير مُنقسِم.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعيش حياة صالحة.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون لديك محبَّة كاملة لله وللقريب.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تعيش في ملء الروح القدس.
أن تكون مُقدَّسًا يعني أن تكون مشابهًا للمسيح.
القداسة تُهيِّئنا لرؤية الله.
(6) تُبيِّن ثلاثة نصوص من العهد الجديد أهميَّة القداسة في حياة المؤمن.
تُظهِر رسالة رومية 8: 29 قصد الله الأزلي في تكويننا على صورة ابنه.
تُظهِر 2 كورنثوس 3: 18 أن قصد الله يتحقَّق بينما نتغيَّر يوميًّا إلى صورة المسيح.
تُظهر رسالة 1 يوحنا 3: 2 تحقيق قصد الله. عندما نرى الله سنكون مثله.
تكليفات خاصة بالدرس
(1) تخيَّل أن مسيحيًّا جديدًا قال لك: "قرأت في الكتاب المُقدَّس أن الله يدعونا لأن نكون قدِّيسين لأنه قدُّوس، يبدو ذلك مستحيلًا! ما معنى أن نكون مُقدَّسين؟" اكتب إجابة من صفحة واحدة لهذا المؤمن الجديد. في اجتماع الفصل التالي، يجب على كل طالب قراءة إجابته. امنح الوقت لمناقشة الإجابات بين الطلبة.
(2) ابدأ اجتماع المجموعة التالي باقتباس 1 بطرس 1: 14-16.
(3) تتضمَّن هذه الدورة مشروعًا نهائيًّا يحل موعده في اليوم الأخير من الدراسة. يجب أن تبدأ العمل في هذا المشروع من الآن. انظر إلى الجزء زائدة للحصول على تفاصيل عن هذا المشروع.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.