لم تعد إسرائيل أمة مُقدَّسة؛ لقد عبدتْ الأوثان، واضطهدت الفقراء، ودنَّست السبت. في دينونته، أرسل الله شعبه إلى السبي. حيثُ سمح للجيش البابلي باحتلال أورشليم وتدمير الهيكل. بما أن شعب الله لم يعودوا مُقدَّسين، لم يعد يقبل عبادتهم. وبما أن شعب الله لم يعودوا منفصلين عن الخطيَّة، لم يعد يقبل عبادتهم.
ولكن، كان لا يزال لدى الله هدف بالنسبة لشعبه. بعد عشر سنوات من تدمير الهيكل، أعطى الله رؤيا لحزقيال، وهو نبي يعيش في السبي بالقرب من بابل. رأى حزقيال خطة الله للمستقبل.
في رؤيا حزقيال، انتهى السبي، انتهت الدينونة؛ لقد عاد حضور الله وامتلأ الهيكل من مجد الله. لقد غسل الله شعبه بالماء وطهَّرهم من الإثم الخارجي. لقد أزال "قَلْبَ الْحَجَرِ" وأعطاهم "قلبًا جديدًا وروحًا جديدة". لقد أوفى بوعده: "وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا."[1]
رأى حزقيال هيكلًا يبارك كل الأمم، تدفَّقت المياه العذبة من هيكل تَمَّ ترميمه إلى البحر الميت، قدَّمت الأشجار الفاكهة للطعام والأوراق للشفاء، تمَّت استعادة جمال عدن.
وأمجد جزء في الرؤيا هو الجملة الأخيرة: "وَاسْمُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ: يَهْوَهْ شَمَّهْ [الرب هناك]" (حزقيال 48: 35). لقد تحقَّقَ قصد الله لشعبه: شعب مُقدَّس يعيش في محضر إله قدُّوس!
◄ ناقش الأدلة الخارجيَّة التي تَدلُّ على أن شخص ما مُقدَّس. ما هي الأعمال الخارجيَّة التي يجب أن نتوقعها من شخص قلبه مُقدَّس؟
وجَّهَ الأنبياء اتهامات الله إلى أُمَّة نقضت العهد. في الأسفار النبويَّة، كما في أسفار موسى الخمسة، تشير كلمة "مُقدَّس" إلى شيء يخُص الله ومُخصَّص له. كانت أورشليم والهيكل مُقدَّسين لأنهما يخصَّان الله.
الله قدُّوس
تحدَّث إشعياء عن "قدُّوس إسرائيل" إحدى وعشرين مرة. كما غنَّى السيرافيم: "قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ."[1]
الله هو الإله الذي "يَتَقَدَّس ... بِالْبِرِّ."[2]رأى حزقيال يومًا يُعلن فيه الله قداسته لجميع الأُمم. "فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ."[3]
تُظهِر أحكام الله طبيعته المُقدَّسة. حذَّر ميخا من أنه بسبب خطيَّة إسرائيل: "فَإِنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَانِهِ وَيَنْزِلُ وَيَمْشِي عَلَى شَوَامِخِ الأَرْضِ."[4]لقد أدان الله إسرائيل لأن الله القدُّوس لا يمكن أن يسمح للخطيَّة بأن تمُر دون عقاب.
يُظهِر فداء الله لإسرائيل أنه قدُّوس، فدى الله إسرائيل ليس لأنها تستحق النجاة، بل من أجل اسمه القدُّوس بين الأُمم.
هذا وعد رائع. وعد الله أن يُظهِر قداسته بفداء إسرائيل وإعادتها إلى أرضها. وعد الله أن يُظهِر قداسته في نفس الأشخاص الذين أرسلهم إلى السبي. القداسة مِلك لله.
لم تكن إسرائيل مُقدَّسة
بما أن القداسة هي لله، فإننا نصبح قدِّيسين فقط عندما نعيش في علاقة مع الإله قدُّوس. أعلنَ الأنبياء أن إسرائيل لم تَعُد مُقدَّسة لأنها عاشتْ وفقًا لرغباتها الخاطئة بدلاً من أن تعيش في علاقة مُطيعة ومحبة مع الله.
قال الله في سفر إشعياء أنه انفصل عن يهوذا بسبب خطيتها. رفض الله إسرائيل لأنها رفضتْ أن تعيش حياة صالحة.
أمر الله إرميا بدفن مئزر من الكتَّان. كان الكتَّان الأبيض رمزًا للنقاء. دفن إرميا المئزر حتى أتلف الطين والأوساخ القماش. وكان هذا يرمز إلى نجاسة يهوذا. اختار الله يهوذا ليكونوا شعبًا بارًا. ولكن بدلًا من ذلك، عاشَ شعب الله حياة خاطئة.[8]
في سفر حزقيال، أدان الله إسرائيل باعتبارها أُمَّة من المُتمردين العنيدين "قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَيَّ."[9]بدلاً من طاعة الله القدُّوس، عاشت إسرائيل مثل الأمم الوثنيَّة. "فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لَمْ تَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِهِ، وَلَمْ تَعْمَلُوا بِأَحْكَامِهِ، بَلْ عَمِلْتُمْ حَسَبَ أَحْكَامِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ."[10]لم تعد إسرائيل بارة.
أثناء السبي، اعترف دانيال بأن الشعب الذي تم اختياره لإكرام الله أمام الأُمم كانوا يستحقُّون "خِزْيُ الْوُجُوهِ."[11]لماذا؟
مِن مَسؤوليها السياسيين إلى قادتها الدينيين، أخطأتْ إسرائيل في حق ناموس الله. ماذا كانت المشكلة؟ لقد نسِيت إسرائيل أن القداسة أعمق بكثير من الطقوس الدينيَّة. استبدلت إسرائيل البر الحقيقي بطقوسٍ فارغة.
كان أحد أهداف الناموس هو تعليم إسرائيل أنها تنتمي إلى الله. ولكن يا للأسف، فسُرعان ما نسيت إسرائيل المعنى الحقيقي للشريعة. اتَّبَع الناس الطقوس الصحيحة، لكن قلوبهم لم تكن مُقدَّسة. هذه الأُمَّة التي خصَّصها الله لتعكس صورته أصبحت الآن نجسة. تُعلِّمنا الأسفار النبويَّة أن كونك مُقدَّسا يعني أن تكون بارًا من الداخل والخارج.
نُقِل حزقيال إلى بابل عام 597 قبل الميلاد. عندما بَلغ حزقيال الثلاثين من عمره، بدأ الله في التحدُّث إلى النبي من خلال سلسلة من الرؤى. رأى حزقيال شيوخ يهوذا يعبدون الأصنام في القدس.[1]أمر الله الملائكة بجلب الأحكام حتى امتلأت أروقة الهيكل بالجُثث. كما غادر مجد الله الهيكل.[2]كان الهيكل وطقوسه بلا معنى لأن الناس لم يكونوا مُقدَّسين.
حياة القداسة هي أمر يفوق الطقوس
زعُمَت إسرائيل أنها مُقدَّسة، لكنها كانت خاطئة ونجسة. اتَّبع الناس طقوس القداسة، لكنهم لم يعيشوا حياة بارة. "تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ."[3]اتَّبع الناس الطقوس الصحيحة، لكنهم عاشوا حياة شرِّيرة. وعظ الأنبياء بأن الطقوس لا معنى لها إذا عاش شعب إسرائيل حياة شرِّيرة. القداسة أمر يفوق الأعياد والذبائح.
قال إشعياء أن الله رفض ذبائح يهوذا لأنها لم تحيا باستقامة.
بينما كان واقفًا أمام الهيكل، أعلن إرميا: "لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى كَلاَمِ الْكَذِبِ قَائِلِينَ: هَيْكَلُ الرَّبِّ، هَيْكَلُ الرَّبِّ، هَيْكَلُ الرَّبِّ هُوَ!"[5]لم يعد الهيكل مُقدَّسا بعد. لماذا؟ لأن المُصلِّين لم يعيشوا حياة مستقيمة. حذر الله: "حِين يَصُومُونَ لاَ أَسْمَعُ صُرَاخَهُمْ، وَحِينَ يُصْعِدُونَ مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً لاَ أَقْبَلُهُمْ."[6]يُطالب الله بما يفوق مُجرَّد الطقوس الفارغة.
قال الله لهوشع: "إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، وَمَعْرِفَةَ اللهِ أَكْثَرَ مِنْ مُحْرَقَاتٍ."[7]قدَّمت إسرائيل الذبائح لكنها خرقت عهدها مع الله. المُحرقة بدون حياة مُستقيمة أمر لا معنى له. رغم ذبائح إسرائيل، إلا أن الربَّ "يَذْكُرُ إِثْمَهُمْ وَيُعَاقِبُ خَطِيَّتَهُمْ."[8]لماذا؟
وعظ عاموس للمملكة الشماليَّة قبل وقت قصير من هزيمتها على يد أشور. قدَّم عاموس فرصة أخيرة للتوبة. واجه عاموس إسرائيل بخطيَّتها. كان "شعب الله" المُعترِف مذنبين بكل خطيَّة من الظلم الاجتماعي الرهيب إلى الممارسات الجنسية المُخزية. فرض الإسرائيليون الأغنياء غرامات جائرة واستخدموا المال لشراء النبيذ للاحتفالات الدينيَّة.[10]ولأن حياتهم كانت خاطئة، كانت عبادتهم فارغة. قال الله:
حتَّى بعد السبي، حاول يهوذا أن يستبدِل الطاعة الكاملة بالطقوس. في عام 516 قبل الميلاد، بدأ الناس في إعادة بناء الهيكل. على الرغم من أنهم كانوا يقومون بعمل ديني، إلا أن حياتهم لم تكن نقيَّة. ذكَّر حجي الشعب بأن الكاهن الذي يلمس جُثَّة يصبح نجسًا. وبنفس الطريقة، فإن النجاسة التي سبَّبتها خطيَّة الشعب جعلت عملهم في الهيكل نجسًا.[12]الطقوس بدون استقامة هي إيماءات فارغة. القداسة شيء يفوق الطقوس.
حَذَّر ملاخي من أن الله رفض عبادة يهوذا. "لَيْسَتْ لِي مَسَّرَةٌ بِكُمْ، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، وَلاَ أَقْبَلُ تَقْدِمَةً مِنْ يَدِكُمْ."[13]رَفَض الله قبول قرابين يهوذا بسبب خطيَّة الشعب.
تقول الكتب النبويَّة بوضوح: القداسة شيء يفوق الطقوس. الشخص الذي لا يعيش حياة مُستقيمة ليس مُقدَّسا. لا يمكننا أن نعبد الله بأيدي نجسة.
تفوق حياة القداسة الاعتراف باسم الله
رفض الله من نادوا اسمه لأنهم رفضوا التخلِّي عن خطاياهم. حَذَّر يسوع في العهد الجديد:
[15]تفوق القداسة مُجرَّد الاعتراف باسم الله. القداسة هي الاستقامة الباطنية التي تُرى في السلوك الخارجي. يطلب الله قلبًا مُقدَّسا وأيدٍ مُقدَّسة.
اليوم، كما في أيام إرميا، يتحدَّث الله إلى الرعاة الذين يبنون قصورًا مُتقنَة من تقدمات الفقراء. "وَيْلٌ لِمَنْ يَبْنِي بَيْتَهُ بِغَيْرِ عَدْل وَعَلاَلِيَهُ بِغَيْرِ حَقّ."[16]
اليوم-كما في أيامِ عاموس- يتحدَّث الله إلى موسيقيي الكنيسة الذين يعيشون حياة شرِّيرة. "أَبْعِدْ عَنِّي ضَجَّةَ أَغَانِيكَ، وَنَغْمَةَ رَبَابِكَ لاَ أَسْمَعُ."[17]
اليوم- كما في أيام ميخا- يتحدَّث الله إلى رجال الأعمال الذين يدعون باسمِ يسوع بينما يغشُّون الزبائن. "قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ."[18]
تَفوقُ القداسة مُجرَّد الطقوس أو الاعتراف الشفهي. اليوم- كما في أيام الأنبياء- يبحث الله عن السلوك الصالح.
يُرى القلب المُقدَّس في السلوك الصالح. يظهَر القلب المُقدَّس في أيدٍ مُقدَّسة. لا يُمكِن لإسرائيل أن تدَّعي أنها شعب مُقدَّس بينما تعيش حياة غير مُستقيمة.
لأن الله إله بار، يجب أن يكون شعبه أبرارًا. يجب أن يتمتَّع شعب الله بشخصيَّة إلههم. أولئك الذين يعبدون الأصنام يأخذون الطبيعة الأخلاقيَّة لأصنامهم. يجب على الذين يعبدون يهوه أن يأخذوا طبيعة يهوه الأخلاقيَّة. هدف الله هو خلق شعب صالح ومُقدَّس.
وصَف إشعياء طبيعة الله: "تَعَالَى الرَّبُّ لأَنَّهُ سَاكِنٌ فِي الْعَلاَءِ. مَلأَ صِهْيَوْنَ حَقًّا وَعَدْلاً."[1]وفي نفس الرسالة، وصَف إشعياء الشخص البار الذي يمكنه أن يعيش في مَحضر الله.
فقط الشخص الذي يتمتَّع بشخصيَّة الله البارة والعادلة هو الذي يُمكِنه أن يعيش في مَحضر الله. يتصرَّف الشعب المُقدَّس كما يتصرَّف الله؛ إنهم يعكسون طبيعة الله القدُّوس.
القداسة هي استقامة باطنيَّة: القلب
البر الحقيقي يبدأ من القلب. لقد عَرَف الأنبياء جيدًا أن طقوس الناموس لم تكنْ كافية في حد ذاتها. فالطاعة الخارجيَّة بدون بر داخلي نفاق. البرُّ يبدأ في القلب.
رفَضت إسرائيل الناموس لأنها رفضت الله الذي أعطى الناموس. يبدأ العصيان في القلب. كسرت إسرائيل أوامر الله لأن "قَلْبَهُمْ ذَهَبَ وَرَاءَ أَصْنَامِهِمْ."[3]ورأى الله أنهم "قَدْ قَسَمُوا قُلُوبَهُمْ."[4]
يبدأ العصيان في القلب. كما يبدأ البرُّ في القلب. تكلَّم الله من خلال إشعياء: "اِسْمَعُوا لِي يَا عَارِفِي الْبِرِّ، الشَّعْبَ الَّذِي شَرِيعَتِي فِي قَلْبِهِ."[5]أولئك الذين يعرفون البرَّ هم أولئك الذين لديهم شريعة الله في قلوبهم.
تطلَّعَ إرميا وحزقيال بشوق إلى اليوم الذي تُغرَس فيه شريعة الله في قلوب شعب الله.
المظاهر الخارجيَّة ليست كافية. يجب أن يبدأ البرُّ في القلب.
القداسة بر ظاهر: الأيدي
في الأسفار النبويَّة يُعتبَر السلوك الأخلاقي هو مِقياس القداسة. تتطلَّب القداسة الأخلاق والسلوك المستقيمين. يأتي أحد أبسط أوصاف العهد القديم للحياة الصالحة من ميخا. حدَّد ميخا توقعات الله بالنسبة لشعبه.
هذا هو معنى أن نحيا حياة مُستقيمة: العدل والرحمة تجاه الآخرين، والتواضع تجاه الله. في الأسفار النبويَّة العدل والرحمة والتواضع هي تعريف الحياة المُستقيمة.
البر هو العدل والرحمة تجاه الآخرين
يُريد بعض الناس أن يفصلوا بين القلب واليدين. إذ يقولون: "قلبي مُقدَّس، لكن يدي خاطئتين. أحب الله في قلبي، لكنني لا أعيش حياة صالحة." لكن لا تسمح الأسفار النبويَّة بهذا الفصل. حيث يُرى القلب المُقدَّس في البرِّ الخارجي. وينتُج عن القلب النقي السلوك الصحيح. يتمتَّع الشعب المُقدَّس بأيدٍ مُقدَّسة.
كان معيار الله لشعبه هو العدل والبر والرحمة. طلب الله من شعبه أن يعيشوا باستقامة، وأن يتصرَّفوا كما يتصرَّف الله.
البر هو التواضع تجاه الله
يبحث الله عن أُناس يعاملون الآخرين بالعدل والرحمة؛ يجب أن يكون هذا هو موقفنا تجاه قريبنا. يبحث الله عن أُناس يسيرون أمامه بتواضع، يجب أن يكون هذا هو موقفنا تجاه الله.
عبد يهوذا الأصنام "على جبل عال وشاهق." ردَّ الله بتذكير يهوذا بأنه الوحيد الذي يَسكُن حقًا في المكان المُرتفِع.
نَصِل إلى الله العلي والسامي بالروح المُنسحِق والمُتواضِع. يتضمَّن البر التواضع تِجاه الله، هذه هي القداسة الحقيقيَّة.
كرز هوشع لأُمَّة مُرتدَّة. عرف النبي أن الأُمَّة سترفض رسالته. ولكن على الرغم من أن الأُمَّة رفضت أن تتوب، إلا أن هوشع اختتم بدعوة أفراد من بني إسرائيل طلبوا الله. على الرغم من أن الأُمَّة قد ترفُض الله، إلا أنه لا يزال بإمكان الشخص الصالح أن يسير في طرق الله. والله سيُكرِم مَن يكرمه ويبارك مَن يسلك بالاستقامة.
تبدأ القداسة في القلب، لكنها تظهر في السلوك الخارجي. عند تدشين الهيكل، تحدَّى سليمان الشعب: "فَلْيَكُنْ قَلْبُكُمْ كَامِلاً لَدَى الرَّبِّ إِلهِنَا إِذْ تَسِيرُونَ فِي فَرَائِضِهِ وَتَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ كَهذَا الْيَوْمِ."[1]ينتُج عن القداسة الداخليَّة قداسة خارجيَّة؛ إذا كنت مُقدَّسًا من الداخل، فستعيش بالاستقامة في الخارج.
قاوم الأنبياء أولئك الذين علَّموا شعب الله أنه ليس عليهم أن يطيعوا شريعة الله في إسرائيل القديمة. يُعارض الأنبياء أولئك الموجودين في كنيسة اليوم الذين يُعلِّمون بأن المسيحي لا يستطيع تلبية مطالب الله بخصوص حياة القداسة.
يُعلِّم العديد من الوعَّاظ اليوم قائلين: "تقول شريعة الله أنه يجب عليك أن تعيش باستقامة، لكنه يعلم أنك لا تستطيع أن تُتمِّم شريعته." ليست هذه هي رسالة الأنبياء. قال الأنبياء:" تقول شريعة الله أن نحيا بالاستقامة. هذا ما يطلبه الله، وسوف يُطيع شعب الله شريعة الله."
يُظهِر مثال من ناموس موسى كيف يؤثِّر القلب المُقدَّس على أعمالنا اليوميَّة. قال الله: "لاَ تَغْصِبْ قَرِيبَكَ وَلاَ تَسْلُبْ، وَلاَ تَبِتْ أُجْرَةُ أَجِيرٍ عِنْدَكَ إِلَى الْغَدِ."[2]في العالم القديم، كان العامل يتقاضى أجره في نهاية كل يوم؛ لم تكن هناك حسابات جارية أو بطاقات ائتمان. بل كان أجر يوم الاثنين يشترى طعامًا لوجبات يوم الثلاثاء. كان رفض دفع أجر العامل كل يوم يجعل من الصعب عليه شراء الطعام. لذلك قال الناموس: "اِدفع لعمالك في نهاية كل يوم." رجل الأعمال المُستقيم يعامل عُمَّاله بعدالة.
لقد رأينا التأكيد على البر والعدل والرحمة في الأنبياء، وتشترك الرسائل العامة في العهد الجديد في نفس الرسالة. يظهر هذا بوضوح في رسالة يعقوب؛ كتب يعقوب إلى أولئك الذين يدَّعون أنهم شعب الله، لكنهم لم يعيشوا حياة صالحة. إنه يُظهِر أن القداسة الحقيقيَّة تظهر في الحياة المُستقيمة.
يُقدِّم الشعب المُقدَّس ما هو أكثر من الاعتراف بالتقوى، إنهم يعيشون حياة تقيَّة. "وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ."[3]
تُغيِّر القداسة الطريقة التي نعيش بها في كل مجال من مجالات حياتنا، بما في ذلك أعمالنا وحياتنا المهنيَّة. الشخص المُقدَّس يعيش باستقامة. إذا كنا مُقدَّسين أمام الله، سنتعامل بشكل لائق مع الآخرين. رسالة الأنبياء والرسل واضحة: القلب المُقدَّس يُغِّير أفعالنا. يعيش القدِّيسون باستقامة في جميع مجالات الحياة. هدف الله هو تكوين شعب صالح في قلوبهم وفي حياتهم اليوميَّة.
كيف ستبدو الاستقامة في الحياة اليوميَّة؟ كيف تبدو القداسة في تفاعلاتنا اليوميَّة مع العالم من حولنا؟ دعونا نُلقي نظرة على بعض الأمثلة من الحياة الواقعيَّة. كل هذه الأمثلة تأتي من أُناس يدَّعون أنهم مُقدَّسون. تمَّ تغيير الأسماء. لكن يا للأسف، القصص حقيقيَّة.
يعمل القس توم في مجال البناء. يدعم عمله كبناء خدمته كراعٍ لكنيسة القداسة. اشترى توم أداة مقابل 100 دولار. استخدمها لبناء منزل ثم لم يعد بحاجة إلى الأداة فيما بعد. عندما حان الوقت لبيع الأداة، أخبر المُشتري، "عندما كانت جديدة، دفعت 200 دولار مقابل هذه الأداة. سأبيعها لك مقابل 150 دولارًا."
يقول القس توم: "هذه طريقة جيِّدة للقيام بالعمل التجاري. لقد حقَّقت رِبحًا من خلال المُبالغة في السعر الأصلي الذي دفعته. لا أحد يحتاج لأن يعرف. على أي حال، سأستخدم المال في عمل الله." يقول الله: "الناس المُقدَّسون صادقون في معاملاتهم التجاريَّة." كتب بولس:
تعمل جين سكرتيرة في شركة ما. عندما زارها راعي كنيستها في منزلها، قالت: "إذا كنتُ بحاجة إلى أي لوازم مكتبيَّة، يُمكنني أن أعطيها لك. فأنا أحضر الأقلام الرصاص والأدوات المكتبيَّة وأدوات المكتب من العمل إلى المنزل. لا أحد يلاحظ ذلك أبدًا."
تقول جين: "إنه مُجرد أمر بسيط." يقول الله، "القدِّيسون أمناء حتَّى في الأمور الصغيرة." كتب بولس أن أولئك الذين خُلقوا على شبه الله "فِي الْبِرِّ وَقَدَاسَةِ الْحَقِّ." يعيشون بطريقة جديدة:
يُدير بيل شركة. يجب عليه الاحتفاظ بسجلَّات الضرائب ودفعها في نهاية العام. في العام الماضي، حقَّق بيل ربحًا قدره 50000 دولار من شركته، ولكن عندما ملأ استمارة الضرائب، أبلغ عن ربح قدره 40 ألف دولار. وأحيانًا يدفع رشوة لمسؤول حكومي للحصول على عقد جيِّد.
يقول بيل: "أعرف كيف تتم الأعمال في بلدي. لا بد لي من "تشحيم العجلات" لأستطيع تسيير شئون شركتي. بالإضافة إلى ذلك، فأنا أدفع العشور وأستخدِم أموالي في أغراض جيِّدة." يقول الله: "الناس المُقدَّسون صادقون في تعاملاتهم مع الحكومة." كتب بولس إلى مواطني الإمبراطوريَّة الرومانيَّة: "لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ."[11]
ليندا لا تستمتِع بعملها. إنها تريد أن تقضي وقتها في العمل في الكنيسة. ولكن بدلاً من ذلك، لديها وظيفة تنظيف منازل الأثرياء. وتتقاضى راتبها للعمل من الساعة 8:00 صباحًا حتى 5:00 مساءً، لكنها غالبًا ما تأتي متأخِّرة وتغادر مُبكرًا. أخبرت ليندا راعيها: "أُفضِّل قضاء الوقت في الصلاة في الصباح والذهاب إلى العمل متأخِّرة، كما أُفضِّل ترك العمل مُبكراً والمجيء إلى الكنيسة ليلاً. لا يهمَّني أن أعمل في الوقت الذي أحصل عليه مقابل عملي."
تقول ليندا: "لن يعرف رئيسي أبدًا ما إذا كنت لا أعمل بدوام كامل." يقول الله، "الناس المُقدَّسون صادقون في أخلاقيات عملهم. إنهم يبذلون قصارى جهدهم في كل مكان يضعهم فيه الله." كتب بولس:
◄ في ثقافتك، ما هي مجالات التجربة الأخلاقيَّة التي يتعرَّض لها المسيحيُّون؟ أين يتعرَّض المسيحيُّون إلى أكثر تجارب عدم الأمانة في حياتهم اليوميَّة؟ كيف تخاطب رسالة حياة القداسة هذه المنطقة من التجارب؟
كان شيوني سوجيهارا (Chiune Sugihara) مسيحيًّا يابانيًّا يعمل في وزارة الخارجيَّة في منشوريا. في عام 1939، تم إرساله إلى ليتوانيا ليكون القنصل الياباني. هناك التقى بسيدة يهوديَّة وسمع كيف تُعامِل الحكومة الألمانيَّة النازيَّة الشعب اليهودي.
[1]اتَّصل سوجيهارا بحكومته طالبًا الإذن لمنح تأشيرات دخول للاجئين اليهود الفارِّين من ألمانيا وبولندا. رفضت الحكومة اليابانية طلب سوجيهارا.
بحلول صيف عام 1940، علِم سوجيهارا أنه يجب أن يُظهِر العدل والرحمة. قال لزوجته: "لا أريد عصيان حكومتي. لكني لا أستطيع أن أعصي الله. يجب أن أتبع ضميري."
بدأ سوجيهارا بكتابة تأشيرات خروج للاجئين بخط اليد. تُشير التقديرات إلى أنه أنقذ حياة ما يقرب من 10000 يهودي كان من الممكن أن يقتلهم هتلر. في وقت لاحق، تمَّ القبض على سوجيهارا من قِبَل الجيش الروسي وقضى ثمانية عشر شهرًا في سجن روسي. عندما تم إطلاق سراحه من السجن وإعادته إلى اليابان، فصلته وزارة الخارجيَّة لأنه خالف أوامرهم.
بعد طرده، لم يكن لدى سوجيهارا أي وسيلة لكسب العيش. فكافَح حتَّى لشراء الطعام لعائلته. عندما بحث عنه أولاد اليهود الذين أنقذهم لاحقًا، أنكرت الحكومة اليابانية أنه عمل معهم في أي وقت. أخيرًا، في عام 1968، عثر أحد الناجين اليهود على سوجيهارا وأحضره إلى إسرائيل.
تلقَّى سوجيهارا القليل من التقدير الأرضي على تضحياته، لكنه أطاع الله لأنه كان بارًا. عَرِف سوجيهارا أن ابن الله يجب أن يعيش باستقامة. لم يستطَع تجاهُل مُعاناة مَن حوله. كان يعلم أنه أن تكون بارًا يعني أن تُحقِّق العدل، وأن تُحب الرحمة، وأن تسير بتواضع مع الله. عاش شيوني سوجيهارا حياة مُقدَّسة.
[1]"كل شعب الله هم أشخاص عاديون أصبحوا استثنائيين بسبب القصد الذي أعطاه الله لهم." -أوزوالد تشامبرز
لدي تكليف لكي أحفظه - تشارلز ويسلي
لدي تكليف لكي أحفظه، وإله لكي أُمجِّده،
وروح لا تموت أبدًا لأُخلِّصها وأجعلها مناسبة للسماء.
أن أخدم العصر الحاضر، هذه هي دعوتي التي يجب أن أُتمِّمها:
آه، أتمنَّى أن تنخرِط كل قوتي لفعل إرادة سيدي!
سلِّحني بغيرة وحرص، لأعيش هكذا أمامك؛
وجهِّز عبدك، يا رب، لكي ما يقدِّم حسابًا دقيقًا لك!
ساعدني على السهر والصلاة، وعلى الاعتماد عليك،
مُطمئنًا، ولو خانتني ثقتي، بأنني لن أموت إلى الأبد.
مراجعة الدرس 6
(1) أن تكون مُقدَّسا يعني أن تكون بارًا مُستقيمًا من الداخل والخارج.
(2) سَمَحت إسرائيل للطقوس والاعتراف الخارجيين بأن يحِلَّا محل البر الحقيقي.
(3) بدون حياة صالحة، لا معنى للطقوس الدينيَّة أو الاعتراف الشكلي.
(4) يجب أن يكون البر داخليًّا- يجب أن تكون الطاعة من القلب.
(5) يجب أن يكون البر خارجيًّا- يجب أن يُؤثِّر على كيفيَّة تعامُلنا مع مَن حولنا.
(6) علَّم الأنبياء أن الله يُلزِم الإنسان الصالح بثلاثة أشياء:
العدل تجاه الآخرين
الرحمة تجاه الآخرين
التواضع تجاه الله
(7) تُكرِّر رسائل العهد الجديد رسالة الحياة الصالحة. يجب على الشخص المُقدَّس أن يعيش حياة أخلاقيَّة وصالحة.
تكليفات خاصة بالدرس
(1) اكتب مقالاً من 2-3 صفحات عن "البر في عالم اليوم". خُذ أحد المجالات التي تُقبَل فيها الخطيَّة الأخلاقيَّة بشكل عام وبَيِّن ما يُعلِّمه الكتاب المُقدَّس عن منطقة الخطيَّة تلك. أُذكر إرشادات عمليَّة للأشخاص الذين تخدمهم.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.