كان أبي "حِرَفيًا." هو أحبَّ أن يقوم بعمل مشروعات صيانة. بمضي السنين، امتلكَ أدوات وخامات جرَّاء تلك المشروعات. لقد نظَّم معظم هذه الأدوات بعنايةٍ في صندوقٍ، لكن بعض الأشياء مثل (مسامير قلاووظ قليلة، ومسامير صُلب، وشريط لحام، إلخ) وُضعت في نهاية المطاف في "درجٍ متعدد الأغراض." لقد احتوى هذا الدرج على أصنافٍ لا يتناسب وضعها في أي مكانٍ آخر. مع أن هذا الدرج بدا غير مُنظَّم، إلا إنه كان مهمًا للغاية عندما احتاجَ والدي إلى هذه الأصناف.
يمكن أن يُسمَّى الدرس الثامن من هذا المقرر الدراسي "بالدرج متعدد الأغراض." سننظر إلى مبادئٍ عامةٍ يجب أن ترشدك في التفسير. لقد وضعتُ هذا الدرس بعد الدروس الخاصة بعملية التفسير؛ لأن الأمر الأول الذي ينبغي أن نقوم به هو أن نركز على النص نفسه.
على أية حال، إن المبادئ المذكورة في هذا الدرس في منتهى الأهمية لدراسة الكتاب المقدس. هذه مبادئ قد طوَّرها معلمو الكتاب المقدس الحكماء لترشد دراستهم. من فضلك انتهز الوقت لتستوعب هذا المبادئ وتطبقها في دراستك.
◄ أوجِد نصًا كتابيًا يختلف عليه أعضاء مجموعتك. (إذا لم تتمكن من إيجاد موضوع اختلاف، يمكنك أن تناقش نصًا كتابيًا حيث يختلف تفسيرك له عن تفسير كنيسةٍ أخرى). ناقش هذا السؤال: "ما هي الافتراضات المُسبقة عن الكتاب المقدس التي قادتني إلى تفسيري؟" عند هذه النقطة، لا يكون هدفك أن "تُثْبت أو تبرهن" تفسيرك، لكن أن تفهم سبب ما تؤمن به. لكي تستفيد من هذا، كُن أمينًا في تعريف افتراضاتك، وكُن مُحترِمًا لافتراضات أولئك الذين تختلف معهم.
ابدأ بالنص، وليس باستنتاجك
أدخلتُ عنوانًا ببرنامج الـ GPS (نظام تحديد المواقع) الخاص بي وضغطتُ على الاتجاهات. أظهرَ لي الـ GPS مجموعة من التحويلات والتفرعات. نظرتُ إلى الاتجاهات وقلتُ: "برنامج الـ GPS خاطيء." أدخلته ثانيةً. "خاطئ ثانيةً!" قال المسافر الذي كنتُ أصطحبه: "كيف تعلم أن الـ GPS خاطئ؟" جاوبتُ باندفاعٍ: "إنني أعلم الاتجاهات. برنامج الـ GPS خاطيء." بعد ساعاتٍ قليلةٍ، تهنا بالكامل، اعترفتُ بالفشل وبدأت أتبع اتجاهات الـ GPS الخاص بي. ماذا كان خطأي؟ بدأتُ بالاستنتاج. كنتُ متأكدًا أن لديَّ الإجابة، لذا رفضتُ أن أستمع للخريطة التي أعطت إجابات مختلفة.
يقرأ البعض الكتاب المقدس بهذه الطريقة. سمعتُ ذات مرة واعظًا يقرأ آية لم يحبها من الكتاب المقدس. قال: "لا أعرف ماذا تعني هذه الآية، لكنها لا تعني ما تقوله." هو بدأ باستنتاجه ("إنني لا أوافق على هذا التعليم")، وبعد ذلك قرأ النص الكتابي. هو لم يستطِعِ أن يوَّفِق الكتاب المقدس مع استنتاجه، لذا قرر ببساطةٍ أن يتجاهل النص الكتابي ("لا يعني النص ما يقوله").
لكي نفسر نصًا كتابيًا، ينبغي أن نبدأ بالكتاب المقدس، عندئذٍ نوجِد استنتاجنا. لدينا جميعًا افتراضات مُسبقة معينة. إننا نبدأ من وجهة نظر خاصة. هذا جيد. تكمن المشكلة في أن افتراضاتنا المُسبقة تقودنا إلى أن نتجاهل التعليم الواضح للكتاب المقدس. يجب أن نتأكد أننا نبدأ بالنص، وليس باستنتاجاتنا. يجب علينا ألا نسمح لافتراضاتنا المُسبقة أن توجهنا ناحية تجاهل النص.
يقول البعض: "لا أحد كامل!" لذا فهُم يتجاهلون أمر يسوع. إنهم بدأوا باستنتاجهم ("لا أحد كامل!")، وبعد ذلك قرأوا النص الكتابي.
عند دراسة (متى 5: 48)، يجب أن نسأل: "ماذا يقصد بكلمة كامل؟ بأية طريقةٍ نُشابه أبينا السماوي؟" الآيات التي تسبق (متى 5: 48) مباشرةً تُجيب علينا: نحب أعداءَنا، ونحسن إليهم بنفس طريقة أبينا السماوي "يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ." ينبغي أن نمتلئ بالمحبة الكاملة.
الكتاب المقدس لا يناقض الكتاب المقدس
عندما نقرأ كتابًا عاديًا لمؤلفٍ ما، ربما يناقض المؤلف نفسه في بعض النقاط. وإذا كانا مؤلفيْن، فمن المحتمل جدًا أن يناقض كل واحدٍ الآخر في بعض القضايا. على أية حال، الكتاب المقدس هو كلمة الله؛ إنه لا يناقض نفسه.
ليس عند الله تغيير ولا ظل دوران.[1]لهذا السبب، فإن كلمته ثابتة – حتى عندما تُكتَب على مدار مئات السنين بواسطة كُتَّاب متنوعين من البشر. إن كلمة الله لا تناقض نفسها.
هذا المبدأ هو نتاج ضروري لعقيدة الوحي. إذا كان المصدر الأساسي للكتاب المقدس هو الله، فإن الكتاب المقدس لا يستطيع أن يناقض نفسه. إنه أمرٌ في غاية الأهمية لأجل التفسير الكتابي الصحيح. عندما يبدو أن مقطعيْن متناقضيْن، يجب أن أسأل إذا ما كنتُ قد أسأتُ فَهْم أحدهما. عندما أفهم كل مقطع جيدًا، سأجد أن كلا المقطعيْن صحيحان.
يؤمن بعض القُرَّاء أن بولس ويعقوب لم يتفقا فيما يتعلق بدور الإيمان والأعمال. أصرَّ بولس أن الإنسان يتبرر بدون "أعمال الناموس." يكتب يعقوب أن الإنسان يتبرر "بالأعمال، وليس بالإيمان وحده."
بما أن الكتاب المقدس لا يناقض نفسه، فإننا نعلم أن كلا التعليميْن صحيح. إننا نتبرر بالإيمان، ليس بالأعمال. لكن "بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَ بِالإِيمَانِ وَحْدَهُ."
توضح بقية رسائل بولس ويعقوب اتفاق الرسوليْن: طاعة الناموس (الأعمال) لا تأتي بالخلاص. على أية حال، يتفق بولس ويعقوب أنه إذا تبررنا بالإيمان، فإن نمط حياتنا (أعمالنا!) سيتغير بالكامل. إن حياتنا اليومية تقدم شهادة على حقيقة الإيمان الذي خلُصنا به.
لا يرتبط هذا المبدأ ارتباطًا وثيقًا بالمبدأ السابق. بما أن الكتاب المقدس لا يناقض نفسه، فبإمكاننا أن نستخدم مقاطع سهلة المعنى حتى تساعدنا أن نفهم المقاطع الأقل وضوحًا. نستخدم آيات واضحة لتشرح الآيات الأصعب؛ لا نُحرِّف آيات بسيطة لتوافق تفسيرنا للآيات الأكثر صعوبة.
تقول أحد كتب التفسير: "غالبًا ما يكون غامضًا في أحد أجزاء الكتاب المقدس يكون واضحًا في جزءٍ آخر."[1]بدراسة الكتاب المقدس كاملًا، فإننا نسمح لفقراتٍ سهلة أن تسلط الضوء على فقراتٍ أكثر صعوبة.
هل تخبرنا هذه الآية أنه ينبغي أن نعتمد كممثلين بالنيابة عن الأموات؟ يعتقد البعض في هذا الأمر، بينما لا يوصي بولس بالمعمودية لأجل الأموات.
يعتقد بعض المفسرين أن هذه الآية تشير إلى بعض مؤمني القرن الأول الذين اعتمدوا بالنيابة عن مؤمنين جُدد كانوا قد ماتوا قبل أن يعتمدوا. يقرُّ بولس أن هذه الممارسة غير مفيدة إذا لم توجد قيامة. يعتقد مفسرون آخرون أن المعمودية لأجل الأموات ترجع ببساطةٍ إلى (رومية 6: 3-5) حيث توحِّدنا المعمودنا مع المسيح في موته. وفي كلتا الحالتيْن، لا يوصي بولس بالمعمودية لأجل الأموات.
بغض النظر عن تفسيرنا، فإن مبدأ "الكتاب المقدس خيرُ مفسرٍ للكتاب المقدس" يرشدنا بخصوص (1 كورنثوس 15: 29). عندما نقرأ (متى 28: 19؛ أعمال الرسل 2: 41؛ 8: 12؛ 19: 5)، نرى أن المعمودية كانت للمؤمنين الأحياء. بما أن (1 كورنثوس 15: 29) لا توصي بوضوح بالمعمودية لأجل الأموات، وبما أن الآيات الأخرى تُظهِر بوضوح الممارسة الشائعة للكنيسة الأولى، إذًا فلا يوجد أي سبب لنعتقد أن (1 كورنثوس 15: 29) توصي بالمعمودية لأجل الأموات.[2]
[1]والتر كايسر ومويسِس سيلـﭭـا، مقدمة إلى علم تفسير الكتاب المقدس (جراند رابيدز: زونديرﭭـان، 1994)، 132.
[2]هذا المثال مُقتبس بإذنٍ من د. ستيفن جيبسون، معلومات عن التفسير.
الكتاب المقدس كُتب ليُفهَم
من الممكن إيجاد معنى كلمة الله داخل الكتاب المقدس نفسه، باستخدام معانٍ عادية من التفسير. فلم تُكتب كلمة الله بشفراتٍ سريةٍ.
[1]من الصواب أن يُدرَس أغلب الكتاب المقدس بتعمقٍ لأجل معانيه، ولكن حقائقه غير مخفية عنا. إن الحقائق الأساسية للكتاب المقدس غير مدفونة في آياتٍ غامضةٍ. لقد قال كاتب المزامير: "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي."[2]إن هدف كلمة الله هو إرشادنا، وليس إخفاء الحق عنا.
لسنا في احتياجٍ لمفاتيحٍ خاصة لنفتح بها رسالة كلمة الله. كُن حذرًا جدًا من الكتب التي تزعم أنها "تفك الرموز الخاصة بالكتاب المقدس." لقد تكلم الله بالكيفية التي بها نستطيع أن نفهم كلمته.
كل عدة سنوات قليلة، يزعم شخصٌ ما: "أعلنَ لي الله أن يسوع آتٍ السنة القادمة." تنبأ كتابٌ شعبي في عام 1987 بهذه النبوة لسنة 1988. ثم عادَ نفس المؤلف في السنة التالية وكتبَ كتابًا آخر يتنبأ فيه بنفس النبوة لسنة 1989. لقد أصبح "هارولد كامبينج" مشهورًا بسبب نبواته المتكررة.
"خبراء النبوة" أمثال "ﭽـاك ﭭـان إمب" و"مارلين آﭽـي" قدموا نبوات متكررة عن المجيء الثاني للرب. كانوا يُغيِّرون التاريخ في كل مرة حينما يثبُت خطأهم.
عندما تسمع أحدًا يتنبأ بتاريخٍ محدد عن المجيء الثاني للرب، عليك أن تتذكر قوْل يسوع: "فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ." كيف يمكن لأي شخص في هذه الأيام أن يدَّعي بأنه يعرف أكثر من يسوع عن خطة الآب؟ المعنى الواضح لهذه الآية يحذرنا من أي شخص يدَّعي أنه يعرف موعد المجيء الثاني للرب.
[1]"التفسيرات الفريدة عادةً خاطئة." ﭽوردون في،
كيف تقرأ الكتاب المقدس
لا يقبل كل الكُتَّاب الإنجيليين هذا المبدأ، لكنني أؤمن إنه أساسي لتفسير الكتاب المقدس. يُعلِّم المبدأ أنه إذا أعطى الله أمرًا، فإنه يجعل طاعته ممكنة.
تخيَّل أن أبًا يقول: "يا ابني، لو أردت أن تسعدني، عليك أن تجري ميلًا في غضون دقيقتيْن." للحظاتٍ، ربما يحاول الابن أن يبذل أقصى ما عنده، لكنه دائمًا سيفشل في تلبية توقعات الأب. في نهاية المطاف، سيُحبَط الابن ويقلع عن المحاولة. هل هو أب صالح؟
يتخيل البعض أن الله أبٌ غير منطقي. عندما يقول الله "تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ،"[1]فهُم يقولون: "يعرف الله أنه لا يمكن أن نطيع هذا الأمر." قالَ "ﭽون كلـﭭن" متهكمًا من أولئك الذين يقيسون قوة الرجال بأوامر الله: "إن الله يطلب المستحيل."[2]لقد آمنَ كلـﭭن أنه ربما يوصينا الله بأمرٍ ما عالِمًا أننا لا نستطيع أن نطيع. هل تعتقد أن الله أسوأ من هذا الأب الأرضي؟
إننا لا نقيس "قوة الرجال بأوامر الله." إننا نقيس أوامر الله بقوة الله. إننا لا نستطيع بقوتنا أن نطيع أوامر الله، لكنه كأبٍ سماوي مُحِب يقوينا كأولاده لكي ما نطيع أوامره. إننا نؤمن أن الأب المُحِب سوف لا يثبط أولاده بأوامرٍ مستحيلةٍ. إن نعمة الله تصاحب كل أمرٍ كتابي؛ لإمكانية طاعته.
لقد أوصى يسوع: "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ."[3]إنه أمرٌ للطاعة، ووعدٌ للاستقبال. يوصينا الله أن نحبه بقلبٍ كاملٍ، واعدًا إيانا أن يعطينا قلبًا كاملًا، إذا وثقنا به.
إننا نفهم من خلال القرينة أن يسوع يشير إلى المحبة، وليس إلى الأداء. إننا كذلك نفهم أن هذا ليس شيئًا نحققه بمجهوداتنا الشخصية. الله الذي يأمرنا أن "نكون كاملين" هو الله الذي يتمم الأمر. لقد شهدَ كاتب المزامير قائلًا: "الإِلهُ الَّذِي يُمَنْطِقُنِي بِالْقُوَّةِ وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلاً."[4]
ينبغي أن نفهم أمر يسوع بشكلٍ صحيح. ينبغي أن نقرأه في ضوء القرينة القريبة لتعليم يسوع، وفي ضوء التعليم الكتابي عن القلب الكامل (غير المنقسم) والأشخاص المقدسين. بمجرد أن نفهم هذا، يصبح أمر يسوع وعدًا ممتلئًا بالنعمة، وليس مقياسًا مستحيلًا لمجهودٍ بشري.
[1]تتكرر أوامر الله كثيرًا، ليست مرة واحدة فقط. لاويين 11: 44-45؛ لاويين 20: 7؛ 1 بطرس 1: 16.
[2]تعليق ﭽون كلـﭭن على 1 تسالونيكي 5: 23، من رسائل بولس إلى رومية وتسالونيكي.
كمؤمنين إنجيليين، نقبل الكتاب المقدس كسُلطة نهائية للتعليم والممارسة. لقد استخدم المُصلحون مصطلح (Sola Scriptura) "بالكتاب المقدس وحده" ليعنوا أن الكتاب المقدس يحوي كل المعرفة اللازمة للخلاص. ونحن نواصل اليوم التمسك بهذا المبدأ.
على العموم، من المهم أن ندرك أننا نفسر ما نقرأه من خلال معانٍ متنوعة. بالنسبة لمعظم الإنجيليين، يوجد ثلاث "نوافذ" أو "عدسات" من خلالها نقرأ الكتاب المقدس. لا تحل هذه العدسات محل سُلطة الكتاب المقدس بأي حالٍ من الأحوال. إنها ببساطةٍ النوافذ التي نقرأ ونفهم من خلالها الكتاب المقدس.
لنفهم الكتاب المقدس بشكلٍ كامل، ينبغي أن نستخدم هذه العدسات الثلاث. إذا تجاهلنا واحدةً، لربما نخطئ تفسير الكتاب المقدس. إن قراءة الكتاب المقدس باستخدام هذه النوافذ تساعدنا على الفهم الأفضل لرسالة كلمة الله.
ربما تساعدك هذه الصورة أن ترى علاقة هذه العدسات بالكتاب المقدس. إننا ننظر من خلال العدسات على الكتاب المقدس.[1]
العدسة الأولى: العلة
العلة هي العدسة الأولى التي نستخدمها. هذه العدسة تسأل: "ما هو الفهم المنطقي لهذا النص الكتابي؟" عدسة العلة تطلب منا أن نستخدم عقلنا لنفهم ما نقرأه في الكتاب المقدس. هي تتأكد أننا نفهم النص الكتابي منطقيًا بالعقل.
يقاوم بعض المؤمنين استخدام العلة؛ إنهم يجادلون أنه لا يمكن الوثوق بعقولنا في فهم كلمة الله. على أية حال، يلجأ بولس إلى العلة في حججه. على سبيل المثال، في رسالة رومية، يسأل بولس مجموعةً من الأسئلة التي تقود قارئيه إلى فهم منطقي للحقائق العظمى للخلاص. بينما علتنا ليست هي السُلطة النهائية، لا ينبغي أن نتجاهل المعنى المنطقي للنص الكتابي.
العدسة الثانية: التقليد
العدسة الثانية التي ننظر من خلالها إلى الكتاب المقدس هي التقليد. عدسة التقليد تسأل: "كيف فهمَ المسيحيون الكتاب المقدس على مدار التاريخ؟" يفحص التقليد فهمنا للنص مقابل الأفكار الأخرى للمسيحيين على مر التاريخ.
يتضمن التقليد أسس إيمان الكنيسة الأولى، والعقائد العظيمة التي وحَّدت المسيحيين في الماضي، وتعاليم الأجيال الأولى. يُبيِّن التقليد كيف تم تفسير الكتاب المقدس على مدار تاريخ الكنيسة.
[2]لا يوافق التقليد الكنسي على كل الموضوعات؛ أغلب التقليد الرسمي هو عمَّا تم تعليمه بواسطة الكنيسة "في كل مكانٍ وزمان." يجب أن يُؤخذ في الاعتبار تقليد الطوائف الفردية، لكن ليس له سُلطة تقليد الكنيسة الجامعة.
يتحدث الله من خلال التقليد ليساعدنا على فهم كلمته. إذا وجدتَ شيئًا ما في الكتاب المقدس لم يره أحدٌ قط منذ ألفي عام، يجب أن تُقدِّر أنك مُخطئٌ!
العدسة الثالثة: الخبرة
الخبرة هي العدسة الثالثة. هذه العدسة تسأل: "هل يتطابق فَهمي مع خبرة مؤمنين آخرين؟" من خلال وضع الخبرة في المؤخرة، فإننا نتجنب الذاتية التي تضع الخبرة الشخصية فوق الحق الموضوعي. على أية حال، فإن الخبرة قيِّمة حينما تتوازن مع التقليد والعلة.
كل من هذه العدسات في غاية الأهمية. إذا استخدمنا التقليد بمفرده، لوقعنا في خطأ الروم الكاثوليك من حيث نظرتهم أن تعليم الكنيسة يعادل تعليم الكتاب المقدس. وإذا استخدمنا العلة وحدها، لوقعنا في خطأ العقلانية التي ترى العقل كالسُلطة النهائية. وإذا استخدمنا الخبرة بمفردها، لوقعنا في خطأ العاطفية التي تستبدل تعليم الكتاب المقدس بالخبرة الشخصية. ينبغي أن نستخدم كل هذه العدسات معًا في دراستنا، كما يجب أن نخضع إلى سلطان الكتاب المقدس.
لقد صلَّى بولس أن يتعمق مؤمنو أفسس في علاقتهم مع الله. هو صلَّى أن "يمتلئوا إلى كل ملء الله."ماذا نجد إذا قرأنا هذه الصلاة من خلال هذه العدسات الثلاث؟
العلة. عند قراءة صلاة بولس، فإن عدسة العلة تسأل: "هل تتوافق هذه الصلاة مع باقي الكتاب المقدس؟" هل من المعقول أن نفسر هذه الصلاة كوعدٍ بحياةٍ أعمق للمؤمن؟ بالنظر إلى نصوصٍ كتابيةٍ أخرى، نرى أن (رومية 12: 1؛ 1 تسالونيكي 5: 23) ونصوص أخرى تشير إلى إمكانية أن يحيا المؤمن حياةً أعمق. حقيقة "أن نمتلئ إلى كل ملء الله" هي منطقية.
التقليد. لقد تعلَّم المسيحيون من جميع الأجيال أن الله يعِد بمسيرةٍ أعمق للمؤمنين. لم يتفق المسيحيون على تفاصيل كيف يتمم الله هذا القصد في حياة المؤمنين، لكن على مدار تاريخ الكنيسة، اتفق مسيحيون من مختلف الخلفيات أن الله يدعو أولاده لعلاقةٍ أعمق معه.
في القرن الثاني، كتبَ "إيريناوس" أن هدف الله "أن نكون على صورته وشبهه."[3]لقد آمنَ "إيريناوس" بأن كل مؤمن يمكن أن "يمتلئ إلى كل ملء الله." في القرن الرابع، كُتَّاب شرقيون مثل "غريغوريوس النيصي" قد علَّموا أنه على المؤمن أن يتغير "من مجدٍ إلى مجدٍ،" ممتلئًا أكثر وأكثر إلى كل ملء الله. في القرن السابع، كتبَ الكاثوليكي الفرنسي "فرانسوا فينيلون" أنه من خلال قوة النعمة الإلهية يمكن أن "نعيش كما عاش يسوع، وأن نفكر كما فكَّر ...."[4]من خلال نعمة الله، يمكننا أن نُشابه صورته.
الخبرة. إن خبرة المؤمنين العظماء على مر التاريخ تُظهِر جوعهم إلى حياةٍ أعمق. إن كل مؤمنٍ مكرسٍ يجوع للمزيد من الله. تُظهِر شهادات مؤمنين عظماء أن هذا الجوع كان ممتلئًا بنعمة الله.
[1]هذا الشكل التوضيحي مُقتبس من www.dannycoleman.blogspot.com.
[2]"التقليد هو ثمرة تعليم الروح منذ أمدٍ بعيد... إنه ليس معصومًا، ولكنه ليس تافهًا، ونحن نسلب أنفسنا إذا أهملناه." ﭽيه. آي. بيكر، "التمسك بوحدة الكتاب المقدس اليوم."
[3]مقتبس من ويليام إم. جريتهاوس، من الرسل إلى وسلي (كانساس سيتي: مطبعة بيكون هيل، 1979)، 38.
[4]مقتبس من ويليام إم. جريتهاوس، من الرسل إلى وسلي (كانساس سيتي: مطبعة بيكون هيل، 1979)، 85.
دورك
لقد تناولتَ في بداية هذا الدرس نصًا كتابيًا يختلف عليه أعضاء مجموعتك. بعد دراستك لمبادئ التفسير في هذا الدرس، ارجع إلى هذا النص الكتابي، واسأل الأسئلة التالية:
هل يبدأ تفسيري بالاستنتاج؟ هل أقرر بالفعل ما أعتقد أن النص الكتابي يقوله قبلما أقرأه؟
هل يناقض تفسيري مقاطع كتابية أخرى؟
هل تقدم آيات أخرى فهمًا أوضح لهذا المقطع؟
هل يُبنى تفسيري على رسالةٍ غامضةٍ، أم إنني أفسر المقطع بأوضح طريقة ممكنة؟
هل يقدم هذا المقطع أمرًا (وصيةً)؟ لو نعم، فما هو الوعد المُتضَّمن داخل هذا الأمر (هذه الوصية).
ماذا يقول التقليد الكنسي المسيحي على مر العصور عن هذا المقطع؟
ما هو الفهم الواضح والمنطقي لهذا المقطع؟
ماذا تقول خبرتي وخبرة مؤمنين آخرين عن هذا المقطع؟
لا تضمن هذه الأسئلة أنك ستجد اتفاقًا متناهيًا على تفسير مقطعٍ ما. على أية حال، ربما تساعدك أن تجد مساحات من الاتفاق. إذا لم يحدث هذا، من الممكن أن تساعدك الأسئلة أن تحدد بدقة السبب الذي لأجله لا يتفق مسيحيون مخلصون وملتزمون بسلطان كلمة الله على تفسير مقطع معين من الكتاب المقدس.
الدرس الثامن النقاط المفتاحية
(1) يساعدك فهم المبادئ الأساسية لتفسير الكتاب المقدس أن تحفظ نفسك من الانزلاق في استنتاجاتٍ خاطئةٍ في الدراسة.
(2) ابدأ بالنص، وليس باستنتاجك. لا تسمح لافتراضاتك المُسبقة أن تقودك لأن تتجاهل النص.
(3) الكتاب المقدس لا يناقض الكتاب المقدس. إذا ظهر لك أن مقطعيْن متناقضيْن، اسأل إذا ما كنتَ قد أخطأتَ فَهْم أحدهما.
(4) الكتاب المقدس خيرُ مفسرٍ للكتاب المقدس. اسمح لمقطعٍ واضح أن يشرح مقاطع أخرى أكثر صعوبة.
(5) الكتاب المقدس كُتب ليُفهَم. ابحث عن المدلول (المعنى) الواضح للنص.
(6) الأمر الكتابي يتضمن الوعد الكتابي. الله الذي يأمر، يُقوِّي طاعتنا.
(7) مبدأ "بالكتاب المقدس وحده" (Sola Scriptura) يعني أن الكتاب المقدس يحوي كل المعرفة اللازمة للخلاص.
(8) إننا ننظر إلى الكتاب المقدس من خلال ثلاث عدسات تُمكِّننا أن نفهم كلمة الله:
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.