تعلَّم قيادة القادة
يمتلك عديد من القادة تأثيرًا يعتمد على الكاريزما الشخصيَّة التي يتمتَّعون بها، ولا يتجاوز حدود وجودهم. إنَّهم يوجِّهون شخصيًّا كلَّ ما يحدث في المنظَّمة. كما لا يطوِّرون هيكلاً للقيادة ويبدو أنَّهم غير قادرين على إقامة قادة يدعمون الرؤية المشتركة. في بعض الأحيان يبدون كقادة أقوياء لأنَّ لديهم هذه السيطرة على مؤسَّستهم، لكن منظَّمتهم لا يمكن أن تنمو أبعد من نقطة معيَّنة.
لا تتحسَّن المنظَّمة ما لم يتحسَّن قادتها. تصل المنظَّمة إلى حدودها عندما يصل القادة إلى حدودهم. لا تستطيع المنظَّمة توسيع حدودها حتَّى يجد القادة طرقًا لتطوير أنفسهم.
اكتسب زعيم شابٌّ السلطة على أمَّة ما. أراد أن يتمتَّع بالسلطة المطلقة وأن يتأكَّد من عدم منافسة أحد له. لمعرفة كيفيَّة فعل ذلك، ذهب لزيارة زعيم قديم كان ديكتاتورًا على أمَّة ما لفترة طويلة. فسأله: "كيف تضمن ألاَّ يأخذ أحد السلطة منك؟" كانوا يسيرون معًا في حقل حيث تنمو بعض الأعشاب الضارَّة. كان الديكتاتور العجوز يمتلك عصًا، وبينما كانوا يمشون بين الأعشاب، قطع الديكتاتور أطولها. وبعدما شاهده لبضع دقائق، قال القائد الشابُّ: "لقد فهمت".
بعض القادة لا يريدون مساعدين لديهم أفكار وقدرة على القيادة. يريدون فقط الأشخاص الذين يتبعون توجيهاتهم.
من غير المرجَّح أنَّ القادة الذين يخدمون أنفسهم، المدمنين على السلطة والتقدير، ويخشون فقدان المنصب، يقضون أيَّ وقت أو جهد في تدريب من يحلَّ محلَّهم.[1]
هؤلاء القادة يخلقون بيئة لا يتطوَّر فيها القادة الجدد. لا يوجد سوى زعيم واحد ومساعديه. لا تطوِّر المنظَّمة الإدارات والبرامج التي تتطلَّب قادة إضافيِّين. عادةً ما يغادر الشباب ذوو القدرات القياديَّة القويَّة المنظَّمة لإيجاد مكان به فرص.
يوجد احتياج إلى قادة جدد لغرضين: (1) للتحضير للمناصب القياديَّة المستقبليَّة و(2) لتوسيع المنظَّمة.
كان هيرودس الكبير هو الحاكم على يهوذا، وقد عيَّنه الرومان. لم يكن يهوديًّا، ومعظم أهل البلد لم يريدوه أن يكون حاكمًا. كان دائمًا يشكُّ في أنَّ الناس يحاولون إبعاده عن الملك. فقتل بعض زوجاته وأبنائه لأنَّه اشتبه بهم. لم يدرِّب أحدًا ليحلَّ محلَّه. وبعد وفاته، أصبح ابنه ملكًا لكنَّه لم يستطع تأدية المهمَّة بشكل جيِّد وعزله الرومان. وضع الرومان واليًا على يهوذا، ولم يتولَّ حكم يهوذا ملك آخر أبدًا.
يُعدُّ النجاح قصير المدى دون وجود من يخلف فشلاً طويل الأمد. إذا لم تستمرَّ المنظَّمة في العمل بشكل جيِّد بعد ذهاب القائد، فهذا يعني أنَّه لم يفي بمسؤوليَّته بالكامل.
يُعدُّ الشخص للمنصب القياديِّ الأعلى ليس فقط من خلال مساعدة القائد الأعلى، ولكن أيضًا من خلال العمل كقائد. يجب أن يكون القائد الأعلى مستعدًّا لأن يكون لديه قادة تطوير في المنظَّمة: قادة لديهم أفكار، يتَّخذون الإجراءات والقرارات.
[2]يجب تطوير قادة جدد أيضًا من أجل نموِّ المنظَّمة. لا يمكن لمنظَّمة تطوير برامج جديدة أو التوسُّع من دون قادة إضافيِّين.
من المهمِّ أن يكون لديك فرص للقادة المحتملين. إذا كان لدى المنظَّمة مناصب قياديَّة معيَّنة فقط ولا يمكنها إضافة المزيد، لن يمكنها التوسُّع ولن يمكنها الاحتفاظ بالقادة المحتملين. على سبيل المثال، يوجد في الكنيسة السليمة أناس ينخرطون بشكل متزايد ويريدون بدء خدمات جديدة. إذا لم يتمَّ منحهم الفرصة للقيادة، فلن تنمو الكنيسة كما ينبغي.
سيؤدِّي الفشل في تطوير مزيد من القادة إلى وصول جميع القرارات إلى القائد الأعلى ليتَّخذها بنفسه. ولأنَّ القائد لديه حدود، فسينتظره الناس معظم الوقت.
كان موسى في وضع جديد بعد أن قاد شعب إسرائيل للخروج من مصر. جاء الشعب إليه لحلِّ كلِّ نزاع بينهم. كانت توجد كثير من النزاعات بسبب وجود كثير جدًّا من الناس في مكان جديد دون وجود قوانين أو أمثلة ثابتة لاتِّباعها. زار يثرون موسى ورأى أنَّه يقضي كلَّ يوم في حلِّ نزاعات الناس. فنصحه يثرون بتعيين قضاة على مستويات مختلفة للبتِّ في معظم القضايا. أقام هذا العمل قادة يتمتَّعون بسلطة حقيقيَّة.
عادةً ما يفتقر القائد الذي يركِّز على جذب الأتباع إلى معونة في قيادته. تستطيع المؤسَّسة إضافة أتباع، أو يمكنها مضاعفة الأتباع من خلال جذب القادة وتطويرهم.
ليست تنمية القادة مسؤوليَّة القائد الأعلى وحده. يجب على كلِّ قائد في المنظَّمة، على كلِّ مستوى، أن يساعد في تطوير الأشخاص من حوله عن طريق التوجيه ومشاركة المسؤوليَّة.
◄ لماذا تحتاج المنظَّمة القويَّة المتنامية إلى عديد من القادة؟
-فلورانس نايتنجيل