الهويَّة التنظيميَّة والغرض
لم تخضع عديد من المنظَّمات، بما في ذلك الكنائس، لعمليَّة تفكير بشأن هدفها لأنَّه يبدو أنَّ هدفها واضح. ونظرًا لأنَّهم يفترضون غرضهم، يبدو من الواضح أنَّه ينبغي عليهم تأدية أنشطة معيَّنة. وجلُّ أهدافهم هو مجرَّد النجاح في تلك الأنشطة.
يحاول المديرون إنجاز العمل بشكل جيِّد، لكن يجب على القادة التفكير في العمل الذي يجب تأديته. من المهمِّ أن نفعل الأشياء بشكل صحيح، ولكن أوَّلاً يجب أن نفعل الأشياء الصحيحة. ينبغي ألاَّ يكون القسُّ مجرَّد مدير، بل قائد.
هناك عمليَّة تطوير مهمَّة لكلِّ منظَّمة، سواء كانت خدمة أو شركة أو أيَّ نوع آخر من المنظَّمات.
قد تفترض الكنيسة أنَّها موجودة لتقديم خدمات عبادة جيِّدة، ورعاية أعضائها، وتبشير المجتمع. لكن عديد من الكنائس لا تضع أبدًا خططًا لجعل هذه الأشياء تحدث عن عمد.
يجب أن تمرَّ المنظَّمة بعمليَّة تطوير تتضمَّن كثيرًا من الفحص الذاتيِّ.
-
ما هو أهمُّ شيء بالنسبة لنا؟
-
لماذا توجد هذه المنظَّمة؟
-
ماذا يعني بالنسبة لنا أن ننجح؟
-
ما هي بعض النجاحات المحدَّدة التي يمكننا التخطيط للوصول إليها؟
-
ما الذي يمكننا فعله الآن للوصول إلى أهدافنا؟
تتوافق هذه الأسئلة مع المراحل الخمس الأولى من التطوير التنظيميِّ. تتكوَّن عمليَّة التطوير التنظيميِّ من هذه المراحل:
(1) القِيَم
(2) الغرض
(3) الرؤية
(4) الأهداف
(5) الاستراتيجيَّة
(6) العمل
(7) الإنجاز
ليست هذه المراحل منفصلة تمامًا. على سبيل المثال، ربَّما تخطِّط منظَّمة بالفعل لاستراتيجيَّة وتتَّخذ إجراءات حتَّى في أثناء اكتشافها لقِيَمها. قد تعمل البرامج والأقسام المختلفة في المؤسَّسة وهي في مراحل مختلفة من هذه العمليَّة.
الترتيب مهمٌّ لأنَّ كلَّ مرحلة تؤثِّر على ما يليها. تجري التغييرات في أيِّ مرحلة تغييرات في المراحل التالية. على سبيل المثال، إذا غيَّرت منظَّمة مفهومها عن غرضها، فإنَّها ستغيِّر أهدافها وتعريفها للإنجاز.
لا تحدث هذه العمليَّة مرَّة واحدة فقط. يجب ألاَّ تتغيَّر القِيَم والغرض بعد أن يتم فهمها جيِّدًا، ولكن كلُّ شيء آخر يتغيَّر. سواء تمَّ تحقيق الأهداف أم لا، يجب تحديد أهداف جديدة. بعد الإنجاز أو الفشل، يجب على المنظَّمة أن تنظر مرَّة أخرى في قِيَمها وغرضها، وتوضِّح رؤيتها، وتضع أهدافًا جديدة، وتخطِّط لاستراتيجيَّة جديدة، وما إلى ذلك.
◄ لماذا لا تشرح عديد من المنظَّمات أبدًا الغرض منها؟
المرحلة 1: اكتشاف القِيَم
[1]القِيَم مصطلح للأشياء التي نعتبرها أكثر أهميَّة. الأفراد لديهم قِيَم. تتكوَّن المجموعات من أشخاص يتشاركون نفس القِيَم. لكلِّ منظَّمة القِيَم الخاصَّة بها. فهي موجودة لخدمة تلك القِيَم.
بالنسبة للمسيحيِّ، سواء في العمل أو الخدمة، فإنَّ إرضاء الله هو القيمة المطلقة. تأخذ قِيَم المنظَّمة المصمَّمة لإرضاء الله (وينبغي ألاَّ يوجد أيُّ نوع آخر) الحقَّ الكتابيَّ والكنيسة والإنجيل بجديَّة.
حتَّى المنظَّمات التي لا تدعي أنَّها مسيحيَّة تقوم عادةً على بعض القِيَم الجيِّدة، لأنَّها موجودة لتلبية الاحتياجات الإنسانيَّة. أدرجت إحدى مؤسَّسات الأعمال قيمها على هذا النحو: النزاهة في كلِّ شيء، والاهتمام بالجودة، والعلاقات، والتعلُّم.
بالنسبة لأيِّ عمل تجاريٍّ، فإنَّ إحدى القيم المهمَّة هي تحقيق الربح، لأنَّ الشركة لا تستطيع أن تخدم غرضها دون ربح. ومع ذلك، فحتَّى بالنسبة للأعمال التجاريَّة، ليس الربح هو القيمة الأكثر أهميَّة.
أدرجت شركة كبيرة أخرى هذه القيم: السلامة والخدمة والمتعة والنجاح. فالنجاح يعني ربحًا للشركة، لكن لن يتحقَّق من دون القيم الأخرى. القيم الأخرى تزيد من إمكانيَّة الربح، لأنَّ الناس لا يريدون أن يكونوا عملاء لشركة لا تلبِّي احتياجهم.
من الممكن أن تقوم المنظَّمة على قيم ليست جيِّدة، مثل السلطة غير المحدودة لشخص معيَّن أو كراهية مجموعة معيَّنة من الناس. نادرًا ما تكون مثل هذه المنظَّمة قويَّة لفترة طويلة ودائمًا تكون مدمِّرة.
توضِّح القيم كيف يجب أن يتصرَّف الأشخاص في المنظَّمة في أثناء عملهم على تحقيق الأهداف. إذ لا يكفي تحقيق الأهداف فقط. يحتاج الشخص إلى أن يكون راضيًا عن الطريقة التي وصل بها إلى هناك. على سبيل المثال، ينبغي ألاَّ يكون أيُّ شخص راضيًا عن فوزه في لعبة ما إذا فاز عن طريق الغشِّ. من يريد التمتُّع بنصر حقيقيٍّ لا يغشُّ، لأنَّه يخدع نفسه لتحقيق نصر حقيقيٍّ.
◄ فكِّر في هدف لديك. لماذا يعد من المهمِّ أن تكون راضيًا عن الطريقة التي وصلت بها إلى هدفك؟
يتمُّ سرد القِيَم بترتيب الأولويَّة. على سبيل المثال، أدرجت إحدى الشركات النزاهة أوَّلاً لأنَّه لا ينبغي أبدًا التضحية بالنزاهة من أجل الحصول على قيمة أخرى. شركة أخرى تضع السلامة قبل الخدمة، لأنَّ سلامة الناس أهمُّ من راحتهم.
ترتيب القِيَم مهمٌّ. على سبيل المثال: إذا كانت الشركة تقدِّر الربح وتقدِّر الصدق أيضًا، فماذا سيفعل الموظَّف عندما توجد فرصة لتحقيق ربح من خلال كونه غير أمين؟ ماذا سيفعل عندما يأتي الصدق على حساب الربح؟ إذا كان الصدق قبل الربح في قائمة القيم، فسيعرف ماذا يفعل. تتشكَّل المنظَّمة بحسب الطريقة التي تتعامل بها عندما يحدث تضارب بين القيم. القيمة العليا لدى الكنيسة هي إكرام الله، ولا ينبغي تحقيق أيِّ هدف بطريقة لا تكرم الله.
يجب أن تجد المنظَّمة قيمها عن طريق الفحص الذاتيِّ. إذ إنَّها تتبع قيمًا بالفعل، ويجب عليها اكتشافها.
لا تستطيع منظَّمة ببساطة أن تعلن القيم. تدَّعي بعض المنظَّمات وجود قيم لا تتبعها حقًّا، ويعرف موظَّفوها وعملائها أنَّ بيان القيم لا يعني شيئًا.
يجب أن تكون قائمة القيم الأساسيَّة قصيرة، ومعبَّر عنها ببساطة، ومعروفة للجميع، ومطبَّقة في كلِّ موقف. يجب أن تكون قائمة القيم قائمة قصيرة (ربَّما 4-5)، لأنَّ الناس لا يستطيعون التركيز على الكثير.
لا تُختار القيم لأنَّها تخلق نتائج جيِّدة. إذا اُختيرت القيم لهذا السبب، فستُغيَّر للحصول على نتائج أفضل. لا تُختار القيم لأنَّها تعمل بشكل جيِّد، ولكن لأنَّها الأكثر أهميَّة حقًّا.
في بعض الأحيان تبدأ منظَّمة ما وتصبح ناجحة بمنتج أو فكرة معيَّنة. قد يعتقد أفراد المنظَّمة أنَّ المنظَّمة موجودة لتقديم هذا المنتج أو متابعة هذه الفكرة. ولكن، قد لا يفي هذا المنتج أو الفكرة دائمًا بقيم المنظَّمة. من الأفضل للمنظَّمة أن ترسي قيمها، عندئذٍ ستكون مستعدَّة لتأدية كلِّ ما يحقِّق تلك القيم.
كانت إحدى المنظَّمات الإرساليَّة تساعد عديد من الكنائس بالدعم الماليِّ الشهريِّ. أُنفِقَت معظم الميزانيَّة للدعم الروتينيِّ. ولكن، بدأ القادة يدركون أنَّ أهمَّ قيمة لديهم هي تطوير الكنائس المحليَّة ذات القيادة المحليَّة والمدعومة محليًّا. أعاق دعمهم الروتينيُّ للكنائس تحقيق هدفهم. بدأوا في تغيير استراتيجيَّتهم وأفعالهم لتناسب قيمتهم. لقد أدركوا أنَّ هدفهم هو مساعدة الكنائس بطريقة تجعلها أقوى بدلاً من إبقائها تابعة.
"مصدر الاستقرار الوحيد الموثوق به حقًّا هو نواة داخليَّة قويَّة [من القيم] والاستعداد للتغيير والتكيُّف مع كلِّ شيء باستثناء تلك النواة".[2] يجب على المنظَّمة إظهار القيم في كلِّ ما تفعله، بشكل أصيل ومتَّسق.
[3]قيم المنظَّمة لا يحتفظ بها فريق القيادة وحده. من الضروريِّ أن يؤمن أفراد المنظَّمة بالقيم ويتبعونها. إذا كان الأشخاص ذوو التأثير في المنظَّمة لا يؤمنون بالقيم ويدعمونها حقًّا، فلا يمكن أن تكون المنظَّمة قويَّة. تحتاج المنظَّمة إلى ترقية الأشخاص الذين يتمسَّكون بقيمها باستمرار. الأشخاص الذين لا يتمسَّكون بالقيم يجب ألاَّ يستمرُّوا في القيادة. يجب أن تشجِّع البيئة دعم القيم بقوَّة لدرجة أنَّ بعض الناس يختارون المغادرة وينجذب البعض الآخر.
لا يعني الانضباط القويُّ في المنظَّمة عدم وجود مرونة وتنوُّع. إذا كان لدى الناس التزام، فيمكن أن يكون لديهم تنوُّع في كلِّ شيء تقريبًا باستثناء القيم. يعني الانضباط القويُّ أنَّ أفراد المنظَّمة يجب أن يدعموا القيم في كلِّ ما يفعلونه.
تصبح القيم حقيقيَّة فقط عندما توضِّحها بالطريقة التي تتصرَّف بها والطريقة التي تطلب من الآخرين التصرُّف بها. إذا كنت على استعداد للتصرُّف بشكل مخالف لقيمك المعلنة من أجل إنجاز شيء ما، فقِيَمك المعلنة ليست قيمك الحقيقيَّة. يوجد شيء آخر أكثر أهميَّة بالنسبة لك.
بُنيَ ليبقى
درس كولينز وبوراس الشركات التي ظلَّت عظيمة على مدى فترة طويلة من الزمن بينما تراجعت شركات مشابهة. أطلقوا على أفضل الشركات اسم "الشركات ذات الرؤية".[4]
تعلِّم الشركات ذات الرؤية الموظَّفين قِيَمها الأساسيَّة بشكل أكثر شمولاً ممَّا تفعله الشركات المتراجعة. إذ تخلق ثقافات قويَّة لدرجة أنَّها تبدو متديِّنة بشأن قيمها.
ترعى الشركات ذات الرؤية المستقبليَّة الإدارة وتنتقيها بعناية أكبر بناءً على مدى ملاءمتها للقيم الأساسيَّة أكثر من الشركات المتراجعة.
تجعل الشركات ذات الرؤية المستقبليَّة موظَّفيها أكثر اتِّساقًا مع القيم الأساسيَّة من الشركات المتراجعة.
يجب أن تجد المنظَّمة طرقًا لغرس القيم الأساسيَّة وتعليم تطبيقاتها ومراقبة ممارسات ردود الفعل والتصحيح. يجب أن تشير جميع إجراءات وسياسات الشركة إلى تنفيذ القيم.
المرحلة 2: تحقيق الغرض
يعتمد قصد الشركة على القيم الأساسيَّة. لا يجب أن يكون القصد متفرِّدًا عن المنظَّمات الأخرى.
الغرض يوجِّه ويلهم التميُّز. يجب تقييم المنظَّمة على أساس مدى نجاحها في تحقيق غرضها.
الغرض أيضًا لا يتغيَّر. إذ إنَّه ليس مثل الأهداف التي يتمُّ تحقيقها ثمَّ استبدالها. أحيانًا تغيِّر المنظَّمة الطريقة التي تحقِّق بها غرضها. يجب أن تتكيَّف مع الاحتياجات المتغيِّرة من أجل الحفاظ على غرضها الأصليِّ.
قبل توفُّر الكهرباء، لم توجَد ثلاَّجات في المنازل. كانت الشركات تقوم بتوصيل الحليب إلى المنازل يوميًّا. لكن في عديد من المدن الآن، يمتلك معظم الناس ثلاَّجات ويمكنهم الاحتفاظ بالحليب لعدَّة أيَّام. إذا كانت الشركة موجودة فقط لتوصيل الحليب، فلن توجد حاجة إليها. ولكن، إذا كان غرضها هو توفير المنتجات بطريقة مناسبة، فقد تجد طريقة أخرى لتحقيق هذا الغرض. ربَّما توفِّر مركزًا لبيع الحليب ومنتجات الألبان الأخرى. ربَّما ستجد مجموعة متنوِّعة من المنتجات لتوصيلها إلى المنازل بدلاً من الحليب.
كان مبنى أحد الكنائس يقع في حيٍّ كان يتغيَّر. كان عديد من الفقراء من مختلف المجموعات العرقيَّة ينتقلون إلى الحيِّ. لم يعرف أهل الكنيسة كيف يبشِّرون السكَّان الجدد في الحيِّ. نظرًا لأنَّ الكنيسة لم يكن لديها غرض يمكن أن يمنحهم رؤية للحيِّ، باع الناس المبنى ونقلوا الكنيسة إلى مكان آخر.
المرحلة 3: المشاركة بالرؤية
الرؤية هي وصف للطريقة التي يجب أن تكون عليها الأشياء. الرؤية هي الإجابة عن هذا السؤال: "كيف سيبدو الأمر إذا نجحنا تمامًا؟"
الرؤية هي الواقع كما سيبدو لو نجحت المنظَّمة بالكامل. يجب أن تكون هذه الصورة لدى القائد في ذهنه وأن ينقلها في جميع أنحاء المنظَّمة بعدَّة طرق. يجب أن يتواصل القائد ويتصرَّف بطريقة لا يساور فيها أفراد المنظَّمة شكًّا في شغف القائد والتزامه بالرؤية.
يعمل الناس انطلاقًا من فهم أساسيٍّ للواقع الذي يتحكَّم في الطريقة التي ينظرون بها إلى كلِّ مسألة. إذ إنَّ لديهم فهمًا لحال الأمور وكيف يجب أن تكون. يتحكَّم هذا الفهم في الطريقة التي يرون بها كلَّ سؤال يظهر في طريقهم.
"يجب على القائد تشكيل الطريقة التي يفكِّر بها الأتباع بشأن ما هو حقيقيٌّ، وما هو واقعيٌّ، وما هو صحيح، وما هو مهم... يهدف القادة إلى تحقيق تغيير دائم ومواءمة مشتركة بشأن هذه الأسئلة".[5] يجب أن يشرح القائد باستمرار كيف تسير الأمور وكيف ينبغي أن تكون.
أقامت مجموعة من المؤمنين كنيسة في منطقة فقيرة في مدينة كبيرة. كانت قيمهم هي الإنجيل والكنيسة المحليَّة والعائلة. وكان غرضهم هو إظهار الحياة معًا في الكنيسة في المنطقة الفقيرة. أمَّا رؤيتهم فهي تغيير المنطقة الجغرافيَّة بينما يبدأ الناس في العيش في الكنيسة كما أراد الله. أهدافهم هي إيصال حياة الكنيسة إلى المجتمع بطرق محدَّدة.
المرحلة 4: تحديد الأهداف
الأهداف هي خطوات محدَّدة نحو تحقيق الرؤية. يجب أن تكون قابلة للقياس وسهلة الرؤية.
تستند الأهداف إلى القيم لأنَّها توضِّح كيف يجب أن تؤثِّر القيم على العملاء والفريق والمجتمع والعالم. يجب أن تعبِّر جميع الأهداف عن التأثير الذي يجب أن تحدثه القيم.
وصف بلانشارد العلاقة بين القيم والأهداف بهذه الطريقة: "الأهداف هي للمستقبل. القيم الآن. تُعيَّن الأهداف. تُعاش القيم. تتغيَّر الأهداف. القيم صخور يمكنك الاعتماد عليها. الأهداف تدفع الناس إلى المضيِّ قدمًا. القيم تدعم الجهد".[6]
يجب ألاَّ تكون الأهداف دائمة. يجب تغييرها عندما تتغيَّر الأوضاع. القيم لا تتغيَّر، ولكن الأهداف يجب أن تتغيَّر حتَّى يمكنها خدمة القيم في الأوضاع المتغيِّرة.
صنعت شركة في الولايات المتَّحدة منتجات لقيادة الخيول. عندما أصبحت السيَّارات شائعة، اشترى القليل من الناس منتجات لقيادة الخيول. نظرًا لأنَّ الشركة لم يكن لديها غرض يمكن التعبير عنه في أهداف بالنسبة للمنتجات الجديدة، لم تعد الشركة موجودة.
"السرُّ في وجود فريق متميِّز ومتحمِّس ومرن ويصيب الهدف في الوقت المحدَّد هو التأكُّد أنَّ موظَّفيك يحرِّكهم القيم وليس الأهداف".[7]
الفريق الجيِّد يحفِّزه هدف كبير. يجب ألاَّ يكون الهدف عاليًا بحيث يظنُّ الفريق حقًّا أنَّه غير ممكن، لأنَّه في هذه الحالة لن يكون هدفًا حقًّا. ولكن، يجب أن يكون مرتفعًا لدرجة أنَّه سيكون نجاحًا كبيرًا يتطلَّب جهدًا كبيرًا. قد يعتقد الأشخاص الذين ليسوا في المنظَّمة أنَّ الهدف مستحيل، ولكن يجب أن يكون الهدف شيئًا يعتبره الفريق المتحمِّس ممكنًا.
يجب الاحتفال بتحقيق الأهداف وتخليد ذكراها حتَّى يُنظر إليها كعلامات على الطريق نحو الرؤية.
◄ ماذا يحدث إذا حاولت المجموعة العمل بجدٍّ دون أن يكون لها أهداف محدَّدة؟
المرحلة 5: استراتيجيَّة التخطيط
الاستراتيجيَّة هي وضع خطَّة عمل تحقِّق الهدف. يجب أن تستند الاستراتيجيَّة إلى نظرة واقعيَّة للظروف؛ وكذلك الموارد والقدرات المتاحة؛ وكذلك على أهداف معقولة ولكنَّها صعبة.
تتضمَّن الاستراتيجيَّة أيضًا وضع السياسات. يحتاج أفراد المنظَّمة إلى أنماط لاتِّباعها بحيث توضِّح القيم وتحقِّق الغرض. وإلاَّ لا توجد جودة ثابتة.
يجب أن تدرِّب الكنيسة الناس على معرفة كيفيَّة تحيَّة الزائر، وكيفيَّة الصلاة مع شخص ما عند المذبح، وما هي التلمذة التي يجب أن تقدِّمها لمؤمن جديد، وكيفيَّة الاستجابة للاحتياجات الماديَّة في الجماعة، والعديد من الممارسات الأخرى. إذا لم تناقش الكنيسة هذه الأشياء وقرَّرت خطَّة جيِّدة، لا يمكنها أن تتوقَّع أن تُجرى بشكل جيِّد.
يأتي تحديد الهدف قبل الاستراتيجيَّة، ولكن ستُعدَّل الأهداف في أثناء تنفيذ الاستراتيجيَّة. ستُعدَّل الاستراتيجيَّة في أثناء العمل، بينما ترى تأثيرات عملك. من النادر أن تكون الاستراتيجيَّة مثاليَّة لدرجة أنَّها لا تحتاج إلى مراجعة. الاستمرار في الاتِّجاه الخاطئ هو خطأ أسوأ من البدء فيه.
يمكن أن تكون التغييرات الكبيرة في الاستراتيجيَّة مكلِّفة من حيث الوقت والعمل والموارد، لذا اجعل استراتيجيَّتك جيِّدة قدر الإمكان في وقت مبكِّر من العمل. إذا تمكَّنت من إيجاد طريقة لتجربة شيء ما بطريقة صغيرة أوَّلاً، فستعرف ما إذا كان سينجح أم لا. من الأفضل الاستثمار لتوسيع شيء جُرِّبَ ويعمل بالفعل.
يُصمَّم جيش الأمَّة للدفاع عن الأمَّة في زمن الحرب. معظم الدول ليست في حالة حرب في معظم الوقت. لذلك، يدرَّب الآلاف من الرجال لغرض ما، ثمَّ يقضون معظم وقتهم في فعل أشياء أخرى. يواجه الجيش صعوبة في إيجاد هدف لنفسه عندما لا يكون في حالة حرب. غالبًا ما يضاعف الجيش الأنظمة والسياسات التي تجعل الناس مشغولين دون هدف واضح.
إذا لم يكن للكنيسة هدف واضح، فقد تنشغل بوضع القواعد والسياسات والإجراءات.
المرحلة 6: تأدية العمل
يجب أن يتبع العمل الاستراتيجيَّة. يشمل العمل تجنيد المساعدة وإنجاز الشغل وإدارة الأنشطة وتعديل الأساليب باستمرار والحفاظ على تحفيز الأشخاص ومراقبة الفعاليَّة.
ساعدت إحدى منظَّمات الإرساليَّة في دعم مئات الكنائس في عدَّة بلدان. ولكن، عند التفكير في قيمهم، أدركوا أنَّ المنظَّمة بدأت في الأصل بأشخاص يحملون الإنجيل إلى أشخاص لم يتمَّ الوصول إليهم. لقد أدركوا أنَّ نشر الإنجيل كان قيمتهم الأساسيَّة، وأنَّ إرسال الإنجيل إلى أماكن جديدة كان هدفهم. فقرَّروا وضع أهداف جديدة والتخطيط لعمل جديد. وبدلاً من دعم الكنائس القائمة، سيركِّزون على تجنيد وإرسال المبشِّرين إلى أماكن جديدة.
المرحلة 7: التمتُّع بالإنجاز
الإنجاز ليس مجرَّد النجاح في تحقيق هدف كبير. الإنجاز هو أيضًا نجاح عديد من الأهداف على الطريق. أيُّ تقدُّم واضح نحو الرؤية هو إنجاز.
عملت إحدى المنظَّمات الإرساليَّة على إنشاء كنائس بالتدريب والمشاريع. كان لديهم عدد كبير من الكنائس المرتبطة بهم. معظم هذه الكنائس لم تكن قد بدأتها هذه الإرساليَّة، ولكن قوَّاها تأثير الإرساليَّة. أدرك قادة المنظَّمة أنَّ قيمتها تكمن في تطوير الكنائس وتقويتها. لذلك، لم يكن هدفهم في المقام الأوَّل التبشير وإنشاء الكنائس الجديدة، ولكن زيادة قدرة الكنائس على تأدية هذا العمل. بدأوا في التركيز على تطوير التدريب للكنائس.
شارك فريق من المسيحيِّين الإنجيل مع مدمني المخدِّرات أو الكحول. فاهتدى عديد منهم للمسيح. ثمَّ ارتادوا كنائس مختلفة، لكنَّهم واجهوا صعوبة في العثور على كنيسة تفهمهم وتقبلهم. فشكَّلوا كنيسة جديدة بقيادة الفريق الذي بشَّرهم. قيم هذه الكنيسة هي الإنجيل وتغيير المدمنين. والغرض منها هو تسهيل الكرازة والتلمذة الخاصَّة للمدمنين. استراتيجيَّتهم هي تخطيط الأنشطة والبرامج التي تلبِّي الاحتياجات الروحيَّة للمدمنين والمدمنين السابقين.
اسمح لبعض الطلاَّب بمشاركة الطريقة التي يتوقَّعون بها تغيير أهدافهم أو أفعالهم بسبب هذا الدرس.
-ج. هدسون تايلور
-جيمس كاش بيني