كل مساء، تأخذ مارثا وقتًا للصلاة وقراءة الكتاب المقدَّس مع طفليها. إنها تقرأ بعض الآيات وتتوقف عند نهايَّة كل آيَّة لتتحدَّث عن تطبيقها في الحياة. عندما صار طفلاها مراهقَين، أعطتهما مارثا فرصة القراءة بالتناوب وشرح الآيات. لقد تمكنا من شَرح الشواهد جيدًا، لأنهما تعلَّما من قدوتهما؛ أمهما. لقد أمكنهما صياغة مبادئ الحياة التي تعلَّماها من أمهما.
فترة المراهَقة
لكل مجتمع مسمى للفترة بين الطفولة والرُشد. إنها الفترة التي يبدأ فيها الصغير تكوين اهتمامات راشدة، مثل الاهتمامات الجنسيَّة، ولكن لا يمكنه بعد تحمُّل مسؤوليَّة الراشدين. في بعض البلدان يصير الفرد راشدًا قانونًا في سِن الثامنة عشر. في هذه البلدان لا يمكن للشخص دون الثامنة عشر الزواج أو التجنيد أو إبرام عقود قانونيَّة دون موافقة أحد والدَيه.
سِن المراهَقة ليس واحدًا في كل مكان. في بعض المجتمعات قد يصبح الفرد قادرًا على العيش كراشِد قبل الثامنة عشر، عندما يتعلَّم أنْ يعمل عمل الراشدين. وفي مجتمعات أخرى قد يستمر الفرد في الاعتماد على والدَيه بعد الثامنة عشر بسنوات عدة، بينما يُكمل تعليمه.
◄ ما المصطَلح المُستخدَم في بلدك لوصف الشباب ما بين الطفولة والمراهَقة؟
◄ ما الفرق بين البالِغ والراشِد؟
أحد تعريفات "البالغ" هو ما ينطبق على الإنسان والحيوان، وهو: "المخلوق الذي نما جسديًّا". ومع ذلك، فالرُشد عند الإنسان يعني أكثر من مجرد النمو الجسدي. قد يتمتع الشاب بسمات وقوة البالغ، ولكنه ليس مستعدًا لتحمُّل مسؤوليَّة الراشِد.
◄ ما السمات الأخرى للرُشد إلى جانب النُضج الجسدي؟
في العموم، الراشِد شخص قادِر على اتخاذ القرارات وتحمُّل مسؤوليتها. هذا التعريف ليس دقيقًا تمامًا، لأن مستويات المسؤوليَّة الشخصيَّة تختلف كثيرًا. كل شخص، ما دام ليس معزولًا، يتأثر بالآخرين، وحتى الراشدين ليسوا أحرارًا كليًّا في كل قرار. ومع ذلك، فسمات الرُشد الرئيسيَّة هو اتخاذ المرء لقراراته الشخصيَّة وتحمله المسؤوليَّة عنها. بنهاية فترة المراهَقة، ينبغي أنْ يكون الفرد مستعدًا لاتخاذ قرارات لنفسه. الهدف هو إعداد المُراهقين لتلك المسؤوليَّة.
حكى لنا الرب يسوع قصة ابن طلبَ نصيبه من الميراث من أبيه في حياته (لوقا 15: 11-32). أخذَ الابن المال وأهدره بسَفه. هذا مثال للشخص الذي أنهى مرحلة المراهَقة وصار بالغًا، ولكنه ليس راشدًا، إذ لا يمكنه اتخاذ قرارات حكيمة. ثمة كثير من البالغين الشباب الذين يختبرون كوارث القرارات الخاطئة التي يتخذونها، لأنهم لم يتطوروا كفايَّة قبل نوالهم حريَّة الراشدين ومسؤوليتهم.
تحمِلُ كلمة الله الكثير من الحكمة للمراهقين، بينما يخوضون مرحلة مهمة من نموهم الإنساني.
النمو الجسدي والذهني
◄ ليقرأ أحد الطلاب لوقا 2: 40، 52 على المجموعة.
دخَلَ الرب يسوع فترة المراهَقة ونما جسديًّا وذهنيًّا. بين هاتين الآيتين قصة زيارة الرب يسوع إلى الهيكل وحديثه مع المعلِّمين. لم يكن ينمو جسديًّا فحسب، بل كان يشعر أيضًا بقدرته على الاستقلاليَّة أكثر. وكان كذلك مستعدًا لمشاركة أفكاره مع آخرين خارج إطار عائلته وأصدقائه.
اندهشت مريم ويوسف من حديث الرب يسوع مع المعلِّمين، ولكن مريم أخبرته أنها ويوسف كان قلقَين عليه لثلاثة أيام (لوقا 2: 46-48). وقال لها الرب يسوع إنهما لم يُفترض بهما القلق، لأنه كان يبدأ عمَل أبيه (لوقا 2: 49). لقد شعرَ، كمراهق، برغبة طبيعيَّة في بدء اتباع شغف حياته. ومع ذلك، عاد إلى المنزل وخضَع لسلطان والدَيه لبقيَّة سنوات مراهقته (لوقا 2: 51).
يتغيَّر جَسد الطفل خلال مراهقته المبكرة ليصبح مثل البالغين. قد ينمو الطفل سريعًا في القامة، ويبدأ ينمو له شعر في مناطق مختلفة من جسده. وقد يصبح صوته أقوى أو أخشن. على الأب والأم التيقن من فهم الطفل لهذه التغييرات على أنها طبيعيَّة. لقد خطَّط الله للتطور الجسدي والذهني في البشر.
تمتعك بعلاقة جيدة مع طفلك سيساعده على الشعور بالقدرة على الحديث المنفتِح معك خلال هذه المرحلة من حياته. أما الطفل الذي لا يشعُر بالراحة في الحديث مع والدَيه عن هذه الأشياء، قد تكون لديه مخاوف غير مُعلنة، وربما يستقي المعلومات من الأصدقاء أو الإنترنت.
النمو العاطفي
المراهَقة ليست استمرارًا لحياة الطفل كما كانت. يخطئ الآباء إنْ ظنوا أنَّ بوسعهم الاستمرار في تعليم المراهقين كما لو كانوا صغارًا. تتغيَّر اهتمامات المراهق وذهنه، فيشعُر بالرغبة في حريَّة البالغين والنجاح والاحترام. يصبح المراهقون مُحبَطين إذا عوملوا كأطفال صغار.
هناك نماذج بين دفتيِّ الكتاب المقدَّس لشباب صغار يتخذون قرارات حكيمة، مثلما فعلَ الرب يسوع، أو قرارات رديئة، مثلما نقرأ في القصة التي رواها الرب يسوع (لوقا 15: 11-32). على الآباء فَهم كيف يتطور ابنهم أو ابنتهم عاطفيًّا. يجب أنْ يكون هدف الوالدَين مساعدة الشاب على تطوير الانضباط في كل الأوجه، بما فيها العواطف، بحيث لا تعود هناك حاجة لسيطرة الأب أو الأم.
◄ اقرأ أفسس 6: 1-4. ما التوجيهات المحدَّدة التي نخرج بها من هذا المقطع؟
يُفترض أنْ يطيع الأطفال والدَيهم، ما يعني أنَّ على الأب والأم التعاون. يربُط المقطَع بشدَّة بين طاعة الوالدَين والطاعة الواجبة لله. الآباء الذين لا يعلِّمون أبناءهم الطاعة لا يُعدُّونهم لطاعة الله. السماح للأطفال بالتمرُّد عليك يُعدُّهم للتمرُّد على الله.
يقدِّم هذا المقطع توجيهًا خاصًا للآباء. على الآباء تأديب أبنائهم بطريقة لا تُحبِطهم ولا تثبِّط من عزيمتهم لفعل الصواب. العقاب والتقويم ضروريان، وهما لا يجعلان الطفل سعيدًا على الفور، ولكن على الأب أنْ يكون متسقًا في تصرفاته ومُحبًّا. هذا يعني أنَّ على الأب فَهم بعض الأشياء عن النمو العاطفي للطفل.
لا ينبغي أنْ يقتصر دور الأب على التقويم، ولكن التنميَّة الروحيَّة أيضًا وتعليم الأطفال عن الرب. إننا لا ننمي أطفالنا بمهاجمة أخطائهم، ولكن علينا محاولة فَهم أطفالنا وتشجيعهم. إننا لا نفرِض متطلباتنا فحسب بل نعلِّمهم الحق. إننا نُظهِر أيضًا أننا نعيش في طاعة الله.
عندما يتعلَّم الطفل الإكرام والطاعة في سنوات طفولته، يصير تدريبه مراهقًا أيسر! إنَّ العلاقة التي يؤسسها الأبوان مع أطفالهما في صغرهم، ستساعدها خلال التغييرات الجسديَّة والعاطفيَّة والروحيَّة، التي يَمرُّ بها المراهقون. لا توجد تعليمات لتسهيل تربيَّة الأطفال، ولكن لتأسيس علاقة جيدة مبكرًا تجعل التواصل ممكنًا خلال المراهَقة.
يتمنى الآباء أنْ يستمع أطفالهم لهم، ولكن كثيرًا ما يكون على الأب والأم الاستماع أولًا. رجاءً، من أجل خاطِرك وخاطِرهم، ضع جانبًا هاتفك أو كتابك أو عملك أو أي شيء آخر يشغلك، وامنحهم اهتمامك عندما يحاولون الحديث. استمع إليهم وكأن لا شيء آخر يُهِم. استمِع دون تصويب لما يقولونه، إلى أنْ تفهَم حقًّا ما يريدون قوله. إنهم يحتاجون إلى الشعور بأنك تقدِّرهم حقًّا كأشخاص. حتى لو لم تعجبهم نصيحتك، سوف يحترمونها أكثر بعدما يعرِفون أنك استمعتَ حقًّا.
قد يبدو الاستماع صعبًا عندما يعبِّر شخص صغير عن إحباطه أو غضبه أو انسحابه. تذكَّر أنَّ الصغير لا يفهم كليًّا مشاعره. أحيانًا يقول الصغير ما يقوله لأن عواطفه متأثرة بظروفه وعلاقاته وجسده. يُمكن لكل هذه الأشياء التأثير في مشاعر المُراهق: الضغط من المدرسة، وضغط قبول الأصدقاء، والقلق بسبب التغيُّرات الجسديَّة، والاستياء من الشعور بعدم التقدير أو عدم الاحترام، وتأثيرات الهرمونات، وتعبهم من النوم غير المنتَظِم.
النمو الروحي
◄ اقرا جامعة 11: 9-12: 1، 13. كيف يمكنك شَرح وصايا هذه الآيات للصغار؟
يمكن للعالَم إعطاء الأعذار للسلوك غير المبالي واللا أخلاقي لدى الصغار، ولكن هذه الآيات تذكِّر الشاب الصغير بأنه مسؤول عن تصرفاته أمام الله، لأنه الله يدينه.
لا يزال من المهم جدًّا تعليم كلمة الله خلال أنشطة الحياة المختلفة في هذه المرحلة من الحياة (تثنية 6: 6-7). ومع ذلك، فهذا أصعب لأن المراهقين يصيرون مشغولين بالكثير من الأنشطة خارج مجموعة العائلة. تصير لديهم اهتماماتهم الخاصة، وأنشطتهم التعليميَّة، وأنشطتهم الرياضيَّة، ومجموعات من الأصدقاء. لا يمكن لوالدَيهم أنْ يكونا معهم طوال الوقت، ولكن الله معهم، وعلى الوالدَين الصلاة بأمانة من أجلهم. على الآباء والأمهات طلب الحكمة من الله في تخصيص وقت للأحاديث الخاصة. من المهم للوالدَين الحفاظ على وجودهما في حياة أبنائهم وأنْ يكونا على درايَّة بأنشطتهم المختلفة.
◄ لتقرأ المجموعة 1 تسالونيكي 2: 11-12 معًا. أي مسؤوليَّة أعطاها الله للآباء في علاقاتهم بأبنائهم؟
لا ينبغي للآباء افتراِض أنَّ كلَّ شيء على ما يرام لمجرد أنَّ المشكلات غير ظاهرة. توقَّع أنْ يواجه ابنك أو ابنتك إغواءات ويختبر الضَعف، لأن هذا سيحدُث! زوِّدهم بالمساءلة عن ماليَّاتهم، وكيفيَّة تمضيَّة وقتهم، واختيارات الحياة التي يختارونها، وعفَّتهم. اطلب الحكمة والنصيحة من الآخرين، واستمع إلى المعلِّمين والآخرين الذين يُبدون قلقهم. حتى إنْ لم تتفق مع رأي شخص آخر بشأن طفلك، عليك الاستماع ومحاولة فهم احتياجات طفلك.
صلِّ من أجل المراهقين الذين في بيتك، وأخبِرهم أنك تصلي من أجلهم، ودعهم يسمعون صلاتك من أجلهم. شارك معهم صلوات معيَّنة تصليها. على سبيل المثال، يمكنك القول: "أنا أصلي من أجلك لتجوع وتعطش للبِرِّ (متى 5: 6)، وأنْ تعطش لله كآيل يشتاق إلى جداول المياه (مزمور 42: 1). أطلبُ من الله أنْ تمتلئ بروحه (أفسس 5: 18) لتحبه من كلِّ قلبك ومن كلِّ نفسك ومن كلِّ فِكرك، وتحب قريبك [أو أخيك] كنفسك (متى 22: 37-39)".
◄ ما المقاطع الكتابيَّة الأخرى التي يمكنك الصلاة بها من أجل المراهقين؟
ختامًا، استخدم كلمة الله مع المُراهقين في هذه المسيرة الروحيَّة معهم:
كُن قدوة: امض وقتًا شخصيًا بانتظام في دراسة الكتاب المقدَّس. تحدَّث إلى ابنك أو ابنتك عما يعلِّمه الله لك وكيف تطبِّق كلمة الله في حياتك. حتى لو لم تجِد منهم استجابة متحمِّسة أو لم يُكملوا المحادثة، فإنهم يسمعون الكلمة ويتأثرون بها.
احفظوا المقاطع معًا كعائلة، ورددوا الآيات وقت الوجبة العائليَّة أو في نهايَّة اليوم.
اقرأ مهم كل يوم آيَّة من سفر الأمثال وناقشها. الأمثال سِفر رائع لأوقات العبادة القصيرة، وبه حكمة عمليَّة لكل يوم. إنه يوفِّر فرصًا للكثير من المناقشات ويؤثر تأثيرًا كبيرًا.
التعليمات والمبادئ والأمثلة من الكتاب المقدَّس قابلة للتطبيق على كل مواسم الحياة، فادرس كلمة الله مع بنيك وبناتك.
النمو الاجتماعي
تقول الآيَّة التي تصِف الرب يسوع في مراهقته في لوقا 2: 52 إنه كان ينمو أيضًا في علاقاته مع الناس. الله مهتم كثيرًا بعلاقاتنا. لقد صمَّمَنا لنحظى بتواصل وشركة مع بعضنا بعضًا.
إلى جانب أفراد الأُسرة، إننا نتأثر بزملاء الدراسة والجيران ومجموعات الكنيسة وأصحاب العمل والمعلِّمين والقادة الآخرين، والإعلام. كثيرًا يكون التأثير الأكبر للأقران، سلبًا وإيجابًا. على الآباء المسيحيين مراقبة التفاعلات الاجتماعية كافة لأبنائهم والشباب.
بينما ينمو الشخص تجاه الرُشد، ضَع في اعتبارك بحرص مستعينًا بالصلاة مقدار ما يمكنه تحمُّله. استخدم كلمات مرور وبرامج معيَّنة على حواسيب أُسرتك والهواتف المحمولة لحمايَّة أُسرتك من التعرُّض لمحتوى شرير. حدِّد وقتًا لاستخدام لكل جهاز. راقِب المواقع الإلكترونيَّة والأفلام والبرامج التلفزيونيَّة ومواقع التواصل الاجتماعي. تمامًا مثلما لا تسمح للمراهقين الذين فيبيتك بقضاء وقت معين مع أناس بعينهم، لا تسمح لهم بمتابعة الأشخاص الخاطئين في الفضاء السيبراني أو التواصل معهم.
◄لا يكفي أنْ تحمي الصغار فحسب. ففي المراهَقة أنت تُعدُّ ابنك أو ابنتك لتحمُّل مسؤوليَّة اتخاذ قراراتهم وإكرام الله وحمايَّة أرواحهم. ما بعض الطرائق التي يمكنك بها تعليم المراهقين المسؤوليَّة والمساءلة في استخدامهم للتكنولوجيا في عالَمهم الاجتماعي؟
يميل الشباب إلى تكوين مجموعات من الأصدقاء الذين يقضون الكثير من الوقت معًا. إنهم يتعلمون مشاركة الاهتمامات، مثل الاستمتاع بالنوع نفسه من الترفيه. إنهم يبدؤون مشاركة التوجهات عينها تجاه الكنيسة، وتجاه آبائهم ومدرستهم ومؤسسات أخرى. الآباء كثيرًا ما يُفاجَؤون بالتغييرات في مواقف المراهقين. أحيانًا ما تكون للمراهقين تعليقات وانتقادات غير متوقَّعة، ويستخدِمون كلمات تعلَّموها من أصدقائهم. تصير مجموعة الأصدقاء بمكانة أُسرة بديلة تَمنح أفرادها القبول. ينجذِب الشباب بقوة للأُسرة البديلة إنْ لم يمنحه أُسرته الحقيقيَّة إحساس القيمة والهويَّة والقبول.
يجد الآباء صعوبة كبيرة في اجتذاب المراهقين من مجموعة أصدقاء أو حدِّ تأثير المجموعة. عندما ينتقِد أب أو أم المجموعة أو أفرادها، ينبري المراهق في الدفاع عنهم ويشعُر بأن الأب أو الأم لا يفهم. يمكن للأب أو الأم مساعدة المراهق بإظهار الرعايَّة والاهتمام والمحبة. عندما يلبي أب أو أم احتياجات المراهق العاطفيَّة، فإنه لا يلجأ إلى أُسرة بديلة أو مجموعة أصدقاء.
◄كيف يمكن للآباء والأمهات من عدة عائلات العمل معًا للمساعدة مراهقتهم؟
◄كيف يمكن للكنيسة مساندة آباء المراهقين بينما يمدون يدَّ العون لصغارهم لبنيان حياة صحيَّة واجتماعيَّة تمجِّد الله؟
صعوبات التحول إلى المراهَقة
لا يصير الطفل راشدًا في خطوة واحدة، إذ يَمُر الطفل بوقت تحوُّل يدوم لسنوات عدة.
من بين الأسفار جميعًا كُتبَ سِفر الأمثال للشباب تحديدًا. خاطَب المَلِك سليمان في سِفر الأمثال ابنه، الذي كان يتعلَّم عن الحياة وينمِّي رؤية للعالَم. تحدَّث سليمان إلى ابنه عن كلِّ نطاق من نطاقات حياته، عن مجازاة اختيار طرائق الله وعن مخاطِر رفضها.
تتشكَّل المعتقدات في الطفولة والمراهَقة، والاختيارات التي تُتخذ في ذلك الوقت، في غاية الأهميَّة لحياة المرء. فيما نختبر تحديات عدَّة لفترة التحوُّل نحو الرُشد، سنفكِّر في كيف يمكن لكلمة الله مساعدتنا على اجتياز فترة المراهَقة مع الشباب الذين في بيتنا.
التحدي الأول: يقيِّم المراهق كل ما تعلَّمه ويقرِّر ما يؤمن به.
لما كان المراهق يريد أنْ تكون معتقداته واضحة في ذهنه، فإنه يقيِّم كلَّما تعلَّمه ويتشكك فيه. ثمة إمكانيَّة أنه لن يقبَل كلَّ ما يعلِّمه له والداه. يخشى الوالدان تلك المخاطرة، وإذا شعرا بعدم قدرتهما على مساعدة المراهق على فهم القضايا التي يتدبرها، فربما يبدآن معاملته كطفل مرة أخرى، ويطالبانه بقبول معتقداتهما دون نقاش. يُشعِر هذا المراهق بأنهما لا يدعانه يستخدِم حقه في التفكير.
على الوالدين أنْ يشرحا بطول أناة أسباب المعتقدات، ويقدِّمان للمراهق فرصة الحديث مع آخرين يمكنهم الشرح له.
◄ اقرأ أمثال 23: 22-23.
في هذه الآيات، يقول الله إنَّ الشاب ينبغي أنْ يختار الاستماع إلى حكمة والديه. لا يُمكن للأب أو الأم الاختيار بالنيابة عن المراهق ولكن يمكنهما تنميَّة علاقة جيدة. إذا حافظ الوالدان على علاقة قائمة على التواصل المنفتِح والاحترام مع ابنهما أو ابنتهما، فسوف يشجِّع هذا المراهق على اتخاذ قراره.
التحدي الثاني: يبدأ المراهق في تحمُّل مسؤوليَّة اتخاذ القرارات.
يبدأ المراهق في فهم كيف تُتخذ القرارات، ويشعُر بأنه قادر على اتخاذ قرارات لنفسه، ولكن والدَيه والآخرين يحدُّون من اختياراته. إنه يجرَّب بعصيان سلطتهما لأنه يظن أنهما لا يُدركِان قدراته. وإنْ تمرَّد يميل الآباء عادةً إلى المزيد من تقييده.
على الآباء تأسيس أساس جيد لحياة أبنائهم في طفولتهم. يمكنهم أنْ يشرَحوا لأطفالهم أنْ ما يطلبونه منهم هو في صالح الأطفال أنفسهم، تمامًا كما أنْ تأديب الله لخيرنا (عبرانيين 12: 9-10). على الآباء إظهار أنهم لا يضعون قواعد من أجل راحتهم كآباء فحسب.
ثانيًا، يمكن للوالدَين أنْ يمنحا أطفالهما تدريجيًّا مسؤوليَّة عن قرارات أكبر وأهم خلال سنوات طفولتهم ومراهقتهم. يمكِّن هذا الصغار من ممارسة المسؤوليَّة وإثبات استحقاقهم الثقة، والاستعداد للرُشد.
لا يزال الآباء مسؤولين أمام الله عن وضع حدود لأبنائهم المراهقين (1 تيموثاوس 3: 4)، ولكن سنوات المراهَقة هي سنوات الإعداد للرُشد، حين سيصبح الشاب مسؤولًا أمام الله مسؤوليَّة تامة عن قرارات. على الوالدَين إعداد أبنائهم المراهقين لهذه المرحلة التالية. كَتَبَ سِفر الأمثال أب يناشِد ابنه اتخاذ قرارات حكيمة. عَرِفَ سليمان أنه كأبٍ لا يمكنه اتخاذ قرارات بدلًا من ابنه، ولكن يمكنه جعل القرارات الصحيحة أكثر جاذبيَّة.
التحدي الثالث: لا يتمتع المراهقون بنضج الراشدين.
ربما لا يفهَم المراهقون المخاطِر التي تشغل والدَيهم. غالبًا ما يشعُر المراهقون أنًّ بوسعهم إنجاز أهدافهم وتفادي الأخطار. إنهم كثيرًا ما يَشعرون بالإحباط لأن والدَيهم لا يثقان في قدراتهم وتمييزهم.
يُظهر لنا سِفر الأمثال أنه من المهم للوالدَين ألا يخبران المراهقين فحسب بما صواب وخطأ أو يضعا قيودًا لهم فحسب، ولكن أنْ يتحدثا إليهم عن عواقب كلِّ اختيار. الاستماع إلى هذا التوجيه سيساعِد المراهق على تعلُّم التفكير الناضج.
◄ تُرجى قراءة 1 بطرس 5: 5 معًا.
أذكى ما يمكن للمراهق عمله هو الخضوع لسلطان أبويه التقييَّن والاستماع إلى نصيحتهما الحكيمة. كما توضِّح لنا 1 بطرس 5: 5، يحظى الصغار الذين يفعلون هذا بقبول الله.
التحدي الرابع: للمراهقين رغبات الراشدين ولكن دون امتيازاتهم.
يحظى الراشدون بامتيازات كثيرة، منها إمكانيَّة الزواج وامتلاك العقارات، وتقلُّد المناصِب القياديَّة، وحريَّة اتخاذ القرارات. لأن المراهقين لا يمكنهم بعد التمتع بهذه الامتيازات، مع وجود رغبة طبيعيَّة داخلهم نحوها، فإنهم يَشعرون بالإحباط. تُسبِّب رغباتهم إغواء شديدًا. تُساعِد 2 تيموثاوس 2: 22 الشباب الصغار على معرفة ما يمكنهم عمله تجاه هذه المعضلة.
◄ يُرجى قراءة 2 تيموثاوس 2: 22 معًا.
يمنَح الله نعمة للشباب الصغار الذين يرغبون اتباعه. إنه سوف يُساعِدهم على الخضوع للسلطات والتخلي عن إشباع رغباتهم الخارجة عن توقيته أو مشيئته. إنه سيُساعِد المراهقين المسيحيين على تحويل هذه الرغبات إلى تحفيز للاستعداد للرُشد بالنمو في الفَهم والشخصيَّة ومهارات الحياة.
التحدي الخامس: يرى المراهقون عدم الاتساق في الآخرين ويستاؤون من ذلك.
كثيرًا ما يُحبَط المراهقون بسبب الكثير من الناس الذين كان عليهم أنْ يكونوا قدوة أفضل وقادة روحيِّين أفضل. عندما يحدُث هذا يميل المراهقون إلى فقدان الثقة بالجميع. لهذا السبب، من الضروري لكم كقادة كنائس وكآباء أنْ تتسق حياتكم مع كلامكم، وتكون حياةً تقيَّة. يمكن لعدم الاتساق في حياتكم أنْ يؤدي إلى هلاك الشباب الصغار في الجحيم. نجد متى 18: 6 ذا صلة كبيرة هنا، مع أنه يتحدث عن الأطفال وليس المراهقين.
◄ يرجى قراءة متى 18: 6 معًا.
يمكن للمسيحي الشاب أنْ يكون قدوة في التقوى، حتى إنْ لم يكن رآها في الآخرين. كان صموئيل مثالًا لذلك في العهد القديم. تربى صموئيل في كنف أُسرة كهنوتيَّة غير تقيَّة وفاسدة في جوانب عدة، ومع ذلك فقد قرَّر منذ صباه أنْ يعيش لله (1 صموئيل 1: 20، 1 صموئيل 2: 11-18، 22-26). لقد عاش حياة مقدَّسة، حتى كطفل ومراهق (1 صموئيل 3: 19، 21).
◄ تُرجى قراءة 1 تيموثاوس 4: 12 معًا.
التحدي السادس: يواجه المراهقون بحماس الكثير من القرارات والفرص.
يرى المراهقون العالَم زاخرًا بالفرص. إنهم يكافحون للعثور على الاتجاه في حياتهم. إنهم يتلقون نصائح تربكهم من أناس مختلفين.
إنهم يعتقدون أنَّ شخصًا ما عليه منحهم ما يحتاجونه للسعي لفرصة. من المهم للمراهقين ممارسة الأمانة في الأمور الصغيرة والثقة بالله ليفتَح المزيد من الفرص لهم في حين حسن.
◄ تُرجى قراءة لوقا 16: 10 معًا.
من المهم أيضًا للمراهقين اختيار الاستماع إلى مشورة تقيَّة.
◄ تُرجى قراءة أمثال 11: 14 معًا.
سيجِد الشباب أنَّ ثمة بَرَكة وحريَّة في اتباع سُبل حكمة الله.
للمناقشة الجماعية
◄ ما الأفكار الأكثر نفعًا لك في هذا الدرس؟ كيف ستؤثر هذه الأفكار فيك وفي أُسرتك ومجتمعك وكنيستك؟
◄ إنْ كنت أبًا أو أمًا لمراهق أو مراهِقة، فما النصيحة التي يمكنك مشاركتها بشأن تنميَّة علاقة منفتحة وقائمة على الاحترام مع الطفل في هذه المرحلة من حياته؟ كن أمينًا حيال أخطائك.
◄ ما بعض الأمور العمليَّة التي يمكنك عملها لمساعَدة صغارك على تعلُّم التفكير بحكمة واتخاذ قرارات جيدة؟
◄ كيف تعرِف كأب أو أم متى تُزيد من امتيازات طفلك ومسؤولياته؟
◄ لخِّص المسؤوليات الرئيسيَّة للوالدَين خلال فترة المراهقة.
◄ ما بعض نطاقات الحياة التي يتعيَّن فيها على الأب تشجيع أطفاله والانتباه لهم وإرشادهم بينما ينمون؟
صلاة
أيها الآب السماوي،
نشكرك من أجل ثقتك بنا في تحمُّل مسؤوليَّة تربيَّة أطفالنا إلى أنْ يبلغوا الرُشد. هذه المسؤوليَّة معقَّدة من جوانب عدة، ولا بد أنْ نحظى منك بروح الحكمة.
لقد رأينا في كلمتك مسؤوليتنا عن تعليم أطفالنا الحكمة والتعفف وطاعتك. إننا نادمون على الأوقات التي فشلنا فيها في التركيز على هذه الأولويات في علاقتنا بأبنائنا المراهقين.
بينما نقرأ كلمتك ونطيعها، امنحنا الحكمة لاحتياجات أبنائنا. تشتهي قلوبنا أنْ يتبعوك بأمانة طول أيامهم على الأرض.
آمين
تكليف الدرس
(1) ابحث عن ثلاث آيات أو مقاطع كتابيَّة على الأقل يمكنك استخدامها للصلاة من أجل المراهقين في أسرتك، أو في دائرة تأثيرك. ابحث عن المقاطع الكتابيَّة التي تتعلق بالتالي:
احتياجاتهم الروحيَّة
تطوُّر شخصيتهم
الأشياء والأشخاص المؤثرون فيهم
السُبل التي يحتاجونها للنمو والتطوُّر
اكتب هذه الآيات وعلقها في مكان يمكنك رؤيتها فيه كثيرًا. ابدأ في استخدام هذه الشواهد الكتابيَّة للصلاة من أجل أبنائك المراهقين يوميًّا.
(2) اختر سؤالين من أسئلة المناقشة الجماعيَّة من نهايَّة الدرس، واكتب فقرة واحدة على الأقل عن كل سؤال.
(3) اختر مقطعًا من الكتاب المقدَّس لتقرأه:
أمثال 4-5
أمثال 6
أمثال 23
أمثال 24
تأمل الأسئلة التالية أثناء قراءتك. من هذا المقطع…
ما الأولويات التي يجب أنْ تكون لدى والدَيِّ المراهق؟
ما الأولويات التي يجب أنْ تكون لدى المراهق؟
ما التوجهات التي يجب أنْ يتحلى بها والدا المراهق؟
ما المواقف التي يجب أنْ يتحلى بها المراهق؟
ماذا على والدِّ المراهق أنْ يَفعلا؟
ماذا على المراهق أنْ يفعَل؟
ما نطاقات الحياة التي يجب أنْ يتحدث عنها الوالدان والمراهق؟
اكتب قائمة عبارات تلخِّص الرسائل التي في المقطع لوالديِّ مراهِق. اكتب قائمة أخرى من العبارات تلخِّص رسائل المقطع لطفل مراهق.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.