اقرأ سفر صموئيل الأول والثاني، وملوك الأول والثاني، وأخبار الأيام الأول والثاني.
احفظ 1 ملوك 9: 4-7 و2 أخبار الأيام 7: 13-14
مقدِّمة
يتبع أسفار صموئيل والملوك تاريخ النظام الملكي في إسرائيل. فيخبرنا سفر صموئيل الأول عن بداية النظام الملكي، مُلك شاول. ويتتبع سفر صموئيل الثاني تاريخ حكم داود. وفي سفر الملوك الأول والثاني، يقود الملوك الأشرار إسرائيل ويهوذا إلى الارتداد. وردًّا على ذلك، انهالت الأحكام الموعودة في تثنية 27-28 على الأمة. ومع نهاية سفر الملوك الثاني، دُمِّرَت المملكة الشمالية وسُبي يهوذا إلى بابل.
يتناول سفر أخبار الأيام الفترة نفسها من التاريخ من منظور مختلف. فقد كُتِبَ سفر أخبار الأيام بعد العودة من السبي، وهو ينظر إلى تاريخ إسرائيل من منظور تاريخ الخلاص ويرى قصد الله الدائم لشعبه. ويؤكد سفر أخبار الأيام أن هناك رجاء لشعب الله في المستقبل، وأن الله لم ينسَ عهده مع شعبه.
◄هل أخطأ شعب إسرائيل عندما طلبوا ملكًا؟ في مناقشتك، تأمَّل 1 صموئيل ٨: ٦-٢٢ وتثنية ١٧: ١٤-٢٠.
سفر صموئيل الأول
موضوع السفر: بداية الحكم الملكي في إسرائيل
يتناول سفر صموئيل الأول الانتقال من صموئيل، آخر قاضِ لإسرائيل، إلى شاول، أول ملك في إسرائيل. ويغطِّي السنوات 1100-1011 ق. م. ويوضِّح سفر صموئيل الأول الأيام الأولى لنظام الحكم الملكي. فبدلًا من نظام ثيوقراطيّ يتحدث فيه الله مباشرة من خلال القضاة والأنبياء، سيحكم إسرائيل الآن ملك. من الناحية النبوية، وصف موسى نوع الملك الذي يجب أن يطلبه بنو إسرائيل. ولكن، لم يمضِ وقت طويل حتى ابتعد شاول وخلفاؤه عن خطة الله للملك. ويُظهِر سفر صموئيل الأول وعد الملك الأول وفشله المأساوي في تحقيق المتوقَّع منه كشخص ممسوح من الله.
نظرة عامة على سفر صموئيل الأول
الانتقال إلى النظام الملكي (1 صموئيل 1-15)
يبدأ الانتقال من حكم القضاة إلى نظام الحكم الملكي بقصة صموئيل. كان صموئيل ابن حنة، الأم التقية، مكرَّسًا لله منذ ولادته حسب شريعة النذير.[1]عندما كان طفلًا، أُخِذَ إلى الهيكل ليخدم تحت إشراف عالي الكاهن.
تشمل مشاهد هذا الانتقال ما يلي:
دعوة الله لصموئيل ودينونة عالي وعائلته (1 صموئيل 1-3)
يُظهِر سفر صموئيل الأول 1-7 التدهور المستمر لإسرائيل الذي بدأ في سفر القضاة. حتى الكهنوت فَسَد، إذ دنَّس أبناء عالي منصبهما بالفجور الجنسي وإساءة استخدام الذبائح.[2]ونتيجة لذلك، جاء الله برسالة دينونة عن طريق صموئيل.
استيلاء الفلسطينيين على تابوت العهد (1 صموئيل 4-7)
يَظهَر سوء استخدام إسرائيل للعهد في تعاملهم مع تابوت العهد. عندما هجم الفلسطينيون، أحضر الإسرائيليون تابوت العهد إلى ساحة المعركة، اعتقادًا منهم أن هذا الشيء الإلهي سوف يحميهم من أعدائهم. ولكن بسبب ارتداد إسرائيل، لم يعد الله يحمي الشعب. فاستولى الفلسطينيون على التابوت واحتجزوه طوال سبعة أشهر. وعندما جلب التابوتُ الضربات على الفلسطينيين، أعادوه إلى بيت شمس.
اختيار شاول ملكًا (1 صموئيل 8-12)
لمَّا شاخ صموئيل جعل ابنيه قاضيين لإسرائيل. ومن المؤسف أن ابني صموئيل، مثل ابني عالي، لم يكونا مُخلصَين. فطلب شيوخ إسرائيل من صموئيل أن يمسح لهم ملكًا. وهناك تعارض بين تنبؤات موسى السابقة عن ملك "يختاره الرب إلهك"[3]وبين قول الله لصموئيل: "لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ."[4]
يبدو أن السر هو الدافع وراء طلب الشيوخ: "اجْعَلْ لَنَا مَلِكًا يَقْضِي لَنَا كَسَائِرِ الشُّعُوبِ."[5]بينما تنبأ موسى باليوم الذي يكون فيه الملك جزءًا من خطة الله ، كان دافع إسرائيل هو رغبتهم أن يكونوا مثل الأمم. ومن المؤسف أن ملوك إسرائيل سيقودون الأمة في طريق الأمم المجاورة؛ وستصبح إسرائيل بالفعل "كسائر الشعوب" في عبادة الأصنام والظلم.
بداية مُلك شاول (1 صموئيل 13-15)
في البداية، كان شاول يبدو ملكًا مثاليًّا. فقد كان متواضعًا عند اختياره، وتمتع بالنجاح العسكري ضد الفلسطينيين. غير أن هناك ثلاثة أحداث تكشف عن مشاكل عميقة في قلب شاول.
أخذ شاول دور صموئيل الكهنوتي. وعند مواجهته، ألقى شاول باللوم على صموئيل.[6]
أقسم شاول قسمًا متهورًا كاد أن يتسبَّب في موت يوناثان.[7]
عصى شاول أمر الله بإبادة عماليق بالكامل. وعندما واجهه صموئيل، ألقى باللوم على الشعب.[8]
تُظهِر كل من هذه المشاهد فشل شاول في أن يكون الملك الذي وصفه موسى في سفر التثنية. ونتيجة لذلك، جاء صموئيل برسالة دينونة من الله: "لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ رَفَضَكَ مِنَ الْمُلْكِ."[9]
انحدار شاول وظهور داود (1 صموئيل 16-31)
يتبع النصف الأول من سفر صموئيل الأول انتقال الحكم من النظام الثيوقراطي إلى النظام الملكي؛ ويتبع النصف الثاني من السفر انتقال المُلك من شاول إلى داود.
مقدمة عن داود (1 صموئيل 16-17)
هناك ثلاث قصص تُعرِّفنا بداود. القصة الأولى، مسح داود الذي يؤكد أهمية قلب الملك. كان شاول يبدو ملكًا في نظر الشعب؛ وكان داود يبدو ملكًا في نظر لله.[10]
وتعرِّفنا القصة الثانية بالعلاقة بين شاول وداود. رفض الله شاول كملك، وبدأ روح رديء يعذِّب شاول. وبسبب شهرة داود كموسيقيّ ماهر، اُختير للعزف أمام شاول وتهدئة روحه.[11]
تخبرنا القصة الثالثة عن انتصار داود على العملاق الفلسطيني جليات. وفي ظل ازدياد كبرياء شاول واعتماده على ذاته، تُظهِر هذه القصة اتِّكال داود بتواضع على الله.[12]
الصراع بين شاول وداود (1 صموئيل 18-27)
عندما رأى شاول هتاف الشعب لداود بعد قتل جليات، شعر بغيرة متزايدة من هذا المنافس البارز. وتشمل قصة الصراع بين الملك المرفوض شاول والملك الذي اختاره الله داود أربعة مشاهد رئيسية:
نمو الصداقة بين داود ويوناثان (1 صموئيل 18)
محاولات شاول لقتل داود (1 صموئيل 19-20)
هروب داود من شاول، ورفضه إيذاء "مسيح الرب." (1 صموئيل 21-26)
اختباء داود المؤقَّت بين الفلسطينيين (1 صموئيل 27)
موت شاول وأولاده (1 صموئيل 28-31)
كانت الخطوة الأخيرة في انحدار شاول هي زيارته لساحرة في عين جوت بينما يستعد للحرب مع الفلسطينيين. فهو الآن يشارك في ممارسات السحر التي سعى يومًا إلى تدميرها.[13]فظهر صموئيل وأعطى رسالة دينونة؛ سيهزم الفلسطينيون إسرائيل ويموت شاول وبنوه في المعركة. وكما تنبأ صموئيل، قُتل شاول وأبناؤه في معركة اليوم التالي، ويبدأ سفر صموئيل الثاني بصعود داود إلى العرش.
أصبح داود ملكًا في الثلاثين من عمره. ويغطي سفر صموئيل الثاني السنوات ١٠١١ -٩٧١، من موت شاول حتى موت داود. يذكر هذا السفر نجاح داود في سنواته الاولى كملك. كما يسجل النتائج المأساوية لخطية داود مع بثشبع.
نظرة عامة على سفر صموئيل الثاني
صعود داود إلى السلطة (2 صموئيل 1-4)
يبدأ سفر صموئيل الثاني برد فعل داود على موت شاول. فبدلًا من أن يفرح داود بموت العدو، رثى موت شاول وعاقب العمالقة الذين ادَّعوا أنهم قتلوه. مُسِح داود ملكًا على يهوذا أولًا؛ حيث تُوِّج إيشبوشث، ابن شاول، ملكًا على إسرائيل. ويذكر 2 صموئيل 3: 1: "كَانَتِ الْحَرْبُ طَوِيلَةً بَيْنَ بَيْتِ شَاوُلَ وَبَيْتِ دَاوُدَ." وبعد سبع سنوات، قُتِل إيشبوشث على يد اثنين من قادته وتُوِّج داود ملكًا على كل إسرائيل.
سنوات الرخاء في عهد داود (2 صموئيل 5-10)
كانت السنوات الأولى من حكم داود ناجحة. من الناحية العسكريَّة، أمَّن داود حدود إسرائيل. ومن الناحية السياسيَّة، وحَّد الأمة بعد الحرب الأهلية. وبنقل العاصمة من مدينة حبرون الجنوبية إلى مدينة أورشليم الأكثر مركزية، تمكَّن من تخفيف التوترات السياسية.
والأهم من ذلك، حقق داود نجاحًا روحيًّا خلال هذه السنوات. ويعتبر 2 صموئيل 7 أحد الإصحاحات المهمة في تاريخ العهد القديم. فعهد الله مع داود يقوم على العهد مع إبراهيم ومع موسى. ويشمل عهد داود خمسة وعود:
سيصنع الله مسكنًا آمنًا لإسرائيل (٧: ١٠-١١).
سيقيم الله ابن داود ليبني الهيكل (٧: ١٢-١٣).
سيثبِّت الله مملكة داود إلى الأبد (٧: ١٣).
سيقيم الله علاقة الأب وابنه مع نسل داود (٧: ١٤).
لن تُنزَع رحمة الله من نسل داود (٧: ١٤-١٥).
إن هذا العهد مهم لفهم تاريخ إسرائيل. أحد الأسئلة الرئيسية التي سيطرحها سفر الملوك الأول والثاني: "لماذا لم يعد هناك ملك من نسل داود على العرش؟" بالنسبة لإسرائيل، كان يبدو أن الله قد نسي عهده مع داود. يقدِّم سفر الملوك الأول والثاني إجابة الله عن هذا السؤال.
ويعتبر العهد الداوديّ مهم أيضًا في تاريخ العهد الجديد. تُظهر الأناجيل أن العهد مع داود قد تحقق بصورة نهائية في مجيء يسوع المسيح.[1]
خطية داود وعواقبها (2 صموئيل 11-24)
يسجِّل سفر صموئيل الثاني حدثًا مأساويًّا شوَّه حكم داود. حاول داود إخفاء علاقة الزنى مع بثشبع بقتل أوريا. ويُظهِر ما تبقَّى من سفر صموئيل الثاني دينونة الله لداود. في 2 صموئيل 7: 15، وعد الله أن "رَحْمَتِي لاَ تُنْزَعُ"؛ وهذه البركة هي جزء من علاقة العهد. وفي 2 صموئيل 12: 10، يعد الله أن "لاَ يُفَارِقُ السَّيْفُ بَيْتَكَ إِلَى الأَبَدِ؛" وهذه الدينونة هي أيضًا جزء من علاقة العهد. فالعهد مع الله يحمل مسؤولية تجاه الله.
إن قصة داود وبثشبع هي واحدة من النقاط المظلمة في تاريخ العهد القديم. إنها قصة صعبة جدًا بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بدعوة الله لأبنائه أن يعيشوا أحرارًا من الخطيَّة المتعمَّدة. وفي حين أننا نعتقد أنه من الضروري ألا يقع المؤمن في الخطية، تُظهر قصة داود أنه من الممكن أن يسقط أولاد الله. وتعلِّم هذه القصة المؤمنين دروسًا قيِّمة. فهي تبيِّن ما يجب على المؤمن فعله إذا وقع في خطية متعمَّدة.
(1) يجب أن نعترف بخطيتنا.
عندما واجه صموئيل شاول بخطيته، حاول شاول أن يبرِّر موقفه ("لأنكَ لم تأتِ ...")[1]عندما واجه ناثان داود بخطيته، اعترف داود على الفور: "قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ."[2]يوضِّح هذا الفرق بين داود، الرجل الذي حسب قلب الله، وشاول، الرجل الذي رفضه الله.
سواء كانت "خطية كبيرة" مثل الزنا أو "خطية صغيرة" مثل النميمة، لا يمكننا الحصول على غفران الله حتى نعترف بخطيتنا. ومثل شاول، نميل أحيانًا إلى تبرير خطايانا، أو حتى إنكارها بوصفها "خطأ" أو "ضعف." ولكن، عندما يكشف الله أننا أخطأنا، لا بدَّ أن نعترف بخطيتنا ونطلب غفرانه.
(2) يجب أن ندرك خطورة خطيتنا.
عندما واجه صموئيل شاول بتقديمه الذبيحة الكهنوتية، حاول شاول تبرير خطيته وقال: "فَتَجَلَّدْتُ وَأَصْعَدْتُ الْمُحْرَقَةَ."[3]
عندما واجه ناثان داود، أدرك الملك أن خطورة خطيته لم تكن مجرَّد الفعل نفسه. كانت خطورة خطيته بسبب مَن أخطأ داود إليه. " إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ، لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ."[4]
عندما ندرك أن خطيتنا هي إهانة لله نفسه، نفهم أنه لا توجد خطية "صغيرة" لذا قال الله: "اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ."[5]يجب أن ندرك خطورة خطايانا؛ الخطية تستحق الموت.
(3) يجب أن نؤمن أننا سننال غفران الله.
صلى داود قائلًا: "طَهِّرْنِي بِالزُّوفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ." كان داود يعلم أنه لا يوجد تدبير في نظام الذبائح لخطية متعمَّدة مثل التي ارتكبها.[6]لكنَّه ألقى بنفسه على رحمة الله: "لأَّنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ."[7]تاب داود بإيمان أن الله الرحيم سيغفر خطاياه.
كتب يوحنا في العهد الجديد: "يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ."[8]كمؤمنين بالمسيح، لا يجب أن نقع في الخطية. ولكن إذا أخطأنا، يبشِّرنا يوحنا بأننا لنا شفيع.
ربما كُتِبَ المزمور 32 بعد المزمور 51 بقليل. في المزمور 51، اعترف داود بخطيته. وفي مزمور 32، يفرح بغفران الله. "أَعْتَرِفُ لَكَ بِخَطِيَّتِي وَلاَ أَكْتُمُ إِثْمِي. قُلْتُ: «أَعْتَرِفُ لِلرَّبِّ بِذَنْبِي» وَأَنْتَ رَفَعْتَ أَثَامَ خَطِيَّتِي."[9]
(4) يجب أن نفهم التكلفة طويلة المدى لخطايانا.
غفر الله خطية داود لأنه تاب. لكن ما تبقى من حكم داود تأثر بتلك الليلة مع بثشبع. فقد اغتصب أمنون ابن داود ثامار، أخته غير الشقيقة. وقاد أبشالوم، ابن داود المُفضَّل، محاولة انقلاب ضده. وقاد صيبا، من سبط بنيامين، ثورة. وبينما كان داود على فراش الموت، قاتل أبناؤه على العرش. فالسيف لم يفارق بيت داود. حتى أن سلسلة نسب يسوع تشمل تذكيرًا بخطية داود: " وَدَاوُدُ الْمَلِكُ وَلَدَ سُلَيْمَانَ مِنَ الَّتِي لأُورِيَّا."[10]فقصة داود تذكِّرنا بالعواقب الوخيمة للخطية.
يجب ألا نستهين بالخطية أبدًا. وقد حذَّر بولس: "لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً."[11]إن إدراك خطورة الخطية وتكلفتها يمكن أن يساعدنا على الثبات في لحظة التجربة.
في 2 صموئيل 7، وعد الله بمسكن آمن لإسرائيل، وهيكل في أورشليم، وأن يبقى نسل داود على عرش إسرائيل إلى الأبد. عندما كُتِبَ سفر الملوك الأول والثاني، كُتِبَ من منظور السبي. كان شعب إسرائيل في السبي، و الهيكل قد دُمِّر، ولم يكن هناك ملك من نسل داود على العرش.
يجيب سفر الملوك عن السؤال "لماذا؟" لماذا لم تتم الوعود؟ هل نسي الله وعوده؟ هل إله بابل، مردوخ، أقوى من يهوه، إله إسرائيل؟ يجيب سفر الملوك عن هذه الأسئلة بالإشارة إلى عدم التزام إسرائيل بالعهد.
باستخدام لغة لاهوت التأديب (لاهوت التثنية)، يُظهر سفر الملوك أن بني إسرائيل يحصدون عقابًا عادلًا على خطاياهم. إن هذه الأسفار هي أسفار تاريخية، لكنها أكثر من مجرَّد تاريخ. إنها تفسِّر لماذا حدث في تاريخ إسرائيل ما حدث. ولذلك يضع الكتاب المقدس العبري هذه الأسفار تحت فئة "الأنبياء الأولون." تأتي هذه الأسفار بكلمة نبوية من عند الرب: "لهذا أدين شعبي الذين اخترتهم."
لماذا
الوعد في 2 صموئيل
الواقع في 2 ملوك
مسكن "إلى الأبد"
السبي في بابل
هيكل في أورشليم
دُمِّرَ الهيكل
عرش ثابت "إلى الأبد"
لا يوجد ملك في أورشليم
الكاتب وتاريخ الكتابة
في الكتاب المقدس العبري، سفر الملوك الأول والثاني هما سفر واحد. ويذكر التقليد العبري أن إرميا هو كاتب السفر. لكن لا شيء في سِفرَي الملوك الأول والثاني يحدِّد من هو الكاتب. ويعرِّف معظم العلماء الكتاب بأنه "مجهول".
وقع آخِر أحداث سفر الملوك الثاني في عام 561 قبل الميلاد. لا يذكر سِفر الملوك مرسوم كورش لعام 539 قبل الميلاد. الذي سمح ليهوذا بالعودة. يمكن افتراض أن سِفرَي الملوك الأول والثاني قد كتبا في وقت ما بين هذين التاريخين.
بنية سفر الملوك الأول والثاني
وحدة إسرائيل في عهد سليمان (1 ملوك 1-11)
تغطي هذه الفصول السنوات 971-931 ق م. وهي تتبع أمجاد عهد سليمان: حكمته، وثروته، وبركة الله على الهيكل. كما تذكر ارتداد سليمان في سنواته الأخيرة.
انقسام المملكة (1 ملوك 12- 2 ملوك 17)
تغطي هذه الإصحاحات السنوات ٩٣١-٧٢٢ ق. م، من موت سليمان حتى تدمير المملكة الشمالية على يد آشور. بسبب أفعال رحبعام الحمقاء، انقسمت الأمة إلى مملكتين بعد موت سليمان. اتَّبعت الأسباط الشمالية العشرة يربعام؛ ولم يبقَ سوى يهوذا وبنيامين مواليَيْن لرحبعام ونسل داود. تتناوب الرواية في سفر الملوك بين المملكتين، وتتتبَّع الارتداد السريع للمملكة الشمالية والانحدار التدريجي ليهوذا.
مملكة إسرائيل الشمالية
مملكة يهوذا الجنوبية
19 ملكًا
19 ملكًا؛ وملكة
كان جميع الملوك أشرار
8 ملوك صالحون يجلبون فترات من الانتعاش
العاصمة شكيم، ثمَّ تِرصة، ثمَّ السامرة
العاصمة أورشليم
العبادة في بيت إيل ودان
العبادة في أورشليم، "مدينة داود"
تدمِّرت على يد آشور في عام 722 ق. م
أُخِذَت إلى السبي على يد بابل في عام 586 ق.م
فُقِدَت المملكة
العودة من السبي في عام 536 ق. م
مملكة يهوذا بعد سقوط المملكة الشمالية (2 ملوك 18-25)
تغطي هذه الإصحاحات السنوات 722-561 ق. م، من تدمير المملكة الشمالية إلى إطلاق سراح يهوياكين من السبي في بابل. وبسبب فترات النهضة في عهد قلة من الملوك الصالحين، بقيت يهوذا قائمة لأكثر من قرن بعد سقوط مملكة الشمال. ولكن بسبب حكم منسى الشرير، أعلن الله الدينونة على يهوذا.[1]كانت هناك فترة أخيرة من النهضة في عهد يوشيَّا، ولكن في عام 586 ق. م. احتلت بابل أورشليم، ودمَّرت الهيكل، وأخذت الشعب إلى السبي.
ينتهي سفر الملوك الثاني بتاريخ يهوذا تحت حكم جَدَلْيَا، الذي عيَّنته بابل. ويختتم بذكر أن ملك بابل أطلق سراح يهوياكين من السجن. وقد حدث ذلك في عام 561 ق. م، وكان بالنسبة لقراء سفر الملوك الأوائل، بمثابة تذكير بأن الله كان يحمي نسل داود. لم ينسَ الله وعده لداود.
بعل "إله المطر والرعد".لقد بدَّل شعب إسرائيل عبادة يهوه القدير بهذا الضعيف! إرميا 2: 11
مملكة إسرائيل الشمالية
مملكة يهوذا الجنوبية
931-910
يربعام يقود إسرائيل إلى عبادة الأصنام
931-913
رحبعام يسبِّب انقسام إسرائيل
885-874
عُمري ينقل العاصمة إلى السامرة
911-870
آسا ملك صالح
874-853
آخاب وإيزابل
872-848
يهوشافاط، ملك صالح، لكنه تحالف مع آخاب
875-848
خدمة إيليا
760-750
خدمة عاموس
792-740
عُزِّيَّا يصاب بالبرص لأنه انتهك شرائع الوظائف الكهنوتية
753-715
خدمة هوشع
732-722
هوشع- آخر ملوك المملكة الشمالية
716-687
حَزَقِيَّا
740-681
خدمة إشعياء
722
تدمير المملكة الشمالية على يد آشور
641-609
يوشيَّا- آخر ملوك يهوذا الصالحين
627-586
خدمة إرميا
609-598
مُلك يهوياقيم الذي رفض تحذيرات إرميا
597-586
صَدَقِيَّا- آخر ملوك يهوذا
586
تدمير أورشليم
الموضوعات الهامة في سفر ملوك الأول والثاني
الملوك
إن الطريقة التي ينظر بها سفر الملوك الأول والثاني إلى ملوك إسرائيل تشبه كتب التاريخ العادية وتختلف عنها في الوقت نفسه. فمثل غيره من المصادر التاريخية، يقدم سفر الملوك الأول والثاني معلومات أساسية عن السيرة الذاتية: عُمر الملك عندما تولَّى العرش، والخلفية العائلية، وطول فترة حكمه، ومكان دفنه، ومَن مَلَكَ بعده، ومصدر المعلومات عنه.
على عكس المصادر التاريخية الأخرى، فإن الشاغل الأساسي لسفر الملوك هو تقييم أمانة الملك لله. حيث يقول الكاتب عن كل ملك من الملوك إما: "وَسَارَ فِي جَمِيعِ خَطَايَا أَبِيهِ الَّتِي عَمِلَهَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلًا مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ."[3]أو "كان قلبه كاملا مع الرب كل أيامه."[4]
يُقَيِّم السفر كل ملك على أساس أمانته لله في المقام الأول، وليس على أساس نجاحه السياسي أو العسكري. على سبيل المثال، في التاريخ العلماني، يعد عمري واحدًا من أشهر ملوك إسرائيل. يخبرنا "نقش ميشع" الموجود الآن في متحف اللوفر، عن الحملات العسكرية التي قام بها عمري. وبعد وقتٍ طويل من وفاة عمري، أشارت المصادر الآشورية إلى إسرائيل باسم "أرض عمري." كان عمري ملكًا مشهورًا، ولكن في سفر الملوك الأول، خُصِّصَت ست آيات فقط لعمري. بالنسبة لكاتب الكتاب المقدس: "عَمِلَ عُمْرِي الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَأَسَاءَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ قَبْلَهُ."[5]في نظر كاتب الكتاب المقدس، فاقت خطية عمري أي أهمية سياسية لحكمه. إن سفر الملوك هو تاريخ العهد؛ فهو يتتبع تاريخ شعب إسرائيل من حيث أمانتهم للعهد.[6]
الأنبياء
يولي سفر الملوك الأول والثاني اهتمامًا فائِقًا بدور الأنبياء كجزء من تصوير السفر لانحدار إسرائيل. بينما يتجاهل سفر الملوك الملك عمري تقريبًا، يذكر عهد ابنه أخآب بالتفصيل.
هناك سببان لهذا. إحداها أن حكم أخآب الشرير أدى إلى تدمير المملكة الشمالية.[7]والسبب الثاني هو صراع إيليا مع أخآب. ويُظهِر الصراع بين إيليا وأخآب أمانة الله في تحذير إسرائيل من خطيتهم. فالمواجهة على جبل الكرمل وضعت بني إسرائيل وجهًا لوجه مع ارتدادهم. كما وضعهم الجفاف الذي أعلنه إيليا وجهًا لوجه مع تكلفة هذا الارتداد.[8]
يُظهر الأنبياء أمانة الله لشعبه. من خلال إيليا وأليشع في الشمال، ومن خلال إشعياء ومعاصريه في يهوذا، حذَّر الله إسرائيل مرارًا وتكرارًا من خطيتهم. ولكن المؤسف أن شعب إسرائيل استمروا في تمردهم رغم أمانة الله.
عقيدة التأديب (لاهوت التثنية)
إن الصراع بين إيليا وأخآب لا يُظهِر أمانة الله في تحذير إسرائيل فحسب، بل يُظهِر أيضًا رفض إسرائيل العنيد للتوبة. من منظور السبي، يُظهر كاتب الملوك أن يهوذا وإسرائيل واجها دينونة الله البارة.
يجيب كاتب سفر الملوك عن الأسئلة المطروحة في بداية هذا القسم: "كلا، مردوخ ليس أقوى من يهوه. كلا، لم ينسَ الله وعود عهده. إن يهوذا وإسرائيل يعانيان نتيجة عدم أمانتهما للعهد. وعد العهد بالبركة للأمناء والعقاب لغير الأمناء. الله يفعل ما وعد به تمامًا."[9]
يمكن رؤية العلاقة بين سفر التثنية وسفر الملوك في عدة حالات محددة.
أمر سفر التثنية إسرائيل أن يعبدوا "في المكان الذي يختاره الرب إلهك." أقام يربعام أماكن عبادة جديدة في دان وفي بيت إيل.[10]
يُظهر سفر التثنية نوع المُلك الذي قصده الله لإسرائيل. ويُظهر سفر الملوك كيف فشل ملوك إسرائيل في الارتقاء إلى مستوى معايير الله للملك.[11]
قدَّم سفر التثنية اختبارًا للنبي الحقيقي. أثبتت خدمة إيليا وأليشع صحة هذا الاختبار.[12]
تنبأ سفر التثنية بلعنات محددة إذا خالف شعب إسرائيل العهد. تحقَّقت هذه التفاصيل المأساوية في سفر الملوك.[13]
[8]1 ملوك 17. رأينا في الدرس الخاص بسفر الخروج أن الضربات كانت هجومًا على آلهة مصر الزائفة. كان الجفاف في أيام إيليا هجومًا مماثلًا على الإله بعل. كان بعل إله الخصوبة الفينيقي الذي أدخلته إيزابل إلى إسرائيل. وكان يُدعى "إله المطر والرعد." يعلن إيليا أن يهوه، خالق العالم، هو الوحيد الذي له سلطان على الطبيعة.
كُتِب سفر أخبار الأيام الأول والثاني بعد أكثر من قرن من كتابة سفر الملوك الأول والثاني. ويرجع سفر أخبار الأيام إلى أوقات عصيبة في تاريخ إسرائيل. لقد سمح كورش للشعب بالعودة - ولكن عدد اليهود الذين يعيشون في بابل أكثر من الذين في أورشليم. وقد أُعيد بناء الهيكل - لكنه أصغر وأقل إبهارًا من هيكل سليمان. ولا يوجد ملك من نسل داود على العرش. ولم يظهر المسيح. كُتِبَ سفر أخبار الأيام لشعب يحتاج أن يعرف أن "الله لم ينسَنا. ما زلنا شعبه. ويوجَد رجاء."
يعتَبِر التقليد القديم أن عزرا هو كاتب سفر أخبار الأيام. ويرجع ذلك جزئيًا إلى تكرار الآيتين الأخيرتين في سفر أخبار الأيام الثاني في بداية سفر عزرا. لا يذكر سفر أخبار الأيام نفسه اسم الكاتب. لذا، يُطلق على الكاتب عادةً اسم "المؤرخ".
إن سفر أخبار الأيام هو آخر الأسفار القانونية في الكتاب المقدس العبري. ويلائم هذا التاريخ المحتمل للِّسفر كواحد من آخر الأسفار التي كُتِبَت في العهد القديم، بين 450 و400 ق. م. كما يلائم هذا أيضًا الغرض من السفر. فهو ليس سِفرًا تاريخيًا في المقام الأول، رغم صحة التاريخ المذكور فيه. لكن الغرض الأساسي هو حمل رسالة رجاء بالنظر إلى تاريخ إسرائيل من منظور جديد. يتطلع سفر أخبار الأيام إلى إتمام وعود الله لإسرائيل في المستقبل، الوعود التي ستتحقَّق في مجيء يسوع المسيح.
سفر أخبار الأيام وسفر الملوك
تشبه العلاقة بين سفر أخبار الأيام وسفر الملوك العلاقة بين الأناجيل الإزائية الثلاثة؛ فهي تنظر إلى الحدث نفسه من وجهات نظر متباينة. يسرد سفر أخبار الأيام التاريخ نفسه الذي يسرده صموئيل والملوك. ومع ذلك، فإنه ينظر إلى هذه الأحداث من منظور جديد. يسأل سفر الملوك: "لماذا لم تتحقَّق وعود العهد؟" ويسأل سفر أخبار الأيام: "هل يوجد رجاء في المستقبل؟ هل عند الله قصد لشعبه؟"
يَظهَر غرض كاتب سفر أخبار الأيام في اختياره للأحداث. فهو لا يسرد تاريخًا كاملًا لإسرائيل. بل يختار الأحداث التي تُظهِر كيف كان الله يعمل في تاريخ إسرائيل لتحقيق مقاصده. ولا يحاول الكاتب إنكار الأوقات المظلمة في تاريخ إسرائيل؛ فقراؤه يعرفون تلك الأوقات المظلمة جيدًا. لكنَّ الغرض من سفر أخبار الأيام ليس تفسير أحكام الله؛ بل الغرض منه هو منح الرجاء لشعب يائس. وبانتهائه بإعلان كورش، يختتم سفر أخبار الأيام برسالة رجاء؛ لا يزال الله يحمي شعبه.
سلاسل النسب؟ أمر ممل! نعم، قد تكون هذه الإصحاحات مملة، لكنها مهمة. لماذا؟ لأنها تذكِّر شعب الله بأنه لم ينسَهم.
في القرن الخامس قبل الميلاد، بدا أن سلسلة نسب أسباط إسرائيل لا معنى لها. لقد دمَّر آشور أسباط المملكة الشمالية العشرة ولن يستعيدوا هويتهم أبدًا. وتشتت شعب يهوذا في كل أنحاء مصر، وبابل، وفارس.
في هذه الحالة، تحمل سلاسل النسب رسالة مهمة: "الله لم ينسَنا. نحن شعبه المختار. ما زلنا نعرف من نحن؛ يمكننا تتبع نسبنا رجوعًا إلى آدم." ورغم اختفاء المملكة الشمالية، يريد المؤرِّخ أن يتذكر يهوذا أن الله اختار "كل إسرائيل" ولم ينسَهم.[2]
سيوضح أحد المقتطفات كيف تتوافق سلاسل النسب مع غرض المؤرِّخ. في اللغة العبرية، يشبه اسم يعبيص كلمة "ألم". كان يعبيص رجلاً بلا ميراث عظيم، لكنَّه "دَعَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ …. فَآتَاهُ اللهُ بِمَا سَأَلَ."[3]وصلاة يعبيص ليست وصفة سحرية للحصول على الأشياء من الله، بل هي تذكير بأن الله يسمع من يدعوه، حتى عندما لا يمتلك مزايا شخصية أو عائلية. فقد شجَّعت قصة يعبيص قراء سفر أخبار الأيام الأوائل أن يدعوا الله؛ حتى في الأيام العصيبة، وسيسمع الله صراخهم.
مُلك داود (1 أخبار 10-29)
يُذكَر اسم شاول في سلاسل النسب، لكن المعلومة التفصيلية الوحيدة عن شاول هي وفاته. لم يحظَ عهد شاول باهتمام كبير من المؤرخ. ويتلخص اهتمام المؤرخ بشاول في العبارة: "فَمَاتَ شَاوُلُ بِخِيَانَتِهِ الَّتِي بِهَا خَانَ الرَّبَّ... فَأَمَاتَهُ وَحَوَّلَ الْمَمْلَكَةَ إِلَى دَاوُدَ بْنِ يَسَّى.[4]
يركِّز المؤرخ على داود ونسله الملكيّ. يخبرنا سفر أخبار الأيام عن داود ورجاله الأقوياء. ولا يخبرنا عن خطية داود مع بثشبع. كان قرَّاء أخبار الأيام يعرفون قصة خطيَّة داود؛ لم يكن هذا مهمًّا بالنسبة لغرض سفر أخبار الأيام.
من المثير للاهتمام، أنه رغم عدم ذكر قصة بثشبع في سفر أخبار الأيام، ذُكرت خطية داود في إحصاء الشعب. لماذا؟ لأن هذه القصة مهمة لتأكيد المؤرخ على الهيكل. عندما تاب داود، اشترى بيدر أرنان لبناء مذبح لتقديم الذبائح. وأصبح هذا هو موقع الهيكل.[5]
إن الهيكل مهم في سفر أخبار الأيام. فبعد قصة إحصاء داود للشعب في 1 أخبار الأيام 21، يخبرنا سفر أخبار الأيام عن خطة داود لبناء الهيكل وتنظيمه للاويين، والكهنة، والموسيقيين، والبوابين، والقائمين على خزائن الهيكل. ويذكِّر المؤرخ الأشخاص المحبَطين أن الهيكل هو محور هويتهم؛ فهو يكتب للتشجيع على الأمانة في العبادة في الهيكل.
مُلك سليمان (2 أخبار الأيام 1-9)
إن عهد سليمان مهم بالنسبة للمؤرخ بسبب الهيكل. يتجاهل سفر أخبار الأيام ارتداد سليمان، لكنَّه يخصِّص ست إصحاحات لبناء الهيكل، وتجهيزه، وتكريسه. ويُظهر سفر أخبار الأيام استجابة الله عند تدشين الهيكل: "نَزَلَتِ النَّارُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتِ الْمُحْرَقَةَ وَالذَّبَائِحَ، وَمَلأَ مَجْدُ الرَّبِّ الْبَيْتَ. وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ يَدْخُلُوا بَيْتَ الرَّبِّ لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ."[6]
في هذا الإصحاح لاحقًا، يعد الله سليمان بأنه "إِنْ أَغْلَقْتُ السَّمَاءَ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ، وَإِنْ أَمَرْتُ الْجَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الأَرْضَ، وَإِنْ أَرْسَلْتُ وَبَأً عَلَى شَعْبِي، فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ."[7]
هذا الوعد مهم بالنسبة لإسرائيل بعد السبي. إذ يؤكد لهم أن الله لم يتخلَّ عن شعبه. لم تتحقق وعود العهد بعد، ولكن إذا دعا شعب إسرائيل الله، سيسمع من السماء ويشفي أرضهم. ويشبه هذا رسالة ملاخي، حيث كان يكتب في الوقت نفسه تقريبًا الذي كتب فيه كاتب سفر أخبار الأيام. إن التوبة الحقيقية عن الخطية والأمانة لوصايا الله ستجلب بركة الله للعائدين من السبي.
مملكة يهوذا (2 أخبار الأيام 10-36)
يتبع سفر الملوك المملكة الشمالية ومملكة يهوذا بعد انقسام إسرائيل؛ وتُظهِر كلتا المملكتين آثار دينونة الله. لكن كاتب سفر أخبار الأيام مهتم برسالة الرجاء؛ تُظهِر مملكة يهوذا فقط وعد الله للمستقبل. بعد انقسام إسرائيل، يتتبع سفر أخبار الأيام تاريخ يهوذا فقط.
مرة أخرى في هذا القسم، وجَّه غرض الكاتب اختياره للأحداث. في سفر الملوك، تُذكَر إصلاحات حزقيا الروحية في آية واحدة.[8]في سفر أخبار الأيام، خُصِّصت ثلاثة إصحاحات لتفاصيل إصلاحات حزقيا.[9]يؤكد سفر أخبار الأيام على تكريس حزقيا للهيكل وأمانته لله.
ثمَّة تباين آخر مثير للاهتمام بين سفر أخبار الأيام وسفر الملوك في قصة منسَّى. يُظهِر سفر الملوك أن منسَّى هو أسوأ ملوك يهوذا، الذي جعلت خطيته السبي أمرًا لا مفر منه.[10]ويخبرنا سفر أخبار الأيام أنه بينما كان في السبي، تاب منسَّى. وأطلق سراح منسَّى من بابل وعاد إلى أورشليم. وأزال الأصنام من الهيكل.[11]
يرى كاتب سفر الملوك أن الرسالة الأساسية لحكم منسَّى هي أن الخطية تجلب دينونة الله. ويرى كاتب سفر أخبار الأيام أن الرسالة الأساسية لحكم منسَّى هي أن التوبة تجلب غفران الله. وكلتا الرسالتين ضروريتان لفهم تاريخ إسرائيل. إن سفر أخبار الأيام أكثر من مجرَّد تكرار لما جاء في سفر الملوك؛ إنه مكمِّل لسفر الملوك، ويظهر جانبًا آخر من كلمة الله لشعبه.
[1]نصيحة للمؤمنين بالمسيح الجدد: لا تبدأوا قراءة الكتاب المقدس بأخبار الأيام الأول من 1 إلى 9! نصيحة للمؤمنين بالمسيح الأقدم: لا تتجاهلوا أخبار الأيام الأول من 1 إلى 9!
[2]تُستخدَم عبارة "كل إسرائيل" اثنتين وأربعين مرة في سفر أخبار الأيام. إنها تقرُّ بقصد الله المستمر حتى بالنسبة لأمة مشتَّتة. سيتم قصد الله الخلاصيّ رغم دمار المملكة الشمالية.
الأسفار من صموئيل إلى أخبار الأيام في العهد الجديد
يمثِّل العهد مع داود الأساس التاريخي لخدمة يسوع المسيح. في العهد مع داود، وعد الله أن يجلس ملكٌ من نسل داود على عرش إسرائيل. ولكن في نهاية سفر الملوك الثاني، لم يكن هناك ملك على العرش. ويستمر هذا الوضع مع حكم الفرس واليونانيين، والرومان لإسرائيل.
في العهد مع داود، وعد الله أن يسكن في هيكله. غير أنه، في نهاية سفر الملوك الثاني، لا يوجد هيكل. حتى عندما يُعاد بناء الهيكل، فإنه لا يتمتع بعظمة الهيكل الأول وجماله.
يُظهِر كُتَّاب الإنجيل أن يسوع هو إتمام الوعود لداود. هو الذي أتى ليجلس على عرش داود. رغم أنه رُفض أثناء خدمته الأرضية، سيعود ليملك إلى الأبد. فهو الذي يعلن مجد الله في الهيكل.
لم ينسَ الله وعده لداود. مع أن إسرائيل لم تكن أمينة، ظلَّ الله أمينًا لوعوده. إن الرجاء الذي نراه في سفر أخبار الأيام يتحقق بمجيء يسوع المسيَّا.
الأسفار من صموئيل إلى أخبار الأيام تتحدَّث اليوم
في القرن العشرين، ادَّعت حركة تُسمى "إعادة البناء المسيحي" أن ناموس العهد القديم الذي يحكم إسرائيل يجب أن يكون نموذجًا للبنية السياسية الحديثة. ويرى العديد من المسيحيين، على نحوٍ أقل، أن الساحة السياسية هي وسيلة للنهضة الروحية.
بينما يحق للمسيحيين أن يشاركوا في حكومة مدنية، فإننا لا نعيش في دولة دينية. ولم يشِر المسيح أننا يجب أن نفعل ذلك. بل تتحقَّق الوعود لإسرائيل من خلال خدمة الكنيسة. في العهد القديم، "بارك الله جميع الأمم" من خلال التأثير المباشر لإسرائيل. ومنذ يوم الخمسين، يبارك الله جميع الأمم من خلال انتشار الإنجيل من خلال الكنيسة.
لا تقدم الأسفار التاريخية في العهد القديم نموذجًا لتأسيس بنية سياسية مسيحية بل شهادة على أمانة الله في الحفاظ على شعبه ووعده بالمسيا القادم.
مهام الدرس الخامس
(1) اختر مهمة واحدة من المهام التالية
الخيار الأول: مهمة جماعية
كلِّف كل فرد بدراسة ملك مهم من ملوك يهوذا. اكتب صفحة واحدة تلخِّص فيها حكم الملك. وقيِّم أمانة الملك لله ثم بَيِّن كيف أثَّرَ حكمه على يهوذا خيرًا كان أو شرًّا. اختر ملكًا من بين الملوك التالية: رحبعام، أو يهوشافاط، أو حزقيَّا، أو منسَّى، أو يوشيَّا، أو صدقيَّا.
الخيار التاني: مهمة فردية. اختر واحدة
اكتب مقالًا من صفحة إلى صفحتين (450-800 كلمة) تقارن فيه بين اثنين من ملوك يهوذا التاليين. قيِّم أمانة الملكين لله ثم أظهر كيف أثَّر حكمهما على يهوذا خيرًا كان أو شرًّا. اختر من بين الملوك التاليين: رحبعام، أو يهوشافاط، أو حزقيَّا، أو منسَّى، أو يوشيَّا، أو صدقيَّا.
اكتب مخطَّطًا تفصيليًّا لعظة عن أمانة الله استنادًا إلى سفر أخبار الأيام. استخدم أمثلة من سفر أخبار الأيام توضِّح أمانة الله لشعبه.
(2) أجرِ اختبار هذا الدرس. سيشمل الاختبار النصوص الكتابية المخصَّصة للحفظ.
اختبار الدرس الخامس
(1) اذكر الموضوع الرئيسي لكل سفر.
1 صموئيل: ______________________________
2 صموئيل: ______________________________
الملوك الأول والثاني: ______________________________
أخبار الأيام الأول والثاني: ______________________________
(2) اذكر ثلاثة أحداث في بداية حُكم شاول تظهر أنه لم يكن الملك الذي أراده الله.
(3) اذكر الوعود الخمسة في العهد الداوديّ.
(4) اذكر أربعة مبادئ من خطية داود يجب أن تقود المؤمن الذي يقع في الخطية.
(5) أية فترة زمنية يغطيها سفر الملوك الأول والثاني؟
(6) بعد انقسام إسرائيل، ما هي الأسباط التي ظلت موالية لنسل داود؟
(7) كيف يتم تقييم حياة الملوك في سفر الملوك الأول والثاني؟
(8) قارن بين محتوى سفر أخبار الأيام وسفر الملوك فيما يتعلق بملوك يهوذا.
(9) لماذا يعتبَر حكم سليمان مهمًا في سفر أخبار الأيام؟
(10) قارن بين محتوى سفر أخبار الأيام وسفر الملوك فيما يخص الملك منسَّى.
(11) اكتب 1 ملوك 9: 4-7 و 2 أخبار الأيام 7: 13-14 من ذاكرتك.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.