Lesson 11: حزقيال ودانيآل: نبيَّا السبي

في نهاية هذا الدرس يجب على الطالب أن:

(1) يعرف التاريخ المُرجَّح لسفر حزقيال وسفر دانيآل والإطار التاريخي لهما.

(2) يحدِّد الموضوعات والأغراض الرئيسية لسفر حزقيال وسفر دانيآل.

(3) يفهم القضايا المتعلقة بتفسير نبوِّة نهاية العالم (النبوَّة الرؤيوية).

(4) يحترم سيادة الله على التاريخ البشري.

(5) يربط رسالة سفر حزقيال وسفر دانيآل باحتياجات العالم اليوم.

اقرأ سفر حزقيال وسفر دانيآل

احفظ حزقيال 36: 25-27.

هناك الكثير من القواسم المشتركة بين سفر حزقيال، ودانيآل، وإرميا. تعود الأسفار الثلاثة إلى فترة سقوط أورشليم. كان دانيآل وحزقيال في بابل بينما كان إرميا في أورشليم. وبينما شاهد إرميا دمار أورشليم مباشرةً، رأى حزقيال رؤى عن دمار وطنه في بابل. أما دانيآل، الأصغر سنًّا من إرميا وحزقيال، فقد أُخِذَ إلى بابل أثناء الحصار الأول لأورشليم.

بينما يحتوي كل سفر من هذه الأسفار على رسائل الرجاء والردِّ، فإن الردَّ المستقبلي هو محور تركيز سفر حزقيال ودانيآل أكثر من سفر إرميا. كانت رسالة إرميا الأساسية هي دينونة أورشليم؛ ورأى حزقيال رؤية مشجِّعة للاسترداد؛ وتنبأ دانيآل بالتحقيق النهائي لمقاصد الله في المستقبل البعيد.

الإطار التاريخي لسفر حزقيال

معنى اسم حزقيال "الله يقوِّي." وُلِد حزقيال قبل وقت قصير من اكتشاف يوشيَّا للشريعة عام 621 ق. م. وبصفته ابن كاهن، شهد حزقيال النهضة التي صاحبت إصلاحات يوشيَّا وربما سمع نبوَّات إرميا.

أُخِذَ حزقيال إلى بابل ضِمن السبي عام 597 ق. م. بعد ثورة يهوياقيم. واستقر في مجتمع المسبيين عند نهر خابور بالقرب من مدينة نيبور Nippur. كان حزقيال متزوجًا، لكن لم يذكر أيًا من أولاده.

عوضًا عن الخدمة ككاهن في أورشليم، خدم حزقيال كنبي بين المسبيين.[1] تبدأ خدمة الكاهن في سنِّ الثلاثين وتنتهي في سنِّ الخمسين.[2] وقد جاءت رؤية حزقيال الأولى في سن الثلاثين، وجاءت الرؤية التي ينتهي بها السفر عندما كان حزقيال في الخمسين من عمره.[3] ومثل سفر إرميا، لا تأتي الرسائل في سفر حزقيال دائمًا في ترتيب زمنيِّ. فنبوَّة حزقيال بأن نبوخذ نصَّر سيهزم مصر[4] جاءت عام 571 ق. م، بعد عامين من الرؤية التي ينتهي بها السفر.

كان جمهور إرميا الأساسي هم سكان أورشليم، لكنه كتب رسائل إلى المسبيين في بابل. وكان جمهور حزقيال الأساسي هم اليهود في بابل، لكنه كتب رسائل إلى سكان أورشليم.

الغرض من السفر

كان لدى المسبيين في بابل أسئلة كثيرة:

• "إلى متى سيستمر السبي؟"

• "ماذا سيحدث لمدينتنا؟"

• "هل هناك أمل في المستقبل؟"

أجاب حزقيال أن السبي سيستمر سنوات عديدة. وكتب ليحذِّر سكان أورشليم أنهم سينضمون قريبًا إلى المسبيين في بابل. وبعد تدمير المدينة، جاء حزقيال بوعد الله بالردِّ. وفي النهاية، يعتبر سفر حزقيال رسالة رجاء؛ لم يتخلَّ الله عن شعبه.

مخطَّط سفر حزقيال

دعوة حزقيال (حزقيال 1-3)

جاءت دعوة حزقيال، مثل العديد من رسائله، كرؤيا من الله. تتكون الرؤية من خمسة أحداث:

• الإعداد "أو التخصيص" (1: 1-3)

  • الاقتراب من عرش الله (1: 4-28)

    • الدعوة (2: 1- 3: 11)

  • الخروج من عرش الله (3: 12-13)

• الإعداد "أو التخصيص" (3: 14-15)

مثل إشعياء وإرميا، دُعي حزقيال ليكرز لشعب لا يُصغي. قال الله لحزقيال إنه سيكون التحدث إلى شعب يتحدَّث لغة أخرى أسهل من التحدث إلى شعب يهوذا المتمرد. "صِلاَبُ الْجِبَاهِ وَقُسَاةُ الْقُلُوبِ." غير أن الله أكَّد لحزقيال: "هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ وَجْهَكَ صُلْبًا مِثْلَ وُجُوهِهِمْ، وَجَبْهَتَكَ صُلْبَةً مِثْلَ جِبَاهِهِمْ."[1] فقد منح الله حزقيال القوة على أداء مهمته الصعبة.

دينونة يهوذا (حزقيال 4-24)

من خلال مجموعة من الرؤى والأفعال الرمزية، حمل حزقيال رسالة دينونة إلى المسبيين في بابل. ومحور رسالة سفر حزقيال هو الرؤية التي رآها حزقيال في الإصحاحات 8-11. رأى حزقيال رجاسات في الهيكل نفسه؛ كان الشيوخ يمارسون عبادة الاصنام في الهيكل. فأمر الله ستة سيَّافين أن يهلكوا الشعب و"يملأوا الساحات بالقتلى."[2] وشاهد حزقيال مجد الله يغادر الهيكل. ويتشابه هذا القِسم (حزقيال 10-11) مع عظة إرميا في الهيكل (إرميا 7) في رسالة الدينونة التي يحملها على الهيكل.

ألقى حزقيال مجموعة من المواعظ والأمثال التي تنبأت بسقوط أورشليم. وبلغت رسائل الدينونة ذروتها بموت زوجة حزقيال. فقد أمر الله حزقيال ألَّا يُظهِر أيّ حِداد خارجيّ. وعندما سأله الشعب لماذا لم يحزن على وفاة زوجته، أخبرهم حزقيال أن أورشليم ستعاني رعبًا شديدًا حتى أن الناجين لن يتمكنوا حتى من ممارسة طقوس الحداد على أحبائهم.[3]

دينونة الأمم الغريبة (حزقيال 25-32)

أحد الموضوعات الهامة في الأسفار النبوية هو سيادة الله على جميع الأمم. على عكس الآلهة المزيفة للأمم المجاورة لإسرائيل، يهوه ليس إلهًا محليًّا. فقد حمل حزقيال أقوال الدينونة ضد عمون، وموآب، وأدوم، وفلسطين، وصور، وصيدا، ومصر، معلنًا سيادة الله على كل الشعوب. ليعلَم أعداء إسرائيل "أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي فِيهَا أَحْكَامًا وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا."[4]

ردُّ إسرائيل (حزقيال 33-39)

بعد سقوط أورشليم، تحولت رسالة حزقيال من الدينونة إلى الردِّ. سيردُّ الله شعبه لأجل اسمه.[5] في الردِّ الجسدي، سيعيدهم الله إلى الأرض؛ وفي الردِّ الروحي، سيجدِّد الله قلوبهم. يَعِد الله بتطهير إسرائيل بالماء (تطهيرهم من الخارج) ومنحهم قلبًا جديدًا وروحًا جديدة (تطهيرهم من الداخل).[6] وتُصوِّر رؤية حزقيال لوادٍ من العظام اليابسة تردُّها نسمة روح الله، حياة إسرائيل الجديدة.

هيكل إسرائيل الجديد (حزقيال 40-48)

يختم حزقيال برؤية مشجِّعة للقراءة ولكن يصعب تفسيرها. فقد أخذ الله حزقيال إلى جبلٍ عالٍ وأراه رؤيا لهيكل جديد. رأى حزقيال هيكلاً جديدًا، ومذبحًا وقرابين، ونهرًا يتدفق من الهيكل لشفاء للأمم، وحدود أسباط إسرائيل بعد ردِّ الأمة، وأبواب أورشليم الاثني عشر. والأهم من ذلك، رأى حزقيال مجد الله يعود إلى أورشليم.[7]

يختلف مفسرو الكتاب المقدس حول المعنى الدقيق لهذه الرؤية. وبما أن المؤمنين الأتقياء الملتزمين بحق الكتاب المقدس يختلفون حول تفاصيل الرؤية، يجب أن نكون مترفِّقين بالمؤمنين الذين قد يختلفون معنا حول معنى هذه الرؤية. وتشمل بعض الخيارات لتفسير الرؤية ما يلي:

(1) يرى البعض أن هذه الرؤيا هي وعد بإعادة بناء الهيكل بعد عودة يهوذا إلى أورشليم. وفي هذه النظرة، مَنَعَ عدمُ الإيمان الشعبَ من تحقيق كل ما أظهره الله لحزقيال.

(2) يرى البعض أن هذه الرؤية هي صورة للمُلك الألفي الأرضي. وفي هذه النظرة، خلال ألف عام من حكم المسيح على الأرض، سيُعاد بناء الهيكل وتعود الذبائح كتذكير بموت المسيح الكفاري.

(3) يرى البعض أن هذه الرؤية هي صورة لعمل الله من خلال الكنيسة اليوم. وفي هذه النظرة، يتمِّم الله وعده من خلال الكنيسة.

(4) يرى البعض أن هذه الرؤية هي صورة مجازية للتعبير عن حضور الله بين شعبه في السموات الجديدة والأرض الجديدة. وفي هذه النظرة، يُعتبَر الهيكل والذبائح صورة للعبادة في السماء؛ لن يتم استعادتها بطريقة حرفية.

(5) أخيرًا، يرى البعض أن الرؤية تحتوي على عناصر حرفية وأخرى رمزية. وفي هذه النظرة، تمَّ حزقيال 40-48 جزئيًا في العودة إلى أورشليم، وسيتمُّ بالكامل في الأيام الأخيرة.

الأسلوب النبوي لحزقيال

من أكثر الجوانب الرائعة لحزقيال هو طريقة النبي في إيصال رسالة الله إلى مستمعيه. هناك جانبان مهمّان من نبوَّات حزقيال لفهم السِّفر: وهما تمثيل حزقيال للأحداث، والرؤى التي رآها.

أمر الله حزقيال بتمثيل بعض رسائله. فقد كتب اسم "أورشليم" على لبنة من الطين ووضع عليها حصارًا للتنبؤ بحصار نبوخذ نصَّر لأوشليم.[8] واتكأ على جنبه الأيسر لمدة 390 يومًا لتمثيل إثم إسرائيل؛ واتكأ على جنبه الأيمن أربعين يومًا ليمثِّل إثم يهوذا.[9]

حلق حزقيال رأسه وقسَّم الشعر إلى أجزاء. وأحرق ثلثه، ليمثِّل نارًا في أورشليم؛ وقطع ثلثه بالسيف، ليمثِّل الموت في المعركة؛ وألقي بثلثه في الريح، ليمثل تشتُّت اليهود في السبي. وأمر الله حزقيال أن يحتفظ بأجزاء قليلة من شعره ويربطها في حزامه؛ هذه هي البقية التي ستبقى في أورشليم.[10]

قد يكون من الصعب تفسير رؤى حزقيال. ويُفتَن بعض القراء بتفاصيل الرؤى حتى أنهم يفقدون الرسالة العامة. يستخدم حزقيال لغة تُظهر أنه لا يمثِّل ما رآه تمثيلًا دقيقًا؛ فيشير خمس عشرة مرة إلى "شبه" شيء ما، ويصف ثلاث مرات شيئًا "كأنه كان." إنه يستخدم لغة بشرية لوصف شيء أبعد من الوصف البشري.

رغم أننا قد لا نفهم كل تفاصيل رؤى حزقيال، فإن الرسالة العامة واضحة: سيدين الله شعبه بسبب خطاياهم. وبعد إتمام الدينونة، سيرد الله شعبه. وسيحلُّ مجده بين شعبه مرة أخرى.

الإطار التاريخي لسفر دانيآل

أُخِذَ دانيآل إلى بابل عام 605 ق. م. مع المجموعة الأولى من اليهود المسبيين. ربما كان مراهقًا في ذلك الوقت، وقد قضى بقية حياته الطويلة كنبي في بابل. يسجل سفر دانيآل الأحداث حتى عام ٥٣٦ ق. م. السنة الثالثة لحكم الملك كورش لبلاد فارس.[1] لقد رأى دانيآل بنفسه سقوط يهوذا، وسقوط الإمبراطورية البابلية، وقيام الإمبراطورية الفارسية.

معنى اسم دانيآل "الله قاضيَّ" وهو اسم مناسب للنبي الذي نادى برسالة سيادة الله على العالم كله. يُظهر سفر دانيآل أن الله هو قاضي (ديَّان) هذا العالم. وسيحقِّق قصده في التاريخ.

الغرض من السِّفر

يكتب دانيآل في زمن الاضطهاد والاضطراب، وينقل حقيقتين مهمتين: أهمية الأمانة لله، وسيادة الله الحقيقية على تاريخ البشرية. فرغم الظروف الجارية، سيبرئ الله شعبه في النهاية. ويُظهِر سفر دانيآل أن تاريخ العالم كله يتمِّم مقاصد الله، وليس تاريخ إسرائيل فقط.

بنية سفر دانيآل

الأمانة في قصر بابل (دانيآل 1-6)

تمثِّل قصص دانيآل وأصدقائه الثلاثة نماذج عن الأمانة أثناء السبي. وتُظهر أنه من الممكن أن نبقى أمناء حتى في عالَم وثنيّ.

ترسِّخ الآيات الأولى في سفر دانيآل فكرة سيادة الله:

فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ مُلْكِ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا، ذَهَبَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَحَاصَرَهَا. وَسَلَّمَ الرَّبُّ بِيَدِهِ يَهُويَاقِيمَ مَلِكَ يَهُوذَا مَعَ بَعْضِ آنِيَةِ بَيْتِ اللهِ.[1]

حاصر نبوخذ نصَّر أورشليم؛ ولكن الرب هو الذي "سلَّم ملك يهوذا ليد نبوخذ نصَّر." الله هو مَن أعطى النصرة لبابل.

بما أن الله هو صاحب السيادة، يجب أن يكون شعبه أمناء له حتى في الأوقات التي يبدو فيها أن أعداء الله هم المسيطرون على الأمر. يوضِّح سفر دانيآل الأمانة لله بمجموعة من الأمثلة:

• رفض دانيآل وأصدقاؤه أن "يتنجَّسوا" بممارسات بابل. وأكرم الله أمانتهم وأعطاهم نعمة لدى الملك الوثنيّ (دانيآل 1).

• أعطى الله دانيآل تفسيرًا لحلم نبوخذ نصَّر. ورفع الله دانيآل وأصدقاءه إلى مناصب ذات نفوذ في بابل (دانيآل 2).

• رفض أصدقاء دانيآل السجود أمام تمثال وثنيّ.[2] وأكرم الله أمانتهم بأن حفظ حياتهم في أتون النار. واندهش الملك لرؤية الرجال الثلاثة ينضم إليهم رجل رابع "شَبِيهٌ بِابْنِ الآلِهَةِ." (دانيآل 3).

• أظهر الله سيادته بإذلال نبوخذ نصَّر (دانيآل 4).

• أظهر الله سيادته بأخذ المملكة من بيلشاصر وإعطائها لداريوس المادي (دانيآل 5).

• عندما أُلقي دانيآل في جُب الأسود بسبب أمانته لله، أنقذه الله من موتٍ محقَّق (دانيآل 6).

هذه ليست مجرَّد قصص أطفال؛ فهي تقدِّم أمثلة قوية عن الأمانة في كل الظروف. عندما ظلَّ دانيآل وأصدقاؤه أمناء لله، كان الله أمينًا لهم.

الرؤى الخاصة بسيادة الله (دانيآل 7-12)

يرتبط هذا القِسم ارتباطًا دقيقًا بالنصف الأول من السفر. يرتبط القسمان من حيث اللغة (الإصحاحات 2-7 مكتوبة باللغة الآرامية لا بالعبرية). ويرتبط القسمان أيضًا من حيث التركيز على موضوع سيادة الله.

يرى دانيآل رؤى تشهد لسيادة الله على التاريخ البشري. فالله ليس إله اليهود فحسب؛ بل إله الأرض كلها.

إن الرؤى في دانيآل 7-12 ليست مرتبة ترتيبًا زمنيًّا، بل تغطي الأحداث نفسها عدة مرات. ويرى أحد الكتَّاب أن الفصول من 7 إلى 12 مثل سُلَّم حلزوني؛ يقودنا كل فصل إلى نقطة أعلى، معطيًا نظرة أكثر وضوحًا لعمل الله في تاريخ البشرية. [3]

رؤية الوحوش (الحيوانات) الأربعة (دانيآل 7)

تتناقض الوحوش (الحيوانات) الأربعة العظيمة التي ظهرت من البحر مع مجد القديم الأيام الجالس على عرشه. كان الوحش الأكثر رعبًا هو الوحش الرابع؛ كان له عشرة قرون وأسنان من حديد وأكل ما بقي من سائر الوحوش. وبعد هزيمة الوحوش، منح القديم الأيام المجد والقوة لابن الإنسان.

عندما طلب دانيآل تفسيرًا، قيل له إن الوحوش العظيمة الأربعة هي ممالك أربع ستقوم في الأرض. والمملكة الرابعة ستلتهم الأخريات. والقرون العشرة هم عشرة ملوك سيخرجون من هذه المملكة الرابعة. والملك الأصغر سيُخضِع ثلاثة ملوك ويتحدث ضد العليّ. وسيقاوم القديسين "ثلاثة أزمنة ونصف" وبعد ذلك سيعيش القديسون في ملكوتٍ أبديّ.

رؤية كبش وتيس (دانيآل 8)

في هذه الرؤيا، كان هناك كبش بقرنين (واحد أكبر من الآخر) قويًّا جدًا. وجاء تيس بقرنٍ واحد بين عينيه تغلَّب على الكبش، لكنَّ قرنه انكسر وطلع عوضًا عنه أربعة قرون أصغر. ومن واحدٍ منها خرج قرن كبير وصل الى السماء. فطرح بعضًا من الجند المرصعين بالنجوم، وداسهم، وجعل نفسه رئيسًا. وفسَّر جبرائيل لدانيآل أن الكبش ذو القرنين يمثِّل ملوك مادي وفارس. والتيس هو اليونان؛ والقرن الكبير هو ملكها؛ والقرون الأصغر هي ممالك أصغر نشأت من اليونان؛ والقرن الذي نما إلى السماء هو ملك شرير سيُهلِك الشعب المقدس. وسيَهلَك هذا الملك، لكن ليس بقوة بشرية.

رؤية السبعين أسبوعًا (دانيآل 9)

بينما كان دانيآل يتضرَّع من أجل اليهود المتألمين، أخبره جبرائيل أن شعب إسرائيل لا بدَّ أن يتألموا سبعين أسبوعًا بسبب خطاياهم. ثم يعيدون بناء أورشليم وينتظرون تسعة وستين أسبوعًا حتى يظهر المسيح. وسيأتي حاكم آخر ويدمر أورشليم، ويقطع عهدًا لمدة أسبوع مع إسرائيل، ويقيم رجس الخراب حتى ينصَبَّ الهلاك النهائي عليه.

رؤية مستقبل إسرائيل (دانيآل 10-11)

رأى دانيآل رجلًا يرتدي كتَّانًا وحزامًا ذهبيًّا، ووجهه كالبرق، وعيناه كمصباحي نار، وذراعاه وساقاه كالنحاس. وجاء رسول لدانيآل وأخبره أن ثلاثة ملوك سيقومون في بلاد فارس وملك رابع سيقود الحرب ضد اليونان. وبعد ظهور ملك جبار، ستنقسم مملكته إلى أربعة أجزاء. وستنتهي الحرب بين ملك الجنوب وملك الشمال بحصول ملك الشمال على السلطة. فيضطهد المؤمنين ويقيم "رجس الخراب".

نهاية رؤى دانيآل (دانيآل 12)

في النهاية، سيظهر رئيس الملائكة ميخائيل في وقت الضيق الشديد لينجِّي كل من كُتِبَ اسمه في السِّفر. وسيحدث هذا بعد "زَمَانٍ وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفٍ."[4] وأخبر الملاكُ دانيآلَ أن هذا سيكون بعد 1290 يومًا من رجس الخراب.

الامبراطوريات في رؤى دانيآل

في الجدول أدناه، أحد النظرات المتعارف عليها للإمبراطوريات في رؤى دانيآل.

الموضوعات الرئيسية في سفر دانيآل

بينما يختلف العلماء حول تفاصيل رؤى دانيآل، تظهر ثلاثة موضوعات بطول السفر.

سيادة الله

من خلال قصص حماية الله في الإصحاحات 1-6 ورؤى دانيآل في الإصحاحات 7-12، أظهر سفر دانيآل أن الله هو صاحب السيادة، ليس على أورشليم فحسب، بل على العالم كله. كانت هذه رسالة قوية بالنسبة للمسبيين الذين يعيشون في بلاد غريبة. فمن الشهادة الأولى لسيادة الله في تسليم يهوذا لنبوخذ نصَّر وحتى الصور النبوية لقديم الأيام الذي يؤسِّس مملكة أبدية لشعبه، يُظهر سفر دانيآل أن الله هو المسؤول عن التاريخ البشري.

كبرياء الإنسان

يُعلِّمنا سفر دانيآل أن الله ينقذ الأمناء ويدين المتكبرين. في الإصحاحات 1-6، يقيم حكام بابل أنفسهم ضد الله وشعبه. وتُظهر قصص إذلال نبوخذ نصَّر (دانيآل 4) ودينونة الله لبيلشاصَّر (دانيآل 5) أن الله يذل المتكبرين.[5]

في الإصحاحات من 7 إلى 12، تقاوم مجموعة من قادة العالم مقاصد الله. ويُهزَمون جميعهم في النهاية. ويحل القديم الأيام وابن الإنسان محل هؤلاء الحكام الأرضيين. وفي الإصحاحات الأخيرة من السفر، تسحق قوى السماء أعداءَ الله.

النصرة النهائية لشعب الله

بغض النظر عن كيفية تفسيرنا للممالك في رؤى دانيآل، فإن الانتصار النهائي لشعب الله واضح. يصف سفر دانيآل التأخير في وصول ملكوت الله الأبدي، التأخير الذي سيعاني خلاله شعب الله من الاختبار والاضطهاد. لكنَّ الأمناء سينعمون بالنصر النهائي.

إن رسالة سفر دانيآل الأساسية هي تشجيع على الأمانة اليوم. ونظرًا لانتصار الله وشعبه في النهاية، يجب أن يعيش المؤمنون بأمانة اليوم.

تتعرَّض الكنيسة أحيانًا لإغراء الانسحاب من العالم إلى معزل من الاهتمامات "الروحية" وترك جوانب الحياة الأخرى. قال أبراهام كويبر Abraham Kuyper: "ليس هناك شبر واحد في مجال وجودنا البشري بأكمله لا ينادي عليه المسيح، المتسلِّط على كل شيء: ’إنه لي!‘" لقد أدرك هذا العالِم السياسي المسيحي الهولندي الذي عاش في القرن التاسع عشر أن الله هو صاحب السيادة على كل شيء.

تعلن الإصحاحات الأخيرة من سفر حزقيال والنصف الأخير من سفر دانيآل سيادة الله على التاريخ البشري كله. إن الله يحقِّق مقاصده. وهذا أمر مهم لسببين:

(1) يمنحنا الثقة في مواجهة مقاومة هذا العالم. عندما كان دانيآل وحزقيال مسبيَين في أرضٍ غريبة، كانا واثقَين أن الله سيحقِّق مقاصده. وعاش دانيآل ليرى بعض هذه المقاصد تتحقَّق؛ ربما لم يعش حزقيال حتى يرى العودة من السبي. لكن عرف كلاهما أن الله سيتمِّم مقاصده. وكمؤمنين في القرن الحادي والعشرين، نحن نعيش بثقة أن الله هو المتحكِّم في عالمنا. لا شيء يمكن أن يبطل مقاصده.

(2) يذكِّرنا بمسؤوليتنا أن نعيش بأمانة في الحياة اليومية. يجب ألَّا يتنازل المؤمنون للشيطان عن العملية السياسية، أو النظام التعليمي، أو المساعي الثقافية، أو أي مجال آخر من مجالات التأثير. أينما يضعنا الله، علينا أن نعيش كممثلين للإله صاحب السيادة. بالنسبة لحزقيال، كان هذا يعني الأمانة كنبي في السبي، وبالنسبة لدانيآل، كان هذا يعني الأمانة كعضو مؤثر في المملكة. أين يريد الله أن يستخدمك في ملكوته؟

هناك ما لا يقل عن خمسة وستين إشارة إلى سفر حزقيال في العهد الجديد. ويوجد ما يقرب من خمسين منها في سفر الرؤيا.

يَعِد سفر دانيآل أن الله سيهزم الشر ويحكم العالم؛ إلا أن العودة إلى أورشليم في عام 538 ق. م. لم تحقِّق هزيمة الشر. ويُظهر العهد الجديد تحقيق هذا الوعد، حيث يُظهر بولس أن يسوع على الصليب هزم قوى الشر.[1]

يتحقَّق وعد دانيآل أخيرًا في سفر الرؤيا. ويُعلن سفر الرؤيا انتصار الله النهائي على الشيطان. في دانيآل 7، ظهرت أربعة حيوانات من البحر؛ وفي رؤيا ١٣، ظهر وحش من البحر. في رؤيا 19: 11-21، يسوع هو المحارب الإلهي الذي يهزم قوى الشر.

يُطلق على سفر دانيآل، وسفر الرؤيا، وأجزاء من سفر حزقيال، وسفر زكريا الأدب الرؤيوي. كانت الكتابات الرؤيوية (الخاصة بنهاية العالم) معروفة جيدًا في العالم اليهودي؛ وهناك العديد من الأمثلة غير الكتابية لهذا الشكل. ويختلف الأدب الرؤيوي عن الأنماط الأخرى للكتابة في الكتاب المقدس ويتطلَّب تفسيرًا دقيقًا.

تكشف الكتابات الرؤيوية عن حقيقة كانت مخفية. وينظر الأدب الرؤيوي في الكتاب المقدس إلى أحداث تاريخ العالم في ضوء مقاصد الله. ويركِّز بصورة خاصة على إتمام مقاصد الله النهائية في نهاية الزمان. بينما يركِّز معظم أنبياء العهد القديم على إسرائيل والعهد، ينظر دانيآل إلى إمبراطوريات العالم الدنيوية في ضوء مقاصد الله النهائية.

يصوِّر الأدب الرؤيوي الحقيقة النبوية من خلال الرؤى. يستخدم دانيآل مصطلح "رؤية" أكثر من ثلاثين مرة. وغالبًا ما تكون الرؤى متداخلة، لذلك يصعب خلق تسلسل زمنيّ دقيق. قد تقدِّم رؤى متعددة وجهات نظر متداخلة للحدث نفسه من أجل تقديم وجهات نظر متبادَلة حول حدثٍ ما. ومن خلال هذه الرؤى، فتح دانيآل (وبعد ذلك يوحنا اللاهوتي) نافذة على العالم الروحي. فالكتابة الرؤيوية تُظهر أن العالم الروحي هو عالم حقيقيّ مثل العالم المادي.

يستخدم الأدب الرؤيوي رموزًا درامية لتوصيل الحقيقة. ويشترك سفر دانيآل وسفر الرؤيا في العديد من الرموز. في كل من دانيآل والرؤيا، تمثِّل الوحوش البشعة ممالك شريرة. وغالبًا ما تكون الوحوش هجينة من فصائل مختلفة، مما يجعلها رجسًا لإسرائيل.[1]

تحمل الكتابات الرؤيوية أهمية خاصة في أوقات الاضطهاد. فقد شجَّع سفر دانيآل الشعب اليهودي أثناء اضطهاد أنطيوخوس أبيفانوس. وكُتِبَ سفر الرؤيا أثناء اضطهاد الرومان للكنيسة. في هذه الأوقات، أعلن الأدب الرؤيوي أن الله هو المحارب الإلهي الذي يحارب نيابة عن شعبه. فالغرض الأساسي من الكتابات الرؤيوية في الكتاب المقدس هو التشجيع على الأمانة اليوم بسبب ثقتنا في خطة الله للمستقبل.

يجب أن يركز قارئ الأدب الرؤيوي على الموضوعات الرئيسية دون أن تطغى عليه التفاصيل. فالموضوع الرئيسي في سفر دانيآل هو سيادة الله على التاريخ البشري. ومع أن العديد من الإمبراطوريات تقاوم الله، فإن انتصاره النهائي مؤكَّد. ويشجِّع دانيآل قراءه على الأمانة بتأكيده لهم أن الله سيحقق النصر النهائي.

عبِّر عن فهمك لهذا الدرس بإجراء المهام التالية:

(1) اختر مهمة واحدة من المهام التالية:

الخيار الأول: مهمة جماعية

اقرأ رؤية حزقيال عن الهيكل الجديد في حزقيال ٤٠ -٤٨. خصِّص لكل فرد من مجموعتك خيارًا من التفسيرات التي نوقشت في هذا الدرس. يجب على كل عضو أن يدرس حزقيال ٤٠ -٤٨ ويشرح كيف يُفسِّر رؤية حزقيال باتباع النهج المعيَّن له.

الخيار الثاني: مهمة فردية

• اكتب مقالًا من صفحة واحدة (450 كلمة) عن رؤية حزقيال للهيكل الجديد. اختر أحد التفسيرات التي نوقشت في هذا الدرس واشرح الرؤية في ضوء ذلك التفسير.

• اكتب مخطَّطًا تفصيليًّا من صفحة واحدة (450 كلمة) لعظة عن خطة الله للتاريخ البشري بناءً على دانيآل 7-12.

(2) أجرِ اختبار هذا الدرس. سيشمل الاختبار النصوص الكتابية المخصَّصة للحفظ.

(1) ما معنى اسم "حزقيال"؟

(2) ما هو الغرض من سفر حزقيال؟

(3) ما هو وجه التشابه بين سفر حزقيال وموعظة إرميا في الهيكل؟

(4) اذكر خمسة خيارات لتفسير رؤية حزقيال لهيكل جديد.

(5) أُخِذَ حزقيال إلى بابل في عام _________ ق.م. أُخِذَ دانيآل إلى بابل في عام_________ ق.م.

(6) ما هي المواضيع الرئيسية الثلاثة في سفر دانيآل؟

(7) ما هما اللغتان المستخدمتان في سفر دانيآل؟

(8) في التفسير التقليدي، ما هي الإمبراطورية التي تمثلها كل صورة من هذه الصور؟

• أسد بجناحي نسر: __________

• دب: __________

• تيس له قرن كبير: __________

• ساقان من حديد وقدمان من حديد وخزف: __________

• حجر يصبح جبلًا عظيمًا: __________

(9) ما هي أسفار الكتاب المقدس التي تتكون بشكل أساسيّ أو جزئيّ من الكتابات الرؤيوية؟

(10) أي سفر في العهد الجديد يقتبس بصورة متكررة من سفر حزقيال ودانيآل؟

(11) اكتب حزقيال 36: 25-27 من ذاكرتك.