تواجه الكنيسة التحديات في كل جيل. بحلول النصف الثاني من القرن الأول، كان الاضطهاد من خارج الكنيسة والمعلمون الكذبة من داخل الكنيسة قد صارا يمثلان خطراً كبيراً على الكنيسة. وقد تواصل هذان الخطران على مدار تاريخ الكنيسة. وكانت رسائل بطرس ويوحنا ويهوذا بمثابة تحذير من هذين الخطرين. والأهم، فإنها تشجعنا على الأمانة في وجه هذان الخطران. إن هذه الرسائل الصغيرة تحمل رسالةً كبيرةً: الله الذي دعانا قادر أن يعطينا النصرة على أي شيء قد يفصلنا عنه.
رسالتا بطرس: الأمانة في الأوقات الصعبة
الكاتب
كان سمعان بطرس أحد أشهر القادة في الكنيسة الأولى. بعد أن تعرف إلى يسوع عن طريق أخيه أندراوس، صار بطرس واحد من أفراد "الدائرة المقربة" ليسوع. كان اسمه الأصلي هو سمعان (أي سمع)، ولكن يسوع غير اسمه إلى بطرس (أي صخرة).
لقد كان لسان بطرس المتسرع وثقته الزائدة سبباً في مواجهته المتاعب على نحو متكرر خلال الخدمة الأرضية ليسوع، ووصل الوضع لأوجه حين أنكر بطرس يسوع أثناء محاكمته. وبعد القايمة، استرد الرب بطرس وصار الصوت الأساسي للكنيسة الأولى. لقد آمن 3 آلاف شخص من خلال خدمة بطرس يوم الخمسين. وسافر كمبشر وصلب في روما خلال عصر اضطهاد نيرون للمسيحيين. ويقول التقليد الكنسي إن بطرس طالب بأن يصلب مقلوباً لأنه شعر بأنه غير مستحق لأن يموت نفس الميتة التي اختبرها المخلص الذي أنكره يوماً.[1]
◄ كيف كانت سقطات بطرس خلال خدمة المسيح على الأرض لتساعده في كتابة هذه الرسائل لتشجيع المؤمنين على الأمانة في الأوقات الصعبة؟ وماذا تعلم من خبرته الخاصة وكان له تأثير على تعاليمه في هذه الرسائل؟
القارئ ومكان الكتابة
يرسل بطرس تحياته من "بابل"، في إشارة إلى روما.[2]تمثل بابل قوى مقاومة لأناس الله، وكان عدو الكنيسة في ذلك الوقت عو الإمبراطورية الرومانية.
وفي توازٍ مع تشبيه روما ببابل، وجه بطرس رسالته الأولى إلى "الْمُتَغَرِّبِينَ مِنْ شَتَاتِ" آسيا الصغرى.[3]فكما تشتت إسرائيل في السبي، تشتتت الكنيسة بفعل الاضطهاد من قبل روما. ولكن على عكس إسرائيل، كان سبب معاناة المسيحيين هو أمانتهم وليس عدم الطاعة كما في حالة شعب إسرائيل، فقد اشتركوا في آلام المسيح.[4]
الجمهور الأساسي لهاتين الرسالتين هو الأمميين، وهم المؤمنون الذين لم يعودوا "يشاكلوا شهواتهم السابقة في جهالتهم."[5]أما رسالة بطرس الثانية، فلا تحدد جمهوراً بعينه، ولكنها رسالة بطرس الثانية للقراء ذاتهم.[6]
تاريخ الكتابة
من المرجح أن يكون بطرس قد كتب هاتين الرسالتين قبيل موته في منتصف ستينات القرن الأول الميلادي. ويعود تاريخ كتابة الرسالتين في معظم الأحيان إلى ما بين عامي 62 و67م.
هدف الرسالتين
تشجع رسالتا بطرس الأولى والثانية المؤمنين المتألمين على الأمانة. فكما تألم المسيح ثم تمجد، يتألم المؤمنون أولاً في هذا العالم ثم ستمتعون بمجد أبدي. ولكن عليهم أن يكونوا أمناء في وجه كل من الألم (1 بط) والتعاليم الكاذبة (2 بط). ويؤكد بطرس لقرائه أن الله سيكافئ من يحتمل.
المواضيع الرئيسية في رسالة بطرس الأولى
رجاء المؤمنين
هناك وعد للمؤمنين كونهم "مختارين بمقتضى علم الله السابق"، وعد بميراث "لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ."[7]ورغم وجود الألم والمعاناة في هذا العالم، إلا أننا "بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ."[8]فأي كانت تجربة إيماننا، لنا رجاء المجد الأبدي. وهذا الرجاء ينتج فرحاً لا ينطق به" للمؤمن المتألم.[9]
دعوة للقداسة
لأن لنا رجاء المجد الأبدي، ينبغي أن يكون لدينا دافع للاستجابة لدعوة الله للقداسة. يستشهد بطرس بلاويين 19: 2 ويتحدى قرائه أن يكونوا قديسين كما أن الله قدوس. ويظهر هذا في محبتنا لأخوتنا[10]والعطش للحق الروحي[11]والحياة النقية.[12]
والغريب أننا نجد في رسالة موجهة لمؤمنين مضطهدين تعليماً من بطرس عن الخضوع للسلطة، فلمعرفته بأن المعاناة والألم قد يجعلا المؤمنين يرفضوا كل سلطان أرضي، يكتب بطرس قائلاً إن القديسين ينبغي أن "يخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ." وهذا الخضوع هو من أجل المسيح، الذي أخضع نفسه للرؤساء والحكام. كذلك على المؤمنين أن يخضعوا للسلطات السياسية وللترتيب الأسري السليم.[13]فإن كنا سنتألم، فعلينا أن نتألم لكوننا مؤمنين، وليس لارتكابنا الخطا.[14]
لقد تنبدأ أنبياء العهد القديم بأن المسيح سيجتاز في آلام قبل "المجد الذي بعدها".[16]"قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ"[17]، وينبغي أن نتوقع نحن أيضاً الألم. وكما رُفِعَ المسيح للمجد، فإننا أيضاً سننال المجد الذي وُعِدَ به أولاد الله. كان بطرس شاهداً بنفسه على آلام المسيح وأخذ وعد "الْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُعْلَنَ."[18]وهذا الوعد يشجع كل مؤمن متألم.
المواضيع الرئيسية في بطرس الثانية
النمو في التقوى
في رسالته الثانية، يتحدى بطرس المؤمنين ليتابعوا النمو في التقوى. كـ"شركاء الطبيعة الإلهية،" "بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ،" "قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً،" "وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً،" "وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا،"وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا،" "وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى،" " وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً."[19]
تحذير من التعليم الكاذب
كان الاضطهاد (التحذير الأساسي في 1 بط) يأتي من خارج الكنيسة، أما التعليم الكاذب (التحذير الأساسي في 2 بط)، فعادةً ما يأتي من داخل الكنيسة. ويكشف بطرس تعاليم "الأنبياء الكذبة" الذي تغلغلوا داخل الكنيسة. ويمكن أن تُرَى خطورة تعليمهم في شخصياتهم غير التقية، كما يتلخص في 2 بط 2: 10 – 16. ويختتم بطرس وصفه لهم بمثل يقول «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى قَيْئِهِ»، وَ«خِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ الْحَمْأَةِ».[20]
الأمانة في ضوء مجيء الرب
كان المتشككون يحاولون أن يحبطوا المؤمنين بتشيكهم في مجيء الرب الثاني. حاولوا أن يرسخوا فكرة أنه "مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَيْءٍ بَاق هكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ."[21]وكان رد بطرس هو أم تأني المسيح في مجيئه سببه رحمة الله وصبره. فالله لا يريد أن يهلك أحد، "بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ."[22]فتأنيه في المجيء يمنح فرصةً للتوبة. ألا أن هذا التأني ينبغي ألا يقودنا إلى الشك في حتمية المجيء الثاني للمسيح. "وَلكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ."[23]وفي ضوء مجيئه الأكيد، علينا أن نحيا كأناس قديسين، ينبغي أن نكون " فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى"، وينبغي أن نجتهد لنوجد عنده "بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِي سَلاَمٍ"، وأن "ننْمُوا فِي النِّعْمَةِ وَفِي مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ."[24]
[15]"...اقتلونا، عذبونا، أدينونا، اطحنونا إلى غبار، فإن ظلمكم دليل برائتنا. لذا يسمح الله بأن نتألم هكذا. فكلما اضطهدتوما، زاد عددنا، إن دماء المسيحيين هي بذرة الكنيسة." ترتليانوس عام 197م.
[25]مستوحى من Merrill F. Unger. Unger’s Bible Handbook (Chicago, IL: Moody Press, 1966).
رسائل يوحنا: الشركة مع الله
الكاتب وتاريخ الكتابة
يشير آباء الكنيسة أمثال إيرينيئوس وإكليمندس الإسكندري إلى الرسول يوحنا على أنه كاتب هذه الرسائل. وقد كان يوحنا، مثل بطرس، صياداً وصار بعد ذلك أحد أفراد الدائرة المقربة ليسوع. لقد كان حاضراً عند محاكمة يسوع وكان مع مريم عند الصلب. وكان يوحنا، مع بطرس، أحد أوائل الشهود على القبر الفارغ. وفي بشارته يشير يوحنا إلى نفسه بأنه "التلميذ الآخر" و"التلميذ الذي كان يسوع يحبه."
ووفقاً ليوسابيوس، هرب يوحنا ومؤمنون آخرون من أورشليم قبيل تدمير المدينة من قِبَل روما في عام 70م. هرب المؤمنون إلى مدينة بيلا في بيرية (على الجانب الشرقي لنهر الأردن). وكرز يوحنا لاحقاً في أفسس. وأغلب الظن أن رسائل يوحنا الثلاث قد كتبت من أفسس في الجزء الأخير من القرن الميلادي الأول.
القراء
لا يحدد يوحنا في رسالته الأولى جمهوراً معيناً. يشير يوحنا إلى قرائه قائلاً "أولادي" و"أخوتي." ويوحي هذا بأنه يخاطب مؤمنين كان على علاقة وثيقة بهم.
أما رسالة يوحنا الثانية فموجهة "إِلَى كِيرِيَّةَ الْمُخْتَارَةِ، وَإِلَى أَوْلاَدِهَا الَّذِينَ أَنَا أُحِبُّهُمْ بِالْحَقِّ."[1]وهناك تفسيران محتملان لهذه العبارة:
ربما كانت سيدة غير معروفة كانت تسمح للكنيسة بالاجتماع في منزلها.
ربما يشير مصطلح "المختارة" إلى إحدى الكنائس المحلية التي كان يوحنا يعرفها، وبالتالي تشير كلمة "أولادها" إلى أعضاء تلك الكنيسة.
ورسالة يوحنا الثالثة موجهة إلى غايس، أحد الذين آمنوا بواسطة يوحنا.
هدف ومحتوى رسالة يوحنا الأولى
إن الرسالة الأولى هي الأطول بين رسائل يوحنا الثلاث. وبدلاً من التحية التقليدية، يستهل يوحنا رسالته بتصريح يؤيد سلطة رسالته. فإنه لا يكتب عن القيل والقال، بل عن "الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا."[2]إن رسالة يوحنا الأولى شبيهة بإنجيل يوحنا في تركيزها على حقائق حياة المسيح.
شروط الشركة مع الله
يسرد يوحنا هدف كتابته في بداية الرسالة في قوله "وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا."[3]وهذا الفرح يتحقق من خلال الشركة مع الآب وابنه يسوع المسيح.[4]ويستخدم يوحنا في كتابته عن شركتنا مع الله مصطلح "معرفة." فمعرفة الله لا تقتصر على المعرفة العقلية، بل هي علاقة اختبارية. ويصرح يوحنا بشروط استمرارية الشركة مع الله:
يوفر الله القوة اللازمة لحياة منتصرة. "أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا." إن كنا نريد الشركة مع الله، فلا يمكننا أن نستمر في شركة مع الخطية (1: 6 – 2: 5، 3: 6 – 9). كأولاد الله، لن نستمر في ارتكاب الأخطاء عمداً. لا يمكننا أن نسلك في الخطية وأن نسلك مع الله في الوقت ذاته.
يوفر الله النعمة لمن يسقط. "وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ." فرغم أن الله يريد لنا حياة من النصرة المستمرة، إلا أنه يعد بغمر من النعمة لمن يتوب بعد أن يسقط. (1: 9، 2: 1 – 2).
المحبة والشركة مع الله
محبة الله
إن استمرارية النصرة على الخطية ليست مبنية فقط على الانضباط الشخصي أو ضبط النفس، بل على محبة الله. إن المبدأ الذي يحكم الحياة المسيحية هو محبة الله.[6]فمن خلال محبتنا لله نستطيع أن نحفظ وصاياه. إن كنا نحب الله، فلن "نحب العالم ولا الأشياء التي في العالم."[7]
محبة المؤمنين
إن الشخص الذي لا يحب أخاه "ليس من الله." إن كنا نحب الله، فإننا سنحب أولاد الله.[8]إن دليل انتقالنا من الموت إلى الحياة هو محبتنا لأخوتنا المؤمنين. وهذه المحبة ليست مجرد كلمات فارغة، بل تُرَى في أفعالنا.[9]
ضمان أولاد الله
كتب يوحنا لكي يعلم قرائه "أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ."[10]ويتطلب الضمان المستمر الطاعة المستمرة. نعلم أننا أولاد الله إن ظهرت فينا الخصائص التالية:
(1) طاعة الحق (1: 6 – 7)يوازي هذا الجانب من الضمان كلمات يسوع الواردة في يوحنا 8: 31 "إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي." إن ضماننا كتلاميذ ليسوع مبني على الالتفات المستمر والطاعة المسمرة لكلمته.
(2) عدم ارتكاب الخطية عمداً (3: 8 – 10)بما أنه لا يمكننا أن نتمتع بالشركة مع الله إذا تمادينا في التمرد المتمد على الله، فمن الطبيعي أننا لن ننعم بالضمان إن استمرينا في هذا التمرد.
(3) محبة المؤمنين (3: 14 – 19)قال يسوع لتلاميذه "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ."[11]وكرر يوحنا التركيز على هذه الحقيقة في رسالته في قوله: "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ."[12]
هدف ومحتوى رسالة يوحنا الثانية
تتوازى رسالة يوحنا الثانية مع رسالة يوحنا الأولى. فالشركة مع الله تشمل الحياة في محبة الله والسلوك في حق الله. إن المحبة الموصى بها في 2 يو ليست بوصية جديدة، بل عُلِّمَ بها منذ البداية.[13]
إن المحبة الموصى بها في 2 يو هي محبة مميزة تتمسك بالحق. والتمييز أمر هام لأن هناك الكثير من الخادعين الذين لا يؤمنون بالمسيح. ويحذر يوحنا تلك السيدة المختارة ناصحاً إياها أن تتمسك بحقيقة أن يسوع المسيح قد أتى إلى العالم في الجسد.[14]لذا فالشركة مع الله تتطلب أن ننكر التعليم الخاطئ.[15]
هدف ومحتوى رسالة يوحنا الثالثة
تعد رسالة يوحنا الثالثة رسالةً شخصيةً عن كرم الضيافة المسيحية. إن حسن الضيافة المسيحية ليس مجرد الود الذي نظهره للآخرين، بل تعبير عن وجدة الكنيسة. حذرنا يوحنا في رسالته الثانية من قبول من يأتوم بتعليم كاذب. وفي رسالته الثالثة يحذرنا من رفض أصحاب التعليم الصحيح.
كان غايس يقبل المبشرين المسافرين بحسن ضيافة وكان يعاملهم على أنهم عاملين معهم بالحق.[16]وعلى النقيض، يرفض ديوتريفس قبول أولئك الأخوة. كان ديوتريفس يسعى لتحقيق مكانة لنفسه، وكان يرفض سلطة يوحنا الرسولية، وكان يطرد المؤمنين الحقيقيين الذين يمثلون له تحدٍ.[17]
ويقارن يوحنا في رسالته الثالثة بين سلوك ديوتريفس والمحبة المسيحية التي أظهرها ديمتريوس. وتظهر هذه الرسالة القصيرة التطبيق العملي للمحبة المسيحية التي يوصي بها يوحنا في رسالته الأولى ووحدة الكنيسة سعياً وراء الحق كما يوصي في رسالته الثانية.
كان يهوذا أخاً غير شقيق ليسوع. وكأخيه يعقوب، لم يؤمن بيسوع إلا بعد القيامة.[1]وفي رسالته، يعرف يهوذا نفسه على أنه "عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَخُو يَعْقُوبَ."[2]
إن الدليل الوحيد على تاريخ كتابة رسالة يهوذا هو تشابها الكبير مع رسالة بطرس الثانية. فمخاطبة الرسالتين لمشكلات متشابهة يوحي بأن رسالة يهوذا ربما كتبت في نفس الفترة التي كتبت فيها رسالة بطرس الثانية، في أوائل ستينات القرن الأول الميلادي.
القراء
رسالة يهوذا موجهة "إِلَى الْمَدْعُوِّينَ الْمُقَدَّسِينَ فِي اللهِ الآبِ، وَالْمَحْفُوظِينَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ."[3]وتوحي الإشارة إلى مواضيع يهودية بأن الرسالة كانت موجهة إلى اليهود المؤمنين.
الهدف والمحتوى
يشير يهوذا إلى أنه كان يأمل أن يكتب رسالةً عقائديةً "عن الخلاص المشترك."[4]إلا أنه لسبب اختراق المعلمين الكذبة للكنيسة، أوحى الروح القدس ليهوذا بأن يحذر أخوته المؤمنين من التعليم الكاذب.
تشجعنا الرسائل العامة، وخاصةً رسالة بطرس الأولى، على الأمانة رغم الألم. لقد تحدى بطرس قرائه وحثهم على أن يتواضعوا اليوم، لكي يرفعم الله في حينه.[1]إن الألم أمر شائع في الحياة المسيحية، ولكن الألم ينتهي بالمجد. وقد شجع هذا الوعد مؤمني القرن الأول، وينبغي أن يكون مصدر تشجيع لمؤمني القرن الحادي والعشرين أيضاً.
تحث كل من هذه الرسائل على حياة الإيمان العملية. فسواءً من خلال دعوة بطرس للخضوع للسلطات، أو من خلال رسالة يوحنا الأولى عن محبة الأخوة، أو من خلال حث يوحنا في رسالته الثانية على التشبث بالحق، أو دعوته في رسالته الثالثة لحسن الضيافة، أو تحذير يهوذا من المعلمين الكذبة، فإن الرسائل العامة تعلمنا أن الحق ليس مجرد المعرفة العقلية. إننا مدعوون لنحيا الحق الكتابي في حياتنا اليومية.
في القرن الأول مات الكثير من المؤمنين (بما فيهم معظم الرسل) من أجل إيمانهم. وفي القرن الثاني قُتِلَ بوليكاربوس لأنه رفض أن يشعل البخور للإمبراطور. وفي القرن الرابع، قطعت رأس كاترينا الإسكندرانية لأنها شهدت للإمباطور عن الرب يسوع.
في القرن الرابع عشر حرق جسد جون ويكليف لأنه ترجم الكتاب المقدس إلى الإنجليزية. وفي القرن الخامس عشر، حُرِقَ جون هاس لأنه رفض عقيدة الكاثوليكية الرومانية. وفي القرن السادس عشر صُلِبَ 26 مؤمناً مسيحياً في نجازاكي باليابان في فترة من الاضطهاد دفعت الكنيسة للاجتماع سراً.
في القرن العشرين مات آلاف المؤمنين كشهداء في الصين والاتحاد السوفييتي وغيرهما من الدول الشمولية. وفي القرن الحادي والعشرين، يواجه المؤمنون في الدول الإسلامية المخاطر اليومية التي تعرضهم للاضطهاد والموت.
وهكذا، ففي كل جيل نجد مؤمنين ماتوا من أجل إيمانهم. أما بالنسبة للكنيسة، فهذا أحد دواعي تشجيعها. ويذكر بطرس المؤمنين المضطهدين بأن "إِلهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيرًا، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ."[1]إن الكنيسة منتصرة! وهذا هو وعد الرب من خلال الرسائل العامة في الكلمة المقدسة.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.