تسمى أسفار العهد الجديد من عبرانيين إلى يهوذا بالرسائل العامة.[1]وعلى عكس معظم رسائل بولس، فإن هاتين الرسالتين موجهتين إما لجمهور غير محدد، أو لشخص لا نعرف عنه الكثير.
وتتراوح هتان الرسالتان بين رسالة طويلة "إلى العبرانيين" ورسالة قصيرة من الرسول يوحنا إلى غايس. وتناولت الرسائل العامة عدداً من المواضيع الهامة، ولكنها تشترك في التركيز على الحياة المسيحية العملية. إن هذه الرسائل تعلمنا كيف نعيش كمؤمنين في عالم غير مؤمن. لقد واجه مؤمنو القرن الأول تحديات تشبه التحديات التي نواجهها اليوم: العقيدة الزائفة، التجارب، مقاومة من غير المؤمنين. وكل من هذه المشكلات تتناولها هذه الرسائل. ورغم أن هذه الرسائل قصيرة، إلا أنها هامة لكل المؤمنين الذين يواجهون تحدثات الإيمان.
[1]تسمى هذه الرسائل في بعض الأحيان بالرسائل الكاثوليكية. وفي هذا السياق، تعد كلمة "كاثوليكية" مرادفاً لكمة "عامة" أو "جامعة"، ولا تشير إلى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وهي نفس الكلمة المستخدمة في قانون الإيمان "نؤمن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية..."
الرسالة إلى العبرانيين: طريق أفضل
الكاتب
لا تحدد الرسالة إلى العبرانيين هوية الكاتب، ولكن يُفتَرَض في معظم الأحيان أنه بولس. وتشمل الحجج المؤيدة لهذا الافتراض ما يلي:
تركيز رسالة العبرانيين على شخص وعمل المسيح كما هي طبيعة الحال في كتابات بولس.
البركة الوارة في اللإصحاح الأخير من الرسالة شبيهة بأسلوب بولس.[2]
أما عن الحجج المضادة لهذا الافتراض، فتشمل اختلافات عديدة في الأسلوب بين رسالة العبرانيين والرسائل الأخرى:
لا يوجد في الرسالة إلى العبرانيين مصطلح "يسوع المسيح"، رغم أنه مصطلح مستخدم أكثر من 50 مرةً في رسائل بولس الأخرى.
في عبرانيين 2: 3 يقول الكاتب إنه سمع بشارة الإنجيل من الرسل، بينما في غلاطية 1: 12 يسلط بولس الضوء على أنه سمع البشارة بشكل مباشر من استعلان يسوع المسيح.
على عكس رسائل بولس الأخرى، لا تبدأ الرسالة إلى العبرانيين بالتحية، ولا تنتهي بقائمة من التحيات الشخصية.
وعلى مدار التاريخ الكنسي، تم اقتراح عدداً من الكتَّاب الآخرين، كان معظمهم مقترنين ببولس، مثل برنابا ولوقا وأبلوس. وقد يكون ذلك هو سبب تشابه أسلوب الرسالة مع أسلوب بولس. ولكن الكاتب لم يظل مجهولاً.
هدف الرسالة
إن رسالة العبرانيين تدمج عناصر الرسالة (التحيات الشخصية في نهاية الرسالة) وخصائص العظة (استعراض نصوص العهد القديم). ويشير الكاتب إلى رسالته على أنها "كلمة وعظ"[3]، وهي عبارة استخدمت أيضاً في أع 13: 15 لوصف العظة. إن أفضل وصف لرسالة العبرانيين هو أنها "رسالة وعظ"، أي عظة في شكل رسالة.
كان أول متلقين لهذه الرسالة هم المؤمنون من اليهود، والذين واجهوا إغراء الارتداد عن الإيمان بالمسيح إلى ممارساتهم السابقة. وتُرَى خلفيتهم اليهودية في ألفتهم بذبائح وطقوس العهد القديم.
لقد احتمل هؤلاء المؤمنين الاضطهاد بأمانة، ولكنهم كانوا يواجهون خطر أن "يكلوا ويخوروا."[4]لذا يكتب كاتب الرسالة محذراً هؤلاء المؤمنين من الارتداد وليشجعهم على الأمانة. ويذكرهم مراراً بأن شخص وعمل يسوع فائق على نظام الكهنوت والذبائح كما في العهد القديم.
تاريخ الكتابة
أغلب الظن أن الرسالة إلى العبرانيين كتبت قبل 70 م. تذكر الرسالة نظام الذبائح اليهودي على أنه حقيقة حاضرة.[5]ويوحي هذا بأن الرسالة كتبت قبل تدمير الهيكل على يد الرومان في عام 70م.
العهد القديم في الرسالة للعبرانيين
◄ما العلاقة بين العهد القديم والعهد الجديد؟
قبل التطرق إلى محتوى رسالة العبرانيين، من الهام أن نقوم بالرد على لبس شائع فيما يتعلق بهذا السفر. لقد فسر الكثير من القراء رسالة العبرانيين على أنها هجوم على العهد القديم. لأن رسالة العبرانيين تعلِّم أن العهد الجديد هو عهد "أفضل"، يفترض البعض أن ذلك يعني أن العهد القديم قد فشل في هدفه.
إلا أن رسالة العبرانيين تبدي احتراماً كبيراً للعهد القديم.
أبطال الإيمان المذكورين في رسالة العبرانيين الإصحاح الحادي عشر كلهم شخصيات من العهد القديم.
الدروس التي نتعلمها من رسالة العبرانيين مبنية على نصوص من العهد القديم.[6]فمثلاً، يحتوي الإصحاح الأول من رسالة العبرانيين على 14 عدداً، منها 9 أعداد مقتبسة مباشرةً من العهد القديم، وتشمل مز 2، و2صم 7: 14 وتث 32: 43 ومز 104: 4 ومز 45: 6، 7 وإش 61: 1، 3 ومز 102: 25 – 27 ومز 110: 1.
إن رسالة العبرانيين لا تنادي بأن الله اضطر لتغيير خطته بسبب فشل العهد القديم، بل أن الخلاص بالإيمان بالمسيح كان "معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم."[7]وحتى في العهد القديم كان الخلاص يُمنَح بنعمة الله بالإيمان، وليس بواسطة الطقوس الظاهرية. ونرى هذا في عب 11، إذ أرضى أبطال العهد القديم المذكورين الله "بالإيمان".
هناك استمرارية واضحة بين العهدين القديم والجديد، فالمسيح هو تحقق وعود وشرائع العهد القديم. لقد كانت مشكلة العهد القديم هي فشل إسرائيل، وليس فشل مقاصد الله. لقد فشل إسرائيل في حفظ العهد من القلب.[8]فحوّل نظام الذبائ المبني على الإيمان إلى طقوس فارغة. وقد أدان أنبياء العهد القديم والمسيح إفساد إسرائيل لمقاصد الله.
منذ تأسيس العالم أشار العهد القديم إلى مجيء المسيح. لم تكن النية أن يكون العهد القديم كاملاً بذاته، بل نراه يشير إلى تحقق عتيد. وهذا التحقق نراه في شخص وعمل يسوع المسيح. والعهد الجديد "أفضل" لأنه يحقق وعد العهد القديم غير الكامل.
المحتوى
ترسم رسالة العبرانيين موضوعين متوازيين. أحدهما (طريق أفضل) يقارن امتيازات الحياة في المسيح بامتيازات أقل كانت متوفرة في ظل العهد القديم.
أما الموضوع الثاني (احذروا) فنراه في سلسلة من "التحذيرات" لمن كانوا يواجهون إغراء ترك الإيمان والعودة إلى حياتهم القديمة. وفي كل مقطع تحذيري نجد الكاتب يعطي التحذير ثم التشجيع للقارئ.
طريق أفضل
في سلسلة من المقارنات يظهر كاتب العبرانيين أن:
المسيح فائق على أنبياء العهد القديم (1: 1 – 3).
المسيح فائق على الملائكة لأنه ابن الله (1: 4 – 14).
المسيح فائق على الملائكة لأنه ابن الإنسان الذي أخضع العالم له (2: 4 – 18).
المسيح فائق على موسى، عبد الله الأمين وقائد إسرائيل (3: 1 – 6).
المسيح فائق على هارون ورؤساء الكهنة (4: 14 – 7: 28).
المسيح أعطانا عهداً فائقاً (8: 1 – 13).
المسيح قدم ذبيحةً فائقةً (9: 1 – 18).
ونجد في رسالة العبرانيين سلسلة من التباينات بين وعود العهد القديم الصالحة والتحقق الأفضل الذي صار لنا في المسيح. لذا ان ارتداد المؤمنين اليهود إلى العهد القديم ليكون حماقةً! فبعد أن ذاقوا وشاركوا في تحقق "الروح القدس"، كانوا بذلك ليصلبوا ابن الله من جديد، إن رجعوا إلى طرقهم القديمة.[9]
احذروا
◄ما هو الارتداد؟ هل من الممكن لشخص آمن إيماناً حقيقياً بالمسيح أن يرتد عن الإيمان؟
إلى جانب الشهادات المقدمة في رسالة العبرانيين عن الطريق الأفضل في المسيح، نجد تحذيرات موجهة لمن يواجهون إغراء الارتداد عن الإيمان. إن زيادة الامتيازات تعني زيادة المسئولية. وفي ضوء هذه المسئولية، تقدم رسالة العبرانيين 5 تحذيرات جادة للمؤمنين الذين ذاقوا العطايا الصالحة للعهد الجديد ويواجهون إغراء الارتداد إلى القديم.
ويصاحب كل تحذير تشجيع على الأمانة. وبينما تعلمنا رسالة العبرانيين أن الارتداد أمر وارد الحدوث، إلا أنها لا تنادي بأنه لا يمكن اجتناب الارتداد! إن خطة الله لكل مؤمن هي الحياة الأمينة. وتؤكد رسالة العبرانيين أن الحياة المنتصرة متاحة لكل مؤمن.
التحذير جاد لسبب الامتيازات العظيمة التي لنا (2: 2 – 3).
نجد التشجيع في مثال المسيح، الذي جُرِّب، ويعطي قوةً للمجربين (2: 18).
التحذير الثاني. (عب 3: 12 – 4: 16)
تحذير من أن "يُقَسَّى أَحَدٌ مِنْكُمْ بِغُرُورِ الْخَطِيَّةِ." (3: 12 – 13).
التحذير جاد لأنه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى "الارْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ." إننا نشترك في المسيح "إِنْ تَمَسَّكْنَا... ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ" (3: 12 – 14).
نجد تشجيعاً في الوعد بأن سوع هو رئيس كهنتنا الذي من خلاله "نَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ" (4: 14 – 16)
التحذير الثالث. (عب 5: 11 - 6: 12)
تحذير من أن نعود إلى "الأعمال الميتة" (5: 11 – 6: 6)
تشجيع على معرفة أن جميع الأمناء "سيرثون الوعود")6: 9 – 12).
التحذير الرابع. (عب 10: 26 – 39)
تحذير من أننا "إِنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ"، لا تبقى بعد إلا الدينونة (10: 26 – 27).
التحذير جاد لسبب الامتيازات التي لنا في العهد الجديد. فإذا ما دين بحزم أولئك من تجاهلوا شريعة موسى، "فكم بالحري" سيكون العقاب الذي نستحقه إذا "دسنا ابن الله." ويجب ألا نتجاهل هذا التحذير، لأنه "مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!" (10: 28 – 31).
نجد التشجيع لأننا نؤمن "لاقْتِنَاءِ النَّفْس." فالارتداد محتمل، ولكن المثابرة أيضاً ممكنة. لنا ثقة في قوة الله في تثبيت المؤمن. ونرى إمكانية الأمانة في "إصحاح الإيمان" في عب 11 (10: 32– 39).
التحذير الخامس. (عب 10: 26 – 39)
تحذير من رفض الرسالة التي تسلمنا (12: 25).
التحذير جاد لسبب الامتيازات التي لنا في العهد الجديد (12: 25 – 27).
نجد التشجيع لأننا بسبب هذه النعمة نستطيع أن "نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً" (12: 28 – 29).
[10]هذا الإطار العام مستوحى من Walter Elwell and Robert Yarbrough, Encountering the New Testament, (Ada, MI:
Baker Academic, 2005).
موضوع خاص: الارتداد
ما هو الارتداد؟
تعريف الارتداد هو "الرفض والترك المتعمد للإيمان الذي آمن به الشخص."[1]وهذا التعريف يسلط الضوء على 3 عناصر في الارتداد:
(1) أنه متعمد. إن الشك في العقيدة، وعدم التأكد من الخلاص، أو حتى السقوط في الخطية لا يعني الارتداد. بل الارتداد هو الرفض المتعمد للإيمان المسيحي.
(2) إنه "رفض وترك الإيمان." إنه أكثر من مجرد خطية: إنه رفض لحق الإيمان المسيحي. وكان هذا بالنسبة للعبرانيين يعني إنكار عمل يسوع الكفاري والعودة إلى طقوس ما قبل المسيحية.[2]لقد أضاف المهودون متطلبات إلى عمل المسيح الكفاري، فالمرتدون رفضوا عمل المسيح الكفاري رفضاً تاماً.
(3) إنه إنكار للإيمان الذي آمن به الشخص."يختلف الارتداد عن عدم إيمان شخص لم يعرف المسيح قط. إنه رفض للإيمان من قبل شخص "ذَاق كَلِمَةَ اللهِ الصَّالِحَةَ وَقُوَّاتِ الدَّهْرِ الآتِي."[3]
ما الفرق بين الارتداد والتراجع؟
إن الارتداد في رسالة العبرانيين هو رفض الإيمان الأكثر دواماً ووعياً من التراجع. لقد أنكر بطرس يسوع، ولكنه تاب عن خطيته لاحقاً. لم تصمد شجاعة بطرس، ولكنه لم يرفض الإيمان المسيحي. لقد كان تراجعه نتيجةً لخوفه، وليس لرفضه للمسيح.
إن الشخص المتراجع الذي يسقط في الخطية قد يظل يقبل حق الإيمان المسيحي. وعلى العكس، فالارتداد يشمل إنكار حق الإيمان المسيحي.
وترتبط بعض التحذيرات الواردة في رسالة العبرانيين بالتراجع والتهاون. إلا أن الرفض التام للإيمان المسيحي يبدو أنه هو الفكرة الكامنة خلف ما جاء في 6: 4 – 6. فحين يرفض المرتد موت المسيح المخلص، فإنه يقطع طريق العودة إلى الاسترداد. أما المتراجع التائب فيمكن استرداده بموت المسيح الكفاري.
هل من الممكن أن يرتد مؤمن حقيقي؟
يزعم بعض الواعظين أنه من المستحيل أن يرتد مؤمن حقيقي. إلا أن لتحذيرات الواردة في رسالة العبرانيين لا يكون لها معنى إلا إذا كان الكاتب يكتب مخاطباً خطراً حقيقياً. تشير الكلمات الواردة في عب 6: 4 – 6 بقوة إلى الارتداد الكامل والدائم محتمل.
[1]L.G. Whitlock. “Apostasy” in Evangelical Dictionary of Theology. Edited by Walter Elwell. (Ada, MI: Baker Books, 1984).
تحذر رسالة العبرانيين من الخطر الحقيقي للارتداد. ومن المواضيع المشتركة في الرسائل العامة الأمور التي تهدد الكنيسة. وعادةً ما يكون التحذير من البدع التي تشوه العقيدة المسيحية. وفي رسالة العبرانيين، نجد تحذيراً من الترك الكامل للإيمان المسيحي. وهذا الخطر قائم اليوم كما كان في القرن الأول.
نعم، تقول رسالة العبرانيين أنه من الممكن أن يترك شخص ما الإيمان. ولكن الأهم، هو أن رسالة العبرانيين تتحدث أيضاً عن إمكانية الأمانة. إننا نتمتع بامتياز تشفع المسيح عنا. وبتمسكنا بإيماننا، وبتشجيع بعضنا البعض على المحبو والأعمال الصالحة، وبتشجيع بعضنا البعض من خلال الاجتماع الأمين معاً للعبادة، نستطيع أن نكون أمناء.[1]وتبلغ رسالة العبرانيين قمتها في الإصحاح الحادي عشر والذي يشهد لأشخاص أمناء عاشوا الإيمان ويمثلون الآن سحابةً من الشهود لكل من "يحَاضِر بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامه."[2]
إن كاتب هذه الرسالة هو "يعقوب، عبد الله والرب يسوع المسيح."[1]كان يعقوب، وهو أخ غير شقيق ليسوع، غير مؤمن أثناء حياة يسوع على الأرض، ولكنه آمن من خلال قيامة الرب يسوع.[2]ومات شهيداً للإيمان في عام 62 م.
أغلب الظن أن هذه الرسالة كتبت في النصف الأول من أربعينات القرن الأول الميلادي. ولأن يعقوب كان أحد القادة في مجمع أورشليم الذي ثار فيه جدل حول موضوع الإيمان والأعمال، فمن المرجح أنه كان ليذكر المجمع لو كانت الرسالة كتبت بعد عام 49م.[3]
القراء والهدف
كتب يعقوب الرسالة "للاثنى عشر سبطاً الذين في الشتات."[4]وهذا المصطلح diaspora)) كان يشير في بادئ الأمر إلى تشتت اليهود بعد سقوط أورشليم في عام 586 ق.م. واستخدم يعقوب هذا المصطلح للإشارة إلى المؤمنين اليهود الذين كانوا يعيشون خارج أورشليم. وتظهر إشارة يعقوب المتكررة للعهد القديم أن قرائه كانوا من المؤمنين اليهود المضطهدين. فقد اجهوا التجارب والصراعات والمغريات لخوض حياة دنيوية. فكتب لهم يعقوب ليذكرهم بأن إيمانهم لا بد وأن يظهر في أعمالهم. فعلى المؤمن أن يمارس إيمانه.
المحتوى
يعقوب والعهد القديم
كالنبي عاموس، يؤكد يعقوب أن إيماننا المزعوم يجب أن يؤثر على حياتنا اليومية. فنرى أن كل منها يؤكد على أن الديانة الحقيقية تُرى في معاملتنا للآخرين. وفي 108 عدد، نجد أكثر من 50 وصية على فم يعقوب. إنها رسالة عملية.
◄اقرأ يع 5: 1 – 5 مع عاموس 4: 1 – 2 و5: 21 – 24. قارن بين الرسالتين.
مثل سفر الأمثال، يستخدم يعقوب الأقوال القصيرة التي تلخص الحقائق الهامة. والكثير من المواضيع المطروقة في رسالة يعقوب موازية لتلك التي جاءت في سفر الأمثال: اللسان والغنى والغضب والحكمة.
وكما في شرائع العهد القديم، يوضح يعقوب كيف يعكس الإنسان المقدس شخصية الله القدوس. ونرى في "شرائع التطهير" في لاويين 19 كيف يعيش شعب مقدس في طاعة إله قدوس. كذلك، يرينا يعقوب كيف ينبغي أن يعيش مؤمنو العهد الجديد في طاعة الله. ويظهر كلاهما أن الإيمان الذي نعتنقه يجب أن يُرَى في الحياة التي نحياها.
وصف مارتن لوثر رسالة يعقوب بأنها "رسالة من قش" بسبب تركيزها على الأعمال. كان يعتقد أن الرسالة تناقض تعليم بولس عن التبرير بالإيمان وحده. ومن الظاهر، يبدو أن هناك تناقض بين يع 2: 24 ("بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَ بِالإِيمَانِ وَحْدَهُ") ورو 3: 28 (إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ"). إلا أن هذين التصريحين موجهين لنوعين مختلفين جداً من القراء في مواجهة تجارب مختلفة. وفي ضوء هذا السياق، يٌحَل الصراع بين الآيتين.
يخاطب بولس أناساً يريدون أن يفوزوا بالخلاص عن طريق أعمالهم (طاعة الناموس). فيرد عليهم بولس قائلاً ‘ن الخلاص يتحقق من خلال نعمة الله التي نقبلها بالإيمان.
أما يعقوب فيخاطب أناساً يعتبرون الإيمان مجرد قبول عقلي لحق الإنجيل، فلا تتغير حياتهم لأن إيمانهم ليس إيماناً حقيقياً. يؤكد يعقوب أن الإيمان الحقيقي يغير الحياة. إن يعقوب لا يشكك في محورية الإيمان، ولكنه يبرز أن الإيمان الحقيقي يُرَى في الأعمال. يسلط يعقوب الضوء على أن إيمان إبراهيم وراحاب يُرَى في أعمالهما.[5]
إن رسالة يعقوب لا تناقض رسالة بولس، بل هي رفيق ثمين لرسالة بولس التي تنادي بأن التبرير هو بالنعمة بالإيمان. يؤكد بولس أننا نتبرر لدى الله بالإيمان وحده. ويؤكد يعقوب أن هذا البر (التبرر أمام الآخرين) يُرَى في أعمالنا. إن يعقوب لا يتحدث عن كيف نخلص، بل عن كيف ستتغير حياتنا بسبب خلاصنا.
الإيمان العامل
إن إيماننا يظهر في أعمالنا. ويبرز يعقوب كيف يؤثر إيماننا على سلوك المؤمن في مجالات مثل:
فمن خلال هذه التنويهات يحدثنا يعقوب عن أن الإيمان الحقيقي يغير الحياة. إن الإيمان ليس مجرد الاتفاق على الحق، بل يغير الإيمان كياننا بالكامل.
رسالة يعقوب في الكنيسة اليوم
رغم أن رسالة يعقوب كانت موجهة للمؤمنين اليهود المضطهدين في القرن الأول، إلا أن تركيزها على المسيحية العملية يخاطب بقوة العالم الحديث. فالتعليم العملي عن اللسان والغنى والغضب والعلاقات في الكنيسة لا يبطل أبداً. لذا فرسالة يعقوب سفر عملي ومفيد لكل الأجيال.
يشير مصطلح "تعطيل الفرائض" إلى تعليم خاطئ ينادي بأن المؤمن معفى من طاعة الشريعة الأخلاقية. وتنادي هذه العقيدة بأن المؤمنين المبررين بالنعمة بالإيمان قد صاروا أحراراً من كل قيد. وفي كل جيل تواجه الكنيسة هذه التجربة. فتقف رسالة يعقوب كتذكرة قوية بأن حياة حياة المؤمن ينبغي أمن تختلف اختلافاً ملحوظاً عن حياة غير المؤمن. فمن خلال أعمالنا يرى العالم التحول الناجم عن الإيمان المخلص في المسيح.
[6]"إن المعضلة الكبرى هي ممارسة المسيحية." منسوبة إلى جون ويسلي
خاتمة
تشير كل من رسالة العبرانيين ويعقوب إلى إبراهيم كنموذج للإيمان العامل. يذكر الإصحاح الحادي عشر من رسالة العبرانيين إبراهيم كأحد أبطال الإيمان، ويقول يعقوب في الإصحاح الثاني من رسالته أنه من خلال أعمال إبراهيم نرى إيمانه.
إن إيمان إبراهيم يُرَى في طاعته لدعوة الله: "بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي."[1]إن الإيمان أكثر من مجرد قول "أؤمن بوعد الله"، فالإيمان يقول "سأذهب إلى حيثما ترسلني."
ونرى إيمان إبراهيم مرة أخرى في طاعته لأمر الله له بأن يقدم إسحاق كذبيحة.[2]ومرة أخرى نرى أن الإيمان ليس فقط أن تقول "إنني أصدق الله"، بل "سأطيع وصاياك يا رب حتى إن كنت لا أفهم." وهذا هو الإيمان الحقيقي.
حذر يعقوب القارئ من زعم الإيمان إن كانت حياته لا تتغير بفعل هذا الإيمان. وأشار يعقوب إلى إبراهيم كمثال لما يحدث كنتيجة للإيمان الحقيقي. إن إيمان إبراهيم يُرَى في طاعته لأمر الله في تقديم إسحاق على المذبح. ويختتم يعقوب الفكرة قائلاً "فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ."[3]
يرينا مثال إبراهيم العلاقة الصحيحة بين الإيمان والأعمال. فإن كنت تؤمن حقاً (الإيمان)، يتتغير حياتك (الأعمال). إن زعم الإيمان بدون تغيير حقيقي في حياتنا يعد إدعاءً ميتاً، ومحاولة تغيير حياتنا بعيداً عن الإيمان الحقيقي أمر عديم الجدوى. وتتفق رسالة رومية وغلاطية وعبرانيين ويعقوب على أن الإيمان الحقيقي ينتج تغييراً في الحياة.
(1) في بداية الدرس التالي، قم بحل الامتحان على هذا الدرس. ادرس أسئلة الامتحان جيداً استعداداً للامتحان.
(2) قم بتحضير عظةً أو درس كتاب عن أحد المواضيع التالية. يمكن كأن تكتبه في صورة مقال يبلغ طوله 5 0 6 سفحات، أو أن تسجله كعظة أو درس كتاب للكنيسة أو لمجموعة صغيرة.
"أمثلة الإيمان." استخدم أمثلة للإيمان من عبرانيين 11 كما من تاريخ الكنيسة. ابحث عن أمثلة من بلدك أو من خلفية ثقافية تلهم شعب كنيستك لممارسة الأمانة.
"الارتداد." كما في رسالة العبرانيين، يجب أن تحتوي العظة على تحذير من الارتداد وتشجيع على الأمانة.
عظة أو درس كتاب من يعقوب عن إحدى تحديات الحياة المسيحية: اللسان، الصراع، الغنى، الصلاة، الخ.
امتحان الدرس العاشر
(1) لماذا تسمى الأسفار من رسالة العبرانيين إلى رسالة يهوذا بالرسائل العامة؟
(2) اذكر حجتين تؤيدان أن بولس هو كاتب الرسالة إلى العبرانيين.
(3) اذكر حجتين ضد أن يكون بولس هو مؤلف الرسالة إلى العبرانيين.
(4) اذكر طريقتين تظهر بهما رسالة العبرانيين احتراماً كبيراً للعهد القديم.
(5) لماذا يعد العهد الجديد أفضل من العهد القديم؟
(6) ما الفرق بين التراجع والارتداد؟
(7) متى آمن يعقوب أخو الرب بأن يسوع هو المسيا؟
(8) بناءً على ما جاء في الرسالة من تحية، من هو الجمهور المرجح لرسالة يعقوب؟
(9) في بضعة أسطر اشرح العلاقة بين يع 2: 24 (يتبرر الإنسان بالأعمال، وليس بالإيمان وحده) ورومية 3: 28 (يتبرر الإنسان بالإيمان بدون أعمال الناموس).
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.