فى أثناء خدمتك ستقابلك مواقف تجد نفسك فيها محتاجا أن تتواصل مع أناس لا يشاركونك نفس الخلفية الثقافية. قد يكون ذلك شخصا من دولة أخرى أو من قرية قريبة ولكن هناك اختلاقات فى التفاهم والتواصل.
إن قدرتك على صدع هذه الإختلافات سوف تجعلك أكثر فاعلية كخادم لملكوت الله. فى هذا الدرس القصير، سوف ندرس معا بعض مبادئ التواصل العابر للثقافات.
◄ ناقش مرة تواصلت فيها مع شخص ما من ثقافة مختلفة. ما الصعوبات التى واجهتها؟ هل كنت ناجحا فى التواصل بالرغم من هذه الإختلافات؟
التواصل العابر للثقافات فى الكتاب المقدس
أمثلة من العهد القديم على التواصل العابر للثقافات
لقد أظهر عهد الله مع إبراهيم أن الإنجيل سوف يتتشر فى أرجاء العالم، الله سوف يبارك “جميع قبائل الأرض” من خلال نسل إبراهيم.[1]مما وضع تصورا لمستقبل سوف يكون فيه التواصل العابر للثقافات أمرا هاما.
بعض أمثلة على شعب الله وهم يتواصلون مع ثقافات أخرى تتضمن:
نال إبراهيم ويوسف احترام فرعون مصر.
رحب سليمان بضيوف من حول العالم القديم. ويرى العديد من العلماء أوجه تشابه بين أمثال 22: 17 – 24: 22 ومجموعة من الأمثال المصرية تدعى تعاليم أمينيموبى مما يوحى بأن سليمان كان ملما بالثفافة المصرية.
أصبح دانيال مشيرا للحكام البابليون والفريسيون له مكانته واحترامه، ونرى فى دانيال 1 أن دانيال كان شابا ذو قناعات قوية “ اما دانيال فجعل في قلبه انه لا يتنجس باطايب الملك ولا بخمر مشروبه” ولكنه أظهر أيضا احتراما للمسئولين البابليين “فطلب من رئيس الخصيان ان لا يتنجس”[2]
أصبحت فتاة يهودية شابة ملكة احشويرش ومن خلال قدرتها على الجمع بين الجرأة في الاقتراب من الملك (“... فإذا هلكت ، هلكت”) واحترام الثقافة الفارسية (دعوة الملك لتناول العشاء بدلاً من تقديم طلبها دون تحضير) ، أصبحت أداة الله لإنقاذ شعبها .[3]
أمثلة من العهد الجديد على التواصل العابر للثقافات
لقد أضفت ارسالية يسوع العظمى على التواصل العابر للثقافات أهمية أكبر.
فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به.[4]
قال يسوع أن الرسل سوف يكونون “ لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض”[5]، ولا يمكن تحقيق هذه الإرسالية اذا لم نكن على استعداد للتواصل مع هؤلاء الذين لا يشاركوننا نفس خلفيتنا الثقافية بل وقادرين على ذلك أيضا.
وقد أعطانا يسوع مثالا على التواصل العابر للثقافات. فقد كان على استعداد لخدمة الأمم وقادرا على ذلك أيضا، فبينما تجنب حاخامات اليهود مناطق الأمم سافر يسوع بإرادته الى الديكابوليس (أو المدن العشرة)، وبينما تجنب الأخرون السامرة قابل يسوع بملء إرادته المرأة السامرية.[6]
يعطينا بولس الرسول مثالا عظيما على التواصل العابر للثقافات. عندما كان يتحدث بولس الى مسئولا رومانيا طالب بحقه كمواطن رومانى[7]، وعندما كان يبشر فى أثينا استخدم لغة الفلسفة التى كان يعرف بها مفكرى اليونان الشهيرون.[8]
لقد اجتهد بولس كى يشارك الإنجيل مع الناس، لذلك كان التواصل عبر الثقافات هاما لبولس لأن الإنجيل كان مهما لبولس.
“صرت للكل كل شيء، لاخلص على كل حال قوما. وهذا انا افعله لاجل الانجيل، لاكون شريكا فيه.”[9]
كتب يعقوب أن على الإنسان أن يكون “ مسرعا في الاستماع، مبطئا في التكلم”[1]كان الرسول يكتب عن الغضب واللسان ولكن هذا لا يمنع أن نصيحته مفيدة فى حالة التواصل عبر الثقافات. كلما استمعنا كلما تعلمنا.
يبدو هذا أمرا بسيطا ولكن حيث أن علينا أن نستمع لمدة طويلة فإن التواصل العابر للثقافات بشكل جيد سوف يستغرق وقتا طويلا، وليس هناك من بديل للوقت، الذين يتواصلون عبر الثقافات بشكل جيد هم هؤلاء الذين يقضون وقتا طويلا فى الثقافة الأخرى.
إن عالمنا هو عالم “الوجبات السريعة”، نحن نستخدم الميكرويف كى نطهو طعامنا بسرعة، نطلب طعامنا فى ماكدونالدز ونتذمر إذا استغرق اعداد الطلب وقتا، فى كثير من الأماكن يمكنك أن تطلب بيتزا وتصلك حتى باب بيتك فى غضون ثلاثين دقيقة، نحن نرسل رسائلنا الإلكترونية فى ثوان معدودة، نحن لم نعتد على الإنتظار! أما التواصل العابر للثقافات فإنه يستغرق وقتا، فهو يتطلب مننا أن نبطئ خطانا ونستمع الى الأخرين.
فى الكثير من الأحيان نحن نبطئ فى الإستماع ونسرع فى التحدث ونتحدث كثيرا ونلاحظ ما حولنا قليلا. إذا أردنا فهم الأخرين علينا أن نستمع اليهم، وهو ما يجب علينا فعله سواء سافرنا الى بلد آخر أو كنا نبشر فى قرية مجاورة أو نعلم مجموعة عمرية مختلفة أو حتى نتزاور مع عائلاتنا. فى كثير من الأحيان نحن نفشل فى الإستماع الى الأخرين قبل أن نتكلم.
قال دوان المر وهى مرسلة وأستاذة للدراسات الثقافية: “لا يمكنك أن تخدم ناس لا تفهمهم، لو حاولت أن تخدم ناسا دون أن تفهمهم غالبا ما سوف ينظرون اليك بصفتك ظالما خيرا”[2]، أى أن حتى محاولاتك لخدمة الاخرين سوف تأتى بمردودات عكسية وسوف يساء فهمها. فى محاولتك لمساعدة الأخرين سوف تؤدى الى ايذائهم. لماذا؟ لأنك فشلت فى قضاء بعض الوقت فى فهم الشخص الذى تحاول مساعدته!
عندما كان جون سيمندس ارساليا مبشرا فى الهند تعلم أهمية الإستماع. إذا قام بزيارة قرية وبدأ فى التبشير كان الناس يستمعون اليه دون اهتمام متسائلين: “من هو هذا الشخص الغريب؟ لماذا يتحدث الينا؟”
ولكن إذا قضى القس سيمنز يوما فى زيارة قادة القرية وزيارة المدرسة المحلية وطرح الأسئلة كان يحظى عندئذ باستقبال مختلف تماما، فقد أصبح ضيفا بعد أن كان غريبا، فقد بات يعرف اهتماماتهم وأسئلتهم.[3]
استخدم الدعابة بحذر
الدعابة من الأمور الصعبة عبر الثقافات، والدعابة فى حد ذاتها ذات قيمة عالية للمتكلمين ولكن الكثير من الدعابات تكون ذات معنى محددا فى تلك الثقافة، ما هو مضحك فى الصين ليس مضحكا فى فلوريدا، وما هو مضحك فى انديانا قد يكون أمرا جادا جدا فى الهند. عندما تنوى استخدام دعابة ما اسأل ما إذا كانت مضحكة فى الثقافة الأخرى، فقد أهان الكثير من السياسيين الجماهير بدعاباتهم التى لم تكن مضحكة فى ثقافات جماهيرهم.
احك حكايات
تتجاوز معظم الحكايات والقصص الحواجز الثقافية، فالحكايات التى تصف أفعال ومشاعر الناس تنجح عبر الثقافات، ولكن اذا كانت الحكاية بها العديد من المكونات الثقافية فسوف يساء فهمها، مرة أخرى من المفيد أن تتحدث الى شخص ما من الثقافة المستهدفة واسأل “ماذا تعنى هذه الحكاية لك عندما تسمعها؟”
أنا أقوم بتدريس مقررا جامعيا فى تاريخ الموسيقى وفى ذلك المقرر كثيرا ما أستخدم بيتهوفن كمثال، وقد كان بيتهوفن مؤلفا موسيقيا عظيما ولكنه لم يكن يتفاهم جيدا مع الناس، لقد كان انسانا غاضبا يسئ الى الكثير من الناس، وقد كان أصدقاءه يسمونه “التنين” لأنه كان شخصا صعبا جدا. الناس فى الغرب يعتبرون التنين “وحشا ينفث نارا”.
فى مرة كنت أقوم بالتدريس عن بيتهوفن فى الصين. عندما أطلقت على بيتهوفن لقب “التنين” أصيب طلابى بالحيرة، ففى الصين يعتبرون التنين رمزا لحسن الحظ، فتسائلوا “لماذا أطلقوا على هذا الشخص الغاضب هذا اللقب الجيد؟” لذلك اضطررت لتغيير القصة حتى يفهم الطلاب الأسيويون المعنى بشكل أدق.
كن حساسا تجاه ثقافة الغير
من يتواصلون جيدا مع الأخرين يستخدمون الكثير من الأمثلة والتشبيهات فى كلامهم. لذا يجب أن تكون الأمثلة لائقة ثقافيا. من غير المجدى محاولة استخدام مثل عن الكمبيوتر مع مجموعة من الناس لم يروا كمبيوتر فى حياتهم.
كان الرئيس السابق بيل كلينتون يجيد التواصل عبر الثقافات، فقد حكى فى مرة من المرات قصة السامرى الصالح لمجموعة من المسيحيين والمسلمين، فقال: “وقع رجل فى يد لصوص مسلحين، فجاء القس وكان قائدا دينيا، ثم جاء رجلا من قبيلة شهيرة، وأخيرا جاء رجلا من قبيلة معادية ورأى ضحية الإصابة”. لقد شرح الرئيس كلينتون القصة بطريقة مناسبة ثقافيا.
يجب أن تدرك أن بعض الكلمات فى نفس اللغة لها معان مختلفة فى أماكن مختلفة من العالم. فإذا كنت من مصر وطلبت “عيش” فى احدى دول الخليج سوف يأتون لك بالأرز، ولن يفهموا أنك تحتاج الى “خبز”.
لغة الجسد هامة جدا. فى الولايات المتحدة تستطيع أن تحييى أصدقائك بيد مفتوحة، أما فى نيجيريا فإن هذه الحركة تنذر باللعنة. فى الولايات المتحدة يكنك أن تشير بإصبعك لأحد ليقترب منك، فى الصين تستخدم هذه الإشارة مع الكلاب فقط.
تختلف المسافة بين الناس من ثقافة الى أخرى. تفضل بعض الثقافات أن يقترب الناس من بعضهم البعض وتفضل بعض الثقافات الأخرى الحفاظ على المسافات بين الناس. حتى درجة الصوت تختلف بين الشعوب. يميل الأمريكيون الى أن يكون جهورين وصاخبين، وهو ما يعد وقاحة فى بعض الثقافات الأخرى.
من السهل أن تقول “هذه الأمور لا تهم، ما هى إلا تفضيلات ثقافية”، ولكن يجب علينا أن نتجنب أى أمر من شأنه أن يجعل توصيل رسالة الإنجيل أصعب. لهذا من المهم لنا أن نتعلم العادات الثقافية للناس الذين نريد أن نخدمهم.
تعلم من القرد
رأى قردا سمكة تسبح فى النهر، ففكر القرد فى نفسه قائلا: “يا لهذه السمكة المسكينة! إنها تحتاج الى مساعدتى. أنا واقف هنا مستريحا وآمنا على الأرض اليابسة ولكن السمكة عالقة فى المياه! أنا قرد طيب وسوف أساعد السمكة”.
فتسلق القرد شجرة تمتد فوق النهر ومشى على فرعا من فروع الشجرة بالرغم من كون ذلك خطرا عليه، ومد يده الى اسفل والتقط السمكة من الماء، نزل القرد من على الشجرة ووضع السمكة بعناية على الأرض اليابسة، أخذت السمكة تقفز وترقص لبضعة دقائق ولكنها سرعان ما هدأت واستكانت، ومضى القرد سعيدا، فقد ساعد مخلوقا آخر.
لقد أراد القرد أن يساعد السمكة ولكنه قتلها. لماذا؟ لأنه لم يفهم ثقافة السمكة، لقد فعل ما ظنه أمرا جيدا، النوايا الطيبة لاتكفى، لابد أن نستمع الى من نخدمهم.[4]
كن محبا للأخرين واحترمهم
ربما تكون أفضل نصيحة يمكنك أن تتعلمها للتواصل عبر الثقافات هى النصيحة التى أعطيت لنا قبل 2000 عام مضى:
“ تحب قريبك كنفسك”[5]. ولكى نقوم بتطبيق ذلك المبدأ بطريقة عملية قال يسوع: “ فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس والانبياء.”[6]
إن أحد أبسط مبادئ التوالصل هو أن نسأل: “ماذا أحب أن يقول هذا الشخص لى؟ هل أحب أن يقولوا تلك المزحة عنى؟ هل أحب أن يستخدموا نبرة الصوت تلك وهم يتحدثون الى؟ هل أنا أظهر المحبة لقريبى؟”
كثيرا ما نقع فى خطأ الإفتراض أن ثقافتنا أفضل من ثقافة غيرنا. يجب أن نعلم أن ثقافتنا ليست “أفضل” ولكنها “مختلفة” فقط. إن تعلمنا أن نحترم الأخرين سيفيدنا كثيرا فى تحسين قدرتنا على التواصل.
لقد طلب من جى أر، وكان فى الستين من عمره، أن يرعى كنيسة فى تايوان. لم يكن جى أر قد غادر الولايات المتحدة قط، وكان قد قضى طيلة أربعين عاما يرعى كنائس صغيرة فى مجتمعات أمريكية ريفية. كانت كاوشيونج مدينة رئيسية، لم يكن يتحدث أى لغة بخلاف الإنجليزية، وكان شعب كنيسته الجديدة يتحدث لغة الماندرين، إن نظرة موضوعية تنبئنا بأن جى أر كان مصيره الفشل فى التواصل العابر للثقافات.
كان جى أر لديه ميزة واحدة كشخص يريد أن يتواصل عبر الثقافات، لقد كان يحب الناس! لقد أمضى جى أر عامين فى مدينة كاوشيونج ولم يتعلم لغة الماندرين ولكنه قضى الساعات الطويلة مع المترجمين ليتأكد أن رسالته قد عبرت الحاجز الثقافى. لقد جاء الناس الى كنيسته ليس لأنه كان متكلما قويا بل لأنه كان يقابلهم فى الشارع فيبتسم لهم ويستمع اليهم وهم يتحدثون.
بعد سنتين كنت فى زيارة الى كاوشيونج وأثناء سيرى فى الشارع القى على أحد أصحاب المحلات التحية وقال باللغة الصينية: “هل تعرف القس جى أر؟” “نعم، لماذا تسأل؟” “لقد أحببت القس جى أر” “هل أنت مسيحى؟” “لا، أنا بوذى، ولكن إذا أصبحت مسيحيا سوف أذهب الى كنيسة القس جى أر” “لماذا؟” “لقد كان يحبنى! كان يأتى الى محلى كل يوم وكنا نتحدث لساعات طويلة عن أمور كثيرة” لقد تركت ذلك المحل وأنا مندهش. لم يكن يستطيع جى أر “التحدث لساعات طويلة” مع رجل لا يعرف الإنجليزية، ولكنه أظهر حبا لصاحب محل بوذى.
لا تعنى هذه القصة أن تعلم لغة أجنبية ليس مهما. إنها لا تلغى المبادئ التى نتعلمها فى هذا الدرس، هذه القصة تعنى ببساطة أن “تحب قريبك”. يستطيع الله أن يستخدم قدراتنا المحدودة لمجده.
كتب دوان المر قائلا أن خدمة الأخرين تتطلب الفهم والتعلم والثقة والقبول والإنفتاح على الأخرين، وقد استخدم د. المر هذا النموذج ليعلم عن الخدمة العابرة للثقافات.[1]
يتطلب التواصل الفعال ما يأتى:
الفهم ولا يمكن أن يحدث الفهم بدون التعلم.
التعلم ولا يمكن أن تتعلم من أحد بدون ثقة.
الثقة ولكى تبنى الثقة لابد للأخرين أن يعرفوا أنك تقدرهم كناس فلابد أن يكون هناك قبولا.
القبول وإذا كنت تريد أن توصل للأخرين تقبلك لهم لابد أن تكون صريحا.
الإنفتاح على الأخرين والإنفتاح على الأخرين هو الإستعداد لقبول الأخرين فى محضرك وأن تجعلهم يشعرون بالأمان.
[1]هذا الجزء مأخوذ من:
Duane Elmer, Cross-Cultural Servanthood: Serving the World in Christlike Humility (Downers Grove: Intervarsity Books, 2009), Kindle location 303-318.
كى تصبح مستمعا أفضل
◄ ناقش مرة قمت فيها بالتواصل مع مستمع جيد. ما الصفات التى جعلت من السهل أن تتحدث معه؟ ناقش مرة حين حاولت أن تتواصل مع شخص ما لم يكن مستمعا جيدا. ما الصفات التى جعلت من الصعب التحدث معه؟ هل أنت مستمع جيد؟
حيث أن الإستماع مهم جدا للتواصل الفعال يجب أن نكون جادين جدا فى تحسين مهارات الإستماع لدينا مثلما نحن جادين فى تحسين مهاراتنا فى التحدث والكتابة. لقد حذر أحكم رجل فى العالم أنه من الحماقة والعار أن تجاوب قبل أن تسمع.[1]
لقد حكى جون سيماندز قصة مرسل مسيحى فى سريلانكا قام بزيارته كاهن بوذى، وقد جاء الكاهن البوذى كى يستعير كتبا عن المسيحية. سأله المرسل المسيحى: “هل أنت مهتم بالمسيحية؟” أجاب الكاهن البوذى: “لا ولكنى أقوم بتدريب صغار الرهبان الذين سيذهبون فى ارساليات بوذية الى الغرب. أعتقد أن عليهم التعلم عن دين الناس المحليين قبل أن يصلوا الى هناك”.[2]
كان هذا الكاهن البوذى يعرف أن عليه أن يساعد طلابه فى فهم دين الناس الذين كانوا سوف “يبشرونه”. كم وكم تكون أهمية أن يفهم المسيحيون تعاليم هؤلاء الناس الذين نأخذ لهم البشارة الحقيقية؟
فى هذا القسم سوف نتعرف على بعض النصائح لنكون مستمعين أفضل، وهى نصائح تنطبق على التواصل العابر للثقافات ولأى نوع أخر من أنواع التواصل.
هناك فرق بين “السمع” و”الإستماع”، فأنت يمكنك، على سبيل المثال، أن تسمع شخصا يتحدث لغة مختلفة دون أن تفهم أى كلمة. يمكنك أن “تسمع” دون أن تفهم. لقد دعى تقرير لوزان ويلوبانك الذى كتبه قادة مسيحيون من جميع أنحاء العالم المبشرين والمرسلين والرعاة والقادة الدينيين الى أن “يستمعوا جيدا حتى يفهموا”.[3]
(1) أزل مصادر التشتيت
نحن نعيش فى عالم ملئ بمصادر التشتيت، فالتليفزيون والراديو والإنترنت والهواتف المحمولة والرسائل النصية وغيرها من الأجهزة تقوم جميعها بتشتيت الإنتباه، فإذا أردنا أن نستمع الى أحد ما لابد أن نغلق كل مصادر التشتيت الأخرى وأن نعطيهم كامل انتباهنا.
زرت فى أحد المرات رجلا كان يوقف المحادثة كثيرا كى يرد على تليفونه المحمول. فى كل مرة كان يقول “إن التحدث معك أهم بكثير من الرد على التليفون ولكن لتسمح لى بأن أرد على هذه المكالمة فقط”. فى ساعة واحدة قام بالرد على سبعة مكالمات. كان صوته يقول “أنت أكثر أهمية” أما أفعاله فكانت تقول “إن هاتفى المحمول أكثر أهمية!”
يتطلب الإستماع الجيد والحقيقى أن نركز كل انتباهنا على الشخص الأخر. هناك الكثير من الأشياء التى تمنعنا من الإستماع الى الأخرين فعليا:
التفكير فى أشياء أخرى (“ما المهمة التالية التى على أن أقوم بها على قائمتى؟”)
محاولة إبهار الشخص الأخر (“أرجوا أن أستطيع إقناعهم بأننى على حق”)
التخطيط لما سوف أقوله عندما ينتهى الشخص الأخر من الكلام.
الإستماع الحقيقى يعنى أن أضع كل شئ جانبا وأن أركز على الشخص الذى يتحدث.
عندما كنت طفلا كنت أحاول أن أتحدث الى والدى أثناء قرائته الجريدة اليومية. وكان يتمتم بعض الكلمات فى الأوقات المناسبة. وأنا على يقين أنه كان يعتقد أنه كان يستمع الى ولكنه لم يكن كذلك. وفى مرة رويت له قصة جامحة بينما استمر هو فى قراءة جريدته واستمر يتمتم “حسنا، حسنا” ولم يدرك أبدا ان قصتى كانت من محض الخيال.
(2) لغة الجسد هامة للغاية
من الجوانب الهامة فى التواصل لغة الجسد، فالإنصات وحده ليس كافيا. على الشخص الأخر أن يعرف أنك تستمع اليه.
اجلس فى مكان مريح حيث يمكنك أن تنظر الى من يتكلم معك فى عينيه. أحيانا يكون من المفيد أن تترك مكتبك وتجلس فى مكان أكثر راحة بطريقة فيها شئ من “المساواة” عندما تكون تتحدث الى أحد أفراد الكنيسة، أو شخصا ما تحت سلطتك، أو شخص تقوم بإرشاده، أحيانا ما يشعر الناس بالتردد عندما يتطلب الأمر أن يكونوا صادقين مع شخص ما يجلس خلف مكتب. كى تكون شخصا يتواصل بشكل أفضل افعل كل ما تستطيع كى تشجع الأخرين على الإسترخاء والتواصل بسهولة.
(3) دون الملاحظات
فى بعض الحالات يعطى تدوين الملاحظات انطباعا أنك مستمع جيد. فى المواقف الرسمية مثل التواجد داخل فصل دراسى أو إجتماع لمجلس الإدارة يتيح لك كتابة الملاحظات تسجيل ما سمعته وفى الأحاديث الشخصية أو جلسات الإرشاد قد تحتاج أن تطلب إذنا من الشخص الأخر، وفى هذه الحالة يمكنك أن تقول ببساطة: “أود أن أدون بعض الملاحظات حتى أستطيع التركيز بشكل أفضل”.
[2]John T. Seamands, Tell It Well: Communicating the Gospel Across Cultures (Kansas City: Beacon Hill Press, 1981), 17
[3]Willowbank Report. “Gospel and Culture” (Lausanne Committee for World Evangelization, 1978), 15
الخاتمة
لو كنت تعمل فى مجال البيع فأنت تحتاج أن تفهم زبائنك جيدا، وسوف تحتاج أن تتأكد أنك لم تعرقل عملية البيع بسبب الفشل فى التواصل بوضوح.
كخادم أو قائد مسيحى أنت لا “تبيع” الإنجيل ولكنك تشارك الأخرين أخبار الخلاص السارة. لذلك فإن التواصل أهم للخادم من رجل الأعمال العادى. مثل بولس أنت تريد أن تفعل كل ما يمكنك فعله لكسب الأخرين الى المسيح. إن أخذت الوقت كى تفهم مستمعيك سوف يكافئك مستمعيك بخدمة أكثر فاعلية.
مهام الدرس التاسع
(1) فى بداية الدرس التالى هناك امتحانا عن هذا الدرس، ادرس اسئلة الإمتحان جيدا استعدادا له.
(2) جد مكانا تستطيع فيه أن تزور شخص ما من ثقافة مختلفة، وقد يكون ذلك المكان مطعما أو كنيسة أو منظمة اجتماعية أخرى. لا تحاول تبشير الأخر فى الزيارة الأولى. بدلا من ذلك اذهب كى تستمع وتتعلم. اسأل اسئلة وكن ودودا وأظهر المحبة. بعد الزيارة، شارك هذه التجربة مع مجموعتك. ماذا تعلمت من قضاء الوقت مع ناس من ثقافة أخرى.
إختبار الدرس التاسع
(1) أذكر مثالين على التواصل العابر للثقافات فى العهد القديم.
(2) كيف أضفت ارسالية يسوع فى متى 28 على التواصل العابر للثقافات أهمية قصوى؟
(3) أذكر خمس اعتبارات عملية للتواصل العابر للثقافات مما تعلمته فى هذا الدرس.
(4) لماذا تعتبر الدعابة صعبة فى التواصل العابر للثقافات؟
(5) ما الذى قاله يسوع والذى من شأنه أن يكون مفيدا فى جميع حالات التواصل العابر للثقافات.
(6) بحسب د. المر ما هى الخمس مكونات اللازمة للخادم الفعال أو الشخص الذى يتواصل مع الأخرين بشكل فعال؟
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.