(1) يفهم ماذا يقصد الكتاب المقدس عندما يتحدث عن “العالم”.
(2) يدرك جوانب الحياة التي أثرت عليها قيم العالم.
(3) يصف كيف ولماذا يجب أن يكون تفكير المؤمن مختلفًا عن تفكير الخاطئ.
(4) يشرح معنى أن يعيش المؤمن حياة استقامة.
(5) يدرك أنه ينبغي تطبيق الحق المسيحي في كل تفاصيل الحياة.
يوحنا ذهبي الفم، واعظ الاستقامة
كان القديس يوحنا الذهبي الفم،[1]قسًا تقيًا يُعْرَف باسم “الذهبي الفم” بسبب عظاته القوية والخطابية. وكان محبوبًا جدًا من عامة الشعب وأصبح أشهر واعظ للإمبراطورية الرومانية الشرقية. في عام 398 “ اختطفه” قادة الكنيسة ونقلوه إلى العاصمة القسطنطينية (إسطنبول الحديثة، تركيا) ليكون راعي وبطريرك للكنيسة الوطنية التي يبلغ عدد أعضائها 100.000 عضو.
كان يوحنا معروفًا بشخصيته التي لا هوادة فيها. فاستخدم مكتبه لخدمة احتياجات المدينة برمتها، وليس فقط الأغنياء. فأطعم الفقراء، وبنى المستشفيات، ودعم الأرامل. كما واجه الأساقفة في آسيا الصغرى لفسادهم وسوء إدارتهم المالية ووعظ ضد تساهلهم وفجورهم. وحذر الطبقات العليا في القسطنطينية من أن حضورهم للمسرح سوف يفسدهم. حيث قارن الحضور في المسرح بالتعرض لفيروس قاتل. فقال يوحنا:
إذا رأيت امرأة وقحة تخطو على المسرح برأس مكشوف وجرأة، ترتدي ثيابًا مزينة بالذهب، وتتباهى بمشاعرها الناعمة، وتغني أَغَانٍ غير أخلاقية، وتتمايل بجسدها في الرقص، وتتفوه بكلمات وقحة ... هل تجرؤ على القول إنه لم يحدث شيء بداخلك بعد ذلك؟
فحتى بعد انتهاء المسرح ورحيل الجميع، لا تزل تلك الصور تطفو في عقلك، وكلماتهم، وسلوكهم، ونظراتهم، وسيرهم، ومواقفهم ... وأجسادهم غير العفيفة - أما أنت، فتذهب إلى المنزل مغطى بألف جرح. بل وأن العاهرة تذهب أيضا معك - وإن لم يكن ذلك علنًا وبوضوح... ولكن في قلبك وفي ضميرك، وهناك في داخلك يشتعل الأتون البابلي ... حيث يحترق سلام بيتك، وطهارة قلبك وسعادة زواجك!
وحذر يوحنا المواطنين الأثرياء قائلًا:
من الحماقة والجنون أن نملأ الخزائن بالملابس ونترك الرجال المخلوقين على صورة الله وعلى شبهنا أن يقفوا عراة ويرتجفون من البرد حتى يكادوا أن يخوروا من التعب ... فأنتم ضخام وممتلئين ويمكنكم إقامة حفلات الشرب حتى وقت متأخر من الليل، وتناموا في سرير دافئ وناعم. لكن ألا تفكرون في أنكم ستعطون حسابًا عن إساءة استخدامكم لعطايا الله؟ لأن أموالنا مِلْك للرب، حتى وان كنا نحن جمعناها. فالرب سمح أن يكون لديكم الكثير من الأموال لا لكي تضيعوها... لكن لكي تعطوا المحتاجين.
وفي نهاية المطاف، تم نفي يوحنا ذهبي الفم إلى الشواطئ الشرقية للبحر الأسود لكنه مات في الرحلة (407 م). وكانت كلماته الأخيرة “المجد لله في كل شيء أمين”.
المفهوم الكتابي للعالم
نقرأ صلاة يسوع من أجل تلاميذه قبل وقت قصير من صلبه في يوحنا 17. وهي تُعَبِّر عن حبه الكبير واهتمامه بتلاميذه. وقال يسوع إنه كان يصلي أيضًا من أجل كل الذين سيؤمنون بكلام الرسل (الآية 20)، لذلك تشمل تلك الصلاة جميع المؤمنين حتى اليوم.
◄يجب أن يقرأ تلميذ يوحنا 17: 14 – 18للمجموعة.
ماذا قصد يسوع عندما قال إنه ليس من العالم؟ نحن نعلم أنه لم يأتي من هذا العالم. فهو ابن الله الذي جاء إلى الأرض من السماء. ومع ذلك، عندما قال إنه ليس من العالم، لم يكن يتحدث عن حقيقة أنه جاء من مكان ما خارج هذا العالم. لأنه قال إن التلاميذ ليسوا من العالم أيضا كما أنه ليس من هذا العالم. فكان يسوع يتحدث عن هؤلاء الذين ولدوا على الأرض، من والدين بشريين، ونشأوا كمواطنين في بلدهم.
فماذا قصد يسوع عندما قال إن تلاميذه ليسوا من العالم؟ نحن نحتاج لفهم ما يتحدث عنه الكتاب المقدس عندما يشير إلى العالم.
◄يجب أن يقرأ تلميذ رسالة أفسس 2: 1-3للمجموعة.
تبين لنا هذه الآيات أن العيش حسب العالم هو أن نتبع طرق إبليس. وأهل العالم يتبعون شهواتهم، وسيأتي عليهم غضب الله. ولكن عندما ينال المؤمنون الحياة الجديدة لا يعيشوا حسب هذا العالم.
◄يجب أن يقرأ الطالب 1 يوحنا 2: 15-17 للمجموعة.
تتكلم رسالة يوحنا الأولى عن العالم ككيان شرير. فلا يجب أن نحب العالم ولا الأشياء التي في العالم. فالشهوات والدوافع الخاطئة هي أمور معتادة في العالم. وتُسَمى شهوات العالم.
يُدعَى الشيطان رئيس هذا العالم (يوحنا11:16). وهذا لا يعني أن العالم ينتمي له بحق. لكنه تزعم العصيان على الله، وقد أدانه الله. وسيُدان أيضًا كل الذين يصرون على اتباعه.
محبة العالم هي عداوة لله (يعقوب 4: 4).
يتألف العالم من ملايين الأشخاص الطبيعيين الساقطين المنفصلين عن الله، والمتحدون في أمور مشتركة فيما بينهم. وهي: أولاً، لديهم مشاعر أو شهوات خاطئة. فهم يحبون الأشياء التي في العالم أكثر من خالق الكون. تقول رسالة يوحنا الأولى 2: 15- 17” لَا تُحِبُّوا ٱلْعَالَمَ وَلَا ٱلْأَشْيَاءَ ٱلَّتِي فِي ٱلْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ ٱلْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ ٱلْآبِ. لِأَنَّ كُلَّ مَا فِي ٱلْعَالَمِ: شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ ٱلْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ ٱلْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ ٱلْآبِ بَلْ مِنَ ٱلْعَالَمِ.”
ثانياً: مشاعرهم الخاطئة تؤدي إلى سلوك خاطئ. فأسلوب حياتهم الذي يركز على إرضاء أنفسهم، غالبًا يكون على حساب العدل والرحمة (عاموس 5: 11-15؛ 21-24). حيث يعيشون بطريقتهم الخاصة، ويطلبون ما يريدون، ويحددون الصواب والخطأ لأنفسهم. ومع أن لديهم أشكالًا عديدة من الديانات، إلا أنهم يجعلون من ذواتهم (العقل البشري، الحكمة البشرية، الشهوات البشرية، الخير البشري، القوة البشرية) مركز عبادتهم (رومية25:1).وهم مستاؤون من سلطان الله ويؤمنون بفلسفة الحياة التي تبرر رغباتهم. ولا يسعون إلى معرفة الصواب والقيام به. لكن يفعلون ما يريدون، ثم يبحثون عن طريقة ليثبتوا أنهم على حق.
إن علماء النفس والمشيرون غير المسيحيين في العالم يحاولون مساعدة الناس على حل مشكلة خطاياهم دون اللجوء إلى التوبة وطلب غفران الله. ويحاول فلاسفة العالم أن يجدوا غرضًا للحياة دون وجود الله. كما يحاول علماء العالم شرح أصل كل شيء مع إنكار وجود خالق. ويحاول السياسيون والأخصائيون الاجتماعيون في العالم أن يجدوا طرق لمنع العواقب الطبيعية والسلبية للخطية وينكرون أنها المشكلة الحقيقية. ويعمل مصممو الأزياء في العالم على إنتاج ملابس مثيرة وتلفت الانتباه. والفنانون في العالم يلقون النكات عن الخطية والأخلاق والدين. كما يؤمن بعض الوعاظ بإله يتسامح مع الخطية ويهتم أكثر بكونك إنسانًا ثريًا وسعيدًا واثقًا بنفسك.
تحذرنا كولوسي 2: 8 من أن تخدعنا فلسفة أركان العالم وتسبينا. فيمكن أن يخدع فنان محتال شخص ما عن طريق تقديم فكرة زائفة. كما يسرق العالم الناس من علاقتهم بالله، ومن البركات الروحية، ومن السماء، بإقناعهم بأفكار خاطئة.
تَظْهَر الفلسفات والدوافع المسيطرة على العالم في أسلوب حياة الناس. فالكلام والمواقف والملابس والترفيه وسلوك أهل العالم كلها تعبيرات عن شر قلوبهم.
لا يمكن للمؤمنين أن يتبعوا أخلاقيات مجتمعهم، لكن يجب أن يكونوا مختلفين عنه.
تتشكل الثقافات من خلال هذا الكيان الذي يسميه الكتاب المقدس العالم. فأجيال من الناس في مكان ما يطورون ثقافة ما. فهم يريدون أمورًا جيدة كثيرة كالأمن، والازدهار، والعائلات المستقرة، لكنهم يسعون لتحقيق هذه الأمور بالفلسفة العالمية والعزم على إيجادها دون الخضوع لكلمة الله. هذا يعني أن المؤمنين لا يستطيعون اتباع ثقافة مجتمعهم بالتمام. ربما تتأثر بعض الثقافات بمبادئ الكتاب المقدس أكثر من غيرها، ولكن لا توجد أمة ثقافتها مسيحية بالكامل.
◄ بناءً على ما درسناه حتى الآن، ماذا يعني أن تلاميذ يسوع ليسوا “من هذا العالم”؟
لا يتبع المؤمنون شهواتهم وطموحاتهم الخاطئة. لكن يريدون إرضاء الله أكثر من أي شيء آخر. فمحبتهم تتجه نحو الله باستمرار (فيلبي 1: 9-11). وناموس الله مكتوب على قلوبهم (إرميا 33:31). إن وصايا الله ليست ثقيلة على المؤمنين، بل مبهجة لهم (يوحنا الأولى 5: 1-3؛ مزمور 19: 7-11). والمؤمنون لديهم أولويات أبدية (متى33:6). فسلوكهم يُظْهِر أنهم يريدون مقاومة إغراءات العالم والنصرة على الخطية.
يشعر أهل العالم أن المؤمنين غرباء عنهم لأنهم لا يهتمون بنفس الأمور (بطرس الأولى 4: 4). وقال يسوع أن العالم يبغض الشخص المختلف عنه روحياً ويكن له العداوة فهم يستاؤون من البر (يوحنا14:17). لهذا قال يسوع، “في العالم سيكون لكم ضيق” (يوحنا33:16). قال الرسول بولس “وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِٱلتَّقْوَى فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ” (2تيموثاوس 3: 12).
◄يجب على التلميذ قراءة 2كورنثوس 6: 14-18 للمجموعة.
يوصي الكتاب المقدس المؤمنين بأن يكونوا مختلفين عن العالم. ويبدأ هذا من اختلاف التوجهات كما عَلَّم يسوع في الموعظة على الجبل. حيث وصف توجه المؤمنين بأنه يتميز بالتواضع، والحزن على الخطية، والوداعة، والبر، والرحمة، وطهارة القلب، والسلام، والاستعداد لتحمل الاضطهاد. والتوجهات المختلفة تؤدي إلى سلوك مختلف. فعلى سبيل المثال، لا يمكن للمؤمنين تكوين شراكات تتطلب منهم الاشتراك في فعل أشياء خاطئة. ويعد الله بأن يكون أبًا لمن هم ليسوا مثل أهل العالم. تذكر، الآية التي تقول إن محبة العالم عداوة لله (يعقوب 4: 4).
◄يجب على التلميذ قراءة متى 5: 13-16 للمجموعة.
أن يكون المؤمنين متميزين ومنفصلين عن العالم لا يعني أن ينفصلوا عن المجتمع ويشكلوا مجتمعاتهم الخاصة. قال يسوع لست أطلب أن تأخذهم من العالم (يوحنا15:17). وقال أيضًا إن تلاميذه هم ملح ونور للعالم، مما يعني أنهم يجب أن يكونوا حاضرين ومرئيين في المجتمع. ويجب أن يشارك المؤمن في الأعمال الحكومية والمجتمعية إلا إذا كانت تلك المشاركة تتطلب القيام بأمور خاطئة.
يخبرنا جيرالد سيتسر كيف كان هذا واضحًا في المسيحية الأولى:
أريستيدس، الفيلسوف الأثيني الذي عاش في القرن الثاني، سرد عددًا من السمات التي كانت تميز المسيحيين عن بقية السكان. وأشار إلى أن المسيحيين قدموا نموذج للأمانة والصدق والرضا واحترام الوالدين وحب الجيران والنقاء والصبر في وجه الاضطهاد واللطف مع الغرباء. واهتموا بالأرامل والأيتام وعاملوا العبيد أيضًا بلطف غير عادي. “فأي عبد أو آمة ... كانوا يقتنعون بأن يصبحوا مسيحيين بسبب محبتهم لهم. وإذا أصبحوا مسيحيين، فهم إخوة دون تمييز”.[2]
[1]1(جيرالد ليستر). الماء من بئر عميق. (داونرز غروف: مطبعة إنترفاسيتي، 2007)، 135
تؤكد رسالة يعقوب أن الإيمان المسيحي الحقيقي يظهر في الحياة. قال يعقوب من يسمع كلمة الله ولا يعمل بها يخدع نفسه (22:1). يعتقد البعض أنهم أفضل من الآخرين لأنهم يعرفون الكثير من الحقائق المسيحية - مع أنهم لا يطيعونها - ولكن هذا ليس صحيحًا.
قال يعقوب إن بعض الناس متدينون، لكن ديانتهم لا قيمة لها. فالله يُسَر بديانة الشخص الذي يشترك في تسديد احتياجات الآخرين ويحافظ نفسه، بلا دنس في العالم (27:1).
◄يجب على التلميذ قراءة رسالة يعقوب 2: 14-26 للمجموعة
هناك من يقول بما أننا نلنا الخلاص بالإيمان وليس بالأعمال، فإن سلوكنا لا يهم. ويعتقدون أنه من الممكن للشخص أن يكون مؤمنًا حتى لو كانت مواقفه وأسلوب حياته يشبه غير المؤمنين. هذا المقطع من رسالة يعقوب يتحدث إلى هؤلاء الأشخاص.
يقول يعقوب أن الإيمان لا يكفي، فحتى الشياطين لديهم معتقدات صحيحة، لكنهم ليسوا على علاقة صحيحة بالله (الآية 19). الشخص الذي يؤمن بالله ولا يخضع له يشبه من يسمع الإنجيل ولكنه لا يتوب.
من المهم أن نشرح الآيات 21 و24. حيث تقول إن إبراهيم قد تبرر بالأعمال، وأن الإنسان يُبرر بالأعمال والإيمان معًا. ربما يبدو أن هذا يتناقض مع النصوص الكتابية الأخرى التي تؤكد أن الشخص يَخْلُص بالنعمة فقط وليس بالأعمال[1]. فكلمة مُبَرَّر لا تعني أن الخلاص بالإيمان والأعمال، ولكن يُظْهِر المرء خلاصه بالإيمان والأعمال. فهو لا يَخْلُصْ بالأعمال، لكن إذا لم يعيش كمسيحي، فلا يكون لديه إيمان الخلاص أيضًا. يقول الرسول يعقوب أن الإيمان بدون أعمال، ميت (الآية 26).
قال يعقوب أنه كما يستحيل أن تعطي الشجرة نوعان من الثمار أو ينبوع نوعين من الماء، هكذا يجب ألا يكون الشخص قادرًا على أن يتكلم بالبركة واللعنة (3: 9-12). فسلوك الشخص يجب أن يتوافق مع حياته المسيحية.
يتكلم بولس في رومية ٢: ٢١-٢٤، لليهود الذين يعتقدون انهم أسمي من الأمم لأنهم يملكون الشريعة، مع أنهم لم يطيعوها. ويسأل:” أنت ٱلَّذِي تَكْرِزُ: أَنْ لَا يُسْرَقَ، أَتَسْرِقُ”؟ ويقول “ٱلَّذِي تَفْتَخِرُ بِٱلنَّامُوسِ، أَبِتَعَدِّي ٱلنَّامُوسِ تُهِينُ ٱللهَ”؟ فحقيقة أنهم تعالوا على باقي الناس لأنهم شعب متدين، مع أنهم لم يكونوا أشخاص صالحين. جعل الأمم يجدفون على الله وعلى الكتاب المقدس.
إن كلمة استقامة تأتي من كلمة التكامل. فتكامل شيء يعني أن يكون متطابق في كل الجوانب. على سبيل المثال، الشخص الصادق سوف يتبع الصدق في كل سلوكه وكلامه. أما الشخص الذي يقول إنه أمين ولكنه يفعل شيئًا غير أمين لا يتمتع بالاستقامة.
يمكن تطبيق مصطلح الاستقامة على شخصية المرء. كما يُستَخْدَم المصطلح أيضا، في بعض اللغات، لوصف أشياء أخرى، مثل هيكل المبنى.
◄ في رأيك، ماذا يعني أن يتصف المبنى بسلامة هيكله؟
من المهم أن يقف المبنى ثابتًا. وأن يدعم وزنه ووزن أي أنشطة تحدث داخله. فإذا انهار، من الممكن أن يصاب الناس والممتلكات، وتضيع قيمة المبنى. إن سلامة المبنى تعني استخدام مبادئ البناء القوي في المبنى بأكمله.
ومن الجيد أيضا أن يظل المبنى قائمًا لفترة طويلة. والشخص الذي يبني بيتا يأمل أن يبقى قائمًا طوال مدة حياته. فالمباني المخصصة للحكومة أو الأعمال التجارية الكبيرة تتطلب استثمارات كبيرة ومن المتوقع أن تستمر لعدة أجيال.
إذا بدأ المبنى بالميل أو الانهيار، فذلك لأنه يفتقر إلى السلامة. في بعض الأحيان يتضرر مبنى من جراء زلزال، ومع أنه لا يزال قائمًا فإنه ليس آمنا ولا يتصف بالسلامة.
قبل البدء في تشييد مبنى مهم، يكون هناك رسم تخطيطي يحتوي على التفاصيل. وأهم تلك التفاصيل تكون حول كيفية أن يصبح المبنى قويًا بالدرجة الكافية ليبقى قائمًا. ويجب أن تكون أجزاء المبنى مترابطة ويدعم بعضها البعض.
من المهم أن يتبع من يُشَيِّد المبنى هذا المخطط. فإذا خَفَّضَ النفقات عن طريق إغفال الأجزاء الضرورية من الهيكل، فلن يكون المبنى آمنًا.
◄ ماذا يعني أن يتمتع الإنسان بالاستقامة؟
استخدم يسوع مثال سلامة المبنى. وقال الشخص الذي يسمع ويطيع الله هو مثل الشخص الذي يبني منزله على الصخر. هذا المنزل يثبت عندما تأتي العواصف. والشخص الذي لا يطيع الله هو مثل الشخص الذي يبني منزله على الرمال. فلا يكفي سماع الحق ومعرفته فقط.
◄يجب على التلميذ قراءة يعقوب 1: 22-25 للمجموعة.
قال يعقوب إن الإنسان الذي يسمع كلمة الله ولا يعمل بها يخدع نفسه. وهو يشير إلى شخص يعتقد أنه شخص صالح لمجرد أنه يعرف الحقيقة الكتابية مع أنه لا يعيش بها باستمرار. هذا الشخص لا يتصف بالاستقامة.
وقال يعقوب إننا عندما نقرأ كلمة الله لا ينبغي أن نكون مثل الشخص الذي ينظر إلى المرآة ثم يمشي دون أن يغير عيوبه التي رآها في المرآة. فحق الله مغير. وعندما ننظر إلى كلمة الله نرى أخطائنا، وعلينا أن نسمح لروح الله بتغيير شخصيتنا وسلوكنا لتتوافق مع هذا الحق.
والاستقامة تظهر في نمط الحياة. فلا ينبغي أن يكون الشخص راضيًا عن نفسه عندما يدرك أن موقفا أو سلوكا لا يتفق مع الحق الإلهي.
اختبار الثمار
قال يسوع أنه سيكون هناك أنبياء كذبة كثيرين. هؤلاء هم الأشخاص الذين يسعون إلى مراكز القيادة الدينية أو يريدون القيام بأعمال الخدمة، لكن ليس لديهم شخصية مسيحية حقيقية. وقال من ثمارهم تعرفونهم (متى 7: 15-18). فالثمار لا تعني النجاح. لكن هي التعبير الطبيعي عن طبيعة الشجرة. فثمار الإنسان هي أن تظهر حياته شخصيته الداخلية. إذا كان الشخص لا يحمل ثمر الروح (غلاطية 5: 22-23؛ 1كورنثوس 13)، أو إذا كان يعيش حياة الخطية، فهو إنسان خاطئ وليس قائدًا روحيًا حقيقيًا (1كورنثوس 6: 9- 10؛2 كورنثوس 11: 13-15).
قال الرسول بطرس إن المؤمنين لا يجب أن تسيطر عليهم شهواتهم السابقة بل أن يكونوا قديسين في كل ما يفعلونه (1بطرس 1: 14-15).
والثمار الجيدة لا تعني أن الإنسان يطبق جميع المبادئ المسيحية في سلوكه. فنحن جميعًا في عملية تعلم مستمرة للحق الإلهي. قد يقوم الطفل الذي يلعب في حديقة بقطف بعض النباتات عن طريق الخطأ. فالله لا يحاسبنا على الأخطاء التي نقترفها بحسن نية. ومع ذلك، فإن النعمة لا تعطي عذرًا للإنسان الذي يرفض التوبة عن خطيته. يخبرنا الرسول يوحنا أن الإنسان يتطهر لأنه “يسلك في النور”، ويعيش حسب الحق (يوحنا الأولى 1: 7).
الاستقامة في القيادة
يتخذ القادة قرارات لا يتعين على الآخرين اتخاذها. فمسؤوليات القائد والفرص المتاحة أمامه ينشأ عنها إغراءات كثيرة. وتتسم قرارات القائد بأهمية خاصة لأنها تؤثر على أشخاص كثيرين.
يجب على قائد الخدمة أن يتذكر أنه، مدعو مثل يسوع، إلى خدمة الله والناس. وألا يكون هدفه أن يصبح مشهورا ليحظى بثناء وخدمة الآخرين.
وإذا كان في الكنيسة عدد كبير من الأشخاص الغير مُخْلِصين في عبادة الله، فإنهم يحولون خدمة العبادة إلى مجرد أداء. فهم يُقَدِّرون المواهب أكثر من الأمور الروحية. ويريدون مؤدين لقيادة خدمة العبادة بدلاً من القادة الروحيين الحقيقيين. ويستمتعون بالأداء الحسي. وعلى استعداد لتوظيف موسيقيين غير مؤمنين لا يمانعوا أن يعزفوا في صالات الديسكو، وغير مؤهلين للمشاركة في العبادة. يجب على الراعي أن يحرس عبادة الكنيسة حتى تجذب العابدين الحقيقيين وتخدمهم[1].
◄ إذا زار شخص كنيسة صباح يوم الأحد ورأى نفس الموسيقيين الذين رآهم في صالة ديسكو ليلة السبت، ماذا سيظن في الكنيسة؟
أحيانًا يميل القائد إلى اعتبار نفسه مستثنيا من القواعد الأخلاقية العادية. فبعض الرعاة لديهم علاقات خاطئة بالرجال أو النساء في كنائسهم تماما كما يفعل القادة الدنيويون في مجتمعهم. وبعض الكنائس تتسامح مع السلوك غير الأخلاقي من القساوسة بسبب مكانتهم.
وأحيانًا يميل الراعي إلى الاعتقاد انه يملك الكنيسة. وعندما يفكر بهذه الطريقة، فإنه يضع أشخاص في مناصب لأنهم مخلصون له، وليس لأنهم مؤهلين لهذا العمل. هذا النوع من الرعاة يُفَضِّل الأقارب ويريد أن يختار من سيرث الكنيسة خلفه ويستر خطايا وأخطاء مؤيديه في الكنيسة. فهو يعامل مال الكنيسة وملكيتها كما لو كانت ملكه.
شهادة الكنيسة
تَفْسَد الكنيسة عندما لا تسعى إلى الاستقامة. فعندما يشترك المصلين في شهوات العالم، يقبلون قادة متمثلين بالعالم. ويتسامحون مع خطايا قادتهم الدينيين. حتى المؤمنون المخلصون يتبعون القادة الخطاة لأنهم لا يفهمون ضرورة الاستقامة والثمار الجيدة. عندما يحدث هذا، يسيطر أهل العالم على الكنيسة وتفقد شهادتها.
حذر بطرس من أن القادة الروحيين الكذبة سوف يعملون في الكنيسة (2بطرس 2: 3). فعندما تصبح الكنيسة مشهورة في مجتمعها، يسعى الأشخاص الدنيويون إلى الحصول على مكانة بها. ويتعلمون أشكال العبادة والقيادة الدينية دون أن يكونوا مؤمنين. والكنيسة التي ليس لديها عقيدة جيدة تنخدع بهم.[2]
استخدم يسوع مثال الملح لشرح ما يحدث عندما تفقد الكنيسة تميزها (متى13:5). فالملح الذي يفقد ملوحته ليس أفضل من الرمل أو الحصى.
عندما تصبح الكنيسة مثل المجتمع، لا تستطيع تغييره. ويستهزأ العالم بالكنيسة عندما تتبع أساليبه ولا تتبع الحق الكتابي.
[1]وللحصول على دراسة كاملة للعبادة المسيحية، انظر الدورة الدراسية العالمية لمقدمة العبادة المسيحية، المتاحة في https://www.shepherdsglobal.org/courses
[2]تناولت رسالة بطرس الثانية 2 وسفر يهوذا موضوع القادة الروحيين الكذبة.
تقديم الله للآخرين
إن اللاهوت هو نظام معتقداتنا المسيحية، بما في ذلك العقائد عن الله، والبشرية، والخطية، والمسيح، والخلاص. ومعتقداتنا عن الله تُعَد أساس لجميع المعتقدات الأخرى.
عندما بدأ الله في الإعلان عن نفسه، كان الهدف الأول من هذا الإعلان هو إظهار أي نوع من الآلهة هو. وصف الله نفسه في المقام الأول بأنه قدوس. إن كلمة قداسة في العبرية (قادش) تَرِد أكثر من 600 مرة في العهد القديم. فعلى سبيل المثال، أشار إشعياء مرارا إلى الله بأنه “قدوس إسرائيل”. وكانت قداسة الله هي موضوع العبادة (مزمور 99: 3، 5). لم يتعبد الشعب لله بسبب قوته فحسب، بل بسبب قداسته.
أظهر الله نفسه أيضًا على أنه محبة. فالمقطع الهام في العهد القديم الذي أعلن الله نفسه لموسى وإسرائيل هو خروج 34: 6-7. حيث أظهر الله نفسه بأنه: “ٱلرَّبُّ إِلَهٌ رَحِيمٌ وَرَؤُوفٌ، بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ وَكَثِيرُ ٱلْإِحْسَانِ وَٱلْوَفَاءِ. حَافِظُ ٱلْإِحْسَانِ إِلَى أُلُوفٍ. غَافِرُ ٱلْإِثْمِ وَٱلْمَعْصِيَةِ وَٱلْخَطِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ لَنْ يُبْرِئَ إِبْرَاءً”[1]. ومن المهم الحفاظ على قداسة الله ومحبته معًا. إن “الحب المقدس” هو مصطلح يستخدم غالبًا لوصف طبيعة الله. فلأن الله قدوس يطلب القداسة فينا. ولأن الله محبة، فقد هيأ لنا الطريق لنصبح قديسين، كما هو قدوس.
أظهرت قداسة الله أن الناس غير مؤهلين لخدمة الله وعبادته دون أن تغيرهم النعمة أولًا. رأى النبي إشعياء أن لديه شيئًا مشتركًا مع الخطاة الذين كان يكرز لهم - كان لديه قلب غير نقي (إشعياء 6: 5). فكلمة “شفاه نجسة” تمثل الكلمات والأفعال الخاطئة النابعة من قلب نجس. جعلت هذه النجاسة إشعياء غير مستأهل أن يكون في محضر الله. ولم يحاول إشعياء تبرير حالته. فتجاوب الله مع اعتراف إشعياء بالنعمة. ليس النعمة المتسامحة، بل النعمة المطهرة والمغيرة (إشعياء 6: 6-7).
كان إله إسرائيل مختلفًا عن الآلهة الزائفة، وكان يطلب نوعًا مختلفًا من العبادة. ففي مزمور 24، سأل الملك داود “مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ؟ وَمَنْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ؟ (آية 3). كان يتساءل عمن هو الشخص الذي يقبل الله عبادته؟ ثم قدم الإجابة “اَلطَّاهِرُ ٱلْيَدَيْنِ، وَٱلنَّقِيُّ ٱلْقَلْبِ، ٱلَّذِي لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْبَاطِلِ، وَلَا حَلَفَ كَذِبًا” (آية 4). لا يتم قبول كل شخص كعابد لله. العابد ليس مجرد شخص يرفع يديه تحت تأثير مشاعره. فالخاطئ غير مؤهل للعبادة.[2]
قال الله إن قداسته هي أساس طلبه بأن يكون كل مَن يعبدوه قديسين.” أنتم قديسين لأني أنا قدوس” (لاويين 11: 44-45، 19: 2، 26:20، 21: 8). لم يكن الله مثل الآلهة الشرقية القديمة أو آلهة الأساطير اليونانية والرومانية اللاحقة. وصفت الأساطير تلك الآلهة بالفساد والخداع والقسوة، كان لدى هذه الآلهة كل عيوب الشخصية البشرية، وكانت عبارة عن تشويهات مبالغ فيها لصورة الإنسان. لم تتطلب هذه الآلهة معيارًا أخلاقيًا أو معيارًا في الشخصية، وكان عابدوها أشرارًا وقاسيين.
إن إله إسرائيل ليس إسقاطًا لصورة الإنسان. وهو لَيسَ من صنع الخيال، لَكنَّه أعلن نفسه إلى الناسِ. فهو مختلف، ولهذا يجب أن يكون عابديه مختلفين.
تتكرر معاير الله في العهد الجديد كثيرا “بَلْ نَظِيرَ ٱلْقُدُّوسِ ٱلَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ” (1 بطرس 1: 15-16). والسيرة هي كلمة تشير إلى التوجهات، والسلوك، وكل جوانب الحياة. لا يطلب الله فقط أن يكون من يعبدوه قديسين أو أن يطلق عليهم اسم “مقدسين” بينما هم في الحقيقة ليسوا كذلك. فهو يتوقع ممن يعبدونه أن يعيشوا حياة قداسة حقيقية.
وتُظْهِر مواقفنا وسلوكنا فكرنا عن الله ونوع علاقتنا به. قال الرسول بولس أن اليهود الذين كانوا يفتخرون بشريعة الله أساؤوا إلى الله بكسرها. وبسبب سلوكهم، تفوه الناس بأمور رديئة عنهم وعن إلههم (رومية 2: 23-24).
من هو الإله الذي تمثله؟ بماذا يفكر الناس في إلهك؟ إذا أردتم أن يعرف الناس أن الله قدوس في حين انه أيضًا متسامح ورحيم، يجب أن يروكم أنتم هكذا.
تحتاج الكنائس من رعاتها تعليم عقيدة متسقة وشاملة. ولا ينبغي للقس أن يهمل العقيدة الأساسية. كل جيل وكل المؤمنين الجدد بحاجة إلى سماع ذلك. حتى المؤمنين الناضجين بحاجة إلى التذكير. لا ينبغي أن تكون العظات مجرد أداء عاطفي وديناميكي لإثارة المشاعر. بل أن تصف الله وتصف كيف يجب أن تطابق الحياة المسيحية مفهوم الكتاب المقدس عن الله في كل تفاصيله.
وينبغي أن تغير الكنيسة المجتمع والثقافة، ولكن ذلك لن يحدث إلا عندما نُطَبِّق مفهومنا الكتابي عن الله على كل تفاصيل حياتنا.
[2]وللحصول على دراسة كاملة للعبادة الحقيقية، انظر الدورة الدراسية العالمية لمقدمة العبادة المسيحية، المتاحة في https://www.shepherdsglobal.org/courses
مشاركة المجموعات
◄ ما هي المفاهيم الجديدة في هذا الدرس بالنسبة لك؟ كيف تخطط لتغيير نهجك في الحياة المسيحية؟
◄ ما هو المفهوم الذي تعتقد أنه عادة يكون مهمل في الكنائس في مجتمعك؟ كيف تشرح هذا المفهوم لشخص تعرفه؟
صلاة
أبي السماوي،
أريد أن أكرمك بحياة تتوافق مع شخصك. أريد أن أقدمك إلى عالم لا يخضع لك.
فاجعل حياتي تتفق مع حقك، ساعدني على أن أكون على استعداد لتغيير أي شيء لا ينبغي أن
يكون جزءا من حياة المسيحي.
شكراً من أجل قوة روحك ونعمتك المُغَيِرة.
آمين
الواجب
(1) اكتب فقرة عن قيمة دنيوية أثرت في تفكيرك أو سلوكك في الماضي القريب. ثم ابحث عن مقطعين من الكتاب المقدس يتناولان هذا الأمر وسجلهما. ثم اكتب فقرة عن كيف يمكنك أن تبدأ في العيش في طاعة لهذه الأجزاء الكتابية.
(2) ادرس تيطس ٢: ١١-١٤ اعرض موجز عن الاستقامة المسيحية بناءً على هذا المقطع. استخدم هذا المقطع لتوضيح سبب وجوب تطبيق حقائق الكتاب المقدس على كل تفاصيل الحياة. شارك بهذا العرض في بداية الفصل التالي.
SGC exists to equip rising Christian leaders around the world by providing free, high-quality theological resources. We gladly grant permission for you to print and distribute our courses under these simple guidelines:
No Changes – Course content must not be altered in any way.
No Profit Sales – Printed copies may not be sold for profit.
Free Use for Ministry – Churches, schools, and other training ministries may freely print and distribute copies—even if they charge tuition.
No Unauthorized Translations – Please contact us before translating any course into another language.
All materials remain the copyrighted property of Shepherds Global Classroom. We simply ask that you honor the integrity of the content and mission.