مقدمة للعبادة المسيحية
مقدمة للعبادة المسيحية
Audio Course Purchase

Search Course

Type at least 3 characters to search

Search through all lessons and sections in this course

Searching...

No results found

No matches for ""

Try different keywords or check your spelling

results found

Lesson 3: العبادة في العهد القديم

1 min read

by Randall McElwain


أهداف الدرس

في نهاية هذا الدرس، يجب على الطالب أن:

(1) يقدِّر نعمة الله التي تجعل العبادة ممكنة.

(2) يقترب من العبادة بقلبٍ مطيع.

(3) يعرف دور الطقس في العبادة.

(4) يمارس التسبيح كعنصر أساسيّ في العبادة.

(5) يتعرَّف على أهمية إعلان كلمة الله في العبادة.

(6) يتجنَّب خطر عدم التوازن في العبادة.

التحضير لهذا الدرس

احفظ ميخا 6: 6-8.

مقدمة

تجتمع مجموعة من القساوسة كل شهر لمناقشة بعض القضايا في كنائسهم. وكانوا يناقشون مؤخَّرًا مسألة العبادة. هناك اختلافات كبيرة بين هؤلاء الرعاة حول موضوع العبادة. مع أنهم يشتركون في المعتقدات العقائدية نفسها، لكنهم يختلفون اختلافًا كبيرًا في مسألة أساليب العبادة.

جيمJim هو راعي كنيسة تتبع نهجًا تقليديًّا في العبادة. وريك Rick يخدم في كنيسة نامية تستخدم العديد من الأفكار الحديثة في العبادة. ولا يزال جلين Glenn يحاول اكتشاف نوع العبادة الأنسب لكنيسته. لقد أجرى هؤلاء الرعاة العديد من المناقشات حول موضوع العبادة، لكنهم أصيبوا بالإحباط في محاولتهم الاتفاق على المبادئ الأساسية للعبادة.

يقول رودني Rodney: "ربما ننظر إلى هذا الأمر نظرة خاطئة. فنحن نستمر في التساؤل:ما نوع العبادة التي نتمتع بها؟ كيف نريد أن نعبد؟ربما ينبغي أن نسأل:كيف يريدنا الله أن نعبد؟ ما نوع العبادة التي يتمتع بها الله؟ إذا كان الله هو من يُصمِّم العبادة، فكيف ستبدو؟إذا عرفنا كيف تبدو العبادة في الكتاب المقدس، قد يعطينا هذا نموذجًا للعبادة اليوم."

◄ إذا كان الله هو من يُصمِّم العبادة، فكيف ستبدو؟ لخِّص ما تعرفه عن العبادة في الكتاب المقدس.

مقدمة: الله يطلب عبادة لائقة

في الدرس الثاني، رأينا في سفر الرؤيا أن العبادة الحقيقية هي عبادة إله قدوس. ورأينا في المزمور 15 أن الله يطلب من عباده أن يكونوا مقدسين. في الدرس الثالث، نطرح السؤال: "كيف يقترب العابد من الله القدوس؟"

يقول البعض إن الله لا يهتم كيف نعبد؛ إنه يهتم فقط أن يكون "القلب مستقيم." صحيح أن القلب هو أصل العبادة. ولكن، لدينا شهادة وافرة من الكتاب المقدس أن الله يهتم كثيرًا بطريقة عبادتنا له.

إن شكل العبادة مهم لأن عبادتنا تؤثِّر في فهمنا لله. في الدرس السابق، رأينا أن الصورة المشوَّهة عن الله تؤدي إلى عبادة مشوَّهة. وينطبق هذا أيضًا على العبادة المشوَّهة التي تشوِّه صورتنا عن الله. عندما عبد إسرائيل الرب (يهوه) كما كان الكنعانيون يعبدون آلهتهم، سرعان ما اعتقدوا أن طبيعة الله مثل آلهة الكنعانيين. وبدأوا يعتقدون أن الله إله منتقم وغير موثوق به، تمامًا كآلهة الكنعانيين.[1]

إن شكل العبادة مهم لأن طريقة عبادتنا غالبًا ما تعكس سبب عبادتنا. يفرح القلب المحب بتقديم العبادة التي تكرّم الله؛ أما القلب الذي يطيع على مضض فيريد أن يعبد "بطريقتي" لا بطريقة الله.

دعني أوضِّح هذا كمعلم. في الصفوف الدراسية التي أعلِّم بها، لدي بعض المتطلبات لشكل الأوراق البحثية. أريد صفحة غلاف، وحواشٍ، وهامشًا محدَّدًا. إن هذه التفاصيل ليست أهم جزء في الورقة البحثية؛ فالمحتوى هو الأكثر أهمية. إلا أنني قد تعلمتُ أن الطالب الذي يحرص على التفاصيل عادةً ما يكون حريصًا على المحتوى؛ فهو يريد أن يبذل قصارى جهده. ومن ناحيةٍ أخرى، فإن الطالب الذي يتجاهل هذه المتطلبات غالبًا ما يكون مهملًا في المحتوى. فغالبًا ما يعكس شكل الورقة محتوى الورقة. وغالبًا ما تعكس طريقة عبادتنا موقف قلوبنا. وغالبًا ما ترتبط طريقة العبادة بسبب العبادة. لذلك يهتم الله بطريقة عبادتنا.

  • قدم قايين قربانًا للرب. كان قايين "عاملًا في الأرض." فقدَّم من "ثمر الأرض"، لكنَّ الرب "لم ينظر إلى قايين وقربانه." أظهر فشل قايين في العبادة بشكل صحيح موقف قلبه. كانت تقدمة قايين مناسبة بالنسبة له، لكن الله لم يقبل عبادته.[2]

  • بنى هارون عجلًا ذهبيًّا ليستخدمه في عبادة يهوه. "غدًا عيد للرب."[3] ربما أقنع هارون نفسه أنه يستطيع أن يعبد الله بطريقة ترضي الشعب، لكن الله لم يقبل عبادته.

  • [4]رأى ناداب وأبيهو "إله إسرائيل" في جبل سيناء.[5] لقد كانا أقرب إلى الله من أي شخص آخر عدا موسى، ولكن في اليوم الأول من خدمتهما الكهنوتية في خيمة الاجتماع، قدَّما نارًا "غريبة" (أو "غير مسموح بها") أمام الرب. فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما. فسَّر موسى دينونة الله لأبيهما الحزين: "هذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلًا: فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ."[6] قدم هذان الكاهنان البخور بطريقتهما الخاصة، بدلًا من اتباع أوامر الله. ولم يقبل الله عبادتهما.

  • كان عُزِّيَّا ملكًا عظيمًا. و"عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ." ويلخِّص سفر أخبار الأيام الثاني عهده بالقول: "عَجِبَتْ مُسَاعَدَتُهُ حَتَّى تَشَدَّدَ." ولكن للأسف، لم تنتهي قصة عُزِّيَّا هكذا. "وَلَمَّا تَشَدَّدَ ارْتَفَعَ قَلْبُهُ إِلَى الْهَلاَكِ وَخَانَ الرَّبَّ إِلهَهُ، وَدَخَلَ هَيْكَلَ الرَّبِّ لِيُوقِدَ عَلَى مَذْبَحِ الْبَخُورِ." حاول عُزِّيَّا أن يعبد الله بطريقته، لكنه ضُرِبَ بالبرص.[7] ولم يقبل الله عبادته.

  • قدَّم اليهود في فترة ما بعد السبي ذبائح مشوَّهة إلى الهيكل. وأظهر فشلهم في تقديم الذبائح اللائقة موقف قلوبهم غير المُبالي. لم يحبُّوا الله حقًا، لذلك لم يقبل الله عبادتهم.[8]

يهتم الله بطريقة عبادتنا له. وتشير هذه الأمثلة إلى أننا، إذا تُركنا لأنفسنا، فلن نقترب إلى الله بالطريقة التي تكرمه. فما يبدو ملائمًا بالنسبة لنا قد لا يكون مقبولًا عند الله. يجب أن نتبع توجيهاته لنا في العبادة.

بما أن العبادة تعني إكرام الله، يجب أن تحدد طبيعة الله شكل العبادة، وليس رغباتنا. لا يمكننا أن نحدِّد لأنفسنا ما يرضي الله؛ يجب أن ننظر إلى كلمة الله لنتعلم كيف نعبد بطريقة ترضيه.


[1]في ميخا 6: 6-7، حاول القادة الدينيون "رشوة" يهوه بتقديم الأطفال ذبيحة. كانوا يعتقدون أن يهوه ينتظر ذبائح الأطفال التي يطلبها مولك.
[2]تكوين 4: 1-5
[3]خروج 32: 1-5
[4]"إذا كنت كاهنًا في العهد القديم، وخدمت الله كما تخدمه اليوم، كم من الوقت سيمر قبل أن يقتلك الرب؟"
-وارِن ويرسبي
(الجدية في العبادة)
[5]خروج 24: 1-11
[6]لاويين 10: 1-7
[7]2أخبار الأيام 26: 1-21
[8]ملاخي 1: 6-14

السير مع الله: العبادة كعلاقة نعمة

الصورة الأولى للعبادة في الكتاب المقدس هي في جنة عدن "وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ..."[1] ويوضِّح هذا النموذج الذي وضعه الله للعبادة: الشركة المستمرة بين الإنسان وخالقه. قبل السقوط، لم تكن الخطية تعيق الشركة بين الإنسان والله. كانت العبادة في الجنة بسيطة وغير معقَّدة.

نرى في الجنة أن الله يرغب في الشركة مع خليقته. قبل السقوط، كان الإنسان يتمتع بشركة كاملة مع الله؛ لم يختبئ الإنسان من الله إلا بعد أن أفسدت الخطية طبيعة الإنسان.

يُستخدم مصطلح "يمشي أو يسير" في العهد القديم للدلالة على العلاقة مع الله. "سار أخنوخ مع الله"؛ و"سار نوح مع الله". وأمر الله إبراهيم أن "يسير معه."[2] تُظهر كل من هذه الأمثلة شخصًا يبني علاقة مع الله بقضاء الوقت معه. إن العبادة الصحيحة تقوم على العلاقة الصحيحة مع الله.

يُظهر تكوين 3: 8 أن العبادة كانت قائمة على العلاقة. كما يُظهر أن العبادة ممكنة فقط بفضل نعمة الله. كانت الآلهة الوثنية تتوقع أن يجد الإنسان طريقة للعبادة الملائمة لإرضاء الآلهة. وفي المقابل، أنعم يهوه (الرب) على شعبه بتقديم الوسائل الملائمة للعبادة. وهناك ثلاثة أمثلة توضح ذلك.

جعل الله العبادة ممكنة لآدم وحواء

بعد السقوط، لم يكن الله ملزمًا بطلب العبادة من آدم وحواء أو حتى قبولها. لقد كسرا وصية الله؛ وأفسدا خليقته؛ ولم يستحقا سوى الدينونة.

بعد أن أخطأ آدم وحواء اختبآ "مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ."[3] لم يكن هناك فعل آخر يمكن لآدم وحواء القيام به. لم يتوقعا شيئًا سوى الموت. وكان رد الفعل الوحيد الذي يعرفاه هو الاختباء من صاحب الوصية، ولكن بالنعمة "نَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ." إن العبادة ممكنة بنعمة الله. وإذا تركنا لأنفسنا، فلن يكون لدينا وسيلة للاقتراب إلى الله القدوس. فبنعمته فقط نحن مدعوون للعبادة.

جعل الله العبادة ممكنة لإبراهيم

◄ اقرأ تكوين 18: 1-8.

رأينا في الدرس الأول أن الكلمة العبرية للعبادة هي shachah "ينحني" أو "يسجد". واستُخدمَت هذه الكلمة أولًا في تكوين 18: 2. ظهر الرب وملاكان بينما كان أبرام جالسًا عند باب خيمته. فركض أبرام " لاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ." الكلمة المترجمة "سجد" هي shachah؛ فقد قدَّم إبراهيم "عبادة."

لاحظ أن الله أخذ زمام المبادرة في هذه القصة؛ وجاء لملاقاة إبراهيم. جعل الله العبادة ممكنة. في العهد القديم كما في العهد الجديد، أصبحت العبادة ممكنة بالنعمة فقط. إن ذبائح العهد القديم ليست وسيلة لاسترضاء إله غاضب لا يرغب في العلاقة؛ لقد وضعها الله نفسه كوسيلة للمصالحة بين الله والإنسان الخاطئ. حتى في العهد القديم، باتت العبادة ممكنة فقط من خلال نعمة الله. نحن لا نملك القدرة في ذواتنا على العبادة بشكلٍ صحيح.

جعل الله العبادة ممكنة ليعقوب

◄ اقرأ تكوين 28: 10-22. ماذا تكشف هذه القصة عن دور الله في العبادة؟

واحدة من أكثر الصور المدهشة للعبادة في الكتاب المقدس هي في تكوين 28: 10-22. لا شيء في ماضي يعقوب يشير إلى صفات إنسان عابد. فهو لا يفي بمؤهلات المزمور 15. ولا يطلب الله؛ بل يهرب من المشاكل التي سبَّبها بأفعاله الخادعة. لا يوجد كتاب عن العبادة يقول: "العبادة المقبولة تأتي من الغشاشين المتعقبين الذين يهربون من نتائج خطيتهم."

ومع ذلك، أعلن الله نفسه ليعقوب - رغم عدم استحقاق يعقوب. تجعل نعمة الله العبادة ممكنة، حتى لشخص لا يستحق مثل يعقوب. كتب وارن ويرسبي Warren Wiersbe: "إن الله يقتحمنا بلطف عندما لا نتوقَّع ذلك - أو حتى نستحقه. عندما تتوقف العبادة عن كونها اختبارًا للنعمة، فإنها تتوقف عن كونها اختبارًا للمجد."

[4]من خلال النعمة فقط يدعونا الله إلى محضره. فعبادتنا هي استجابة لنعمته. لا شيء نفعله في العبادة جدير بالاستحقاق أمامه؛ فقط نعمته هي التي تمكنِّنا من العبادة.

تُظهر قصة يعقوب أحد الاختلافات الكبيرة بين عبادة يهوه وعبادة الآلهة الزائفة. كان عابدو الآلهة الزائفة يبنون المذابح في محاولة لكسب رضى إلههم. وعلى جبل الكرمل دعى أنبياء البعل "بِاسْمِ الْبَعْلِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الظُّهْرِ قَائِلِينَ: «يَا بَعْلُ أَجِبْنَا». فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُجِيبٌ. وَكَانُوا يَرْقُصُونَ حَوْلَ الْمَذْبَحِ الَّذِي عُمِلَ."

◄ اقرأ 1ملوك 18: 20-39 لترى التناقض بين العبادة الحقيقية والعبادة الباطلة.

حاول أنبياء البعل إقناع البعل بالكشف عن نفسه لهم. ويظهر هذا النمط مرارًا وتكرارًا في عبادة الأصنام. فالمذابح والذبائح هي محاولة لكسب رضى الصنم المعبود.

[5] على النقيض من ذلك، يكشف الله نفسه بلطف لشعبه في العبادة. فقد بنى إيليا مذبحه في ثقة تامة بأن الله الذي يعبده سيستجيب صلاته.

"أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ، لِيُعْلَمِ الْيَوْمَ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ فِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنِّي أَنَا عَبْدُكَ، وَبِأَمْرِكَ قَدْ فَعَلْتُ كُلَّ هذِهِ الأُمُورِ."[6]

في سفر التكوين، كان الآباء يبنون المذابح ليس لجذب انتباه الله بل كنصب تذكارية للأماكن التي كشف فيها الله عن نفسه. لم يكن المذبح محاولة لكسب رضى الله؛ بل احتفال بنعمته. ويبيِّن لنا يعقوب أن العبادة ممكنة فقط بالنعمة. يجب ألَّا نعتقد أبدًا أن عبادتنا تجعلنا مستحقين لرضى الله وقبوله؛ نحن نعبد بفضل النعمة.

ماذا يحدث عندما يجعل الله العبادة ممكنة؟ لقد تغيَّر يعقوب. مرَّ ثلاثون عامًا حتى يكتمل هذا التغيير، لكن التغيير بدأ في بيت إيل. إن العبادة (حتى العبادة غير الكاملة لشخص غير كامل مثل يعقوب) تغيرنا وتفعل لنا ما لا يمكننا أن نفعله لأنفسنا.

افحص ذاتك

اسأل نفسك: "هل تغيِّرني العبادة، أم أنني أمارس طقوس سطحية؟ متى كانت آخر مرة تغيرت فيها أفعالي، أو معتقداتي، أو مواقفي بسبب لقائي بالله في العبادة؟"


[1]تكوين 3: 8
[2]تكوين 5: 24؛ 6: 9؛ 17: 1
[3]تكوين 4: 8
[4]"عندما تتوقف العبادة عن كونها اختبارًا للنعمة، فإنها تتوقف عن كونها اختبارًا للمجد."
وارِن ويرسبي
[5]"في العبادة الباطلة، يبني الإنسان مذبحًا لينال رضى المعبود (الأعمال).
في العبادة الحقيقية يبني الإنسان مذبحًا للاحتفال برضى الله (النعمة).
[6]1ملوك 18: 36

إبراهيم: العبادة تتطلَّب الطاعة

◄ اقرأ تكوين ٢٢: ١-١٩. ما هي متطلبات العبادة في هذه القصة؟

أول مرة تُستخدَم فيها الكلمة الإنجليزية "يسجد worship" في الكتاب المقدس هي تكوين 22: 5. كانت تضحية إبراهيم بابنه أسمى أعمال العبادة. في هذه القصة، لاحظ التركيز على طاعة إبراهيم. قال الله: "خُذِ ابْنَكَ... وَاذْهَبْ... وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً..." ثلاثة أوامر. فأخذ إبراهيم "إِسْحَاقَ ابْنَهُ… وَقَامَ وَذَهَبَ … وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ." أطاع إبراهيم الأوامر الثلاثة.

تتطلب العبادة الحقيقية طاعة كاملة. إن العبادة هي أكثر من مجرَّد شعور أو عاطفة؛ وهي أكثر من الاستماع إلى المرنِّم أو الواعظ؛ العبادة هي استجابة فعَّالة لله.

لنعد إلى قصة إبراهيم في تكوين 18. في بداية القصة، نرى العبادة كخدمة مطيعة. رأى إبراهيم ثلاثة غرباء يقتربون من خيمته. و"سجد إلى الأرض." قدَّم إبراهيم عبادة.

ثم نرى إبراهيم منهمكًا في الخدمة. فقد قدَّم الماء لغسل أرجلهم؛ و"أسرع إلى الخيمة" لكي تصنع سارة الخبز؛ و"أَخَذَ زُبْدًا وَلَبَنًا، وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ، وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ." واتخذ موقف الخادم المنتظر "وقف بجانبهم وهم يأكلون." وهذا أسلوب خادم يقدِّم أفضل خدمة لسيده. فالعابد الحقيقي لديه موقف الخدمة الطوعية.

تَظهَر ضرورة الطاعة في العبادة بطوال العهد القديم. فقد قبل الله ذبيحة هابيل لأنها استوفت شروط الله للذبيحة. "وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا."[1] قدَّم هابيل أفضل ما عنده طوعًا. في المقابل، أراد قايين أداء واجبه بأسهل طريقة ممكنة.

تَظهَر ضرورة الطاعة في العبادة في حياة شاول. عندما عصى شاول أمر الله بإبادة جميع الحيوانات في عماليق، حاول أن يبرِّر نفسه بادعاء أنه قد عفا عن أفضل الحيوانات لتقديمها ذبيحة. فأجاب صموئيل: "هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ."[2]

◄ اقرأ 1 صموئيل 15: 1-23.

لن يقبل الله العبادة من قلبٍ متمرد.

تحثُّ العبادة الحقيقية على علاقة عميقة مع الله. انظر مرة أخرى إلى قصة إبراهيم. يبدأ تكوين 18 بخدمة إبراهيم لله؛ وينتهي الإصحاح بعلاقة. سأل الرب: "هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ..." وبعد سماع قصد الله، تفاوض إبراهيم بجرأة مع الله حول مصير سدوم. ماذا حدث؟ خادم الله هو أيضًا صديق الله.

في العبادة نعرف الله معرفة حقيقية. في العبادة نعرف قلب الله حتى أننا نستطيع أن نطلب بجرأة. في العبادة المطيعة تزداد علاقتنا بالله عمقًا. فالعبادة المقبولة تشمل الطاعة (الخدمة)، والعلاقة أيضًا. إن إبراهيم العابد هو خادم الله وهو صديق (خليل) الله أيضًا.


[1]تكوين 4: 4
[2]1صموئيل 15: 22

العبادة الكتابية اليوم

هل تساءلت لماذا يحضر بعض الناس خدمةً ما ويدخلون إلى محضر الله بينما يحضر آخرون الخدمة نفسها ولا يرون أي شيء من الله؟ يقدم البعض عطاياهم وهم سعداء. ويعطي آخرون وهم غير سعداء. الفرق هو القلب المطيع.

مهما كانت عبادتنا جميلة، ومهما كان الموسيقيون موهوبين، ومهما كانت العظة قوية، إن لم تنبع العبادة من قلبٍ مطيع، فهي كعبادة قايين. تقول عبادة قايين: "يمكنني أن أقدم ذبيحتي بطريقتي الخاصة. إنها جيدة بما فيه الكفاية." العبادة الحقيقية تأتي من قلبٍ مطيع.

افحص ذاتك

اسأل نفسك: "هل أنا عابد مطيع؟ هل تأتي عبادتي من قلب هابيل أم من قلب قايين؟"

الذبائح: العبادة كطقوس

قبل السقوط، كانت العبادة عبارة عن علاقة بسيطة بين الله والإنسان. بعد أن أفسدت الخطية طبيعة الإنسان، بات الإنسان بحاجة إلى طريقة للدخول إلى محضر الله. وبالنعمة، قدَّم الله نظام الذبيحة. فقد أقام الله الذبائح في الجنة عندما قتل حيوانًا واستخدم جلده في صنع ثياب لآدم وحواء. ونظَّم سفر اللاويين نظام الذبائح لعبادة إسرائيل.[1]

عندما نقرأ سفر الخروج وسفر اللاويين، يتضح لنا أن تفاصيل العبادة مهمة بالنسبة لله. يوضِّح سفر الخروج واللاويين لأولئك الذين يقولون إن "الله لا يهتم كيف نعبد ما دمنا نعبد" إن طريقة العبادة مهمة بالنسبة لله! فقد أعطى الله تعليمات واضحة للعبادة. وهذه، مثل إعلان الله لآدم وحواء بعد السقوط، علامة على نعمة الله. فقد أعطى الرب تعليمات واضحة: "هكذا تقتربون إليَّ." وكان هذا عمل من أعمال النعمة.

بالنسبة لإسرائيل، كانت العبادة تبدأ قبل أن يدخلوا بيت الله. وتُظهِر عملية الاستعداد للعبادة احترامهم لله ولبيته. كما تُظهر ترانيم المصاعد أنه حتى الرحلة إلى أورشليم كانت تُعتَبَر عبادة.[2] لم تكن طقوس العبادة فارغة؛ بل كان كل جانب من جوانب الذبيحة يذكِّر العابد بأهمية العبادة الحقيقية.

تمثِّل الذبائح الخضوع الكامل لله

يسيء بعض المسيحيين فهْم نظام الذبائح في العهد القديم. فقد تخيلوا نظامًا يخالف فيه بنو إسرائيل شريعة الله عمدًا، ويقدمون ذبيحة لا معنى لها، ثم يرجعون مباشرةً إلى الخطايا نفسها دون تغيير في قلوبهم.

صحيح أن هذا حدث في بعض الحالات. وكان رد الله على ذلك: "بَغَضْتُ، كَرِهْتُ أَعْيَادَكُمْ، وَلَسْتُ أَلْتَذُّ بِاعْتِكَافَاتِكُمْ. إِنِّي إِذَا قَدَّمْتُمْ لِي مُحْرَقَاتِكُمْ وَتَقْدِمَاتِكُمْ لاَ أَرْتَضِي."[3]

ولكن، كان هذا فشل الإنسان، وليس فشل الله. فقد فشل نظام الذبائح عندما فشل الإنسان في عمل ما أمر الله به. كانت خطة الله هي تقديم الذبائح التي تعكس توبة القلب الحقيقية.

أظهرت الطقوس المرتبطة بالأعياد لإسرائيل أهمية ممارسات العبادة. كانت كل التفاصيل تعبِّر عن احترام اسرائيل ليهوه. لم تكن عبادة إسرائيل طقوسًا فارغةً؛ كانت هذه الطقوس تدل على حقيقة خضوعهم وطاعتهم. وكانت تعليمات ذبيحة المحرقة إشارة إلى اتحاد العابد بالذبيحة. كان وضع العابد يده على رأس الحيوان بمثابة اعتراف: "أنا من يجب أن أكون هنا. خطيتي تستحق الموت."[4]

يكرم الله العبادة الحقيقية بحضوره

باتت العبادة في إسرائيل أكثر تنظيمًا مع بناء الهيكل. وكما هو الحال مع خيمة الاجتماع، كانت كل تفاصيل الهيكل تشير إلى طاعة إسرائيل المهيبة لله.[5] لقد ذكّر احترام الذبائح وشكل العبادة في الهيكل إسرائيل بعظمة يهوه وبالتواضع الذي يجب أن يقتربوا به إليه.

لم يعِق التخطيط الدقيق لطقوس العبادة في الهيكل حضور الله. لا بدَّ أن تكريس الهيكل كان من أكثر الخدمات تنظيمًا في التاريخ. لقد خطَّط داود لبناء الهيكل قبل سنوات. وبعد اكتمال الهيكل، قاد سليمان التكريس في خدمة رائعة موصوفة في 2أخبار الأيام 5. عزف الموسيقيون بالصنوج، والرباب والعيدان. ونفخ 120 كاهنًا في الأبواق. وغنَّى المغنُّون أغاني التسبيح. وفيما يغنون، امتلأ بيت الرب سحابًا "وَلَمْ يَسْتَطِعِ الْكَهَنَةُ أَنْ يَقِفُوا لِلْخِدْمَةِ بِسَبَبِ السَّحَابِ، لأَنَّ مَجْدَ الرَّبِّ مَلأَ بَيْتَ اللهِ."[6]


[1]لاويين 1-7، و16
[2]مزمور 120-134
[3]عاموس 5: 21-22
[4]لاويين 1: 4
[5]2أخبار الأيام 1-7
[6]2أخبار الأيام 5: 13-14

العبادة الكتابية اليوم

يتصدَّى بعض الناس لأي نظام وشكل معيَّن للعبادة. فهم يعتقدون أن أي طقس مخطَّط له يُعيق العبادة الصادقة النابعة من القلب. غير أن العبادة في الكتاب المقدس كانت عبادة منظمة.

إذا عقدنا العزم على تقديم أفضل ما لدينا لله، فإن عبادته تستحق التخطيط الدقيق. نحن نخطِّط للخدمة لا لنبهر الآخرين بجمال خدمتنا، بل لنقدم لله أفضل ما لدينا في العبادة.

في الكتاب المقدس، كان حضور الله يبارك العبادة المنظمة بعناية (تكريس الهيكل) والعبادة الأقل تنظيمًا (اجتماع الكنائس البيتية في القرن الأول). وكان من الممكن أيضًا تقديم العبادة المنظمة بعناية (العبادة في الهيكل في أيام إرميا) والعبادة الأقل تنظيمًا (العبادة الفوضوية في كورنثوس) دون حضور الله. فالمسألة ليست درجة التنظيم؛ بل طاعة الله والجوع إلى حضوره.

افحص ذاتك

اسأل نفسك: "هل تنبع عبادتي العلنية (سواء أكانت رسمية أو غير رسمية) من قلبٍ مطيع؟"

المزامير: العبادة بالتسبيح

كان سفر المزامير هو "كتاب العبادة" في إسرائيل. كان كتابًا للترنيم؛ ومجموعة من الصلوات؛ ومرشدًا للعبادة الصحيحة؛ ودليلًا للحياة الصالحة. كان سفر المزامير سفرًا أساسيًّا للعبادة في إسرائيل.

التسبيح في العبادة

[1]يُظهِر سفر المزامير أن العبادة الحقيقية تشمل تركيزًا كبيرًا على التسبيح. فباستثناء المزمور 88، يشمل كل مزمور بعض عبارات التسبيح. تذكرنا الطقوس في سفر اللاويين بهيبة العبادة في الكتاب المقدس؛ وتذكرنا المزامير بفرح العبادة في الكتاب المقدس. فتُظهر المزامير 120-134 فرح اليهود المغتربين أثناء رحلتهم إلى أورشليم للعبادة. إن التسبيح هو مركز العبادة.

يعكس التسبيح الموجود في سفر المزامير فرح العبادة الحقيقية. فالتسبيح يظهر مسرتنا بالله. إن العبادة الحقيقية تشمل الاحتفال بالله وبأعماله.

الرثاء في العبادة

تُظهِر مزامير الرثاء جانبًا آخر من جوانب العبادة في الكتاب المقدس؛ إذ تسمح العبادة بالصدق التام بين العابد والله. في مزامير الرثاء، يعبّر كاتب المزمور عن إحباطه من ظلم هذا العالم. في المزمور 10، يتساءل كاتب المزمور: "يَا رَبُّ، لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيدًا؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟"[2] لماذا يسمح الله أن يسلك الأشرار بتمرد وكبرياء. بما أن العبادة تقوم على العلاقة مع الله، يمكن للعابد التحدث بصدق وانفتاح.

ينتهي المزمور 10 بإعلان الثقة بالله.

"الرَّبُّ مَلِكٌ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ؛ بَادَتِ الأُمَمُ مِنْ أَرْضِهِ. تَأَوُّهَ الْوُدَعَاءِ قَدْ سَمِعْتَ يَا رَبُّ. تُثَبِّتُ قُلُوبَهُمْ. تُمِيلُ أُذُنَكَ لِحَقِّ الْيَتِيمِ وَالْمُنْسَحِقِ، لِكَيْ لاَ يَعُودَ أَيْضًا يَرْعَبُهُمْ إِنْسَانٌ مِنَ الأَرْضِ."[3]

يستند هذا الإعلان إلى الثقة بالله. مع أن الأشرار يستمرون في ارتكاب الظلم، يتحدث صاحب المزمور بثقة أن الله سيفعل الصواب.

ونرى الصدق نفسه في سفر أيوب. الصدق القائم على علاقة وثيقة وحميمة مع الله. هذه هي العبادة الحقيقية، العبادة المقبولة عند الله.


[1]"احرص على الاحتفاظ بالفرح الدائم بالله."
ريتشارد باكستر
[2]المزمور 10: 1
[3]المزمور 10: 16-18

العبادة الكتابية اليوم

تشمل المزامير نوعين من التسبيح. تذكر بعض المزامير سبب التسبيح؛ وتطلب مزامير أخرى التسبيح دون ذكر أي سبب. ويُطلق على التسبيح الخاص بطبيعة الله وأعماله القديرة اسم "التسبيح الوصفي"؛ أما التسبيح غير المحدَّد فيسمَّى "التسبيح الإعلاني." ومن أمثلة التسبيح الوصفي المزامير 19، و105، و136. ومن أمثلة التسبيح الإعلاني المزامير 148-150.

في العبادة اليوم، غالبًا ما يُمثَّل هذان النوعان من التسبيح في التسبيحات القصيرة (تسبيح إعلاني) و في الترانيم (تسبيح وصفي). يجب أن يكون كلاهما جزءًا من العبادة. إن بساطة التسبيحة القصيرة تدعو العابد إلى عبادة الله. وعمق الترانيم يعلِّم حقائق عميقة عن طبيعة الله.

التسبيح الإعلاني

أحبكَ يا رب وأرفع صوتيتفرح نفسي بعبادتكَ!ابتهج يا ملكي بما تسمعه.فليكن صوتًا حلوًا وعذبًا في أذنك.

التسبيح الوصفي

إلهنا حصنٌ عظيمٌ، حصنٌ لا ينهار أبدًا؛معيننا هو، وسط طوفان العلل المميتة السائدة:لأن عدونا القديم لايزال يسعى أن يجلب علينا البلاء.مهارته وقوته عظيمتان، وهو مسلَّح بالكراهية القاسية،ولا نِدًّا له على الأرض.

افحص ذاتك

يُظهِر تسبيح كاتب المزمور مسرَّته بالله. اسأل نفسك: "هل أسرُّ حقًا بالله؟"

الأنبياء: العبادة كإعلان

تُظهر شرائع الذبائح، وخيمة الاجتماع، والهيكل قيمة الطقوس في العبادة. ولكن، يظهر الأنبياء أن الطقوس التي لا تصاحبها عبادة من القلب هي طقوس فارغة. عندما بدأ شعب إسرائيل يتبعون الطقوس دون قلوب مطيعة، جاء الأنبياء برسالة الدينونة من الله. وأعلنوا أن الله لم يعد يقبل الذبائح من أمة مرتدة.

كانت رسالة الأنبياء في حد ذاتها عبادة. فالعبادة تشمل إعلان رسالة الله. وفي خدماتنا، لا يجب أن نفصل بين "العبادة"، و"الوعظ". فالمناداة بكلمة الله هي عبادة بالحق. إن الوعظ يؤكِّد سلطان الله علينا، وحكمته في حياتنا. وهذه هي العبادة؛ إنها تكرم الله.

رسالة الأنبياء: الطقوس دون صدق حقيقي ليست عبادة

أعلن عاموس أن الله قد رفض ذبائح إسرائيل. لماذا؟ لأن العابدين كانوا يعيشون حياة آثمة.[1] وأعلن إشعياء أن أعياد إسرائيل كانت ثقلًا مملًّا على الله. لماذا؟ لأن أيديهم كانت ملآنة دمًا.

قبل العبادة، يأمر الله العابدين "اِغْتَسِلُوا. تَنَقَّوْا. اعْزِلُوا شَرَّ أَفْعَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ. كُفُّوا عَنْ فِعْلِ الشَّرِّ. تَعَلَّمُوا فَعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ."[2]

لا يُعجَب الله بالطقوس التي لا تعكس حقيقة القلب.

رسالة الأنبياء: تتطلب العبادة الحقيقية أفضل ما لدينا

قدَّم إبراهيم ابنه لله؛ قدَّم أفضل ما لديه. وقدَّم هابيل من أبكار غنمه؛ قدَّم أفضل ما لديه. وكان اللاويون يطلبون أفضل الحيوانات لتقديم الذبائح, ورفض داود تقديم محرقات مجانية.[3] في جميع الحالات، تتطلَّب العبادة أفضل ما لدينا.

استمرت هذه الرسالة في أسفار الأنبياء. فقد حذَّر ملاخي من تقديم حيوانات رديئة كذبائح.[4] وحذَّر حجَّي من الدينونة لأن الشعب كانوا مهتمين بحالة بيوتهم أكثر من اهتمامهم ببيت الله.[5] إن العبادة الحقيقية تتطلَّب أفضل ما لدينا.

رسالة الأنبياء: العبادة الحقيقية تشمل الحياة كلها

قدَّم عاموس ردَّا عمليًّا على ارتداد إسرائيل. لم يكن الحل في تقديم المزيد من الذبائح؛ كان الحل هو حياة البر. "لْيَجْرِ الْحَقُّ كَالْمِيَاهِ، وَالْبِرُّ كَنَهْرٍ دَائِمٍ."[6] لم يكن الأنبياء معارضين للعبادة في الهيكل وتقديم الذبائح.[7] بل كانوا معارضين للعبادة التي لا ترافقها حياة بارة.

نرى بطول الكتاب المقدس أن العبادة الحقيقية تشمل الحياة كلها. في أسفار موسى الخمسة، تأتي الشرائع الخاصة بالعبادة إلى جانب الشرائع الخاصة بالسلوك الأخلاقي؛ لا يوجد فصل بينهما. وفي الأسفار التاريخية، أدَّى عصيان إسرائيل في الحياة اليومية إلى تدمير مكان العبادة الخاص بهم، وهو الهيكل. وتعلن أسفار الأنبياء أن الله رفض عبادة إسرائيل بسبب عصيانهم. وفي العهد الجديد، يذكِّر يسوع الفريسيين أن ممارسات العبادة مثل حفظ السبت لا تعني شيئًا دون رحمة.[8]

مثال الأنبياء: الوعظ والمناداة بكلمة الله عبادة

يبيِّن الأنبياء أن المناداة بكلمة الله عبادة. تخيل موقف إرميا العبثيّ وهو يقف أمام الهيكل ويقول: "ادخل إلى الهيكل لتسبِّح وتقدم ذبيحتك. هذه ستكون العبادة. وعندما تنتهي، سأعظ لك برسالة الله." كلا! كان إعلان إرميا في حد ذاته عملًا من أعمال العبادة. فقد أعلن إرميا أن الله رفض عبادة إسرائيل بسبب حياتهم الخاطئة. كانت هذه عبادة. فهي تعترف بطهارة الله القدوس وتدرك استحقاق الله.


[1]عاموس 5: 21-22
[2]إشعياء 1: 13-17
[3]2صموئيل: 24: 24
[4]ملاخي 1: 6-8
[5]حجَّي 1: 8-11
[6]عاموس 5: 24
[7]يقول بعض العلماء أن الأنبياء رفضوا نظام الهيكل. ولكن، كان العديد من الأنبياء مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالهيكل. رأى إشعياء الرب في الهيكل. وتنبأ حزقيال بهيكل متجدِّد ممتلئ بمجد الله. وشجَّع حجَّي زربابل على إعادة بناء الهيكل. لم يرفض الأنبياء الذبائح. بل رفضوا سوء استخدام الذبائح.
[8]متى 12: 7

العبادة الكتابية اليوم

تفصل بعض الكنائس بين "العبادة" والوعظ. فيقولون: "سنبدأ بوقت العبادة." وبعد انتهاء العبادة، ينتقلون إلى الوعظ. وهناك خطران في هذا الأمر.

(1) يعني هذا أن العبادة تقتصر على الموسيقى. ويركز هذا الأسلوب في العبادة على المشاعر فقط. يجب أن تكون العبادة الحقيقية أكثر من الموسيقى والترانيم.

(2) يفصل هذا بين المناداة بكلمة الله، والعبادة. يجب أن يكون كل ما نفعله في خدمة الكنيسة جزءًا من أجزاء العبادة. الموسيقى، والصلاة، وقراءة الكتاب المقدس، والعظة، وحتى تقديم العطايا كلها أجزاء من العبادة.

افحص ذاتك

اسأل نفسك: "هل العظة التي أقدمها عمل من أعمال العبادة؟ عندما أعظ، هل أتكلم كمُرسَل من الله يكرم استحقاق الله؟"

مخاطر العبادة: عدم التوازن في العبادة

(1) خطر المبالغة في سطحية العبادة

عندما ننسى أن العبادة الكتابية تتطلَّب الخضوع، يمكننا أن نبدأ في التعامل مع الله كأحد "الرفقاء" الذي لا هيبة له. ويمكن أن يشجِّع الإفراط في الأسلوب غير الرسمي في العبادة هذا الموقف. يجب ألَّا ننسى أبدًا أن الله إله مهيب ويطلب طاعة كاملة. إنه "مَلِكُ الدُّهُورِ الَّذِي لاَ يَفْنَى وَلاَ يُرَى، الإِلهُ الْحَكِيمُ وَحْدَهُ."[1] تنسى بعض الكنائس عظمة الله. فتصبح العبادة مثل تناول فنجان قهوة مع صديق قديم.

(2) خطر المبالغة في شكلية العبادة

عندما ننسى أن العبادة الكتابية هي عبادة الله الذي يرغب في بناء علاقة معنا، يمكننا أن نبدأ في معاملة الله كإله بعيد. يمكن أن يشجِّع الإفراط في الأسلوب الرسمي في العبادة هذا الموقف. لا تسمح بعض الكنائس أن يختبر المؤمن العلاقة الحميمة مع الله؛ بل تصبُّ تركيزها بالكامل على جلالة الله وعظمته.

في العبادة، يجب أن نختبر سلطان الله المهيب على خليقته، وعلاقته الحميمة بأولاده على حدٍّ سواء.

افحص ذاتك

عُد بذاكرتك إلى آخر خدمة عبادة قدمتها. واسأل نفسك: "أي أجزاء العبادة كانت تشجِّع العابدين على إكرام عظمة الله؟ هل خرج الحاضرون من العبادة بشعور بعظمة إلهنا؟" ثم اسأل نفسك: "أي أجزاء العبادة شجَّعت العابدين على اختبار محبة الله الحميمة؟ هل خرج الحاضرون من العبادة مدركين أن الله يحبهم بشدة؟"


[1]1تيموثاوس 1: 17

خاتمة: شهادة شاهد عيان لتدشين الهيكل

كيف يكون شعورك عند تدشين الهيكل؟ ربما يمكن التعبير عن الأمر على النحو التالي:

"كنت هناك عند تدشين الهيكل. لن أنسى ذلك اليوم أبدًا. كنا نتطلع إلى هذه الخدمة لسنوات.

سنوات؟ نعم، سنوات! كان الملك داود قد وضع الخطط لبناء الهيكل وأعطاها لسليمان قبل موته. والآن اكتمل الهيكل وأُقيمت خدمة التدشين التي طال انتظارها.

لقد كان مكانًا جميلًا وخدمة عظيمة. تخيَّل…

  • 22 ألف ذبيحة من البقر، و 120 ألف من الغنم.

  • مئات المرنمين يغنون مزامير داود.

  • فرقة موسيقية تعزف بالصنوج، والرباب، والعيدان، و120 بوقًا.

  • الكهنة واللاويون يرتدون أفخر أنواع الكتان الأبيض.

  • بناء من أجمل المباني على الإطلاق.

  • آنية من الذهب والفضة لكل أعمال العبادة.

كانت خدمة جميلة، لكن جمال البرنامج ليس هو الأهم في ذاكرتي. أكثر ما أتذكره هو أنه عندما بدأ الموسيقيون بالعزف والغناء: "ملأ مجد الرب بيت الله". ملأ حضور الله الهيكل حتى أن الكهنة لم يتمكنوا من أداء واجباتهم. أو لقد تولّى الله الأمر بنفسه!

لقد مضت سنوات منذ تلك الخدمة التي لا تُنسى. لا أزعم أن كل خدمة حضرتها منذ ذلك اليوم تتميز بهذه العلامات الواضحة نفسها لحضور الله؛ لقد كان يومًا مميزًا. لكنني أتوقع حضور الله في كل خدمة أحضرها.

في بعض الأحيان، يكون حضوره مثيرًا ومفاجئًا؛ وفي بعض الأحيان يكون هادئًا. في بعض الأحيان، أشعر بحضوره في التسبيح؛ وفي بعض الأحيان يتحدث من خلال العظة. في بعض الأحيان، تتأثر مشاعري؛ وفي بعض الأحيان يخاطب حقه عقلي وإرادتي. في بعض الأحيان، أمضي متشجِّعًا؛ في بعض الأحيان، أذهب مُبكَّتًا.

بغض النظر عن الطريقة التي يختار الله أن يحضر بها، فأنا أقدِّر حضوره. قد لا أرى مرة أخرى مثل هذا المثال المثير لحضور الله المنظور، لكنني أستطيع الدخول إلى محضره في كل مرة أعبد فيها."

◄ لتطبيق هذا الدرس تطبيقًا عمليًّا، ناقش ما يلي:

إستر مسيحية مخلصة وتحب حضور اجتماعات العبادة في قريتها. فالموسيقى المفعمة بالحيوية والشركة تمثِّل تغييرًا مطلوبًا عن صعوبات الحياة اليومية بالنسبة لها. فهي تحب المشاعر والعواطف التي تختبرها وهي تعبد الله من كل قلبها. ومع ذلك، تجد إستر صعوبة في بذل الطاقة نفسها التي تبذلها في عبادة صباح الأحد في حياتها الزوجية وواجبات الحياة اليومية. كيف تنصح إستر؟

مراجعة الدرس الثالث

(1) يهتم الله بطريقة العبادة لأن:

  • شكل العبادة يؤثر في فهمنا لله.

  • شكل العبادة يظهر سبب العبادة.

(2) العبادة هي علاقة- السير مع الله.

  • وفَّر الله وسائل العبادة لآدم وحواء.

  • أخذ الله المبادرة لجعل العبادة ممكنة لإبراهيم.

  • جعلت نعمة الله العبادة ممكنة ليعقوب.

  • عندما نسير مع الله، تتغيَّر حياتنا.

(3) تبدأ العبادة بالطاعة.

  • العبادة أكثر من مجرَّد عاطفة أو شعور.

  • العبادة هي استجابة فعَّالة لوصايا الله.

  • تعمِّق طاعة الله علاقتنا به.

(4) تشمل العبادة الطقوس- ذبائح العهد القديم.

  • تمثِّل الذبائح الخضوع الكامل لله. (رومية 12: 1)

  • يكرم الله العبادة الحقيقية بحضوره. (2كورنثوس 5)

  • يجب أن تنبع الطقوس العلنية من قلبٍ مطيع.

(5) تشمل العبادة التسبيح- سفر المزامير.

  • يُظهِر سفر المزامير أن العبادة تشمل التسبيح.

  • يُظهِر سفر المزامير أن العبادة تشمل الرثاء.

(6) تشمل العبادة المناداة بكلمة الله- الأنبياء.

  • العبادة أكثر من مجرَّد تسبيح. إنها أيضًا إعلان الحق. الوعظ عبادة.

  • علَّم الأنبياء أن الطقوس دون صدق حقيقي ليست عبادة.

  • علَّم الأنبياء أن العبادة الحقيقية تتطلَّب أفضل ما لدينا.

  • علم الأنبياء أن العبادة الحقيقية تشمل الحياة كلها.

مهام الدرس الثالث

(1) اذكر ثلاثة مبادئ تعلمتها في هذا الدرس عن العبادة في العهد القديم. واكتب صفحة واحدة تناقش فيها الطرق العملية لتطبيق كل مبدأ في العبادة في كنيستك.

(2) في بداية الدرس التالي، ستجري اختبارًا بناءً على هذا الدرس, ادرس أسئلة الاختبار بعناية أثناء التحضير.

اختبار الدرس الثالث

(1) من خلال هذا الفصل، اذكر مثالين للعبادة رفضهما الله في الكتاب المقدس.

(2) تظهر عبارة "سار مع الله" أن العبادة تشمل ___________ مع الله.

(3) ما هو الأمر المثير للدهشة في قصة عبادة يعقوب في بيت إيل؟

(4) يُظهر تقديم إبراهيم لإسحاق ذبيحة أن العبادة الحقيقية تتطلَّب _______________.

(5) ما الفرق بين عبادة هابيل وعبادة قايين؟

(6) ما دلالة وضع العابد يديه على رأس الحيوان المقدَّم كذبيحة؟

(7) هناك نوعان من التسبيح في سفر المزامير. تسبيح الله على طبيعته وأعماله القديرة يسمى تسبيح_____________________. والأمر بالتسبيح دون ذكر أسباب يسمى تسبيح_____________________.

(8) تظهر أسفار الأنبياء أن _________________ جزء من العبادة.

(9) اذكر ثلاثة جوانب لرسالة الأنبياء حول العبادة.

(10) اذكر اثنين من مخاطر عدم التوازن في العبادة.

(11) اكتب ميخا 6: 6-8 من ذاكرتك.

Next Lesson